#1  
قديم 04-30-2016, 12:46 AM
الصورة الرمزية محمد خطاب
محمد خطاب غير متواجد حالياً
كاتب ومفكر
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: فلسطين
المشاركات: 533
افتراضي مفهوم الحرية في الاسلام



مفهوم الحرية في الإسلام
الحرية في مفهومها العام تعني ( الانعتاق والانطلاق من جميع القيود المادية والمعنوية غير المشروعة التي قد تفرض على الإنسان بغير وجه حق في حياته العامة والتي تحول بينه وبين التمتع بحقوقه الطبيعية : المدنية والفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ) .
كما تعني أيضا ( أن يكون الإنسان مختارا في قوله وعمله لا يعترضه مانع ظالم ) .
وتعني في مفهومها العام أيضا ( أن يتحرر الإنسان من قيود الرق والعبودية والاضطهاد والجهل والفقر والمرض والظلم والاستبداد وأن تخلو حياته من منغصات الحياة من الخوف والرعب والحقد والدس والوشاية والقهر والقمع .... ) .
ويقابل الحرية بهذا المفهوم العام الرق والعبودية والحجر المدني والحجر السياسي ، والإكراه أو الاضطهاد الديني والإرهاب الفكري والكبت العلمي والاستبداد السياسي والظلم الاجتماعي والاقتصادي .
وبجانب ذلك هناك بعض التعريفات الاخري الكثيرة منها ( القدرة على عمل كل ما لا يضر بالغير ) .
ونستخلص من ذلك ما يلي :
1 - الحرية تعني الانطلاق من القيود المادية والمعنوية ولكن بشكل نسبي في مداها فالإنسان محكوم بالزمان والمكان الذي يعيش فيه وبحكم بشريته فهو محدود الإمكانيات .
2 – من كمال إنسانية المرء وكذلك كرامته وسعادته ورفاهيته أن يتمتع بحريته فهي حقوقه الطبيعية في الحياة لا ينبغي لأحد أن يحجرها أو أن يحجزها عنه مهما كانت المبررات التي يدعيها ، فهي مستمدة أي الحقوق أولا من كونه إنسانا ومن القيم والمثل التي جاءت بها الأديان السماوية ومع ما يتمشى مع العقل وكرامته كإنسان وما دعت إليه المنظمات و الجمعيات الإنسانية .
ويستمد المسلم كل ذلك من دينه القويم الذي جاء ليؤكد حرية الإنسان من كل الطواغيت وعبادة الله وحده وأن حريته تكمن في السجود لله وحده ، والإنسان في الإسلام له الحق في حرية الرأي والملكية والمساواة والعدل وما إلى ذلك
3 – حرية الإنسان من الضرورة لأن في حجرها علية مس كبير لكرامته وإعاقة لاستعماره في الأرض وانتقاص من إنسانيته ، وهدم لسبب وجوده وإبداعه .
4 – أن الحرية ليست مطلقة بحيث يفعل الإنسان كل ما يريد بدون رقيب أو ضابط او قانون أو تشريع لان في ذلك اعتداء على الآخرين وتؤدي إلى الفوضى وانتهاك حقوق من معه في المجتمع ، ولذلك هي يجب أن تكون في إطار قيم المجتمع ونظمه وقوانينه .
5 – إن للحرية مفهوم واسع متعدد الجوانب والأقسام والأبعاد ومنها الحرية المدنية والشخصية والاجتماعية والدينية والسياسية والفكرية والعلمية وحرية التعبير ولكل من هذه الحريات مبادؤها وشروطها .
6 – إن كل ما سبق يدخل تحت بند الحريات العامة وهي متداخلة مترابطة ولا فصل بينها وهي كل لا يتجزأ .
وقد أكدت النصوص القرآنية والأحاديث عل حرية الإنسان ويرى الإسلام أن حرية الإنسان تتحقق أولا بالعبودية لله وحده وليس لشخص أو إنسان أو رمز ، وهذا الأمر هو أول الحرية حيث يتحرر الإنسان من كل الطواغيت وألا يتخذ الناس بعضهم بعضا أربابا من دون الله لقوله تعالى ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا ُمسْلِمُونَ ) أل عمران 64
ويؤكد الإسلام على معني الإلوهية والربوبية لله وحده ، وأن الخضوع والتسليم يجب أن يكون لله وحده ، وأن العبودية لغير الله هي امتهان للإنسان وكرامته
والدين الإسلامي كما يقول سيد قطب رحمه الله عنه ( منهج إلهي للحياة البشرية. يتم تحقيقه في حياة البشر بجهد البشر أنفسهم في حدود طاقتهم البشرية؛ وفي حدود الواقع المادي حينما يتسلم مقاليدهم. ويسير بهم إلى نهاية الطريق في حدود طاقتهم البشرية، وبقدر ما يبذلونه من هذه الطاقة.
وميزته الأساسية : انه لا يغفل لحظة، في أية خطة وفي أية خطوة عن فطرة الإنسان وحدود طاقته ، وواقع حياته المادي أيضاً. وأنه - في الوقت ذاته- يبلغ به - كما تحقق ذلك فعلاً في بعض الفترات، وكما يمكن أن يتحقق دائماً كلما بذلت محاولة جادة - إلى ما لم يبلغه أي منهج آخر من صنع البشر على الإطلاق . و في يسر وراحة وطمأنينة واعتدال ). وهذا منتهى الحرية للإنسان من خضوع لله وحده وهو خالقه والسير على نهجه بدلا من إتباع بشرا يخطئوا أكثر مما يصيبوا .
والإسلام يفرض على المسلم الحرص عل نيل حريته والسعي بجد لتحرير نفسه وغيره من الظلم والظالمين والتخلص من الطغيان .
ولم يسمح الاسلام بأن يقهر المسلم في الارض وأخبره ان عليه ان يهاجر في ارض الله حيث يقيم العدل والذي لا يقوم إلا بوجود الحرية فقال تعالى (يا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) العنكبوت 56
وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرً ا ) النساء 97
وهكذا فالإسلام لا يرضى للعباد ان تصادر حرياتهم آو تسرق منهم تحت شعارات شتى وكذلك لا يبقى في مكان يظلم فيه لان الظلم هو طريق من طرق مصادرة حرية الإنسان .
كما أكد الإسلام على حرية الفكر والرأي والتعبير وقد منح كل شخص مسلم او يعيش تحت راية الإسلام أن يعبر عن رأيه ، بل وطلب مناقشة كل طلب لم يفهمه الإنسان .
وقد حث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على الحريات لإرساء دعائم المجتمع المسلم الذي جميع أفراده سواسية قال صلى الله عليه وسلم ( المسلمون تتكفأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم ) .
وقوله صلى الله عليه وسلم ( كلكم لآدم ، وآدم من تراب ) .
وقد حث الإسلام على الوقوف ضد الظالم وضد الخطأ أين ما وجد وأمر بتغيير الخطأ والظلم في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم .
حيث ترتبط خيرية هذه الأمة ارتباطا وثيقا بدعوتها للحق ، وحمايتها للدين ، ومحاربتها للباطل ؛ ذلك أن قيامها بهذا الواجب يحقق لها التمكين في الأرض ، ورفع راية التوحيد ، وتحكيم شرع الله ودينه ، وهذا هو ما يميزها عن غيرها من الأمم ، ويجعل لها من المكانة ما ليس لغيرها ، ولذلك امتدحها الله تعالى في كتابه العزيز حين قال : (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ( آل عمران : 110
لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه أو شهده أو سمعه
قال الترمذي : " حديث حسن صحيح
وقد عرف السلف الصالح الحرية وحقها للناس فأكدوا عليها قال أبو بكر الصديق في خطبته الاولى (أَيُّها الناسُ فَإِني قد وُلِّيتُ عليكم ولست بخيركم فإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُوني. الصِدْقُ أمانةٌ والكَذِبُ خِيَانَةٌ . والضعيفُ فيكم قويٌّ عندي حتى أرجعَ إليه حقَّه إن شاء اللّه، والقويّ فيكم ضعيفٌ عندي حتى آخذَ الحقَّ منه إن شاء اللّه. لا يَدَعُ قومٌ الجِهادَ في سبيل اللّه إلا خَذَلَهم اللَّهُ بالذُلِّ ولا تَشِيعُ الفاحشةُ في قومٍ إِلا عَمَّهم اللَّهُ بِالبلاءِ. أَطِيعُوني ما أَطَعْتُ اللَّهَ ورسولَه فإِذا عَصَيْت اللَّهَ ورسولَه فلا طاعةَ لي عليكم. قُومُوا إلى صلاتكم يَرْحَمْكُمُ اللّه ). سيرة ابن هشام : 4/240 .
وهذا الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لعمرو بن العاص ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) .
ويقول عمر بن الخطاب أيضا مبينا مهمة الحاكم المنوطة به بقوله ( إني لم ابعث إليكم الولاة ليضربوا أبشاركم ويأخذوا أموالكم ، ولكن ليعلموكم ويخدموكم ) .
هذا إذن ما للحاكم في الدين الإسلامي وليس التسلط وقتل المعارضين وسجنهم وذبح شعبه ، ولا أن يصادر حرياتهم ويمنع أحدا من انتقاده ويري نفسه فوق مستوى النقد و فوق الجميع .
محمد خطاب سويدان

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
محمد خطاب
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
مفهوم, الاسلام, الحرية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع مفهوم الحرية في الاسلام
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الحرية في الإسلام ام زهرة أخبار ومختارات أدبية 0 11-20-2013 11:56 PM
الحرية في كلمات Eng.Jordan الملتقى العام 0 11-19-2012 12:27 PM
الحرية في أقوالهم Eng.Jordan الملتقى العام 1 04-29-2012 08:35 AM
الاسلام بين كينز وماركس وحقوق الانسان في الاسلام Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 5 02-19-2012 11:12 AM
مفهوم الحرية في الاسلام محمد خطاب شذرات إسلامية 0 01-28-2012 11:14 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:40 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59