#1  
قديم 04-19-2012, 09:06 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,373
افتراضي قصة أشهر مجلة تنصيرية مسيحية وهي مجلة (العالم الإسلامي The Muslim World)


إسطنبول: أورخان محمد علي
orhanahmed*otmail.com

نتناول هنا قصة أشهر مجلة تنصيرية مسيحية وهي مجلة (العالم الإسلامي The Muslim World)، والمراحل المختلفة التي مرت بها، والتحولات التي طرأت عليها وعلى سياستها ومنهجها.

قبل مائة عام تقريباً كان المسلمون يعيشون سنوات حالكات، فقد وقع ثلثا أراضيهم في أيدي المستعمرين، فإندونيسيا (وهي أكبر البلدان الإسلامية عدداً) كانت محتلة من قبل هولندا (التي كان عدد سكانها يزيد بقليل على المليون نسمة)، والهند (التي كانت تضم باكستان وبنجلاديش) تحت الاستعمار البريطاني، وشمال إفريقيا يرزح تحت الاستعمار الفرنسي، كما وقعت أفغانستان وإيران تحت الاحتلال البريطاني. أما الدولة العثمانية فكانت تعيش بعد وصول جمعية الاتحاد والترقي إلى الحكم مرحلة السقوط والانهيار، حتى إن أربع دول بلقانية صغيرة بتحريض من الدول الأوروبية الكبرى وعون منها اتحدت وأعلنت الحرب عليها بشكل فجائي وانتصرت وقطعت أجزاء منها. أما مسلمو آسيا الوسطى فقد انحشروا بين الصين وروسيا.

في هذه السنوات التي انتشر فيها اليأس والقنوط بين المسلمين كان الغرب يراقب التطورات بفرح كبير وبسعادة غامرة... لقد آن الأوان للانتقام من المسلمين الذين شكلوا أكبر تحدٍّ للغرب منذ ظهور الإسلام. لقد تقهقر الغرب أمام المسلمين في الشام ومصر والمغرب وفي آسيا الوسطى وإسبانيا والبلقان حتى وصل المسلمون إلى أسوار فيينّا، وخرج خاسراً من جميع الحروب الصليبية التي شنها عليهم سواء في فلسطين أو في آسيا الوسطى ضد الدولة العثمانية.
كان من الضروري إصدار مجلة تسجل انتصارات الغرب المتوقعة في الساحة الدينية كذلك وذلك بتقديم نشاطات المنصرين ونجاحهم المرتقب في تنصير المسلمين، لأنهم اعتقدوا جازمين أن جو التقهقر والهزيمة واليأس الذي أحاط بالمسلمين، والسيطرة العسكرية والإدارية على بلدان المسلمين سيسهل مهمة المنصرين، ويفتح أمامهم آفاقاً رحبة لتحويل المسلمين إلى دين الغالبين..دين الغرب المنتصر، ولن تستطيع هذه المجتمعات الإسلامية "الجاهلة" الصمود طويلاً في الساحة المعنوية مثلما لم يستطيعوا الصمود في الساحة المادية والعسكرية.
صدر العدد الأول من مجلة (العالم الإسلامي) في الشهر الأول من عام 1911م. كان رئيس التحرير أحد الأسماء اللامعة في ميدان التنصير وهو "صموئيل المجتمع . زويمر" الذي نذر نفسه للتنصير في العالم العربي. ونجد تلخيصاً لأهداف المجلة في العبارة التي وضعت تحت اسم المجلة مباشرة: "مجلة فصلية أدبية وفكرية تعرض نجاح المبشرين المسيحيين في العالم الإسلامي وحوادث وأخبار المحمديين".
من هذا الاسم والعنوان يدرك الإنسان الموقف غير الموضوعي لهذه المجلة من المسلمين، فهي تستعمل كلمة Moslem بدلاً من Muslim، وتستعمل كلمة "المحمديين" بدلاً من "المسلمين"، فالمسلمون لا ينتسبون بالاسم إلى الرسول محمد { مثلما ينسب المسيحيون إلى المسيح (عليه السلام) بعد أن قاموا بتأليهه مشركين بالله. فمثل هذا التأليه غير موجود في الإسلام الذي يتميز بطابع التوحيد الخالص. ثم ما الداعي للعجلة والقول بأنها ستعرض "نجاح المبشرين المسيحيين في بلاد الإسلام"؟ ومن أين لها أن تعلم أن نشاط المنصرين سيتكلل بالنجاح؟.
أظهرت المقالة الافتتاحية للعدد الأول الطابع التنصيري للمجلة، فالمقالة تتساءل أولاً:
"أكانت هناك حاجة إلى إصدار مثل هذه المجلة حول العالم الإسلامي في الوقت الذي توجد هناك مجلات أخرى حول هذا الموضوع مثل المجلة الفرنسية
Revuedo Monde Musluman (بدأت بالصدور عام 1900م) والمجلة الألمانية Der Islam (بدأت بالصدور عام 1903)، ومع وجود دائرة المعارف الإسلامية Encyclopadiaof Islam .
وتجيب المقالة بالإيجاب عن هذا السؤال لأنها ترى أن الطابع الغالب على هاتين المجلتين وعلى دائرة المعارف الإسلامية طابع أكاديمي، وهي لا تهتم كثيراً بالتنصير، ولا تستطيع حل "المشكلة الإسلامية!!" أو "مشكلة المسلمين!!". وهذه المجلة ترى أنه ما من حل لهذه المشكلة إلا القيام بتنصير المسلمين، بينما لا تستطيع المجلتان الفرنسية والألمانية ولا دائرة المعارف الإسلامية القيام بهذه المهمة الكبيرة، لذا أخذت هذه المجلة على عاتقها تنفيذ هذه المهمة، وأداء هذه الوظيفة.
إذن فقد صدرت المجلة لهذه الغاية وللوصول إلى هدف تنصير المسلمين، لأنه دون تحقيق هذا الهدف فلا علاج لما سمته ب"المشكلة الإسلامية!!" حسب رأيها، فما دام المسلمون باقين على دينهم فهناك مشكلة، يجب حلها.
ولم يخل هذا العدد من مقالات أكاديمية، ولكن أهم ما ورد فيها تفاصيل دقيقة عن مؤتمرين تنصيريين عقدا عام 1910م في ألمانيا وإنجلترا. كما نطالع في العدد مقالة تقول بأن جميع الشروط والظروف أصبحت الآن مواتية لتنصير العالم الإسلامي. ولكنها تتعجب أشد العجب أمام ظاهرة لا تستطيع تفسيرها وهي ظاهرة انتشار الإسلام في قارة إفريقيا، مع وجود جميع عوامل الضعف والانهيار في البلدان الإسلامية. ولكن المقالة تستمر فتقول إن هدف المسيحيين لا يقتصر على إيقاف انتشار الإسلام في إفريقيا، لأن الهدف المرسوم أكبر من هذا بكثير وهو القيام بكسب قلوب المسلمين وتنصيرهم، ولن يتم هذا إلا بهز قواعد الإسلام في شمال إفريقيا ولا سيما في المغرب ومصر. كما توقعت المقالة هجوم الإسلام على المسيحية التي ستنتشر في إفريقيا.
ولكن كيف يمكن تنصير المسلمين؟ وماذا تقترح المجلة من طرق واقتراحات ليتم التنصير؟
أهم الاقتراحات التي تقدمت بها المجلة هي:
1 تدجين الإسلام.
2 تحديث الإسلام.
3 تهيئة قائمة بأسماء المسلمين الذين تنصروا،والاستفادة منها في شن حملة نفسية منظمة على المسلمين.
4 فتح المدارس والمستشفيات في البلدان الإسلامية والاستعانة بها في كسب عقول وقلوب المسلمين.


كما نقرأ في هذا العدد الدعاء الذي كتبه رئيس أساقفة دورهايم من أجل المنصرين المسيحيين العاملين في العالم الإسلامي...يدعو الله أن يهدي المسلمين الذين أعمت الخطايا أعينهم كما يزعم إلى المسيحية.

إذن فهدف المجلة كان واضحاً منذ العدد الأول: إما تنصير المسلمين بشكل مباشر، أو تحويل الإسلام إلى دين يشبه النصرانية.

في العدد الثاني نرى النهج نفسه في جميع المقالات. ولكن المقالة الافتتاحية تلفت النظر بشكل خاص، فهي تذكر جميع الأديان الأخرى غير المسيحية، ولكنها تميز الإسلام عن باقي الأديان. فبينما تصف الأديان الأخرى بأنها "أديان غير مسيحية" تصف الإسلام وحده بأنه "الدين المعارض والمناقض الوحيد للمسيحية". ويكفي هذا لفهم مدى العداء والتعصب الموجود في المجلة تجاه الإسلام، مع أنه الدين الوحيد خارج المسيحية الذي يؤمن بالمسيح (عليه السلام) نبياً ورسولاً كريماً ويؤمن بعذرية والدته، وبميلاده المعجز. وتستطرد المقالة فتقول إن من الضروري حدوث تجديد في الإسلام كما حدث في المسيحية لكي يقترب الإسلام من الثقافة والمدنية المسيحيتين.
في العدد نفسه نطالع مقالة أخرى بقلم "كارل مين هوف" يقول فيها:
"بينما نرى انحسار الإسلام عن أوروبا وفقده لقوته وتأثيره فيها نراه يسجل تقدماً كبيراً في إفريقيا، إذن فليس من السهل الصراع مع الإسلام". ويستطرد قائلاً إن المنصرين في العالم الإسلامي يجدون صعوبة كبيرة جداً ويقعون في اليأس. ثم يقول:
"تكاد القناعة العامة لدى هؤلاء المبشرين باستحالة تحويل المسلمين إلى المسيحية، لذا نراهم يتهربون من إقامة علاقات وثيقة معهم". ولكنه يوصيهم بطرح اليأس جانباً، ويقول: "يجب تهيئة مبشرين يعرفون دقائق القرآن والحديث والتاريخ الإسلامي، فإذا نجحنا في هذا فقد نستطيع الوصول إلى الهدف".
تتناول المقالة الرئيسة في العدد الثالث من المجلة المدن الثلاث المهمة في "العالم المحمدي" حسب تعبيرها وهي: مكة والقاهرة وإسطنبول وتقول:
"إن مكة هي قلبه، والقاهرة دماغه وإسطنبول يداه، فإذا سقطت هذه المدن الثلاث فلن يستطيع العالم الإسلامي القيام بمزيد من المقاومة. ولكن يستحيل التسلل إلى مكة لأن دخول غير المسلمين إليها ممنوع. لذا كان على المبشرين تكثيف جهودهم واهتمامهم في القاهرة وإسطنبول".
وفي مقالة أخرى بقلم "هنري و.دويت" نراه يعرب عن أمله وتفاؤله في أن تنقلب إسطنبول في المستقبل إلى مدينة مسيحية. كما تعطي المجلة في هذا العدد معلومات جيدة عن نشاط المنصرين في إسطنبول.
في العدد الرابع الصادر في أواخر 1911م نقرأ مقالة طويلة جداً بقلم رئيس التحرير صموئيل زويمر تحت عنوان (نظرة عامة على أحوال العالم الإسلامي) تناول فيها جميع البلدان الإسلامية تقريباً من المغرب إلى إيران، ومن مصر إلى الصين، ومن أواسط إفريقيا إلى الهند وجاوا. والشيء المشترك الوحيد بين هذه البلدان هو طابع التقهقر والتراجع والفقر والجهل، والحل الوحيد أمام العالم الإسلامي في رأي الكاتب هو التحول إلى النصرانية، فلا يوجد حل آخر!.
ولكننا نقرأ في مقالة أخرى في العدد نفسه أن "أصعب مهمة للكنيسة المسيحية هي تأمين قبول المحمديين عيسى كرب وكمخلص لهم". كما نجد في العدد نفسه خبراً وتعليقاً حول زيادة عدد المسلمين على الرغم من جميع الظروف السيئة المحيطة بهم، وعلى الرغم من جميع مؤشرات التراجع والسقوط في مختلف الميادين في البلدان الإسلامية، حيث نقرأ أن قبيلة "منسا" الحبشية كان جميع أفرادها مسيحيين في عام 1860م لكن ثلثي القبيلة تحولوا (عام 1911) إلى الإسلام. كما أن عدد المسلمين في قبيلة "بوغوس" كان قليلاً جداً قبل خمسين عاماً، أما الآن (1911) فنصف القبيلة من المسلمين. كما تحولت قبيلة "بت كوك" كلها إلى الإسلام بينما كانت نسبة المسلمين فيها قبل خمسين عاماً يقارب النصف.

الآمال التي خابت
مرت السنوات على هذا المنوال على هذه المجلة التنصيرية.. تضع آمالاً كبيرة، وتسرح في أحلام وردية ثم تصدمها الحقائق في أرض الواقع، حتى نصل إلى سنة 1917م التي تتغير فيها الجهة الممولة للمجلة حيث تنتقل إلى حماية وتمويل جمعية تنصيرية أمريكية. غير أن هذا التغيير لا يؤدي إلى تغيير في كادر رئاسة التحرير ولا في سياستها وأهدافها.
كانت المصائب تتوالى على العالم الإسلامي، ففي هذه السنة خسرت الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى وانهارت وتبعثرت أشلاؤها وهرب القادة الاتحاديون خارج البلاد بعد أن مزقوا الدولة العثمانية بعدما أدخلوها بحماقة منقطعة النظير في أتون حرب عالمية وهي غير مستعدة لها لا من الناحية العسكرية ولا من الناحية المالية.
إلى جانب جنود الاحتلال الذين غزوا العالم الإسلامي كان هناك جيش من المنصرين الذين انتعشت آمالهم بعد هزيمة دولة الخلافة التي كانت رمزاً لوحدة المسلمين. وعلى الرغم من هذه الصورة القاتمة للعالم الإسلامي وعلى الرغم من جيوش المنصرين العاملين تحت حماية السلاح، وعلى الرغم من الأموال الكبيرة التي انهالت على الجمعيات التنصيرية العاملة في العالم الإسلامي فإنهم لم يحققوا أي نجاح يذكر، مع أنه بدا لهم أنهم أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من هدفهم. لقد لمسوا مناعة قوية في العالم الإسلامي أدهشتهم، وعجزوا عن معرفة أسبابها ودواعيها.
لكنهم لم ييأسوا، بل إن إلغاء الخلافة في 1923 وتأسيس الجمهورية التركية على أنقاضها أعطى لهم أملاً جديداً. لذا نجد في عدد أبريل 1924م مقالة بقلم "بول نلسون" بعنوان: "تركيا التي أراها من طرسوس" جاء فيها:
" لقد أصبح مصطفى كمال باشا رئيساً لدولة تركيا، لذا لم نعد نحن المبشرين تحت سلطة حكومة خلافة مستبدة".
كان العدد الأول لعام 1924م مشحوناً بالآمال الكبيرة التي انعكست على مقالتها الافتتاحية، كما كانت هناك مقالة حول فاعليات "الهيئة التعليمية الأمريكية The American Board الموجودة في تركيا، لأن الآمال كانت معقودة على فاعليات التعليم في تنصير المسلمين. ومع أن المقالة كانت تقول: "لم يتم الحصول على أي شيء ذي بال طوال مائة سنة" وتعترف بهذه الحقيقة إلا أنها استطردت تقول: "على الرغم من هذا الفشل الواضح في الماضي، إلا أن المبشرين الأبطال الذين لا يتملكهم اليأس أبداً لا يزالون يأملون في قيام الأتراك بقبول النصرانية".
كانت هناك إشارات مشجعة لهم في تركيا، فقد طرد الخليفة وجميع أفراد وأمراء آل عثمان، وألغيت الخلافة، ودعي البروفيسور الأمريكي "جون دوي" من جامعة كولومبيا إلى تركيا من قبل الحكومة التركية لكي يقوم ببناء التعليم في تركيا ووضع أسس ومناهج علمانية له. كانت المقالة تشير إلى هذا وتقول: "إن هذا تغيير أساسي وعميق جداً، وهو يشكل فرصة ثمينة للمبشرين المسيحيين لكي ينفذوا إلى عقول وقلوب الجماهير التركية. يجب ترك الطرق القديمة وهجرها والاستفادة من هذه الفرصة المهمة وعدم تضييعها أو إهمالها".
ولنأت إلى عام 1927م...أي إلى ما بعد ثلاث سنوات لنتصفح أعداد المجلة.
في عدد أبريل 1927 نقرأ مقالة بعنوان: "فكر المسلم الحالي في تركيا" بقلم دبليو.م.ساك وول وورث جاء فيها:
"إن المسلم الذي يحاول حالياً متابعة وقراءة القرآن أو السنة يواجه صعوبات كبيرة في تركيا". في إشارة إلى قلة وندرة الكتب الإسلامية، وجو الإرهاب السائد في تركيا ضد التعليم الديني بعد غلق جميع الطرق الصوفية وجميع الزوايا والتكايا، ومنع تدريس الدين في المدارس. وقد اعتبر الكاتب هذه الصعاب التي وضعت أمام الإسلام آنذاك بارقة أمل أمام المنصرين. إذن فالأتراك في رأي الكاتب يبحثون عن أمل وعن شيء جديد، والمسيحية هي هذا الشيء الجديد الذي يبحثون عنه. ولم يفهم كاتب المقالة أن ما حدث في تركيا لم يكن يعكس فكر ولا مطالب الجماهير التركية.
في السنة التالية، سنة 1928م تذكر المجلة وقوع مصيبة كبيرة في تركيا وهي: "منع تدريس الدين في المدارس ومنع الدعاية الدينية فيها". وتشير المجلة إلى هذا المنع بأنه مثال على "عدم التسامح الديني". ولا يخطرن ببال أحد أن المجلة ذرفت الدموع على منع تدريس الإسلام في المدارس، لأنها سبق وأن سجلت فرحتها الغامرة عندما زفت إلى قرائها نبأ منع تدريس الدين الإسلامي في المدارس التركية. المنع المذكور أعلاه كان منع الدعاية النصرانية أيضاً في المدارس. وقصة هذا المنع هي ورود نبأ عن تنصر أربع طالبات في إحدى المدارس الثانوية المدارة من قبل مؤسسة تنصيرية أمريكية في مدينة بورصة، وقد أحدث النبأ ضجة كبيرة بين السكان. وعندما وصل الخبر إلى المسؤولين في أنقرة قاموا بإغلاق المدرسة واستجواب هيئتها التدريسية.
نقرأ في العدد نفسه مقالة أخرى تحت عنوان: "الثمن المدفوع لتنصير المسلمين" بقلم "ه.ج.لاين سميث (H.J.Lane Smith) جاء فيها:
" ليس تنصير المسلمين مجرد كلام سهل يطلق هكذاً جزافاً" و"إن الإسلام أكبر دين ظهر بعد المسيحية".
وكاتب المقالة منصر يقوم بالتنصير في الهند، وهو يبدي دهشته لأنه في مقابل سهولة تنصير غير المسلمين من الهنود فإنه يصطدم بصعوبة غير متوقعة عند محاولة تنصير المسلمين. وأمام هذا الأمر يقوم بنقد ذاتي وتقديم مقترحات جديدة. والشيء الذي أدهش هذا المنصر هو قيام المسلمين بأداء الصلاة خمس مرات في اليوم فهو مذهول من هذا الأمر ومعجب به غاية الإعجاب، ويعتبره مقياساً لقوة ارتباط المسلمين بدينهم وتوقيرهم له، وهو يقارن هذا بحال المسيحيين فيقول بأسى:
"كم مسيحي يؤدي عبادته مثل المسلمين؟ أي مسيحي يقوم بالعبادة لا خمس مرات في اليوم بل ثلاث مرات؟...لا بل كم مسيحي يؤدي العبادة مرة واحدة فقط كل يوم؟ إذن أنا أرى أن على المسيحيين أداء عبادة ولو قصيرة في النهار بين الساعة الثانية عشرة صباحاً والساعة الثانية ظهرًا، ففي هذا فائدة كبيرة من ناحية النشاط التبشيري". ولا يرى هذا كافياً بل يشير إلى أهمية شكل العبادة وكيفية أداء الصلاة، ولعله أعجب بحركات الصلاة في الإسلام وكيف تشير إلى عبودية الإنسان وتواضعه وركوعه وسجوده أمام خالقه. ويقول إن على المنصرين تشجيع المسيحيين على أداء هذه العبادة بالخشوع والصدق الذي يبدو في صلاة المسلمين.
ومقالة أخرى في العدد نفسه كتبها من القاهرة "س.ا.موريسون" تحت عنوان: "التطورات الحديثة في بلاد المسلمين". وتعد هذه المقالة نقداً ذاتياً فالكاتب يقول إن المسيحية أصبحت في بلاد المسلمين تذكر مع العالم المسيحي المستعمر، ومع الأقلية المسيحية الموجودة في هذه البلدان التي تتسم بضعف الولاء للوطن، وتذكر مع الحروب الصليبية والإدارة الإنجليزية المتسمة بالغرور والعجرفة، ومع أوروبا الغارقة في أوحال المادية والتحلل. ويقول في نهاية المقالة:
"بينما العقائد والمذاهب الأخرى في طور الانقراض والزوال، فإن الإسلام لا يزال منتصباً أمامنا وواقفاً على قدميه". ثم يقول: "قد يكون من الصعب حمل الصليب في البلدان المسيحية، ولكنه أصعب بكثير في البلدان الإسلامية".
مقالة أخرى في العدد ت*** النظر بقلم "أرنست بي Ernest Pye" يقول فيها إن الإسلام لم يضعف في تركيا، ويقارن بين تدين المسلمين وتدين المسيحيين فيقول:
"في مقابل كنائسنا التي تظل فارغة طوال أسبوع كامل، والتي تكون فارغة أو في أفضل الأحوال تمتلئ حتى النصف في أيام الآحاد، نرى شيئاً مناقضاً تماماً عندما نلقي نظرة على المساجد. فهذه المساجد تمتلئ تماماً مرة واحدة في الأقل كل يوم. أما في الأعياد فإن المصلين يملؤون الشوارع المحيطة بالمساجد بعد امتلائها في الداخل. والمسلمون ينظرون إلى المجتمعات المسيحية كمجتمعات بعيدة عن العبادة. لذا فهل ترون هناك أي احتمال أن يحترم المسلم الحريص على أداء عباداته أي مجتمع بعيد عن العبادة، أو يأخذه مأخذ الجد؟".
في تلك السنوات نرى تغيرًا في طابع مقالات هذه المجلة التي أسست لتنصير المسلمين. فقد تخلت المجلة عن رسم آمال وردية في موضوع التنصير، وذلك بعد تعاقب الأخبار المثبطة للهمم من العالم الإسلامي، وبدأت المقالات تتجه نحو النقد الذاتي.
حلت سنة 1938م وفيها تغيرت مرة أخرى الجهة المسؤولة عن المجلة، إذ انتقلت إلى إشراف وقف Hartford Seminary وهو معهد لاهوتي دولي تأسس سنة 1834م من أجل إعداد الكوادر التنصيرية وإرسالهم إلى شتى أنحاء العالم.
بعد هذا التغير نقرأ في العدد الأول منها مقالة بقلم البروفيسور دونكان ماكدونالد DuncanB.Macdonald وهو من كبار المسؤولين في المعهد، يعترف فيها بما يأتي:
"علينا أن نعترف بكل صدق بأن الذين تناولوا الإسلام باسم المسيحية لم يكونوا يعرفون عن الإسلام إلا النزر اليسير". ويعطي مثالاً على هذا فيقول: "قبل ثلاثين سنة كان العديد من المبشرين المسيحيين على جهل تام بأن الإسلام يملك أدباً وفكراً لاهوتياً (تصوفياً) غنياً وواسعاً يماثل ما تملكه الكنيسة".

لم تكن المجلة قد تخلت عن أهدافها التنصيرية، لذا نرى هذا الكاتب يقول: "لا يزال الهدف النهائي لهذه المجلة هو تحويل قلوب وعقول أكبر عدد من المسلمين إلى المسيحية"...الهدف لا يزال هو الهدف، ولكنهم رأوا أن من الصعب أن يصلوا إلى الهدف بأسلوب من التعصب الأعمى والجهل بالإسلام، بل يتطلب الأسلوب العصري فهم الإسلام ومعرفته عن قرب، فليس الإسلام دينا ساذجاً وبسيطاً، بل دين عميق وغني، لذا فليس من السهل أبداً الصراع معه بأسلوب بدائي...هذه هي النتيجة التي انتهوا إليها بعد 27 عاماًً من إصدار المجلة.

في العدد نفسه نرى مقالة أخرى طويلة كتبها إدوين كافيرلي Edwin E.Calverley تحت عنوان (الإسلام: تفسير وتحليل) تحمل الاتجاه نفسه، فهو يقول إنه من الصعب جداً أو من المستحيل القيام بسل الإسلام وإخراجه من قلب المسلم في وقت تغلغل الإسلام في جميع مظاهر الحياة وساحاتها. آن الأوان لترك المقولات السطحية والجاهلة التي تدعي أن الإسلام قد انتشر بالسيف، لأنه ما دام الإسلام قد أعطى اليهود والمسيحيين وضع أهل الذمة ولم يجبرهم على اعتناق الإسلام إذن فمن الضروري إعادة تقييم الإسلام على ضوء الحقائق، وفي جو هادئ بعيد عن التشنج. وينهي مقالته بالقول:
"إن الإسلام يحيط بجميع شؤون الحياة، وهو يبدو أكثر جاذبية من أي دين آخر، فهو أكثر الأديان ***اً للثقة".
والخلاصة أن القائمين على المجلة بدءوا يدركون مدى صعوبة التنصير بين المسلمين.


http://www.almujtamaa-mag.com/Detail...sItemID=151110



المصدر http://www.fin3go.com/Malafat/Tnseer/Tn10.htm
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
التنصير


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع قصة أشهر مجلة تنصيرية مسيحية وهي مجلة (العالم الإسلامي The Muslim World)
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من هي أفضل 10 شركات في العالم حسب مجلة "فوربس"؟ Eng.Jordan أخبار اقتصادية 0 04-07-2016 09:18 AM
ليلة القدر... صباح الورد شذرات إسلامية 0 07-13-2014 10:16 AM
Prophetic Guidance in Dealing with Muslim and Non-Muslim Women Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 03-01-2013 08:04 PM
مجلة جامعة الملك عبدالعزيز: بحوث في الاقتصاد الإسلامي Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 12-24-2012 10:18 PM
مجلة فوربس الأمريكية تنشر نتائج تحقيق صحفي عن أغنى 15 دولة في العالم Eng.Jordan أخبار اقتصادية 0 11-09-2012 01:35 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:32 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59