التعليم و القضاء
التعليم و القضاء
ــــــــــــــــــــ *ـ يقولون : شيئان تنهض بنهوضهما الأمم ، وتنحطّ بانحطاطهما ، وهذان الشيئان هما : التعليم والقضاء . ـ وهذا القول صحيح إلى حدٍّ بعيد ، فنحن لا نعرف بلداً مزدهراً اقتصادياً ليس لديه تعليم جيّد ، كما أننا لا نعرف بلداً مزدهراً أخلاقياً ، لديه قضاء فاسد . ـ وإنّ نزاهة القضاء تأتي من شيئين أساسيين : الأول : دين القاضي وخلقه وورعه ، ومن هنا فإن التدقيق في اختيار القاضي والالتزام بما وضعه له الفقهاء من مواصفات يعدّ شيئاً جوهرياً للغاية . ـ ومن المؤسف أنّ بعض البلدان الإسلامية لا تهتمّ بهذا الأمر إلى درجة أنّ بعض قضاتها لا يصلحون بالمعيار الفقهي لأن يكونوا شهوداً فضلاً عن أن يكونوا قضاة ! ـ إنّ المغريات التي يواجهها القاضي هائلة وإذا لم يكن متمتّعاً بدرجة عالية من التدين وخوف الله ـ تعالى ـ فإن من السهل عليه أن يستجيب للإغراء ، ويضيِّع بالتالي حقوق الناس . الثاني : استقلالية القضاء وتوسيع سلطات القاضي وحماية الأحكام التي يصدرها ، على ما كان معهوداً أيام إقبال الحضارة الإسلامية . ـ إن من المهم جداً أن يشعر الضعيف والمظلوم أنه قادر على الوصول إلى حقه من غير عَنت ولا مماطلة ، كما أنّ من المهمّ أيضاً أن يشعر الناس جميعاً أنه لا أحد فوق حكم الشرع ، ولا أحد فوق حكم القاضي ، وأنّ من يفكر في إشاعة الفوضى القانونية يجد من يقف في وجهه ويجعله يدفع الثمن غالياً . ـ ويعلِّمنا رسول اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ـ أن الازدواجية في تطبيق الأحكام والنظم والعقوبات والحدود كانت سبباً في هلاك بعض الأمم واستئصال شأفتها حيث يقول : (( إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا يقيمون الحدّ على الوضيع ، ويتركون الشريف ؛ والذي نفس محمّد بيده لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها )) . ـ إنّ على الناس أن يساعدوا القضاة على القيام بواجبهم ، كما أنّ في إمكان الدول والحكومات أن تساعد القضاة على الاستقامة وعلى تحرّي الحقّ في إصدار الأحكام ، وذلك من خلال إيجاد تشريعات تُلزم القضاة بنشر التفاصيل المتعلّقة بسير الدعوى وحيثيات الحكم ، وذلك في القضايا التي تثير الجدل ، أو يشكو بعض الناس من الغبن والظلم الذي لحقهم فيها . ـ وهذا الأمر عظيم الفائدة على مستوى نزاهة القضاء وفاعليته واستقلاليته ، وعظيم الفائدة على صعيد إشاعة الثقافة الحقوقية والقانونية . (*) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) ـ من أجل الدين والأمة ـ ــ د/ عبد الكريم بكار ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 06:08 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع