ملتقى شذرات

ملتقى شذرات (https://www.shatharat.net/vb/index.php)
-   علوم وتكنولوجيا (https://www.shatharat.net/vb/forumdisplay.php?f=19)
-   -   نظم بيئية على شفا هاوية (https://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=18483)

Eng.Jordan 11-21-2013 12:54 PM

نظم بيئية على شفا هاوية
 

نظم بيئية على شفا هاوية(*)
يدرس العلماء الشبكاتِ الغذائية ونقاط تحولها، من أجل الحفاظ على قناديل البحر والفطريات وغيرها من المخلوقات، من التجاوزات الصحية التي تحدث في بيئاتها.

<.C زيمر>



باختصار

الشبكات الغذائية معقدة، ولكن يمكن للنماذج الرياضياتية أن تكشف عن روابط حرجة يمكن عند اضطرابها أن تسبب انهيارا أو انقلابا في الشبكات الغذائية إلى حالة مختلفة متضمنة الانهيار.
فبمجرد أن تنقلب الشبكات الغذائية، من غير المحتمل على الأغلب أن تعود إلى حالتها الطبيعية.
وتظهر التجارب في بحيرتي پيتر وپاول قرب حدود ميتشيگان-ويسكونسين، أنه يمكن للنماذج الرياضياتية التنبؤ بالانقلاب قبل حدوثه متيحة الفرصة لعلماء البيئة لتغيير النظام البيئي وسحبه بعيدا عن الهاوية.



تقع بحيرة پيتر داخل غابة مابل، بالقرب من حدود ويسكونسين-ميتشيگان. في أحد أيام الشهر 2008/7، وصلت مجموعة من العلماء وطلبة الدراسات العليا إلى البحيرة، بقيادة .S< كاربنتر> [عالم البيئة بجامعة ويسكونسين-ماديسون] حاملين بعض الأسماك. وقامت المجموعة البحثية بإلقاء اثنتي عشرة سمكة قاروس(1) من ذوات الفم الكبير، الواحدة تلو الأخرى في مياه البحيرة، ومن ثم، عادوا أدراجهم تاركين وراءهم مِحسات sensors تقيس صفاء المياه كل خمس دقائق على مدار اليوم.

في عام 2009 كرر العلماء الرحلة نفسها مرتين أخريين؛ جرى خلال كل رحلة إلقاء خمس عشرة سمكة قاروس في مياه البحيرة. ومرت شهور ودارت الحياة في البحيرة عبر الفصول، تجمدت البحيرة ثم ذابت وعادت الحياة لتزدهر فيها. وفي صيف عام 2010، تغيرت بحيرة پيتر بشكل جذري. وقبل أن يبدأ العلماء تجربتهم، كانت البحيرة تعج بأسماك المنوة الكبيرة الرأس(2) والزريعة(3) والأسماك الأخرى الصغيرة. والآن أصبحت تلك الحيوانات المفترسة نادرة بعد أن كانت مهيمنة في الماضي، حيث إن الجزء الأكبر منها قد افتُرس من قبل أسماك القاروس الكبيرة الفم. وقد اختبأ عدد قليل منها في المياه الضحلة. كما ازدهرت وتحررت براغيث المياه والحيوانات الأخرى الدقيقة التي كانت غذاء للأسماك الصغيرة. ونظرا لتغذي هذه الحيوانات الدقيقة بالطحالب، فقد أصبحت مياه البحيرة أكثر صفاء. وقد استقر النظام البيئي على حاله الجديد بعد عامين من بدْء التجربة.

انقلبت الشبكة الغذائية في بحيرة پيتر متغيرة من نظام قديم استمر لفترة طويلة إلى نظام آخر جديد. أثار التحول العالم <كاربنتر>، كجزء من التجربة التي يجريها عن العوامل التي تؤدي إلى تغيرات دائمة في المفترسات، والفرائس التي تتغذى بها. وفي العقود الأخيرة، عانت الشبكات الغذائية غالبا في جميع أنحاء العالم تقلباتٍ غير متوقعة على نطاق واسع. يهيمن قنديل البحر(4) الآن على المياه الواقعة قبالة سواحل ناميبيا. كما تجتاح القواقع والفطريات الجائعة المستنقعات الساحلية في ولاية كارولينا الشمالية، مما أدى إلى تحللها. وتنتشر سرطانات البحر(5) في شمال غرب المحيط الأطلسي في حين تتناقص أسماك القد(6) هناك.

لقد تَسبَّبَ الإنسان في ضغوط هائلة على النظم البيئية في العالم، سواء عن طريق الصيد الجائر وتحويل الأرض إلى مزارع ومدن، أو رفع درجة حرارة كوكب الأرض. ونتيجة لذلك، يتوقع علماء البيئة كثيرا من التقلبات في الشبكات الغذائية في السنوات القادمة. تَوقُّع هذه التغيرات المفاجئة ليس بالأمر الهين، بسبب تعقد الشبكات الغذائية.


من هنا تأتي أهمية ما يقوم به <كاربنتر> مستفيدا من البحث البيئي لمدة ثلاثين عاما في بحيرة پيتر. طور <كاربنتر> وزملاؤه نماذج رياضياتية للشبكات البيئية سمحت لهم بالتقاط إشارات إنذار مبكر عن التغير القادم قبل خمسة عشر شهرا من انقلاب الشبكة الغذائية. يقول <كاربنتر>: «يمكننا رؤية التغير قبل حدوثه بوقت طويل.»

وبمساعدة هذه النماذج، بدأ <كاربنتر> وعلماء آخرون فهمَ بعض من القوانين التي تحدد ما إذا كانت الشبكة الغذائية ستظل مستقرة أو ستعبر عتبة تؤدي إلى تغير جذري. يأمل العلماء في استخدام معرفتهم بتلك القوانين لمراقبة حالة النظم البيئية، ومن ثم تمكنهم من تحديد المعرَّض منها لخطر الانهيار. ومن الناحية المثلى، يُخبرنا نظام الإنذار المبكر متى علينا تعديل الأنشطة البشرية التي تدفع النظام البيئي ناحية الانهيار أو من شأنها أن تسمح لنا حتى بدفع النظم البيئية بعيدا عن حافة الهاوية. يقول العلماء: «الوقاية خير من العلاج هي المفتاح» لأنه ما أن تصل النظم البيئية إلى نقطة التحول، فإنه من الصعب عودتها مرة أخرى إلى الوضع الأصلي.

مفترسات رياضياتية(**)

يُبنى عمل <كاربنتر> على قرن من الأبحاث الأساسية لعلماء البيئة، الذين سعوا إلى الإجابة عن سؤال بسيط: لماذا تبقى أعداد الأنواع المختلفة من الكائنات الحية على ما هي؟ لماذا، على سبيل المثال، تُوجَد أعداد كبيرة من الذباب وأعداد قليلة من الذئاب؟ ولماذا تختلف أعداد الذباب اختلافا كبيرا من عام إلى عام آخر؟ وللإجابة عن هذا السؤال، بدأ علماء البيئة برسم شبكات غذائية، متضمنة من يتغذى بمن ومقدار ما يتناوله كل منهم. والشبكات الغذائية قد تشمل عشرات ومئات أو آلافا من الأنواع، ونظرا لتعقد الشبكات الغذائية فقد تحول ما رسمه العلماء إلى مخططات لا معنى لها.

ولفهم الشبكات الغذائية المتداخلة التي لا معنى لها، قام علماء البيئة بتحويل الشبكات الغذائية إلى نماذج رياضياتية. وشكّل العلماءُ لكل نوع معادلةَ نموٍ وذلك من خلال ربط معدل تكاثر هذا النوع بكمية الغذاء التي يمكنه الحصول عليها، وكم يمكن افتراسه من هذا النوع من قِبل أنواع أخرى. ونظرا لأن جميع تلك المعامِلات (المتغيرات) يمكن أن تتغير، فإن حلّ المعادلات، حتى من أجل شبكات غذاء بسيطة، مهمة قاهرة. ومؤخرا، لحسن الحظ، مَكَّن انتشار الحواسيب السريعة والرخيصة الثمن علماءَ البيئة من إجراء محاكاة للعديد من الأنواع المختلفة للنظم البيئية.


وبفضل ذلك، استطاع علماء البيئة اكتشاف العديد من المبادئ الأساسية الفاعلة في الشبكات الغذائية الحقيقية. وتتألف معظم الشبكات الغذائية - على سبيل المثال - من العديد من الحلقات الضعيفة مقارنة بعدد قليل من الحلقات القوية. ويرتبط كل نوعين ارتباطا وثيقا إذا كان بينهما الكثير من التفاعل، مثل الحيوان المفترس الذي يتغذى باستمرار بأعداد هائلة من نوع واحد من الفرائس. وفي الأنواع الضعيفة الترابط، يتغذى المفترس بين الحين والآخر بأنواع مختلفة. ويهيمن على الشبكات الغذائية الكثير من الحلقات الضعيفة لأن هذا الترتيب هو الأكثر استقرارا على المدى البعيد. لو تمكن حيوان مفترس من التغذي بأنواع مختلفة، فهذا يمكنه من النجاة في حالة انقراض واحد من هذه الأنواع التي يتغذى بها. وإذا استطاع الحيوان المفترس التغذي بنوع آخر يسهل العثور عليه في حالة ندرة الفريسة الأصلية فهذا يمكّن النوع الأصلي (الفريسة) من زيادة أعداده. وهكذا، فالحلقات الضعيفة تحافظ على الأنواع من دفع بعضها البعض ناحية الانقراض. وكما يقول <.K مك كان> [عالم البيئة بجامعة جويلف في أونتاريو]: «يمكنك رؤيتها مرارا وتكرارا.»

كشفت النماذج الرياضياتية أيضا عن نقاط ضعف في الشبكات الغذائية، حيث تؤدي التغيرات الصغيرة إلى تأثيرات كبيرة في النظم البيئية برمتها. فعلى سبيل المثال، في عام 1960 اقترح العلماء أن الحيوانات المفترسة التي تحتل قمة الشبكة الغذائية تمارس قدرا مثيرا من التأثير في عدد الأنواع الأخرى، بما في ذلك الأنواع التي لم تهاجمها بصورة مباشرة. وقد قُوبلت فكرة سيطرة جزء صغير من الحيوانات في قمة السلسلة الغذائية على العدد الأكبر في قاعدة النظام البيئي بالشك. وبات من الصعب معرفة كيف يكون لعدد قليل من الحيوانات المفترسة في قمة الشبكة مثل هذا التأثير الكبير في بقية الشبكة الغذائية الخاصة بهم.

ولكن بعد ذلك بدأنا نحن البشر بإجراء تجارب غير مخطط لها وضعت السلسلة الغذائية المتعاقبة على المحك. ففي المحيط، بدأنا بصيد الحيوانات المفترسة الموجودة على قمة السلسلة مثل سمك القد على نطاق تجاري، بينما على اليابسة، قمنا بقتل المفترسات الكبيرة مثل الذئاب. كما أدخلنا الأنواع الغازية مثل الفئران إلى الجزر، وقدمنا مجموعة متنوعة من الصدمات الأخرى للنظم البيئية في العالم. وبررت نتائج هذه الإجراءات الدور الرئيس للحيوانات المفترسة والآثار المتعاقبة لها من قمة السلسلة الغذائية إلى قاعدتها.

أدرك علماء البيئة كما كان متوقعا الآثار الهائلة على شبكات الغذاء للتغيرات في بعض الحيوانات المفترسة. فقد أدى ذبح الذئاب في متنزه يلوستون الوطني إلى زيادة كبيرة في أعداد الأيائل(7) والحيوانات العشبية(8) الأخرى. تغذت الأيائل بأوراق وأشجار الصفصاف(9) والحور الموجودة مما أدى إلى القضاء على العديد من الأشجار. وبالمثل، دمر الصيادون أعداد المحار(10) والقواقع قبالة سواحل شرق الولايات المتحدة، دون ترك واحدة. وجرى أيضا قتل أعداد هائلة من أسماك القرش، مما سمح للأسماك الصغيرة التي كانت تفترسها القروش بالتغذي والازدهار. كما أدى الازدهار الكبير لأسماك أنف البقرة(11) وتغذيها بالمحار في القاع إلى تناقص المحار والأسقلوب scallop.

التبديل المثبت(***)

أصابت هذه التقلبات علماء البيئة بالدهشة. وقد أدرك العلماء أهمية التنبؤ بأن الشبكة الغذائية سوف تتغير بشكل جذري لأنه ما أن يحدث ذلك فغالبا ما تستمر، ومن الصعب إرجاع الشبكة الغذائية إلى حالتها الأصلية. وكما يقول عالم البيئة <.V كريستنسن> [من جامعة كولومبيا البريطانية]: «حقا، العودة أمر صعب للغاية.»

وعلى سبيل المثال، انهارت مصايد أسماك القد في بداية تسعينات القرن الماضي بشمال غرب المحيط الأطلسي. وتعتبر أسماك القد مفترسات نهمة، وعلى ذلك، تَسَبب اختفاؤها في زيادة رهيبة لأعداد فرائسها، بما في ذلك أنواع من الأسماك الصغيرة، وجراد البحر(12) الصغير والسرطانات الثلجية. وفي محاولة لاسترداد أسماك القد، وضع المسؤولون قيودا صارمة على صيدها أو حتى حظر صيدها تماما. وأوضحت النماذج الرياضياتية أنه إن تركت هذه الأسماك من دون تدخل، فإنها ستكون قادرة على وضع البيض والنمو بسرعة كافية تسمح بإعادتها إلى وضعها الأصلي.


تفاعلية الشبكات الغذائية

قليل من أسماك القرش والأسقلوب(****)
بعد الظن لعقود في أن الشبكات الغذائية مهيكلة من القاعدة إلى القمة، وجد الباحثون سيطرة الحيوانات المفترسة في كثير من الأحيان على السلسلة الغذائية بطريق مباشر أو غير مباشر. وأوضحت دراسة أجرتها <.J جولي>، التي تعمل الآن في جامعة فيكتوريا بكولومبيا البريطانية، وغيرها، أن الصيد الجائر لأسماك القرش الكبيرة (تظهر باللون الأزرق) قبالة شرق الولايات المتحدة سمح للمستوى الأوسط من الحيوانات المفترسة (تظهر باللون الأخضر) بزيادة أعداده، وخاصة أسماك أنف البقر(13). وقد أدى ازدياد هذه الأنواع إلى استنزاف أنواع معينة من المحار (اللون الأصفر) خاصة الأسقلوب الخليجي(14). ومن خلال تطبيق حظر على صيد أسماك القرش يمكن أن نتيح لهذه الأسماك فرصة التعافي مما يسبب نقص أعداد أسماك أنف البقرة، ومن ثم السماح للأسقلوب بالازدهار مرة أخرى.




كانت التوقعات تشير إلى 5 - 6 سنوات ليتم التعافي، كما يقول <.K فرانك> [الباحث في علوم البحار والمصايد بمعهد بيدفورد لعلوم البحار بكندا] والذي يدرس مصايد أسماك القد قبالة ساحل نوڤا سكوتيا ونيو فاوندلاند. وكانت التوقعات خاطئة، فبعد مرور ست سنوات، لم تُظِهر أسماك القد أي إشارة على التعافي. وبدلا من ذلك، قلت أعدادها بنسبة ضئيلة مقارنة بأعدادها قبل الانهيار.

القطع غير المتعمد:
أدى قتل الذئاب الرمادية من حديقة يلوستون الوطنية إلى ازدياد هائل في أعداد ظباء الإلكة، والتي تتغذى بأوراق الحور، مما أدى إلى موت العديد من الأشجار الصغيرة.

استطاع <فرانك> وزملاؤه اكتشاف السبب، حيث اعتمدت التقديرات الأولية فقط على سرعة تكاثر أسماك القد، وليس على بنية الشبكة الغذائية ككل. وتتغذى أسماك القد البالغة بأسماك الإسبرط(15) والكابلين والفرائس الأخرى التي تعرف بشكل عام بالعليقة(16) والتي تتغذى بدورها بحيوانات شديدة الصغر تعرف بالهائمات الحيوانية، وأيضا ببيض ويرقات(17) سمك القد نفسه.

قبل أن تتعرض أسماك القد للصيد الجائر كانت تسيطر على أعداد الأسماك العليقة، فلا تستطيع الأخيرة أن تلتهم أعدادا كبيرة من بيض ويرقات أسماك القد فتشكل خطرا عليها. ولكن الإنسان قلب الطاولة، عندما تسبب في انخفاض أعداد سمك القد، فزادت أعداد أسماك العليقة التي تستهلك عددا كبيرا من صغار سمك القد دون أن يصطادها الإنسان، ومن ثم لم تعد أسماك القد قادرة على التعافي.

الآن فقط بدأ <فرانك> وزملاؤه برؤية إشارات على حدوث تعافي للنظام. فبعد أن انخفضت أعداد أسماك القد إلى ما يصل إلى ثلاث في المئة قبل الانهيار، ارتفعت في السنوات الأخيرة إلى ثلاثين في المئة. والسبب في ذلك، كما يقول <فرانك>، هو الزيادة الرهيبة في أعداد السمك العليق إلى الحد الذي لم تعد فيه مصادرها الغذائية كافية، ومن ثم بدأت بالتناقص. وأعطى ذلك فرصة أكبر لبيض ويرقات أسماك القد للوصول إلى مرحلة البلوغ. وإذا استطاعت أسماك القد استعادة أعدادها السابقة فستتمكن من الحفاظ على أعداد أسماك العليقة منخفضة مرة أخرى. يقول <فرانك>: «مع أن هذا هو الطريق الذي تسير عليه الفرائس والمفترسات داخل النظام البيئي إلا أنه قد يحدث الكثير من المفاجآت لأن هذه النظم البيئية شديدة التعقيد.»

وسوف تواصل الشبكات الغذائية تقلباتها حول العالم. ويرجع ذلك في بعضه إلى القطع الجائر وصيد الأسماك، والبعض الآخر لأسباب أخرى. على سبيل المثال، أصبحت الأسماك الشبيهة بالأسد(18) المتوطنة بالمحيط الهادي شعبية كالحيوانات الأليفة في الولايات المتحدة، ولكن ملاك الساحل الشرقي بدؤوا بإلقائها في المحيط الأطلسي، ومن ثم صارت تهدد الشعاب المرجانية(19) بالكاريبي. تتغذى هذه الأسماك بالفرائس الصغيرة، والتي توقع علماء البيئة أن ذلك سوف يخفض عدد الحيوانات المفترسة الأصلية، بما في ذلك أسماك القرش. وتؤدي التغيرات المناخية أيضا دورا في تعديل الشبكات الغذائية، من خلال تعديل أعداد الكائنات المفترسة وفرائسها. وبغض النظر عن المسبب في تغييرات الشبكات الغذائية، فقد تدفع هذه التغييرات بالنظم البيئية إلى مراحل كبيرة يصبح من الصعب جدا إعادتها إلى وضعها الأصلي.

الإنذار المبكر يمنع تدهور النظم البيئية(*****)

يرى بعض العلماء أن منع الشبكات الغذائية من التغيير هو استراتيجية أكثر فعالية من محاولة استعادة تلك التي تعرضت للانقلاب. ويعتقد هؤلاء العلماء أن درهم وقاية بيئية خير من قنطار علاج. طور <كاربنتر> وزملاؤه نظاما للإنذار المبكر يمكن أن يكشف عن الانقلابات البيئية التي على وشك الحدوث، ويقدم بعض التوجيهات حول كيفية استعادة النظام البيئي من نقطة التحول.

يقول <كاربنتر>: «اعتقد علماء البيئة دائما أنه من غير الممكن التنبؤ بهذه التغييرات». ولهذا السبب، بدأ <كاربنتر> وزملاؤه منذ ثماني سنوات بوضع معادلات تبين عمل النظم البيئية. وتشتمل هذه المعادلات على متغيرات لعوامل عديدة مثل معدل تكاثر الأنواع، ومعدل تغذية نوع بنوع آخر. لقد أنتجت هذه المعادلات نماذج لنظم بيئية يمكن أن تصل إلى نقطة اللاعودة، حيث تنقلب فجأة إلى حالة جديدة، تماما كما يتم في النظم البيئية الحقيقية.

يمكن للعلماء أيضا ملاحظة أنماط خفية مميزة تتطور ببطء قبل فترة طويلة من التغير الفجائي الظاهر للنظم البيئية، ويمكن تخيلها بالهدوء الذي يسبق العاصفة. وأحد هذه الأنماط التي ظهرت، على سبيل المثال، عندما يضطرب النظام البيئي بسبب تغير مفاجئ في درجات الحرارة أو تفشي مرض، فإنه يأخذ وقتا أطول من المعتاد ليعود إلى حالته الطبيعية. وكما يقول <.M شيفر>، [وهو عالم بيئة في جامعة واگينينگين بهولندا، الذي عمل مع <كاربنتر> على نظم الإنذار المبكر]: «إذا اقترب النظام البيئي من نقطة التحول فإنه يأخذ زمنا أطول للتعافي من الاضطرابات.»

اختبر <شيفر> و <كاربنتر> وزملاؤهم نماذجهم بمجموعة من التجارب. وقد أُجريت بعض من هذه التجارب في أماكن ومختبرات محكمة السيطرة. كانت تجربة <كاربنتر> في بحيرة پيتر هي المرة الأولى لإخضاع نظام الإنذار المبكر للاختبار في النظام البيئي الطبيعي. وبمجرد أن بدأ العلماء تجربتهم على بحيرة پيتر حتى بدأت التسجيلات اليومية لكل من الهائمات الحيوانية والنباتية، والأسماك في المياه. كما قام الفريق العلمي بمراقبة بحيرة پاول القريبة والمتشابهة في الحجم، والتي لم يحدث بها أي تغيرات. ويدل ظهور التغيرات في كلتا البحيرتين على أنها ناتجة من عوامل خارجية خاصة بالمناخ. وفي صيف عام 2009، بدأ العلماء برصد ارتفاع وانخفاض في مستويات الكلوروفيل في بحيرة پيتر. وقد تطابقت الخطوط البيانية لبحيرة پيتر مع الأنماط التي يبديها النظام البيئي قبل انقلابه في نماذج <كاربنتر>، في حين لم تبدِ بحيرة پاول أي تغييرات مماثلة.

يأمل <كاربنتر> وزملاؤه تطوير نظم مراقبة قادرة على الكشف في نظام بيئي عن التقلبات الشبيهة التي تنذر بتغيرات وشيكة الحدوث في نظم بيئية أخرى، من الأراضي الرطبة إلى الغابات إلى المحيطات. ويقول <شيفر>: «هناك العديد من الجوانب العويصة، لكنها تعمل فعلا.»

يقوم <كاربنتر> بتطوير نظام إنذار مبكر يمكن أن يكشف عن زمن انقلاب الشبكات الغذائية، ويوفر إرشادات لإعادة سحبها بعيدا عن الهاوية.

والهدف الرئيس، بالطبع، هو أن نعرف متى ندفع النظام البيئي إلى حافة الهاوية، حتى نتمكن من وقف ذلك. ولاختبار هذه الفكرة، أجرى <كاربنتر> تغييرات في بحيرة پيتر مرة أخرى. وبدلا من إضافة الحيوانات المفترسة الموجودة في قمة السلسلة البحرية، قام <كاربنتر> هذه المرة بإضافة الأسمدة التي ستؤدي على الأرجح إلى ازدهار الطحالب. وهذا بدوره سوف يؤدي إلى تغييرات في جميع أنحاء النظام البيئي للبحيرة. ويتوقع <كاربنتر> أن أعداد الكثير من الأسماك الكبيرة – بما فيها سمك القاروس الكبير الفم - ستتناقص بشكل كبير وتبقى عند مستوياتها الدنيا. وكذلك يتوقع <كاربنتر> الحصول على إشارات تحذيرية عن هذه التغييرات قبل أشهر من حدوثها، على هيئة تذبذبات في مستويات الكلوروفيل وغيرها من الأنماط الدقيقة. وبمجرد أن يرى <كاربنتر> تلك الإشارات، سيتوقف عن تزويد البحيرة بالأسمدة الإضافية. وإن صحت توقعات <كاربنتر>، سوف يعود النظام البيئي إلى حالته الطبيعية بدلا من الانقلاب. وللمقارنة، سوف يضيف <كاربنتر> الأسمدة إلى بحيرة الثلاثاء Tuesday lake القريبة، ولكنه لن يوقف التزويد بالأسمدة كما سيفعل ببحيرة پيتر. ومرة أخرى سوف يترك <كاربنتر> بحيرة پول دون أي تجارب، لتكون عنصرا شاهدا (ضابطا).

ويعتقد <كاربنتر> متفائلا بأن الإنذار المبكر، الذي يقوم بتطويره، لن يعمل فقط في البحيرات المعزولة ولكن أيضا في أي نظام بيئي آخر، وذلك بفضل الطريقة التي تُنظم وفقها الشبكات البيئية. ومع ذلك، لا يعني النجاح أن التنبؤ بانقلاب النظام البيئي سيكون أكيدا. فالمعادلات التي وضعها <كاربنتر> وزملاؤه تشير إلى أن بعض الاضطرابات ستكون شديدة وسريعة إلى درجة أنها لن تتيح الوقت لعلماء البيئة ملاحظة الكارثة القادمة. ولهذا يقول <كاربنتر>: «سوف تستمر المفاجآت على الرغم من أن نظام الإنذار المبكر يتيح الفرصة لتوقع بعض المفاجآت قبل وقوعها.»




المؤلف
Carl Zimmer


<زيمر> كاتب في الصحيفة «نيويورك تايمز»، ألّف وشارك في تأليف عشرات الكتب مثل: التطور وفهم الحياة، الذي شارك في تأليفه مع عالم البيولوجيا <.J .D إملين.>


http://www.oloommagazine.com/Images/...imm01_opt.jpeg
مراجع للاستزادة

Human Involvement in Food ***s. Donald R. Strong and Kenneth T. Frank in Annual Review of Environment and Resources, Vol. 35, pages 1–23; November 2010.
Trophic Cascades: Predators, Prey, and the Changing Dynamics of Nature. Edited by John Terborgh and James A. Estes. Island Press, 2010.
Food ***s. Kevin S. McCann. Princeton University Press, 2011.
Scientific American, October 2012


(*) ECOSYSTEMS ON THE BRINK
(*) MATHEMATICAL PREDATORS
(***) THE STICKY SWITCH
(****) EARLY WARNING PREVENTS COLLAPSE
(1) bass
(2) fathead minnows
(3) pumpkinseeds
(4) jellyfish
(5) lobsters
(6) cod
(7) elk
(8) herbivores
(9) aspen leaves
(10) oyster
(11) cownose
(12) capelins
(13) sprats
(14) forage fish
(15) larvae
(16) lionfish
(17) coral reefs














http://www.oloommagazine.com/Images/none.gif


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:17 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59