ملتقى شذرات

ملتقى شذرات (https://www.shatharat.net/vb/index.php)
-   أخبار ومختارات أدبية (https://www.shatharat.net/vb/forumdisplay.php?f=11)
-   -   معنى لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ وما اشتُقّا منه (https://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=54791)

عبدالناصر محمود 09-24-2018 08:34 AM

معنى لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ وما اشتُقّا منه
 
معنى لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ وما اشتُقّا منه*
ــــــــــــــــــ

14 / 1 / 1440 هــ
24 / 9 / 2018 م
ـــــــــــــ

https://pbs.twimg.com/media/DIY4ej9XkAELIoR.jpg


باب ذكر معنى لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ وما اشتُقّا منه
من كتاب الكتاب لسيبويه
=====



وإنما ذُكر ليبيَّن لك وجهُ نصبِه، كما ذُكر معنى سُبْحانَ الله.

حدّثنا أبو الخَطّاب أنّه يقال للرجل المداوِمِ على الشيء لا يفارِقه ولا يُقلِعُ عنه: قد أَلَبَّ فلانٌ على كذا وكذا. ويقال: قد أَسْعَدَ فلانٌ فلاناً على أمره وساعَدَه، فالإِلبابُ والمساعَدةُ دنو ومتابعة: إذا ألب على الشيء فهو لا يفارِقُه، وإذا أَسعده فقد تابَعَه. فكأَنّه إذا قال الرجلُ للرجل: يا فلانُ، فقال: لَبَّيك وسَعْدَيْك، فقد قال له: قُرْباً منك ومتابعة لك. فهذا تمثيل وإن كان لا يُستعمل فى الكلام، كما كان بَراءةَ الله تمثيلاً لسبحانَ اللهِ ولم يُستعمل.

وكذلك إذا قال: لَبَّيْك وسَعْدَيْك، يعنى بذلك الله عزّ وجلّ، فكأَنّه قال: أَىْ رب لا أنأى عنك في شيء تأمُرنى به. فإِذا فعَل ذلك فقد تقَرَّب إلى الله بَهواه.

وأمَّا قوله: وسَعْدَيْك فكأَنّه يقول: أنا متابعٌ أمرَك وأوْلياءَك، غيرُ مُخالِفٍ. فإِذا فعل ذلك فقد تابَعَ وطاوع وأطاع.

وإنّما حملَنا على تفسير لَبَّيْك وسَعْدَيْك لنوضِحَ به وجه نصبِهما؛ لأنَّهما ليسا بمنزلة سَقياً وحَمْداً وما أِشبه هذا. ألا ترى أنك تقول للسائل عن تفسير سَقيًا وحَمْداً: إنَّما هو سَقاك اللهُ سَقْيًا وأَحمدُ الله حَمْداً، وتقول: حَمْداً بدلٌ من أَحمدُ الله، وسَقيًا بدلٌ من سَقاك اللهُ. ولا تقدر أن تقولَ: أُلِبُّك لَبًّا وأُسْعِدك سَعْداً، ولا تقولُ: سَعْداً بدلٌ من أُسعِد، ولا لَبًّا بدلٌ من أُلِبُّ. فلمّا لم يَكُنْ ذاك فيه التمس له شيء من غير لفظه معناه كبراءةَ اللهِ، حين ذكرناها لنبيَّن معنى سُبْحانَ اللهِ. فالتَمستُ " ذلك " لَلبَّيْك وسَعْدَيْك واللفظ الذى أشتُقّا منه، إذ لم يكونا فيه بمنزلة الحَمْدِ والسَّقْى فى فعِلهما، ولا يَتصرَّفان تصرُّفَهما.

فمعناهما القربُ والمتابَعة، فمثّلتُ بهما النصبَ فى لبَّيك وسَعْدَيك، كما مثَّلتُ ببراءةَ النصبَ فى سُبْحانَ الله.

ومثل ذلك تمثيلُك: أُفَّةً وتُفَّةً، إذا سُئِلتَ عنهما، بقولك: أنتنًا لأنّ معناهما وحدَّهما واحد، مثلَ تمثيلك بَهْراً بتَبًّا، ودَفْراً بنتناً.
وأما قولهم: سبح ولبى وأفف، فإنهما أراد أن يُخبِرك أنَّه قد لَفظَ بسُبْحانَ اللهِ وبَلبَّيْك وبأُفَّ، فصار هذا بمنزلة قوله: قد دَعْدَعَ وقد بَأْبَأَ، إّذا سمعتَه يَلفظ بدَعْ وبقوله: بأَبِى. ويدلّك على ذلك قولهم: هَلَّلَ، إذا قال: لا إلهَ إلاّ اللهُ.

وإنَّما ذكرتُ هَلَّلَ وما أِشبهها لتقول قد لُفِظَ بهذا. ولو كان هذا بمنزلة كلّمتُه من الكلام، لكان سُبحانَ " اللهِ " ولَبَّ وسَعْدَ مصادرَ مستعمَلةً متصرَّفةً فى الجر والرَّفع والنصب والألف واللامِ، ولكن سَبَّحْتُ وَلبَّيْتُ، بمنزلة هَلَّلْتُ ودَعْدَعْتُ، إذا قال: دَعْ، ولا إله إلاّ الله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*ـ{مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية}
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:31 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59