#1  
قديم 01-29-2012, 10:06 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,412
افتراضي تدفق الينبوع قراءة نقدية في مدرسة الديوان


تدفق الينبوع
قراءة نقدية في مدرسة الديوان
أ. د . كريم الوائلي

1
لقد أيقظت المجتمع العربي صدمة اللقاء بالحضارة الغربية إبان الاحتلال الغربي للوطن العربي، وكان رد الفعل الأولي مواجهة عسكرية خسرها الثوار، لأنهم واجهوا جيوشا معدة، وأجهزة متطورة، ومن ثم دفعت المواجهة الحضارية إلى تأمل الذات والآخر، والحاضر والماضي، والواقع والواقع الآخر، فكانت المواقف متفاوتة ومتباينة على النحو الآتي:
مواجهة الحضارة الغربية، وذلك بالعودة إلى التراث، بمعنى استلهامه وإعادة نشره وبعثه من جديد، وكانت هذه المواجهة تعني الاعتداد بالذات الجماعية وبالهوية التراثية، ولكنها تعي التراث بوصفه كتلة مصمتة، وتحاول صياغة الحاضر في ضوئه، دون الأخذ بعين الاعتبار ما طرأ عليه من تغير، وكان لنشر التراث أهمية لأنه دفع إلى وعي جوانب منه، مهدت السبيل إلى دراسته في ضوء رؤى جديدة، بمعنى تجاوز البعث والنشر إلى التأمل والرصد والتطوير .
الاقتباس من الحضارة الغربية، وذلك بالانسلاخ من التراث، والسعي نحو التقدم بمتابعة الحضارة الغربية، في ضوء رؤية علمانية، وتعمد هذه المحاولة إلى إلغاء الماضي بكل ما ينطوي عليه من تصورات، والسعي نحو صياغة الحاضر والمستقبل في ضوء إنجازات حضارة الآخر، لدرجة ظهرت آراء تنادي بكتابة اللغة العربية بحروف لاتينية، وقد رافق ذلك دعوات قطرية وإقليمية، يدعو بعضها إلى المصرية، ويدعو بعضها الآخر إلى الفينيقية ونحوهما .
المجاورة بين إنجازات التراث العربي والحضارة الغربية المعاصرة، بحيث نجدل منهما ضفيرة، وهذه الدعوة ذات طبيعة تلفيقية، لأنها تحاول التوفيق بين الماضي العربي والحاضر الغربي، ويحاول أنصارها تطويع النصوص التراثية لإنجازات الحضارة الغربية .
ولقد أسهمت هذهالتيارات في بلورة الوعي وتطويره في مراحله الأولى، وما تبعها من تغيرات، ولقد ترافقت مع بواكير هذه الأفكار أحداث وتطورات هزت المجتمع، فلقد ثار الشعب في سنة 1919 في مصر، وفي سنة 1920 في العراق، إضافة إلى الثورات التي أسهم فيها الثوار في بلاد الشام .
وتزامنت مع هذه التغيرات الفكـرية والأحداث تغيـرات في أنساق المجتمع، توحي بظهور طبقة جديدة « البرجوازية » بسبب نمو بعض القطاعات الصناعية، وانتشار بعض المظاهر الفكرية التي تدل على نمو هذه الطبقة، كما قد بدأت حركات أدبية تجديدية، تدعو إلى التمرد على محاكاة القديم، وتحث على إبداع جديد، كما هو الحال في حركة الشعر المهجري الذي يمثله : جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وايليا أبو ماضي وغيرهم، ومدرسة الديوان التي يمثلها : عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني وعبد الرحمن شكري.[1]

2
إن الأساس الذي تصدر عنه مدرسة الديوان تأكيد دعامتين جوهريتين، وهما الفردية والحرية[2] وليس الحديث عن هذين البعدين جديدا على التفكير الرومانسي، في الحضارتين الغربية والعربية، فلقد آمنت الرومانسية بأهمية الفرد، وجعلته حجر الزاوية في تفكيرها، لأن الدعوة إلى الفردية تعني تمردا على حركة الجماعة التي يعلي من شأنها التفكير الإحيائي، ولقد انحاز كل تفكير إلى طبقة معينة، ففي الوقت الذي انحاز فيه التفكير الإحيائي إلى الطبقة الإقطاعية بقيمها ومثلها وآدابها، انحاز الرومانسيون إلى الطبقة البرجوازية بدعوتها إلى الحرية الفردية، ونـزوعها إلى الاقتصاد التنافسي، وتأكيدها أن الحقيقة تكمن في عوالم الإنسان الداخلية . [3]
وقد أكد عباس محمود العقاد أهمية الفرد ودوره في الحياة والآداب والفنون، وتتجلى مظاهر الفردية في تعبير الأديب عن عالمه الداخلي، وان يكون لهذا الأدب أهمية وقيمة، وإن « الأديب الذي لا يمكن العثور على شخصه المفرد الأصيل في أدبه لا يستحق أن يدرسه الدارسون »[4] ويقود هذا التفكير إلى التأكيد على نمط من الأدب وبخاصة في الشعر الغنائي .
أما الحرية فقد أولاها عباس محمود العقاد أهمية خاصة واعتبرها أحد الأركـان الأسـاسية المكـونة لتصـوره، وان قيمة الحرية ترتبط عنده «ارتباطا متينا بقيمة الجمال، بل إنَّ هاتين القيمتين هنا قيمة واحدة »[5] وليس غريبا في ضوء هذا أن نجد الأديب في هذه المرحلة يطالب بحرية، قد تكون محدودة، أو مطلقة لا يخضع فيها الإنسان للأخلاق أو العرف، لأنها تساعده على خلق نظام اجتماعي وسياسي يكسر الثابت من قيم الطبقة الإقطاعية، ويضمن للفرد حقوقه في ديمقراطية ليبرالية، ومن شأن هذه الحرية أن تفسح المجال للذات الفردية في إبداع الأدب « في كل شيء في طريقة التفكير وفي أسلوب التعبير وفي اختيار الموضوع »[6] وتقود الحرية في أحد أبعادها إلى الإيمان المطلق بإمكانات الفرد في ضوء قاعدة البقاء للأصلح، لأنه في « جو هذه الحرية ينمو السامي النبيل ويضـعف المنـحط الهزيل، فيعيش الأصلح، ويموت من ليس أهلا للحياة »[7] .
ولقد أدركت الحركة الرومانسية ـ ومنها مدرسة الديوان ـ أن هناك تطوراً حاصلاً في الأدب، وأن هناك أجيالاً أدبية مختلفة، ولذلك كان العقاد يميز بين ثلاثة أجيال أدبية، يمثل أحمد شوقي مركزها، فهناك جيل سابق لشوقي تتفشى فيه ركة الأسلوب وضعف الصياغة، وان نبوغ الأديب فيه في مدى توفيقه في صياغة «جملة مستوية النسق أو بيت سائغ الجرس فيسير مسير الأمثال وتستعذبه الأفواه لسهولة مجراه على اللسان . وكان سبك الحروف ورصف الكلمات ومرونة اللفظ أصعب ما يعانيه أدباء ذلك العهد لندرة الأساليب ووعورة التعبير باللغة المقبولة » [8]وهو بخلاف الجيل اللاحق الذي تمكن من الاطلاع على دواوين شعراء العربية الكبار،وقراءة الرسائل الأدبية القديمة، زد على ذلك أن أساليب التعبيرطرأ عليها تغير أخذ يميل إلى البساطة و« الحلاوة » بسبب ما فعلته الصحافة، فضلا عن أثر ما تركته النتاجات الغربية المترجمة ولذلك «سهلت الأساليب لكثرة ما وردت على الأسماع فلم تعد مرونة اللفظ معجزة ذات بال، فتعود القارئ أن يبحث عن المعنى بل لا يكفي القارئ المطلع أن يجد المعنى حتى يبحث عن وجهته ومحصله»[9] .
وكان شوقي واحدا من هذاالجيل، ولكن عيبه فيما يرى العقاد أنه بقي محافظا على أسلوب يكرره، ولم يستطع تطوير إنتاجه مع تطور الحياة، وتطور أذواق الناس،فلقد « تغير جلة القراء فأصبح لا يرضيهم اليوم ما كان فوق الرضى قبل ثلاثين أو عشرين سنة، لا بلقبل عشرسنين، ولا عجب في ذلك ولا في بقائهم على إحلال شوقي محله الأول مع انحدار شعره في نظرهم »[10] .
ومن الطريف في هذا السياق أن يقرن العقاد الإبداع في مرحلة زمنية من حياة الشاعر ،إذ « قلما يرتقي الشاعر بعد الأربعين فإنَّأخصب أيام الشعر أيام الشباب، إذا ارتقى فإنما يكون ذلكباجتثاث الطبع وإدمان الإطلاع والتزيد من المعرفة »[11] .
وإذا كان للبيئة أثرها في تغير الأذواق فإنَّما ينظمه شاعرـ مثل أحمد شوقي ـيعد مرفوضا حين يحاكي فيه القدماء، لأن الشاعر القديم قد عبر عن حياته وظروفه وواقعه فكان شعره شعوراً أو تعبيراً عن سليقة، فلقد «كان الرجل في الجاهلية يقضي حياته على سفر : لا يقيم إلا على نية الرحيل، ولا يزال العمر بين تخييم وتحميل . بين نؤى تهيج ذكراه، ومعاهد صبوة تذكي هواه، هجيراه كلما راح أو غدا حبيبة يحن إلى لقائها أو صاحبة يترنم بموقف وداعها . فإذا راح ينظم الشعر في الأغراض التي من أجلها يتابع النوى ويحتمل المشقة ثم تقدم بين يدي ذلك بالنسيب والتشبيب فقد جرى لسانه بعفو السليقة لا خلط فيه ولا بهتان »[12]أما أحمد شوقي فقد جشم نفسه ـ كما يرى العقاد ـ تقليد الشاعر الجاهلي، محاكيا أساليبه وتعابيره وتشبيهاته واستعاراته، بل ان شوقيا يعد متخلفا إذا قورن بأدباء القرنين الثاني والثالث الهجريين، لأن أولئك قد رفضوا تلك السُنة القديمة التي تفرض على الشاعر البكاء على الدمن والطلول [13] وفي ضوء هذا يرفض عباس محمود العقاد التقليد ويتبنى التجديد، ويلخص مفهوم التجديد بعبارة تتصل اتصالا مباشرا بمفهوم التعبير، فالتجديد هو « اجتناب التقليد، فكل شاعر يعبر عن شعوره ويصدق في تعبيره فهو مجدد وإن تناول أقدم الأشياء »[14]وبهذا يضع العقاد العالم الداخلي معيارا لتحديد التقليد والتجديد معا .
ويتعرض عباس محمود العقاد من هذه الزاوية لقضية كانت شائعة في زمانه وهي الشعر العصري، وينقد التصورات التي ترجع عصرية الشاعر إلى معارضة الشاعر القديم أو كونه يلجأ إلى مماثلة القديم « فإن كانت العرب تصف الإبل والخيام والبقاع وصف هو البخار والمعاهد والأمصار، وإن كانوا يشببون في أشعارهم بدعد ولبنى والرباب، ذكر هو اسما من أسماء نساء اليوم، ثم يحور من تشبيهاتهم ويغير من مجازاتهم بما يناسب هذا التحدي »[15] . إن أحمد شوق بفعله هذا يشبه ما كان يفعله الشعراء المقلدون حين يقصد أحدهم الأمير في المدينة « وإنه لعلى خطوات من داره فكأنما قدم عليه من تخوم الصين لكثرة ما يذكر من الفلوات التي اجتازها والمطايا التي انتضاها وحقوق الصبابة التي قضاها . وكان الواحد من هؤلاء يزج بغزله في مطلع كل قصيدة حتى في الكوارث المدلهمة والجوائح الطامة . هؤلاء هم المقلدون الجامدون » [16] .
إن عباس محمود العقاد يرد على أولئك الذين يرون أن الحداثة هي التي تتضمن ذكر المخترعات الحديثة في الشعر، لأن الوصف هنا إنما هو أداء عقلي يصف فيه الشاعر الأشياء الكائنة في الخارج، في حين يرى العقاد أنَّ الإبداع إنما هو تعبير عن تجربة متخلقة في أعماق الشاعر، ولذلك فإنَّالحداثة الحقيقية عند عباس محمود العقاد تتحقق « عندما يشعر الشاعر أن له شيئا يقوله، ويستحق هذا الشيء أن يقال،وإن الشاعر الذي يصف الطائرة ليس بالضرورة شاعرا عصريا، والذي يصف الجمل ليس شاعرا قديما . والذي يهمنا حقيقة في تحديد مفهوم الحداثة في الشعر هو كيفية الوصف ورؤية الشاعر إلى الحياة » [17].
إن المعضلة الجوهرية في أداة الوصف التي تفصل الموضوعي عن الذاتي، بل تجعل الذاتي متحكما في الموضوعي، وهو يختلف عن الشيء الموصوف وهو واقع خارج الذات، ولكن العقاد يريد من الشاعر أن يسقط ذاته على الموضوع، ومن ثم يتلون بما هو ذاتي «إن السمة الجوهرية للشعر الحديث هي وصف الشاعر لمشاعره هو وأفكاره » [18] وليس وصفاً للمظاهر الحديثة ،لأنه لا فرق بين من يصف الجمل وبين من يصف الطائرة فكلاهما يصف مظهرا خارجا عن ذاته .

3
يكتنف « مفهوم الشعر » عند الناقد الرومانسي العربي بعدان : أحدهما : يتصل بمبدع النص الأدبي، وثانيهما : يتصل بالنص الأدبي ذاته، ويتداخل هذان البعدان إلى حد كبير، فالشعر ما هو الا تعبير عن الذات، وإن تجليات الذات تنعكس ملامحها وخصائصها في الشعر، ولذلك ألفينا النقاد الرومانسيين يؤكدون هذين المنحيين في أثناء تحدثهم عن الشعر وماهيته، مرة بما يتصل بمنشئ النص ومبدعه، ومرة بما يتميز به النص من خصائص .
فللشعر ـ عند إبراهيم عبد القادر المازني ـ مجال ومدى لا يتجاوزه، وله مادة تحـدده، أما مجاله فهو «العواطف لا العقل والإحساس لا الفكر »[19] فالعاطفة والإحساس صفتان تنتميان إلى العالم الداخلي للمبدع، فهما المجال الذي يصدر عنه الشاعر، ونحن في هذا إزاء تحديد الشعر بمدى اتصاله بالمبدع . وعلى الرغم من أنه يؤكد الخاصية الذاتية في الإبداع فإنه ينفي عن النص الأدبي خصائص الصنعة التي يتميز بها الأدب الإحيائي، وتتجلى في العناية البالغة بالشكل، من حيث الصياغة والتشبيهات والاستعارات المقصودة لذاتها، ومن حيث العناية ببنية لغوية ترجع في جذرها إلى صيغ متكررة تراثية، وإذا كان هذا يوحي بأن النص الأدبي سيكون مرتبطا بنوازع الأديب الذاتية، فإنه سيكون خاليا من الأفكار التي نجدها واضحة لدى الأدباء الإحيائيين،وبخاصة حين يؤكدون على المناحي الأخلاقية والتعليمية، غير أن الناقد الرومانسي يربط أفكار الأديب بخصوصيته الفردية، وتكون حينئذ معبرة عن عالمه الداخلي ولذلك كان الأدب الرومانسي « يعنى بالفكر على قدر ارتباطه بالإحساس »[20]وكأن المازني يقرن الشعر بالإحساس لدرجة يعده شعرا، فإنَّالفـكر من أجـل الإحساس شعر أيضا، أما « الفكر لذاته فذلك هو العلم »[21] .
وتحتل « العاطفة » مكانة متميزة لدى المازني فهي مادة الحياة ومادة الشعر أيضا [22]، ولا بد ـ في هذا السياق ـ من « عاطفة يفضي بها إليك الشاعر ويستريح ،أو يحركها في نفسك ويستثيرها »[23] فإذا كانت العاطفة مادة الشعر فإنها غايته، لأنه تتشكل منها الحياة والشعر على السواء، ويزيح من خلالها الشاعر ما يتوقد في أعماقه من انفعال، وإن إفراغه يحقق له تفريجا عن هذا الانفعال . ويرى المازني أن للأشياء حقيقتها الموضوعية، ولها وجودها المستقل عن الوعي، وليست وظيفة الشاعر أن يسوق لك هذه الحقائق بما هي عليه ،إنما يعبر عنها كما تحسه « روحه».
ويتكئ عباس محمود العقاد على الدلالة اللغوية للشعر لتحديد ماهيته، إذ يرفض أن يكون شاعرا من يزن التفاعيل، فذلك الناظم، وليس الشاعر « من يأتي برائع المجازات وبعيد التصورات، ذلك رجل ثاقب الذهن حديد الخيال، إنما الشاعر من يشعر ويشعر » [24]ان الشعر ليس تشكيلا لغويا مقصودا لذاته، وإنما هو تعبير عن انفعال متوقد في أعماق الشاعر، ولذلك أرجع العقاد الشعر للشعور، وهو خاصية كائنة في الذات الإنسانية.
ويحاول العقاد تجلية مفهوم الشعر من خلال عقد المقارنة بين أداتي الوصف والتعبير، لأن الوصف أداة الأديب التقليدي التي يعمد من خلالها إلى وصف الأشياء، دون أن يكون للذات أو الانفعال أدنى تأثير، أي أن العقل يتدخل بقدر أكبر في تحديد الأشياء، ويميل الأديب ـ من ثم ـ إلى الصياغة الشكلية . إن الشعر التقليدي يتكئ على الحواس في رصد الحياة والطبيعة والموضوعات التي يتعرض لها، سواء أكانت هذه الحواس سمعية أم بصرية، ولذلك كانت عناية الأديب الإحيائي بجزالة الألفاظ ،أي العناية البالغة بوقع الألفاظ الجلي في الأذن، أو أنه يعتمد الصور البصرية الواضحة في المخيلة، ولذلكقال العقاد « إن المحك الذي لا يخطئ في نقد الشعر هو إرجاعه إلى مصدره . فإن كان لا يرجع إلى مصدر أعمق من الحواس فذلك شعر القشور والطلاء، وإن كنت تلمح وراء الحواس شعورا حيا ووجدانا تعود إليه المحسوسات كما تعود الأغذية إلى الدم ونفحات الزهر إلى عنصر العطر فذلك شعر الطبع القوي والحقيقة الجوهرية » [25] .
وإذا كان يشيع لدى المازني مفردات الإحساس والعاطفة فإنَّعباس محمود العقاد يستخدم مصطلح الشعور ومشتقاته، فالشاعر عنده « من يشعر بجوهر الأشياء لا من يعددها ويحصي أشكالها وألوانها » [26]ولذلك فإنَّالشاعر يجعل الشعور متحدا بالأشياء ما دام يسعى إلى الكشف عن جواهرها، وليس مجرد واصف لها، ولذلك كان العقاد يعيب على من يقول لك إن هذا الشيء يشبه هذا الشيء، ويتبنى الشاعر الذي يقول لك ما هو الشيء، أي أنه « يكشف لك عن لبابه وصلة الحياة به »[27]ولا يتم هذا إلا بالشعور فهو الذي يمكن الشاعر من إدراك الأشياء وتمثلها ونقلها إلى الآخرين، لأنه « بقوة الشعور وتيقظه وعمقه واتساع مداه ونفاذه إلى صميم الأشياء يمتاز الشاعر على سواه، ولهذا لا لغيرهكان كلامه مطربا مؤثرا، وكانت النفوس تواقة إلى سماعه واستيعابه لأنه يزيد الحياة حياة كما تزيد المرآة النور نورا »[28] .
4
ويطلع العقاد على آراء الفيلسوف المتشائم آرثر شوبنهور ويتابعه في «تفضيله الرسم على الصورة ،لأن الأخير يمثل الشيء كما تراه العيون، بينما يظهر الأول السمات الداخلية كما يشعر بها الفنان الماهر والذي يغفل القضية المحسوسة ويتوغل إلى معانيها المجردة »[29] .
ويتوقف عباس محمود العقاد عند موقف شوبنهور من الجمال الفني الذي تتركز مهمته فيفصل الشكل « القالب » عن المادة لا أن يحكي لنا الشكل والمادة معا حكاية صحيحة محكمة، لأن الفن موكل بالصور الباقية والنماذج الخالدة لا بالكائنات التي توجد في الحياة مرة واحدة، ثم تمضي لطيتها غير مكررة ولا مردودة ،فإذا أراد المصور أن يمثل إنسانا لفت نظره فليس الذي يعنيه من ذلك الإنسان أنه فرد من أفراد نوعه مستقل بمادته وشكله وعمره ،ولكن الذي يعنيه أنه«قالب » يصلح أن يكون نموذجا عاما لأفراد كثيرين أو للنوع كله »[30]وهذا يعني أن الجمال عند شوبنهور إنما يمثل فكرة سابقة على الوجود المادي، ويعني لديه مفهوما كليا يشمل الجنس ولايعنى بالجزئي والفردي، ويضرب شوبنهور بتماثيل الشمع مثالا على ذلك . لأنها « تنقل لنا الشكل والمادة معا، ومن ثم توهمنا أن الشيء المحكي ذاته ماثل أمام أعيننا، فتختلف بذلك عن أعمال الفن الصادقة التيتبعد بنا عن الشيء الذي يوجد مرة واحدة، ثم لا يعود إلى الوجود أبدا، أعني الفرد، وتقترب بنا إلى الشيء الذي يوجد بلا انقطاع في الزمن الباقي الذي لا نهاية له وفي العدد المطلق الذي لا حصر له وهو « الشكل » أو فكرته »[31] .
وهذا يعني أن الجمال عند شوبنهور يمثل فكرة مجردة وشكلا كليا عن الجزئي والفردي، وإن الذات الإنسانية تتحسس هذا المعنى وتتأمله وتتذوقه، ويتفق العقاد مع شوبنهور في أن هناك فرقا جوهريا بين الصورة الفوتوغرافية واللوحة التي يرسمها الفنان لأن الأولى تنقل صورة الشيء دون أن يكون للفنان أدنى تأثير فيها، في حين تمر الثانية من خلال ذات المبدع، أي أن الصورة الفوتوغرافية « تنقل لنا الشيء الحقيقي كما يبدو في نفس عبقرية واعية تنظر إلى معاني الأشكال المجردة لا إلى مادتها المحسوسة »[32] وعلى الرغم من هذا الاتفاق فإنَّالعقاد يرى أن الجمال حرية وليس « فكرة بعيدة عن عالم الإرادة » والذي يرجح ذلك في تصور العقاد «أن الجمال يتفاوت في نفوسناويتفاضل في مقاييس أفكارنا، ولو كان المعول على إدراك «الفكرة »وحدها في تقدير الجمال لوجب أن تكون الأشياء كلها جميلة على حد سواء »[33] .
ويؤكد عباس محمود العقاد « معنوية » الجمال لا« شكليته » لان الأشكال بذاتها لا قيمة لها، إن لم تكن تعبر عن المعاني التي تختفي وراءها، ولذلك يقول « إن الأشكال لا تعجبنا وتجمل في نفوسنا إلا لمعنى تحركه أو لمعنى توحي به، لا فرق في ذلك بين أشكالالوجوه الآدمية والأعضاء الحية وبين مادون ذلك من الصور التي تخفى فيها معاني الحسن أو تبعد الشقة بينها وبين ما تومئ إليه »[34] وهذه الفكرة لا تعدو أن تكون تعديلا لمقولات التراثيين العرب الذين يجعلون المعنى متقدما على اللفظ، وان اللفظ وعاء يحمل المعنى غير أن العقاد يحاول تجلية تصوره من خلال معطيين أحدهما : وظيفة الشيء، وثانيهما : معناه، وهو يرى أن الوظيفة في الحياة تسبق العض والذي يمثلها، والجسم الإنساني نفسه لا يسعك أن تتصوره إلا معبرا عن فكرة أو وظيفة مجردة، و لا قيمة للأعضاء في ذاتها بغير الفكرة التي تعبر عنها والوظيفة التي تؤديها، « فلا فرق في الشكل بين بروز الحدبة على ظهر الأحدب وبروز النهد على صدر الكعاب ! ولكن الحدبة معيبة والنهد مستجمل مرغوب، وما ذاك إلا لاختلافالمعنـى بينهما لا لاختلاف الشكل والصورة ولتباين الوظيفة التي يمثلها كلاهما لا لتباين الحجم والبروز »[35] .
ويحدد المعنى طبيعة الشكل وخصائصه لأن الشكل الجميل « أداة المعنى إلى الظهور ... وأحسن الأشكال وأوفقها هو الشكل الذي تتخطاه إلى دلالته » [36]وإذا كان المعنى يحدد ماهية الشكل ومن ثم تحديد خصائصه الجمالية، فإنَّالمعاني هي التي تحدد الفن وليس الأشكال الملموسة . إن عالم الفن والآداب إنما هو عالم المعاني المجردة، وليس عالم الأشكال المحسوسة، كما أن المعاني وكيفية توظيفها هي التي تحددإمكانية الإبداع لدى الفنان، فالفنان المبدع قادر بفضل خصائص فطرية « اختيار أشكال تبرز المعاني وتخلو من العيوب التي تحجبها عن الخواطر، أو هو ذلك الإنسان الملهم الذي يوفق لاختيار الأشكال التي تنسينا الأشكال وتؤدي عملها، وما عملها إلا أن تساعد المعنى على الظهور، لا أن تشغل الناظرين بالظواهر عما وراءها من المعاني والدلالات » [37]، وبهذا لا يكون للتناسب والتناسق أثر في تحديد ماهية الجمال في الأجسام والفنون، وإنما يرجع جوهر الجمال إلى حرية الوظيفة وحركة الحياة في الجسم والفن، ويؤكد العقاد أن صفة الجمال قرينة الحرية، ولا يعني هذا أن الحرية لا قيود تحدها، لأننا سنكون إزاء الفوضى، ولذلك فإنَّ سر الجمال في الحياة والفنون محدد بالحرية التي « تظهر بين قيود الضرورات »[38] بمعنى« إنه ليس صحيحاً أن الجمال تناسق، ففي الجسم الإنساني يخضع التناسق لوظيفة الحياة . وهذا هو السبب في أن العضو الجميل هو الذي يلبي متطلبات الحياة، وبذلك يؤكد حرية التوظيف »[39] إن العقاد قد ركز مناقشته هنا على أصل طبيعة الجمال في الحياة والفن وهو « يبدو قد طور نظرية جمال فريدة تتأسس على قـواعد رومـانسية متنوعة وتتأسس على بديهيات مستعارة من العلوم الطبيعية » [40] .
وفي ضوء هذا يرفض العقاد تصور شوبنهور الذي يجعل الجمال منحصرا في الفكرة ويستبدل عبارته « الجمال هو الفكرة » بعبارة «الجمال هو الحرية »، ويؤكد العقاد أننا نستمتع في أثناء النظر إلى الموضوع الذي يظهر الحرية، ونحزن لمظاهر الخضوع تلك، إن حرية الاختيار هي التي تجعل النوع الإنساني أرقى من الحيوان، والحيوان أرقى من النبات، والنبات أرقى من الجماد، وفي الفن فالمحاكاة أمر قبيح مثير للاشمئزاز لأنه نوع من الرق « العبودية »، ويعتقد العقاد أنّ جوهر الجمال في الأدب والحياة متطابق تقريبا، وفي كلتا القضيتين ان الحرية مقوم جوهري لكن الحرية ينبغي الا تعتبر وكأنها غياب الموانع والقواعد . انه لا حرية بدون إعاقات، كما يوضح ذلك العقاد . إن الفنان ينبغي ألا يهمل القيود الإجبارية بل يتغلب عليها وأنْ يستخدمها كنوع من الزخرفة الفنية، إن الجمال هو انتصار الحرية على القيود »[41].
ومن الجدير بالذكر ان العقاد ومعه مدرسة الديوان قد تابعت إنجازات الرومانسية الإنجليزية، فلقد كان عبد الرحمن شكري « متمكنا في اللغة الإنجليزية بحكم دراسته منذ السنة الأولى الابتدائية ... وقد أعجب شكري كل الإعجاب بشعراء الرومانسية الإنجليزية، وردسورث وكولردج وشيلي وبيرون وكيتس وسكوت ،وأخذ يلتهم كل ما أنتجوه في نهم وشراهة »[42] ولا يختلف عنه المازني والعقاد، فلقد تأثر المازني بالأدب الإنجليزي واقتبس منه، كما أن العقاد كان معجبا بالمدرسة الرومانسية الإنجليزية، « وهي مدرسة بيرون ووردسورث، فهي المدرسة التي عنيت بالحياة الإنسانية في أبسط مظاهرها تاركة كل ما يتألق في صفحات التاريخ وهي التي اغرمت بالطبيعة وتذوقها بحدة وحرارة، ووقفت طويلا أمام أقل نتاج للطبيعة تتأمل جماله وتتملى محاسنه، وتستوحيه وتستلهمه ودعت إلى البساطة متجنبة الزخرف والألفاظ الضخمة الرنانة »[43]
ولعل أكثر المفاهيم تكرارا تلك التي تتصل بالتعبير الأدبي، وهم يتابعون فيها مقولات جون كيتس في أن «الشعـر إذا لم ينبعث بصـورة طبيعية كما تنبعث الأوراق من الشـجـرة فمن الخيـر ألا ينبعثعلى الإطلاق »[44] وكذلك مقولة وردزورث « إن الشعر فيض تلقائي لمشاعر قوية، يتخذ أصولا من عاطفة تستذكر في هدوء، ويتأمل الشاعر تلك العاطفة بنوع من رد الفعل حتى يتلاشى الهدوء تدريجيا وتتولد بالتدريج عاطفة صنو لتلك التي كانت قبل التأمل، وهذه العاطفة الثانية هي نفسها ماثلة في الذهن . وفي هذه الحالة يبدأ النظم متواليا، وفي حال مشابهة لها يستمر مريرة، ولكن مهما يكن نوع العاطفة ودرجتها فإنَّالمسرات المتنوعة الناشئة من عدة أسباب، تعدلها، حتى إن الذهن إذ يصف أية مشاعر، يكون وصفه لها إراديا، إنما يكون على الجملة في حال ابتهاج وسرور »[45] .
ويميز العقاد ـ في هذا السياق ـ بين الشاعر المطبوع والشاعر المقلد، لأن المقلد إنما يحاكي ما سبق أن وصفه القدامى، أو أنه يستخدم أداةليصف المظاهر والأشياء،أما الشاعر المبدع أو « المبتدع » على حد تعبيره فهو « من يكون له ينبوع يستقى منه كما استقوا »[46] فقد كان « شعر العرب مطبوعا لا تصنع فيه ،وكانوا يصفون ما وصفوا في أشعارهم، ويذكرون ما ذكروا، لأنهم لو لم ينطقوا به شعرا لجاشت به صدورهم زفيرا، وجرت به عيونهم دمعا، واشتغلت به أفئدتهم فكرا »[47] .
ويؤكد العقاد أهمية العالم الداخلي لإبداع الشعر، فهو يرجع الشعر إلى الإنسان، يقول العقاد : « والشعر الصحيح في أوجز تعريف هو ما يقوله الشاعر، والشاعر في أوجز تعريف هو الإنسان الممتاز بالعاطفة والنظر إلى الحياة وهو القادر على الصياغة الجميلة في إعرابه عن العواطف والنظرات »[48] وبهذا يؤكد العقاد بعدين : أحدهما : الانفعال، وثانيهما : القدرة على الأداء في التعبير، وبهذا يكون الشاعر متميزا على الإنسان العادي بدرجة ما، ولعل هذا التصور الذي أرساه العقاد لا يختلف كثيرا عن تصور وردزورث في قوله : « ما الذي تعنيه كلمة شاعر ؟ ... الشاعر إنسان يتحدث إلى أناسي، إلا أنه إنسان وهب قسطا من الحساسية الحية أكثر من سائر الناس، وحاسة أشدورقة أعظم، ومعرفة بطبيعة الإنسان أشمل وروحا أوسع إحاطة مما وهبه سائر الناس العاديين » [49].
ولا يختلف عبد الرحمن شكري عن العقاد في إرجاعه الإبداع الشعري وتحديد ماهيته إلى خاصية كائنة في الذات المبدعة، وإذا كانت عند العقاد ينبوعا يتدفق من ذاته، فإنَّ الشعر عند شكري «كلمات تخرج من النفس بيضاء مشبوبة، وكما أن العاطفة تنطق الشاعر كذلك قد تخرسه شدتها ومن أجل ذلك كانت ذكرى العاطفة والتفكير بها شعرا، وإنما نعني الذكرى التي تعيد العاطفة والتفكير الذي يحييها »[50] .
ويعمد عبد الرحمن شكري إلى تفصيل ذلك حين يحدد ماهية الشعر في ثلاث مكونات هي : العواطف، والخيال، والذوق السليم، « فمن كان ضئيل الخيال أتى شعره ضئيل الشأن، ومن كان ضعيف العواطف أتى شعره ميتا لا حياة له، فإنَّحياة الشعر في الإبانة عن حركات تلك العواطف وقوته مستخرجة من قوتها وجلاله من جلالها ومن كان سقيم الذوق أتى شعره كالجنين ناقص الخلقة »[51] .
أما المازني فإنه يؤكد خاصية لا تنأى بعيدا عن ينبوع العقاد أو التدفق الطبيعي عند عبد الرحمن شكري، إذ يمثل الشعر بوحا أو إفضاء، إذ يؤكد إبراهيم عبد القادر المازني أنه « لا بد في الشعر من عاطفة يفضي يها إليك الشاعر ويستريح »[52] .
إن هذه التصورات لا تختلف في الحقيقة عن تصورات الرومانسيين الإنجليز، مما دفع ناقدا إلى القول بأن العقاد قد تابع « في تنظيره للشعر الشعراء الرومانسيين الإنجليز الذين أسسوا سيادة « تفوق » الخيال، ـ وعلى حد تعبير شيلي *****y ـ ويهدف العقاد إلى إزالة غشاوة من تألفه عن إدراكنا الداخلي، ويلزم العقاد مع عبد الرحمن شكري بالجمال الكولردجي ويعتمد على تميز كولوردج بين الخيال والوهم وبين الملاحظة والتأمل »[53] .




يتبع ................


المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-29-2012, 10:08 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,412
افتراضي

يصدر عباس محمود العقاد عن رؤية تؤمن بوحدة التجربة الشعورية، وهي جزء من وحدة الذات المتسمة بخصوصيتها واستقلالها، ويعقد العقاد مقارنة بين الأديب الرومانسي الذي تتجلى عنده وحدة التجربة هذه والأديب الإحيائي الذي يفتقر إلى هذه التجربة الشعورية الموحدة، ومن ثم تظهر آثار ذلك واضحة على مستويات عديدة في النصوص الأدبية الرومانسية والإحيائية . إن الأديب الرومانسي يسقط ذاته على الواقع الذي يعيش فيه، وينفعل به، وتكونتجربته صورة لتفاعل الأديب الذاتي مع موضوعه، وتتميز التجربة بأنها تجربة فردية خاصة، أي أنه لم يقتبس تجربته تلك من آخرين وما دام الأمر كذلك فإنَّعمله الأدبي يحمل خصائص هذه التجربة الموحدة ويشتمل على قدر أكبر من التوحد والتماسك، وهو بخلاف الأديب الإحيائي الذي لا يعنى بواقعه بمقدار عنايته بمحاكاة تجارب الشعراء السالفين، وتعني المحاكاة تجاور تجارب شعورية متعددة، ليس منها تجربة الشاعر الإحيائي، أي تجربته الفردية الخاصة، ومن ثم يكون النص الأدبي صورة لهذه التجارب المتعددة، ومن الطبيعي أن يكون النص الأدبي مفتقرا إلى الوحدة والتماسك .
ويميز عباس محمود العقاد بين نمطين من أنماط وحدة القصيدة [54] : الوحدة الشكلية، والوحدة المعنوية، أما الأولى فتتصل اتصالا مباشرا بالوزن والقافية، وتنحصـر في إطاريـهما، ويـرى العقـاد أن « القصائد ذات الاوزان والقوافي المتشابهة أكثر من أن تحصى، فإذا اعتبرنا التشابه في الأعاريض وأحرف القافية وحدة معنوية جاز إذن أن ننقل البيت من قصيدة إلى مثلها دون أن يخل ذلك بالمعنى أو الموضوع وهذا ما لا يجوز » [55]في حين تتمثلالوحدة المعنوية بالقصيدة في كونها « عملا فنيا تاما يكمل فيها تصوير خاطر أوخواطر متجانسة كما يكمل التمثال بأعضائه والصورة بأجزائها واللحن الموسيقي بأنغامه بحيث إذا اختلف الوضع أو تغيرت النسبه أخل ذلك بوحدة الصنعة وأفسدها »[56] .
إن وحدة الشكل وحدة خارجية تؤكد مفهوم « الصنعة » الذي بالغ الأدب الإحيائي في العناية بها، وهي وحدة تعنى بتماثل الجانب الشكلي المتمثل في الوزن والقافية، دون العناية بطبيعة التعبير وخصائص الصورة ومدى تناغم ذلك مع التجربة الشعورية، لأن الشاعر هنا ينثر الفكرة ثم يلبسها ما يلائمها من وزن وقافية وتشبيه، ويكمن جمال ذلك بمدى ما يحدثه النص من دهشة بالجرس الموسيقي أو الغرابة في التشبيه والاستعارة، سواء أكان ذلك منسجما مع التجربة الشعورية أم لم ينسجم.
إن وحدة التجربة الشعورية تقود إلى وحدة العمل الأدبي في حين لا تقود محاكاة التجارب الشعرية المختلفة إلا لهذا التراكم للأبيات الشعرية، أي « تفكك » القصيدة على نحو يمكنك أن تقدم بيتا، أو أبيات، وتؤخر بيتا ،أو أبيات، دون أن يحدث ذلك خللا يذكر في القصيدة .
ويسعى العقاد إلى تأكيد التماثل بين القصيدة والكائن الحي لإضفاء سمات التكامل والحياة على القصيدة، وهذا يعني أن أجزاء القصيدة لا تمثل عناصر مستقلة عن بعضها، وإنما تمثل بناء كليا متفاعلا تشبه تماما الكائن الحي .« فالقصيدة الشعرية كالجسم الحي يقوم كل قسم منها مقام جهاز من أجهزته ولا يغني عنه غيره في موضعه إلا كما تغني الأذن عن العين أو القدم عن الكف أو القلب عن المعدة . أوهي كالبيت المقسم لكل حجرة منه مكانها وفائدتها وهندستها، ولا قوام لفن بغير ذلك .... ومتى طلبت هذه الوحدة المعنوية في الشعر فلم تجدها فاعلم أنه ألفاظ لا تنطوي على خاطر مطرد أو شعور كامل الحياة »[57] إن التجربة الشعورية فردية وخاصة، وحين يعبر عنها الأديب تنعكس أثارها الواضحة على العمل الأدبي ذاته،فيكون ذا سمات فردية خاصة، من جهة أسلوبه وصوره وإيقاعه ونحو ذلك، ولذلك يتميز النص الأدبي لشاعر عن نصوص الشعراء الآخرين، ويتجلى ذلك لدى المبدعين في العصور المختلفة، إذ تتفاوت أساليب الأدباء وتتفاوت صورهم وإيقاعاتهم لاختلاف تجاربهم الشعورية وتباينها، أما لدى الأديب الإحيائي، والمقلدين بعامة ،فإنه يفتقر إلى تجربة شعورية ويعمد إلى محاكاة تجارب المبدعين الآخرين، ومن ثم يتماثل هذا النص الشعري مع النصوص الأدبية الأخرى، ولذلك تتشابه النصوص الأدبية في فترات الاضمحلال )) تشابها في الأسلوب والموضوع والمشرب وتماثلا في روح الشعر وصياغته... ورأيتهم يحسبون البيت من القصيدة جزءا قائما بنفسه لا عضوا متصلا بسائر أعضائها، فيقولون أفخر بيت وأغزل بيت وأشجع بيت، وهذا بيت القصيد، وواسطة العقد ،كأن الأبيات في القصيدة حبات عقد تشترى كل منها بقيمتها فلا يفقدها انفصالها عن سائر الحبات شيئا من جوهرها وهذا أدل دليل على فقدان الخاطر المؤلف بين أبيات القصيدة وتقطع النفس فيها وقصر الفكرة وجفاف السليقة »[58] .
إن وحدة التجربة الشعورية قادت في تصور العقاد إلى وحدة القصيدة لا تفككها، والى الانسجام بين أبياتها لا التنافر، والى تكامل القصيدة وحياتها، لا نقص القصيدة وموتها، وقاد أخيرا إلى اختلاف النصوص الأدبية لا تماثلها .
6
يدرك الناقد الإحيائي لغة الشعر في ضوء العلاقة بين اللفظ والمعنى، كما يدركها سلفه القديم بأنها علاقة الثوب بالجسم « فالثوب الطويل للقوام الطويل، والثوب العريض للجسم السمين، والمتفنن العبقري يعطي كلا ما يخصه من الصورة أو الألفاظ »[59] أو تأكيد الناقد الإحيائي خصائص معينة في الألفاظ كأن تكون سلسة في النطق وخالية من التنافر والغرابة وأن «يألف بعضها بعضا حتى تكون الكلمات المتوالية منـزلة كلمة واحدة »[60]وهذا التصور لا يختلف في جوهره عن التصورات المطروحة في التراث النقدي، بل إنها صدى لها، فابن طباطبا العلوي «322 هـ » يرى « أن للمعاني ألفاظا تشاكلها فتحسن فيها وتقبح في غيرها، فهي كالمعرض للجارية الحسناء، التي تزداد حسنا في بعض المعارض دون بعض »[61] أو قوله « يجب أن تكون القصيدة كلها ككلمة واحدة في اشتباه أولها بآخرها، نسجا وحسنا، وفصاحة، وجزالة ألفاظ ودقة معان وصواب تأليف »[62]كما أنَّ قدامة بن جعفر « 326 هـ » يرى « أن المعاني كلها معرضة للشاعر وله أن يتكلم منها في ما أحب وآثر، من غير أن يحظر عليه معنى يروم الكلام فيه، إذ كانت المعاني للشعر بمنـزلة المادة الموضوعة والشعر فيها كالصورة » [63] .
ويمايز عباس محمود العقاد بين لغة الإحيائين ولغة الرومانسيين، إذ تتجلى في الأولى ملامح الصنعة بكل أبعادها وخصائصها، ويطلق عليها العقاد « الزخرف اللفظي » الذي يدل على « التزويق الذي لا يمت إلى الحياة بسبب ولا يعمل فيه غير المسطرة والبركار وذهن هوفي الأذهان ضرب من المسطرة والبركار » [64]وهو بهذا يجعل الزخرف وليد صنعة عقلية تتحكم في أبعاده، ومن أجلتوضيح ذلك يعقد العقاد مقارنة بين الزخرف اللفظي في الفنون القولية والزخرفة في العمارة العربية في بناياتها القديمة، وعلى الرغم من أنه يؤكد جمال الزخرفة لما فيها « من الرونق ما يجتذب العيون ويستدعي التأمل »[65]فإنه يرى أن الزخرفة والسجع والجناس متماثلة، أحدهما سمعي زماني يتبدى في التماثل والتقابل والتناظر في الجوانب الصوتية في السجع والجناس، والآخربصري مكاني يتبدى في تمـاثل وتقابـل وتناظر في الزخرفة، وكلا الزخرفين الزماني «السجعو الجناس »، والمكاني « الـزخـرفة » إنما يخلـو من مظـاهـر« الحيـاة النامية من زهر أو ثمر أو قسمات وجه أو مشابه عضو من الأعضاء »[66] .
وعلى الرغم من هذا فإنَّالعقاد يرى أن اللفظ يمثل رمزا للمعنى، وهو بهذا يؤكد ـ على نحو من الأنحاء ـ المقولات التراثية التي تفصل بين اللفظ والمعنى، ولكنه يميز بين دلالات المترادفات لأنها في رأيه لا تتشابه في المدلول[67] .
أما ابراهيم عبد القـادر المازني فيرى أن الألفاظ رموز مجردة « تمر بالسمع فيكتفي العقل منها بلمحة دالة تغنيه عن ( الصورة) ـ إلا أن تريد ذلك فيكون ما أردت ـ ولكن فرقا بين أن تكره الخيال على التصويروبين أن يجيء ذلك عفوا لا إكراه فيه ولا إجبار (([68]وعلى الرغم من أنه يحاول إغفال مصطلح « المعنى » فإنَّالنص يتضمنه، بل أكد ذلك بمقولة تتطابق مع مقولات التراثيين حيث اعتبر «الألفاظ أوعية للمعاني فأحسنها أشفها وأشرفها دلالة على المعنى »[69]وهذه تتطابق مع مقولة ابن جنيحين تحدث عن الوعاء « اللفظ » والموعى عليه « المعنى » مؤكدا أن العناية من أجل الإبانة والوضوح عن الموعى عليه، أو من أجل ألا تتكدر المعاني الفاخرة بسوء الألفاظ المستخدمة [70] .
ويعمد إبراهيم عبد القادر المازني إلى تقسيم الألفاظ إلى ثلاثة أنماط هي على النحو التالي:
الأول :ويطلق عليه الألفاظ الجامعة، وهي « ألفاظ موضوعة للدلالة على ما هو واقع تحت الحس »[71]، وتتميز بأنها رموز بسيطة « غير مركبة يدركها الذهن على غير كلفة أو مشقة » [72].
الثاني: الألفاظ الموضوعة لوصف الأشياء المحسوسة آنفة الذكر وتتميز بأنها« رموز لأشياء مركبة، أو هيرموز موضوعة لوصف حالات بعينها لا بد للذهن في تصورها من جمع شتيت أجزائها » [73] .
الثالث : ألفاظ موضوعة للجمع بين النوعين المتقدمين، وللدلالة على صلاتها مثل الشرف والحرية والفضيلة وهي « أعوص الجميع وأشدها إعناتا للذهن إذ هو تكلف تفصيل مجملها وبسط موجزها، وما لفظ الشرف إن تأملته إلا عبارة « مختزلة » لو عمدت إلى بسطها وتحليلها لما وجدت مندوحة من ردها إلى النوع الثاني، ثم الأول، قبل أن تستطيع الكشف عن دقائقها وفتح مقفلها، فإنه مما لا شبهة فيه أن أول من قال من الناس « أحب الشرف » إنما كان يعني )) أحب الرجل الشريف »[74] .
إن الألفاظ بأنماطها المختلفة تلك تمثل رموزا للمعاني الكائنة في الذهن، ويرى المازني أن الألفاظ « قاصرة عن العبارة عما في النفس والإحاطة بجميع ما يختلج في الصدر ويدور في الذهن من المعاني.... فإنَّالألفاظ ليست إلا كإشارات الخرس، تتخيل فيها أغراض صاحبها، وإذا كان هذا كذلك فكيف يمكن أن تكون فيها صور واضحةفي الذهن، وهي على ما وصفنا من العجز والقصور ؟ وحسبك دليلا على أن العقل ليكتفي بالإشارة ويجتزيء بيسير الإبانة، إن النظرة قد تقوم مقام اللفظة في نقل المعنى من ذهن إلى ذهن، وإن التلميح قد يكون أبلغ في العبارة من التصريح، واعلم أن إحلال الرموز محل الصور أمر لا بد منه ولا محيد عنه، ولا سيما في العلوم بأنواعها من طبيعة وكيمياء ورياضة وغير ذلك، بل في الشعر والكتابة أيضا »[75].
ويؤكد المازني ضرورة اختيار الألفاظ وحسن اتساقها، لأن المتلقي يقبل ما يرد إليه عند ما يعمد الشاعر إلى حسن اختيار ألفاظه واتساق نظامها، وليست الألفاظ هي بذاتها معيار التفاضل بين الأدباء، لأن « اللفظ من حيث هو لفظ مفرد لا شيء في ذاته ولا معنى له في نفسه، ولكن يكون المعنى وتحصل الفائدة بالتأليف وبضم الألفاظ بعضها إلى بعضـها كاللون في ذاتـه لا يفيدك صـورة ولا يعطيـك شيـئا إلابعد أن يأتلف مـع سواه »[76] أو « الكلام لا قيمة له من أجل حروفه فإنَّالألفاظ كلها سواء من حيث هي ألفاظ، وإنما قيمته وفصاحته وبلاغته وتأثيره تكون من التأليف الذي تقع به المزية في معناه لا من أجل جرسه وصداه ....إن الألفاظ ليست إلا واسطة للأداء فلا بد أن يكون وراءها شيء، وإن المرء يرتب المعاني أولا في نفسه ثم يحذو على ترتيبها الألفاظ »[77]إن هذه التصورات تتصل ببعض أبعادها بالتراث النقدي العربي وبخاصة لدى عبد القاهر الجرجانيحيث يقول:«إن الألفاظ لا تتفاضل من حيث هي ألفاظ مجردة ولا من حيث هي كلم مفردة، وإن الألفاظ تثبت لها الفضيلة وخلافها في ملائمة معنى اللفظة لمعنى التي تليها، أو ما أشبه ذلك مما لا تعلق له بصريح اللفظ، ومما يشهد لذلك أنك ترى الكلـمة تـروقـك وتـؤنسـك في مـوضع، ثم تراها بعينها تثقل عليك وتوحشك في موضع آخر »[78] كما ان هذه التصورات تتصل على نحو وآخر بالحضارة الغربية وبالذات عند ريتشاردز الذي يؤكد أن « الكلمات بمفردها لا « تعني » شيئا ... فهي إذن مجرد أدوات « يشير » بها الشخص المفكر إلى الأشياء ولكن فضلا عن وظيفة الإشارة هذه ،أو الوظيفةالرمزية التي يجب أن تقتصر عليها لغة التفكير العقلي أو الاستدلالي نلاحظ أن للغة وظائف أخرى يمكن جمعها تحت الوظيفة الانفعالية »[79] .
ومن الجدير بالذكر أن إبراهيم عبد القادر المازني يؤكد أن كثرة المحفوظ لا يدل )) على قوة الكاتب أو الشاعر ولكنه قد يكون أيضا من بواعث ضعفه وتخلفه »[80] وكأنه بهذا يكرر مقولة ريتشاردز « إن كمية الألفاظ التي في متناول الشاعر لاتحدد منـزلته بين الشعراء وإنما الذي يحدد مكانته الطريقة التي يستخدم بها هذه الألفاظ، فالمهم هو مدى إحساس الشاعر بطاقة الألفاظ على تعديل بعضها البعض، وتجميع تأثيراتها المتصلة في العقل واتخاذها موضعها المناسب في الاستجابة ككل »[81] .
ويقود الحديث عن اللفظ والمعنى إلى قضية « التوصيل » التي تعرض له القدامى والمحدثون، إذ يكرر المازني ـ هنا ـ مقولة القدامى، فالكلام عنده « مجعول للإبانة عن الأغراض التي في النفوس، وإذا كان كذلك وجب أن يتخير من اللفظ ما كان أقرب إلى الدلالة على المراد وأوضح في الإبانة عن المعنى المطلوب (([82]ك كما أن اللغة لديه )) ليست أكثر من أداة للتعبير عن المعاني والخواطر والخوالج، وإن المرء يتلقاها عن الجماعة التي هو فيها كما يتلقى النسيم الذي يستنشقه، بلا تفكير أو عناء »[83].
ويميز المازني بين التوصيل والتأثير لأنه يرى أن الغموضليس غاية يتحقق بها التأثير بالمتلقي، بل يرى أن التأثير يتحقق بالوضوح، ولذلك قال : « إن « التأثير » لا يتأتى الا ببراعة اللفظ ورشاقة العبارة، فقد يكون الكلام حسنا « مؤثرا » ويتفق له ذلك من غير رشاقة ولا نضارة وإنما الألفاظ أوعية للمعاني فأحسنها أشفها وأشرفها دلالة على ما فيها . فقد تبلغ بالعبارة العاطلة مالا تبلغة بالكلام المفوف، بل قد يكون التأنق إذاأسرف فيه الشاعر أو الكاتب أو جهل مواضعه وأخطأ مواقعه، أو تكلف له على غير الحاجة إليه حائلا بينه وبين ما يريد من نفس القارئ »[84] .
إن التحديد السابق للألفاظ إنما يمثل المادة الخام التي يتفاعل معها الأديب لأن التشكيل اللغوي يرتبط بانفعال الشاعر ويكون صورة له، فإن تطابق التشكيل اللغوي مع الانفعال كان الشاعر مبدعا وإلا سيكون فيه نقص وضعف، ولذلك يرى المازني « أن كل عاطفة تستولي علىالنفس وتتدفق تدفقا مستويا لا تزال تتلمس لغة مستوية مثلها في تدفقها، فإما وفقت اليها واطمأنت، والا أحست بحاجة ونقص قد يعوقان تدفقها الطبيعي، وربما دفعاها إلى مجرى غير طبيعي فيضر ذلك بالجسم والنفس جميعا، كالحامل لا تزال تتمخض حتى تلد »[85] كما يرتبط إلقاء القصيدة بهذا الانفعال الذي كل ما كان عميقا كان « الوزن أظهر وأوضح وأوقع»[86] .

مصادر البحث :
إبراهيم عبد القادر المازني:
بشار بن برد ، عيسى البابي الحلبي ، القاهرة ، 1944.
الديوان ، دار الشعب ، القاهرة ، د . ت .بالاشتراك مع عباس محمود العقاد .
الشعر غاياته ووسائطه ، مطبعة البوسفور ، القاهرة ، 1915
أحمد الهواري:
نقد الرواية في الأدب العربي الحديث في مصر ، دار المعارف ، مصر ، 1983.
آرسطو:
فن الشعر ، مع الترجمة العربية القديمة ، وشروح الفارابي وابن سينا وابن رشد ، ترجمة وتحقيق عبد الرحمن بدوي ، دار الثقافة ، بيروت ، 1973.
أفلاطون :
محاورة )) أيون (( ترجمة صقرخفاجة ، ومراجعة سهير القلماوي ،مكتبة النهضة ، القاهرة ، 1956
الفت كمال الروبي:
نظرية الشعر عند الفلاسفة المسلمين ، دار التنوير ، بيروت ، 1983.
جابر عصفور:
الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي،دار المعارف ،القاهرة ، 1980.
المرايا المتجاورة ، دراسة في نقد طه حسين ، الهيئة المصرية العامة لكتاب ، القاهرة ، 1983.
جبر ضومط:
فلسفة البلاغة ، المطبعة العثمانية ، بعبدا ، 1898.
الجرجاني ( علي بن عبد العزيز) :
الوساطة بين المتنبي وخصومه ، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم ، وعلي محمد البجاوي ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة ، 1966.
ابن جني ( أبو الفتح) :
الخصائص ، تحقيق محمد علي النجار ، دار الكتب المصرية، القاهرة ، 1952 ـ 1956.
جلال فاروق الشريف:
الرومانتيكية في الشعر العربي المعاصر في سوريا ، اتحاد الكتاب العرب في سوريا ، دمشق ، 1980.
ابن خلدون:
تاريخ ابن خلدون ، مؤسسة جما ل، بيروت ، د . ت.
داود سلوم:
اثر الفكر الغربي في الشاعر جميل صدقي الزهاوي ، دراسة ونصوص ، معهد البحوث والدراسات العربية ، بغداد ، 1984.
ديتشس ( ديفد):
مناهج النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق ، ترجمة : محمد يوسف نجم ، مراجعة : إحسان عباس ، دار صادر ، بيروت ، 1967.
رفائيل بطي:
سحر الشعر ، المطبعة الرحمانية ، مصر ، 1922.
ريتشاردز آ . آ:
العلم والشعر ، ترجمة :مصطفى بدوي ، مراجعة : سهير القلماوي ، مكتبة الانجلو المصرية ، القاهرة ، د. ت.
مباديء النقد الأدبي ، ترجمة : مصطفى بدوي ، مراجعة : لويس عوض ، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر ، القاهرة ، 1963
ابن طباطبا العلوي :
عيار الشعر ، تحقيق ،محمد زغلول سلام، منشاة المعارف ، الاسكندرية ، مصر ، 1984.
عاطف جودة نصر ، الخيال مفهوماته ووظائفه، الهيئة المصرية للكتاب ، القاهرة ، 1984 .
عباس محمود العقاد:
الديوان، دار الشعب ، القاهرة ، د . ت .بالاشتراك مع إبراهيم عبد القادر المازني.
مراجعات في الآداب والفنون ، دار الكتاب العربي ، بيروت،1966.
ساعات بين الكتب والناس ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، 1969.
عبد القاهر الجرجاني :
أسرار البلاغة ، صححه السيد محمد رشيد رضا ، دارالمعرفة ، بيروت ، 1981.
دلائل الإعجاز ، تحقيق : محمد رضوان الداية ، وفايز الداية ، مكتبة دمشق ، 1984.

علي عباس علوان:
تطور الشعر العربي الحديث في العراق ، وزارة الاعلام العراقية ، بغداد ، 1975.
عمر الدسوقي:
في الأدب الحديث ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، د .ت.
ابن قتيبة )) عبد اللهبن مسلم((:
الشعر والشعراء ، تحقيق محمد أحمد شاكر ، دار المعارف ، مصر ، 1982 م.
قدامة بن جعفر :
نقد الشعر، دار الكتب العلمية ، بيروت ، د . ت.
كريم الوائلي:
الخطاب النقدي عند المعتزلة ، مصر العربية للنشر ، القاهرة ، 1997 .
المواقف النقدية ، دار العربي ،مصر ، 1986.
مجدي وهبة وكامل المهندس:
معجم المصطلحات العربية ، مكتبة لبنان ، بيروت ، 1984
محمد غنيمي هلال:
النقد الأدبي الحديث ، دار العودة ، بيروت ، 1984.
محمد مندور:
النقد والنقاد المعاصرون ، دار القلم، بيروت ، د . ت.
محمود الربيعي :
في نقد الشعر ، دار المعارف ، مصر.

SEMAH , DAVID ;
FOUR EGYPTIAN LITERAY CRITICS , LEIDEN ,E.J BRILL,1974 .

[1] ـ اطلقت مدرسة الديوان على النقاد الثلاثة، لأن العقاد والمازني أصدرا كتابهما الديوان في الأدب والنقد وفيه يسعيان الى هدم القديم، وتأصيل الجديد، وعلى الرغم من أن عبد الرحمن شكري لم يشترك معهما في هذا الكتاب، بل هاجمه المازني فيه، فإنه يعد من مدرسة الديوان لأنهم يصدرون جميعا عن رؤية تكاد تكون مشتركة .

[2] ـ محمد مندور، النقد والنقاد المعاصرون، ص 70 وما بعدها، ود. أحمد الهواري، نقد الرواية في الأدب العربي الحديث في مصر، ص 124 وما بعدها

[3] ـ انظر: كريم الوائلي، المواقف النقدية بين الذات والموضوع، ص 61 وما بعدها، وأحمد الهواري، نقد الرواية العربية الحديثة في مصر، ص 107 ـ 117 . وجلال فاروق الشريف، الرومانتيكية في الشعر المعاصر في سوريا، ص 123 ـ 135 .

[4] ـ محمد مندور، النقد والنقاد المعاصرون، ص 70 .

[5] ـ أحمد الهواري، نقد الرواية في الأدب العربي الحديث في مصر، ص 127 .

[6] ـ كريم الوائلي، المواقف النقدية، ص 127 .

[7] ـ نفسه، ص 6 .

[8] ـ عباس محمود العقاد، وابراهيم عبد القادر المازني، الديوان، ص 12 .

[9] ـ نفسه، ص 13 .

[10] ـ نفسه .

[11] ـ نفسه، ص 13 ـ 14 .

[12] ـ نفسه، ص 40 .

[13] ـ نفسه ،ص 41، ولم يقتصر العقاد على ذلك فحسب إذ أخذ يعدد مظاهر أخرى تقليدية كتكرار القوالب اللفظية والمعاني المسروقة ونحوها، انظر ص 148 وما بعدها .

[14] ـ عباس محمود العقاد، حياة قلم، ص 369 .

[15] ـ روفائيل بطي، سحر الشعر، ص 135 .

[16] ـ عباس محمود العقاد، الديوان، ص 42 .

[17] ـ SEMAH , DAVID ; FOUR EGYPTIAN LITERAY CRITICS ,P 6 .

IBI[18] ـ D , p 7 .

[19] ـ ابراهيم عبد القادر المازني، الشعر غاياته ووسائطه، ص 20 . وقال أيضا « وهل الشعر إلا مرآة القلب، وإلا مظهر من مظاهر النفس، وإلا صور ما ارتسم على لوح الصدر وانتقش في صحيفة الذهن، وإلا مثال ما ظهر لعالم الحس وبروز لمشهد الشاعر » ص 32.

[20] ـ نفسه .

[21] ـ نفسه .

[22] ـ نفسه ص 4 .

[23] ـ نفسه، ص 21 .ويقول في مكان آخر « إن العاطفة هي الأصل » ص 22 .

[24] ـ روفائيل بطي، سحر الشعر، ص 160 .

[25] ـ عباس محمود العقاد، الديوان، ص 21 .

[26] ـ نفسه ،ص 21 ـ 22 . وقد أكد في موضع آخر أن الشعر الحقيقي هو « المترجم عن النفس الانسانية في أصدق علاقاتها بالطبيعة والحياة والخلود » نفسه، ص 129.

[27] ـ نفسه ص 21 .

[28] ـ نفسه ص 22 .

[29] ـ SEMAH , DAVID ; FOUR EGYPTIAN LITERAY CRITICS ,P 8 .

[30] ـ عباس محمود العقاد، مراجعات في الآداب والفنون، ص 56

[31] ـ نفسه ص 57 .

[32] ـ نفسه، ص 58 .

[33] ـ نفسه، ص 57 . وقال « إن الحرية والجمال معنيان لا ينفصلان، ولا يتم أحدهما بمعزل عن الآخر » ص 39 .

[34] ـ عباس محمود العقاد، مراجعات في الأداب والفنون، ص 37 .

[35] ـ نفسه .

[36] ـ نفسه، ص 43،

[37] ـ نفسه .

[38] ـ نفسه ص 49، وقد تحدث العقاد عن الضمور واليبس في كونهما معيبين في عامة الأحياء غير « أننا لا نعيبهما في كلب الصيد الهزيل، لأننا إنما ننظر الى ما وراء ذلك من خفة الحركة وسهولة العدو ورشاقة الخطو » ص 38 .

[39] ـ SEMAH , DAVID ; FOUR EGYPTIAN LITERAY CRITICS ,P 5.

_[40] 8 IBID , P

[41] ـ IBID , P 4 .

[42] ـ عمر الدسوقي، في الأدب الحديث، 2 / 242 .

[43] ـ نفسه، 2 /252 ـ 253 .

[44] ـ نقلا من محمود الربيعي، في نقد الشعر، ص 93 ـ 94 و وقد اغنانا عن الحديث المفصل لمظاهر تأثر مدرسة الديوان بالرومانسية الانجليزية، نفسه 10، وانظر : ابراهيم عبد الرحمن، تراث جماعة الديوان النقدية، مجلة فصول، العدد الرابع، 1983، ص 13 وما بعدها.

[45] ـ ديفيد ديتشس، مناهج النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق، ص 526 .

[46] ـ انظر النص في كتاب سحر الشعر، لرفائيل بطي، وقد أكد هذا المعنى ابراهيم عبد القادر المازني الذي يرى أن الشعر « يفجر في النفس ينابيع الفزع والسرور والألم » ديوان المازني، 2 / 18، نقلا عن : علي عباس علوان، تطور الشعر العربي الحديث في العراق ،ص 374 .

[47] ـ انظر النص في كتاب : سحر الشعر، ص 136

[48] ـ عباس محمود العقاد، ساعات بين الكتب والناس، ص 179 .

[49] ـ ديفيد ديتشس، مناهج النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق، ص 524 .

[50] ـ انظر النص في : سحر الشعر سحر الشعر، ص 136، ويقول شكري : « وليس شعر العاطفة بابا جديدا من أبواب الشعر كما ظن بعض الناس، فإنه يشمل كل أبواب الشعر وبعض الناس يقسم الشعر الى أبواب منفردة فيقول باب الحكم وباب الغزل وباب الوصف الخ ولكن النفس إذا فاضت بالشعر أخرجت ما تكنه من الصفات والعواطف المختلفة في القصيدة الواحدة » انظر : سحر الشعر، ص 220 .

[51] ـ نفسه، ص 219 .

[52] ـ ابراهيم عبد القادر المازني، الشعر غاياته ووسائطه، ص 21 .

[53] ـ SEMAH , DAVID ; FOUR EGYPTIAN LITERAY CRITICS ,P 8 .

[54] ـ يرجع وحدة القصيدة تاريخيا الى افلاطون « حين ابرز التشابه بين وحدة الكلام والوحدة العضوية في الأحياء » انظر: مجدي وهبة، وكامل المهندس، معجم المصطلحات العربية، ص 431 . وانظر الوحدات الثلاثة عند ارسطو ص 431 وما بعدها، وانظر حديثا عن الوحدة العضوية في التراث النقدي عند الحاتمي وابن طباطبا العلوي : احسان عباس، تاريخ النقد الأدبي عند العرب، ص 133 وما بعدها، وص 253 وما بعدها، وانظر عن الوحدة العضوية، محمد غنيمي هلال، النقد الأدبي الحديث ،ص 394.

[55] ـ عباس محمود العقاد ،الديوان، ص 130 .

[56] ـ نفسه، ص 130 .

[57] ـ نفسه، ص 130 .

[58] ـ نفسه، ص 131 .

[59] ـ قسطاكي الحمصي ،منهل الوراد في علم الانتقاد، 2 / 131 . ويقول روحي الخالدي، « الأصل في الكلام للمعاني لا للألفاظ، لأن اللفظ قالب أو ظرف للمعنى يتخذه المتكلم أو الكاتب لسبك ما يصوره من نفسه ويشكله في قلبه، فينقل بذلك مقصوده للسامع أو القاريء » انظر كتابه : تاريخ علم الأدب عند الافرنج والعرب وفيكتور هوكو، ص 31 . ومثله ما ذهب اليه جبر ضومط في نصائحه التي يقدمها للشاعر في أن « يناسب بين الألفاظ ومعانيها ما أمكن » انظر كتابه : فلسفة البلاغة، ص 138 .

[60] ـ حسين المرصفي، الوسيلة الأدبية، 2 / 475 .

[61] ـ ابن طباطبا العلوي، عيار الشعر، ص46 .

[62] ـ نفسه، 167 .

[63] ـ قدامة بن جعفر، نقد الشعر، ص 65 .

[64] ـ عباس محمود العقاد، مراجعات في الآداب والفنون، ص 167

[65] ـ نفسه، ص 10 .

[66] ـ نفسه .

[67] ـ انظر : سحر الشعر ص 157 .

[68] ـ ابراهيم عبد القادر المازني، الشعر غاياته ووسائطه، ص 10 .

[69] ـ نفسه، ص 11 .

[70] ـ ابن جني، الخصائص، 1 /312 .

[71] ـ ابراهيم عبد القادر المازني، الشعر غاياته ووسائطه، ص 12 .

[72] ـ نفسه، ص 13 .

[73] ـ نفسه .

[74] ـ نفسه .

[75] ـ نفسه، ص 15 .

[76] ـ ابراهيم عبد القادر المازني، الديوان، ص107 .

[77] ـ نفسه، ص 103 ـ104 .

[78] ـ عبد القاهر الجرجاني، دلائل الاعجاز، ص 40 .

[79] ـ مصطفى بدوي، مقدمته لكتاب : مباديء النقد الأدبي، لريتشاردز، ص 6 .

[80] ـ ابراهيم عبد القادر المازني، الشعر غاياته ووسائطه، ص 37 .

[81] ـ ريتشاردز، العلم والشعر، ص 46 .

[82] ـ ابراهيم عبد القادر المازني، بشار بن برد، ص 27 .

[83] ـ نفسه .

[84] ـ ابراهيم عبد القادر المازني، الشعر غاياته ووسائطه، ص 27 .

[85] ـ نفسه، ص 24 .

[86] ـ نفسه، ص24
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
مدرسة, الحيوان, الينبوع, تدفق, نقدية, قراءة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع تدفق الينبوع قراءة نقدية في مدرسة الديوان
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
استمرار تدفق اللاجئين على النمسا عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 09-21-2015 04:51 AM
الطفل مع الحيوان البري في لوحات عبدالناصر محمود الصور والتصاميم 0 01-05-2015 08:54 AM
حمل كتاب الحيوان للجاحظ Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 02-02-2012 10:42 PM
كتاب الحيوان للجاحظ Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 01-27-2012 11:40 PM
حمل دراسة أدب الأطفال وثقافتهم قراءة نقدية مهند دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 01-09-2012 06:51 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 07:03 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59