#1  
قديم 06-30-2014, 09:33 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة ليبيا ومخاوف الانزلاق في طريق الاقتتال


ليبيا ومخاوف الانزلاق في طريق الاقتتال الأهلي الشامل*
ــــــــــــــــــــــــــــ

2 / 9 / 1435 هــ
30 / 6 / 2014 م
ــــــــــــ

الانزلاق الاقتتال images?q=tbn:ANd9GcSwvSOgHwYWGSJwMWbhIZFu-xMZGn1Y1mYXpP3fSu4KU7M7j6MH_w


طبيعة الأزمة وأبعادها
بعد مرور ثلاث سنوات على خلاصها من نظام القذافي، ما زالت ليبيا عاجزةً عن تحقيق الاستقرار الأمني والتوافق السياسي الذي يسمح بعبور المرحلة الانتقالية إلى مرحلة ديمقراطية، وما زالت البلاد تنتقل من أزمة إلى أخرى منذ انتخابات المؤتمر الوطني العام صيفَ 2012، والصراع الذي نشأ داخله بين أكبر كتلتين سياسيتين، وهما: جماعة الإخوان المسلمين وحلفاؤهم من المستقلين، وتحالف القوى الوطنية بقيادة محمود جبريل.
وقد واجه المؤتمر الوطني والحكومة الموقَّتة المنبثقة عنه، جملة تحديات جعلت الأزمة تأخذ طابعاً بنيويّاً، تمثّلت في عدم وجود دولة ومؤسسات، وغياب أيِّ شكلٍ من أشكال الحياة السياسية، وعدم امتلاك رؤية لإدارة المرحلة الانتقالية، وفشل محاولات إنشاء جيش وطني جامع ودمج الميليشيات ونزع السلاح، وزيادة معدّلات الفساد؛ لتأتيَ أخيراً أزمة تجديد المؤتمر الوطني لنفسه بعد انتهاء المدة المحددة له وفقاً للإعلان الدستوري، وعدم إنجاز كتابة الدستور في موعده. هذا الفشل أضعف الهيئة الوحيدة المنتخبة ديمقراطيّاً في البلاد، وقلَّص شعبيتها، وسمح لبعض القوى المتضررة من سقوط نظام القذافي، أو قانون العزل السياسي؛ باستغلال الاستياء الشعبي المتنامي من استمرار هذه الأوضاع لتقدِّم نفسها بوصفها بديلاً ومخلِّصاً بعد أن توافر لها الدعم الإقليمي اللازم للتحرك.
من هذا السياق انطلقت حركة اللواء حفتر الجديدة للإجهاز على الهيئات القائمة والاستيلاء على السلطة، لكنّ هذه العملية أدت إلى تنامي الاحتقان في المجتمع الليبي وتزايد الاستقطاب بين قواه السياسية والتقليدية المختلفة؛ ما يهدّد باندلاع حرب أهلية شاملة بعد أن أخذت خريطة التحالفات الناشئة تتبلور.
خريطة الانقسام الليبي
تتوزع القوى المتنافسة في ليبيا بين تنظيمات سياسية ومجموعات مسلحة عديدة تتفاوت في توجهاتها الأيديولوجية، ومواقفها الفكرية، وقدراتها العسكرية.. وأهم هذه القوى ما يلي:
1. حفتر وحلفاؤه:
تتشكل قوات حفتر بالأساس من عسكريين سابقين من بقايا جيش القذافي، وقد انضمت إليه ميليشيات مختلفة تعمل تحت إمرته. ويصف حفتر قواته بأنها هي الجيش الليبي الوطني، رغم أنها في حقيقة الأمر ليست أكثر من ميليشيا خاصة، مثلها مثل غيرها من الميليشيات على الساحة الليبية، وإن كانت أكثر انضباطاً، نظراً إلى وجود قيادات عسكرية في صفوفها. ومن أبرز حلفاء حفتر:
‌أ. لواء الصواعق والقعقاع.
‌ب. الفيدراليون.
ج. تحالف القوى الوطنية.
‌د. قبائل نظام القذافي.
كما أعلنت بعض الأجهزة الأمنية الليبية، مثل: قوات الصاعقة وقوات الدفاع الجوي، انضمامها إلى حفتر؛ ما يجعل قوته تحظى بميزات نسبية، أهمها: أنها تضمُّ قوات نظاميةً أكثر من غيرها، وأنّ لها شبكة حلفاء واسعة بخاصة في المنطقة الغربية، فضلاً عن تسليحها الجيد والدعم الخارجي الذي تتلقاه من بعض القوى الإقليمية والدولية.
2. المؤتمر الوطني العام وكتائب الثوار:
يضمُّ هذا المعسكر طيفاً متنوعاً من القوى على رأسها المؤتمر الوطني العام والحكومة الانتقالية، ويشمل الكتائب الإسلامية المعتدلة، وكذلك جماعة الإخوان المسلمين، ومدن جبل نفوسة، خصوصاً المناطق الأمازيغية منها، إضافةً إلى كتائب مدينة مصراتة. ورغم أنّ هذا المعسكر يحظى بالشرعية، فإنه يتَّسم ببطء الحركة وضعف التنسيق بين مكوناته:
‌أ. المؤتمر الوطني العام.
‌ب. غرفة ثوار ليبيا.
(تضمُّ في عضويتها كلّاً من كتائب راف الله السحاتي، و17 فبراير، وشهداء الزنتان، وعمر المختار، وشهداء ليبيا الحرَّة. وهذه الكتائب الخمس من الكتائب الكبرى التي اضطلعت بدور رئيس في هزيمة قوات القذافي، وتحرير المنطقة الشرقية، وتحقيق النصر على جبهة سرت، وهي آخر المعارك الكبرى ضدّ قوات القذافي).
‌ج. جماعة الإخوان المسلمين.
‌د. ثوار جبل نفوسة.
‌هـ. كتائب مصراتة.
‌و. قوات درع ليبيا في الجنوب.
وبوجهٍ عامٍّ يحظى معسكر المؤتمر الوطني وحلفاؤه بميزات نسبية، أهمها: أنه ما زال يحتفظ بالشرعية، وأنه يمتلك أسلحةً ثقيلةً فعالةً، بخاصة لدى قواته الموجودة في منطقة بنغازي. كما أنه يحظى بالدعم المباشر من قوى موزعة على امتداد الأرض الليبية، بما فيها مصراتة، وجبل نفوسة، والجنوب. يُضاف إلى ذلك أنه يضمُّ عدداً كبيراً من المقاتلين الذين يمتلكون خبرات قتاليةً كبيرةً، خصوصاً في بنغازي والمنطقة الشرقية.
3. القوى الجهادية:
يتركز أكثرها في الشرق الليبي، وكذلك في منطقة الجبل الأخضر، وعلى وجه الخصوص في مدينة درنة. وتقف القوى الجهادية طرفاً ثالثاً في الأزمة؛ فهي تكفِّر الدولة، ولا تؤمن بالديمقراطية ولا بشرعية المؤتمر الوطني، كما أنها تكفِّر حفتر ومن معه. وأهم مكوناتها:
‌أ. جماعة أنصار الشريعة.
(جرى اتهامها بالتورط في قتل السفير الأمريكي في بنغازي عام 2012؛ لذلك قامت الإدارة الأمريكية بتصنيفها منظمةً إرهابيةً. وتدعو هذه الجماعة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، لكنها مع ذلك تعدُّ أقلَّ تطرفاً مقارنةً بميليشيات درنة).
‌ب. ميليشيات درنة.
وهي ميليشيات جهادية متشدِّدة تُوصف بالتكفيرية، وهي تسيطر على مدينة درنة وترتبط بتنظيم القاعدة.
4. أطراف على الحياد:
أعلنت بعض الأطراف المحلية حيادها في الصراع الجاري، وهي أطراف ترفض انقلاب حفتر وتنتقد في الوقت نفسه أداء المؤتمر الوطني العام، لكنْ من دون أن تنتقص من شرعيته. وهي تشمل المجلس العسكري لطرابلس الذي أعلن أنه سيتصدى لأيّ محاولة للعبث بأمن المدينة؛ وذلك في اجتماع ضمَّ سرايا الثوار كافَّةً. كما أعلنت قوات درع ليبيا المنتشرة ما بين سرت ومصراتة، رغم انتقادها أداء المؤتمر، أنها ستقوم بتأمين العاصمة طرابلس، وأنها ترفض أيَّ انقلاب على السلطة الشرعية في البلاد.
سيناريوهات تطور الأزمة
يمكن أن تتطور الأزمة الراهنة في ليبيا وفق أحد السيناريوهات التالية:
1. سيناريو التسوية:
يجري التوافق على تنظيم انتخابات برلمانية جديدة تُشرف عليها حكومة تسيير أعمال. لكنّ تنظيم انتخابات برلمانية في ظلّ حالة الفوضى الأمنية والاستقطاب السياسي الراهن يبدو ضعيفاً؛ لذلك لا بدَّ من حوارٍ وطنيٍّ حقيقيٍّ يسبق الانتخابات ويضمُّ القوى كلَّها، ما عدا التكفيريين والنظام القديم. ولئن كان هذا الحلّ هو الأمثل، فإنه لا يبدو واقعيّاً في المرحلة الراهنة، خصوصاً أنّ معسكر حفتر يستعجل الحسم العسكري؛ لأنه يدرك أنّ فشل محاولته هذه المرة سيشكِّل نهاية مشواره السياسي.
2. سيناريو الاحتواء
هذا السيناريو هو الأرجح؛ إذ يجري احتواء المواجهات في بنغازي والحؤول دون انتشارها في اتجاه المنطقة الغربية والوسطى، نظراً إلى تكلفتها السياسية والعسكرية المرتفعة، وعدم رغبة عدَّة مدن، مثل مصراتة وطرابلس، التورط في القتال. ويبدو واضحاً الآن أنّ مدن المنطقة الغربية تحاول تجنُّب الاقتتال فيما بينها، مع وجود مؤشرات على اتجاه للتهدئة بين الزنتان ومصراتة. وفي هذه الحالة ستبقى المواجهة مقتصرةً على كتائب بنغازي من جهة، وقوات حفتر وحلفائه الفيدراليين من جهة أخرى، ومن الممكن أن تتحول إلى حرب شوارع يُحشد لها من مختلف أنحاء البلاد؛ إذ سيكون بإمكان حفتر الحصول على دعم من حلفائه في غرب ليبيا، إضافةً إلى دعم دول الجوار الإقليمي، كما سيكون بإمكان بنغازي، في المقابل، الاستنجاد بحلفائها في جبل نفوسة، حيث تتمركز كتيبة علي حسن الجابر القوية في البيضاء. لكنّ هذا سيؤدِّي إلى وضعٍ إنسانيٍّ كارثيٍّ في مدينة يبلغ عدد سكانها نحو مليون نسمة.
3. سيناريو الحرب الأهلية الشاملة:
هذا السيناريو ضعيف لكنه وارد أيضاً في ظلّ حالة الاحتقان المسيطرة على الوضع في ليبيا، بخاصة بعد ثلاث سنوات من العنف المناطقي والعمليات الثأرية، سواء كان ذلك بين الثوار وأنصار القذافي، أو بين سكان المناطق التي دخل بعضها في صراع مسلح مع بعضها الآخر. وإذا حدث القتال على مستوى واسع، فسيشمل، إضافةً إلى بنغازي في الشرق، مصراتة في الوسط، وسيكون عليها مواجهة خصوم أقوياء مثل بني الوليد، وترهونة، ومدينة زليتن المجاورة، علاوةً على كتائب الزنتان، ولواء القعقاع، وكتائب مدينة سرت. وفي هذه الحالة ستضطر مصراتة إلى القتال على ثلاثة محاور حتى لا يجري تطويقها، وسيندلع القتال في الغرب بمنطقة جبل نفوسة، تحديداً بين الزنتان وباقي مدن الجبال، مثل: نالوت، ويفرن، والقلعة، وغيرها، وسيصعب على الزنتان مواجهة مدن الجبل مجتمعةً كما هي الحال بالنسبة إلى مصراتة. وفي حال انزلاق الأمور في هذا الاتجاه، فإنّ الحرب ستكون مدمرةً نظراً إلى أنّ كلّ طرف سيسعى لإفناء الآخر.
4. سيناريو التدخل الخارجي:
هذا السيناريو ضعيف لكنه يبقى ممكناً؛ كأن تقوم قوَّة إقليمية مثل مصر أو الجزائر، بدعمٍ من بعض دول الخليج، بالتدخل لترجيح كفَّة حلفائها. وإن حدث هذا السيناريو فسيزداد الوضع تعقيداً، مع احتمال انتقال العنف إلى دول الجوار. ومن المرجح أن يكون لمصر دور حيوي ومؤثِّر في دعم حفتر الذي يحاول جاهداً بناء تحالف مع نظام القاهرة الجديد وإقناعه بتوحيد الجهد لمحاربة الإخوان المسلمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*{م:البيان}
ـــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
ليبيا, الانزلاق, الاقتتال, ومخاوف, طريق


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع ليبيا ومخاوف الانزلاق في طريق الاقتتال
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ذعر في أسوان بسبب "الملاريا" ومخاوف من تفشي المرض عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 05-31-2014 07:12 AM
الصفويون والكرد انتهاكات الماضي ومخاوف المستقبل عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 06-06-2013 06:23 AM
إبن تيميه : بيان إستقامة طريق تفسير القرآن بالأثر،وأنه لا طريق يقوم مقامها ذكريات شذرات إسلامية 2 12-11-2012 12:39 AM
طريق الحرير اوقات نثار الحرف 14 04-25-2012 04:57 PM
أمريكا تطور سلاح"حارق" لتفريق المتظاهرين ومخاوف من تصديره لمصر Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 03-25-2012 01:56 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 10:26 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59