ملتقى شذرات

ملتقى شذرات (https://www.shatharat.net/vb/index.php)
-   رواق الثقافة (https://www.shatharat.net/vb/forumdisplay.php?f=76)
-   -   إسبانيا في تاريخها.. المسيحيون والمسلمون واليهود (https://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=15083)

Eng.Jordan 07-04-2013 11:11 PM

إسبانيا في تاريخها.. المسيحيون والمسلمون واليهود
 
من المكتبة العربية.. إسبانيا في تاريخها.. المسيحيون والمسلمون واليهود*


صدر هذا الكتاب في منتصف القرن العشرين، وأثار في حينه جدلاً في ما خصّ تأثير الثقافة العربية في الهوية الإسبانية. وقد واجه مؤلفه (أميركو كاسترو) تحدياً، بتقديمه كتاباً خارج المألوف في الدراسات الإسبانية الإسلامية، أكثر ما تجلى في مفهومه، بأن الأحداث ليست التاريخ، بل هي مؤشر عليه، إذ هو باعترافه، «عبارة عن سلم القيم الذي يصبو إليه كل شعب».
في ضوء ما سبق يرسم المنهج الذي يسير فيه الكتاب، في إيقاعه شبه الملحمي الموائم للموضعة وحركية البحث، فضلاً عن العناوين المفعمة بالرموز، والمنضوية جميعاً في سياق متلوّن يصطخب فيه التاريخ بالشعر، في محاولة استبار دلالات، ليس يكتنه عمقها سوى أولئك الموغلين في هذا التراث بتراكماته وتعقيداته.
في العنوان الأول «إسبانيا أو تاريخ القلق» يذهب المؤلف عبر مقارنات إلى الجذور، رائياً إلى أن إسبانيا لم تكن غائبة عن العالم الأوربي، ولكنها مع ذلك اكتسبت ملامح خاصة، مختلفة عن تلك التي اتسمت بها إنجلترا وفرنسا، مصرحاً بأنه «عندما يتم تأمّل ذلك التاريخ، نجد هناك رغبة فيه لو أن الأحداث أخذت مساراً آخر عمّا هي عليه في الواقع.. لأن تاريخ إسبانيا كان مترعاً منذ قرون مضت، وحتى الآن بالرغبة في اللاحياة والهروب من النفس، وهنا نجد أفكاراً مثل العظمة والانحطاط لا تخدمنا كثيراً». ومن اللافت أنه يتوقف خصوصاً عند المرحلة «القشتالية» التي حسمت الوجود الإسلامي في إسبانيا، متوكئاً، لتسويغ وجهته، على قول ألونسو دي كارتاخينا: «إن قوة قشتالية لا تقوم في الأساس على دعائم مادية، بل على المآثر الروحية»، مما يفسر تراجع هذه البلاد أمام إنجلترا، على سبيل المثال، في وقت كان الملك البريطاني لا يعبأ إذا أشعل حروباً غير مقدّسة، لأن مصالحه فرضت عليه ذلك.
«الفضيلة» إذن، المستمدة من فوران العقيدة، كانت هاجس الإسبان الذين كرّسوا كل فكرهم وطاقتهم في محاربة المسلمين، ولكن هذه - خلافاً لرأي الكاتب - لا تدخل في منظومة القيم التي اختلت إبان الحروب القشتالية، لاسيما بعد سقوط غرناطة (1492). لعله يهرب من ذلك إلى العودة بعيداً في الزمن، إلى ما قبل السيطرة الإسلامية، متحدثاً عن «الصفوة» المعاصرة للغزوات الجرمانية، كأنه يريد إثبات عمق التراث الإسباني، وأن شبه الجزيرة الإيبيرية لم تكن خاوية عندما طرق بابها الإسلام، ولكنه في النتيجة ليس عدائياً في تأريخه للفاتحين الجدد، الذين «توسعوا بمرونة وهم يحملون على ظهورهم ميراثاً دينياً وسياسياً. وكذلك أصداء أفضل الثقافات الخاصة بالعالم القديم، وسرعان ما أعادوا الحياة إلى تلك الأصداء»، حسب تعبيره. «كما امتلك الأدب العربي - والكلام مازال له - منذ القرن السابع الميلادي ثروة هائلة من الأفكار ووسائل التعبير التي لا يمكن أن نجد لها مثيلاً في رومانيا» (الإمبراطورية الرومانية).
زعامات استثنائية
وإذا كان المسلمون لم ينجحوا في خلق بُنى سياسية صلبة، فإن قوتهم تجلّت في تعاقب زعامات استثنائية بهرت بانتصاراتها الكبيرة الجماهير المسيحية التي عاشت حياتها الطبيعية في ظل التسامح الذي بقي سمة الحكم الإسلامي في الأندلس حتى عهد المرابطين الذين يصفهم الكاتب بأنهم قبائل إفريقية متعصبة، قضت على شريحة اتسقت مع الحكم الإسلامي وتفاعلت حضارياً معه، تلك التي عُرفت بالمستعربين.
وهكذا يدين سطوع الأندلس (التسمية الغالبة في الأدبيات العربية)، لأولئك القادة الكبار من أمثال الثلاثي الأموي عبدالرحمن: الأول والثاني والثالث، فضلاً عن المنصور العامري، إلى حد بدا تاريخها غير منفصل عن تاريخهم في شتى أبعاده السياسية والحضارية. وكانت هذه نقطة القوة والضعف في آن، إذ مع غياب هذه النماذج، أخذ الحكم الإسلامي في التراجع والانحسار، ما أدى إلى ظهور دويلات الطوائف، ومن ثم تدخل القبائل الإفريقية، مدفوعة بدعوات سلفية فتحت، على الرغم مما حققته من الانتصارات، الباب على صراع طويل، خاضته القوى المسيحية تحت شعار «الاسترداد» الذي وضع حداً للنفوذ الإسلامي في إسبانيا في أواخر القرن الخامس عشر.
ولعل ما يثير الانتباه أن الكاتب يتخلى عن موضوعيته، أو جزء كبير منها، في هذا السياق، معترفاً بأن الذين تصدّوا للحكم الإسلامي، لم يعدموا حتى في حروبهم معه، تأثراً بالعديد من المبتكرات التي ابتدعها المسلمون، سواء على الصعيد المادي أو الإنساني، ويخلص إلى القول، بأن «إسبانيا العصور الوسطى هي نتيجة التوليف بين الإذعان، وموقف الإعجاب بعدو قوي»، وقد يبدو ذلك واضحاً بعد سقوط إشبيلية، عندما وقف الإسبان مبهورين أمام مئذنة المسجد، ويصرح أحدهم قائلاً: «يا للعظمة والجمال والبهاء الذي عليه.. وكذلك العديد من الأعمال التي لا تتوافر عندنا».
ومن مئذنة إشبيلية أنموذجاً، يتسع المجال للتعميم من خلال تساؤله (الكاتب): «أي غرابة في مطالبة اللغة والعادات والدين والفن والأدوات، وبعض الملامح الأساسية في الشخصية الإسبانية، بأن نضع في اعتبارنا كل هذه الفترة الطويلة (الحكم الإسلامي)؟ وفي محاولة الإجابة على ذلك يرى «أن إسبانيا المسيحية، لم تكن كياناً له وجوده الثابت والخاص به، ثم تعرض بعد ذلك للتأثير المؤقت للإسلام، وكأنه.. منهاج حياة من تلك الأزمنة الخوالي. فلقد تشكّلت.. وضمت في دائرتها الحياتية كل ما تمخض عن احتكاكها بالإسلام وتطعمت به».
ويضيف أيضاً: «إن أكثر السمات أصالة في المزاجية الإسبانية، تضرب بجذورها في أنماط حياة تشكّلت خلال تسعمائة عام من التعايش المسيحي الإسلامي - اليهودي».
وتحت عنوان «التراث الإسلامي والحياة الإسبانية»، يتوقف الكاتب عند العادات الاجتماعية التي اقتبسها الإسبان من المسلمين، فيصفها بالتقاليد الرفيعة، التي من الصعب فهم مدلولها، إلا من خلال السياق الإسلامي، ومن ذلك كلمة «تفضل»، مستشهداً بما ورد في ملحمة «السيد»، عندما أثنى الملك ألفونسو السادس على جواد «السيد» وفارسه.. «فما كان من البطل إلا أن أجاب - حسب التقاليد التي يمارسها المسلمون -: إني أقدمه لكم على سبيل الهدية». كما يتطرق الكاتب أيضاً إلى المفردات ذات الأصل العربي ودلالاتها، كالقول: «هذا بيتك»، الموجه للزائر، وهي مفردة لاتزال سائدة في البرتغال على سبيل الترحيب بالضيف، فيقال: «تصرف كأنك في بيتك»، إضافة إلى عبارات شائعة في شبه الجزيرة الإيبيرية مثل: «إن شاء الله» و«إذا أراد الله»، أو «تفضل بالغداء معنا» السائدة في القرى الأندلسية، أو «بالهناء والشفاء» التي يرددها أهل جيليقية، إلخ.
ولا يكتمل الحديث من دون التأكيد على التسامح الذي ألمح سابقاً إليه الكاتب، وقد امتازت به إسبانيا الإسلامية خلال معظم فتراتها، ما تجلى خصوصاً في موقف الأمير الأموي عبدالرحمن الثاني من حركة المستعربين المتطرفة في قرطبة، وكانت مُدانة من بطريرك إشبيلية الذي ترأس مجمع قرطبة الكنسي لمعالجة هذه الأزمة، فقد كان الإسبان، برأي الكاتب، «يعيشون تحت أفق التسامح الذي وضعه الإسلام، وأسسوا حياتهم على هذه القاعدة»، مستشهداً بآيات قرآنية عدة في هذا السبيل، من سورتي البقرة، ويونس.
مناخ حواري
ومن البديهي أن ينجم عن التسامح مناخ حواري، نجد صداه في كتاب خوان مانويل الذي يقتبس منه الكاتب نصاً مفعماً بالنفس القرآني، وقد ورد فيه: «على المسيحيين أن يلجأوا إلى الحكمة والموعظة، حتى يعتنق المور (المسلمون والإسبان) المسيحية، وألا يجبروهم على ذلك»، ولم يكن ما يثير الغرابة حينئذ أن يتلاقى مسيحي ويهودي ومسلم، فيتحاوروا «حواراً هادئاً لا تشدد فيه، ويقوم كل واحد منهم بعرض جوهر عقيدته»، كما ورد في كتاب رامون لول: «الوثني والعلماء الثلاثة». وتتسع دائرة هذا المفهوم، فلا تقتصر على الثقافة، عندما نجد «صورة المسلم» في مؤلفات ألفونسوا العالم، عدواً في السياسة وليس في الدين، إلا أن هذه الصورة تغيرت في القرن الرابع عشر، بعد فتور التسامح وابتعاد المسلمين عن دورهم، بديلاً ثقافياً، مع غزوات القبائل الإفريقية المتشددة للأندلس.
هذا التفاعل المباشر مع الإسلام الإسباني، كان من الطبيعي أن ترافقه مؤثرات غير مباشرة توغلت في مسام المجتمع بفعل تلك «التجربة الحميمة»، الراسبة في اللاوعي، على الرغم من أن تلك المظاهر «لا تفصح عن جذورها الإسلامية». ولكن اللغة العربية في النتيجة لن تجد صعوبة في الانتقال - حسب تعبير الكاتب - «من مفهوم يتعلق بشيء من الداخل إلى مفهوم يتعلق به الخارج، كذلك الانتقال من الذاتية إلى الموضوعية والعكس بالعكس». وإذا كانت اللغة تعكس شيئاً من نمط الحياة الاجتماعية لدى القشتاليين الذين يعتبرهم الكاتب نواة الأمة الإسبانية، حيث شاعت بعض مفرداتها في سلوكهم اليومي، فإن الموروث الإسلامي لم يكن خافياً في التعبيرات الإبداعية على مستوى الفن والأدب. وليست تخلو من ذلك ملحمتا «رولان» و«السيد» الشهيرتان، لاسيما الثانية التي تعصى - حسب الكاتب - على الفهم «من دون الاطلاع على ***** اللفظي الإسلامي». دائماً قشتالة تحتل مركز الضوء، مختزلة، أو تكاد، المسيحية الإسبانية، خصوصاً بعد الانتصار على الموحدين في معركة العقاب (1212م)، والتداعيات التي أعقبتها بسقوط قرطبة وإشبيلية، ما أحدث تغيراً في صورتها بالنسبة للمسلمين واليهود. قد انكشف الواقع حينئذ - برأي الكاتب - عن ضعف المخزون الغربي، «كما لم يكن هناك عدد كاف من الناس ليحل محل تلك الثقافة الإسلامية اليهودية. هذا ما دعا ألفونسو العاشر إلى بذل جهوده العظيمة في تشكيل ثقافة قشتالية من خلال «التاريخ الوطني»، ولم يكن ذلك ممكناً دون الاستعانة بترجمات عن اللاتينية والعربية والعبرية.
وفي هذا السياق يعقد الكاتب مقارنات مطوّلة في إطار ما يسمّيه «حالة مسيحية - إسلامية خاصة»، يتجلى فيها حضور بارز لابن حزم القرطبي، في كتابه «طوق الحمامة»، إذ هو برأيه، «نوع أدبي ليس له سابقة في الأدب الروماني»، أما فرادته، مسلماً، فتكمن في المواءمة بين الجنس والدين، الأمر الذي يستحيل تعايشه مع المسيحية، خصوصاً لدى كاتب مسيحي (خوان رويث)، في وصفه «الحب الجسدي بأنه جنون»، ولكنه، متأثراً بابن حزم، يعود إلى الالتقاء معه في أبيات تناقض قوله السالف.
ومنها ما يندرج في التصوّف والفلسفة. ودائماً ابن حزم في حضوره الأتم، ومعه خصوصاً خوان رويث «القشتالي» الذي عبثاً يحول التمايز عن «القرطبي»، فلا ينفك نصه مفعماً بتجليات الأخير، لاسيما في حديثه عن السيدة أندرينا التي «تجرح بسهام حبها عندما ترنو بعينيها».
أما اليهود الإسبان فهم غير اليهود الأوربيين، ذلك أن وظيفتهم الرئيسية، ليست منفصلة «عن ظروف التعايش والتلاحق مع التاريخ الإسباني الإسلامي»، حسب تعبير الكاتب. ويتخذ مثالاً على ذلك ابن ميمون، في استخدامه اللغة العربية، شأن الآخرين من المؤلفين أو المصنفين اليهود، وإن درجوا أحياناً على كتابتها بالحروف العبرية، رابطاً «تفوقهم على أقرانهم في أوربا، بتفوق الإسلام على المسيحية خلال الفترة من القرن العاشر حتى الثاني عشر». و«لولا احتكاكهم بالإسلام - يضيف - لما عنوا بالفلسفة الدينية»، متخذاً من الدلائل على قوله: «إن اليهود كانت لهم في إسبانيا فقط عمارة لها ملامحها الخاصة، بالرغم من أنها تقوم على أسس الفن الإسلامي». وباختصار، لم يكن تاريخ إسبانيا خلال خمسة قرون، من العاشر حتى الخامس عشر، إلا «سباقاً مسيحياً إسلامياً يهودياً»، ومن المستحيل - حسب رأيه - فصل هذه الفترة أو «وضعها في مسارات متوازية ومتوافقة زمنياً، فكل واحدة من هذه المجموعات السلالية الثلاث، كانت متأثرة وجودياً بالظروف التي عليها المجموعات الأخرى.. فالأحداث والأفكار، لن تكون ذات معنى إذا فصلناها عن الحياة التي كانت لها بمنزلة الشكل والتعبير».
قد لا يكون في هذا المنحى توصيف دقيق للحقيقة، على الرغم من حضور ثقافي لليهود، ربما تفوق على الحضور المسيحي، ولكن كليهما كان ملحقاً أو متأثراً على الأقل بحركة الثقافة العربية التي ظلت، حتى بعد انحسار النفوذ السياسي للمسلمين، ساطعة في إسبانيا، بما في ذلك الوقت الذي باتت الأندلس مختزلة بالمملكة الغرناطية الصغيرة.
وما أدرجه الكاتب عن دور بارز لليهود، لم يكن في مكانه المناسب من الضوء، إذ هو يحاول تعميم حالة قشتالة، حيث كان لليهود تمايز ما، لم يستو مع دورهم في الأقاليم الأخرى من إسبانيا.
هذا الكتاب المطوّل (725 صفحة) الذي يؤرخ لإسبانيا من خلال العناصر الثلاثة الرئيسية المؤثرة في تكوينها وتداعياتها، أي المسيحيين والمسلمين واليهود، لاشك أن الكاتب كاسترو بذل جهداً فائقاً في تقصّي مادته، فيما خص أدوار هؤلاء في البنيان الحضاري لإسبانيا القروسطية، في شتى جوانبها الأدبية والعلمية، وفي انعكاساتها على العهود الحديثة. ولعله كان أكثر تركيزاً على الأدب لاسيما الملحمي، عدا مقارنات لا تخلو من الإثارة في هذا المجال.
وإذا كان ما يشين هذا الكتاب، فهو بعض اختلال في المنهج، مفتقداً بذلك السياق المتين والترابط الانسيابي بين الأفكار، المتقطعة حيناً، والمتواصية في غير مكانها الطبيعي حيناً آخر. فقد شابه من هذا المنظور شيء من التعثّر، لم نستطع معه الإمساك تماماً بخيوط الدراسة، بدءاً من المقدمة، حتى الخاتمة التي جاءت مبتورة، ولا تكتنه روحية الدراسة ومداها الرحب.
ولعل الكاتب لم ينكر هذا التعثّر الذي وقع فيه وحال دون السيطرة على الزمام، مقراً بذلك في قوله: «إنني أدرك جيداً أن هذا البحث غير مكتمل، وتعتوره جوانب القصور، فقد عملت عليه وأنا بعيد عن مكتبات إسبانيا، لكنه محاولة لفك طلاسم الشكل الفريد لطريقة العيش الإسبانية من المنظور التاريخي، وهي طريقة مستكنة في سويداء القلب، كما يقول أصدقائي العرب».
قد لا تكون المسألة خاضعة للبعد عن المصادر التي اقتفى المؤلف ما يكفي منها لدراسة رصينة متكاملة، ولكن المسألة، وإن لم يقصر إزاء «أصدقائه العرب»، كانت في ارتباك السياق واختلال وحدة الموضوع، وفي الطلاسم التي احتاجت إلى دراية أكثر لفك رموزها.
بيد أنه من الظلم ألا نفي هذا الكتاب حقه، موسوعة أو ما يشبه ذلك، أرخت بإسهاب لنحو خمسة قرون من تاريخ إسبانيا الإسلامية، راصداً من خلالها الكاتب صور التفاعل الحضاري بين مكونات المجتمع، في محاولة ليست خافية لإظهار أن المسلمين ليسوا وحدهم على تلك المساحة، وإنما كان لليهود والمسيحيين إسهاماتهم المهمة أيضاً. ولعله من هذا المنظور، شاء أن يخترق المألوف في الدراسات، بما فيها الاستشراقية، التي قدمت المسلمين على أنهم ركيزة الحضارة، مؤثرين أكثر مما هم متأثرون في عالمهم الإسباني. ولكن كاسترو الذي أولى أهمية للأدب - منبهراً على الخصوص بابن حزم القرطبي - على حساب العلوم والفلسفة، لم يبدر منه ما يشي بالانحياز، وكان عموماً أقرب إلى الموضوعية.
-------------------------------------
* تأليف أميركو كاسترو، ترجمة علي إبراهيم منوفي، مراجعة حامد أبو أحمد، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة 2002.
** مؤرخ وأكاديمي من لبنان.





عرض: د. إبراهيم بيضون


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:22 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59