ملتقى شذرات - هل استغليت وجودها ؟؟

هل استغليت وجودها ..؟
لم تكن لدي الرغبة الكافية في الدخول إلى تلك المحاضرة، وقد تراكمت أسباب ذاك الجنوح عن حضورها ربما لأنني أجد الصعوبة في فهم المادة واجهل الكثير من أجزائها، أو ربما العيب في توقيتها الذي كان في نظري القاصر لا يصلح إلا للنوم، ولكن يغلبني اليقين بأن الخلل كان في ذاتي !! فلا المادة كانت بتلك الصعوبة ولا الوقت كان غير ملائم لأن من لدية رغبة في الإنجاز يكون على دراية بأن الإنجاز يأتي في أي وقت.
المهم ... دخلت المحاضرة وكنت أشعر برهبة شديدة لأنها كانت الأولى، ولكن ! بمجرد أن دخل الأستاذ واسترسل في الحديث معنا وتنوعت المواضيع وجدت أن الرحالة بدأت تدب لأوصالي شيئاً فشيأً
وقد أدركت بالفعل من تلك المحاضرة بان الإنسان قد يتحدث بالكلمات ربما لا يلقي لها بالاً، ولكن تفعل بنفس الآخرين الأفاعيل... حقاً هذا ما حدث معي حين تطرق الأستاذ إلى مواضيع شتى فسأل احد زملائي قائلاً هل والدتك على قيد الحياة ؟؟ فأجابه زميلي على الفور بنعم. هنا شرد أستاذي بذهنه للحظة ، لا أدري هل فكر ملياً قبل أن يقول تلك الكلمة التي نطق بها، أم أن الذكريات حلقت به إلى أيام مضت، إلى هناك حيث كانت أمه !! وبعد تحاور عميق بين عقله الباطن وبين عيون ترقرق الحنين فيها وابتسامة علاها الشوق أخفت كل ملامح الحزن بداخله، قطع الصمت بكلماته قائلاً يا شباب من كانت أمه على قيد الحياة فليستغل وجودها ... استغلوا وجودها يا شباب.
كلمة أصابت في القلب مكانها، واستمر أستاذي في شرح باقي المحاضرة التي واللهِ لو لم يقل فيها غير تلك الكلمة لكفت.
وانتهى وقت المحاضرة وأصبحت تلك الكلمات صداها يرن في أذني وتتردد على بالي مراراً وتكراراً... وفي كل لحظة استوقف نفسي وأسألها هل استغليت وجود أمي الاستغلال الحقيقي !!! بل ماذا قدمت لامي ! أهي راضية ولو بالقدر القليل عني؟
أنت أنت وجه السؤال لعقلك لقلبك لذاتك، هل استغليت وجود أمك؟ ماذا لو فتحت عينيك ذات يوم لتجد حياتك قد خلت من أمك.. ما مقدار الحسرة التي ستشعر بها على أوقات ذهبت من عمرك دون أن تستغلها في القرب منها والبر بها ! هل تدري وقتها قيمة الشيء الثمين الذي فقدته ؟؟ أتدري أيها ****** لحظتها تتمنى لو أن أمك تعود للحياة ولو لبرهة لكي تخبرها بأشياء وأشياء لطالما كانت حبيسة فؤادك، ربما تتمنى أن تقول لها كلمة واحدة أمي سامحيني، ولكن للأسف وقتها لا ينفع التمني..
لا تقنط ولا تتحسر فربما لم يفتك الوقت بعد فالجنة لا تزال فاتحة باب البر بمصراعيه أمام عينيك، وما عليك إلا محاولة الوصول إليه وطرقه بيد من الصبر والاحتساب، عندها لابد بإذن الله أن تكون من الداخلين منه..
إذاً أيها ****** خذ بكلمة من قال " استغل وجودها "
متع عينيك بمحياها... وتزود بدعائها...ونل رضاها.
لا لشيء إلا لأنها أمك.. جنتك ونارك.

تمــــــــــــــام...