ملتقى شذرات

ملتقى شذرات (https://www.shatharat.net/vb/index.php)
-   مقالات وتحليلات مختارة (https://www.shatharat.net/vb/forumdisplay.php?f=84)
-   -   "الأصالة و المعاصرة" عقبة الإصلاح في المغرب (https://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=39690)

عبدالناصر محمود 10-28-2016 08:00 AM

"الأصالة و المعاصرة" عقبة الإصلاح في المغرب
 
"الأصالة و المعاصرة" عقبة الإصلاح في المغرب*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ

27 / 1 / 1438 هــ
28 / 10 / 2016 م
ــــــــــــــــــــــــــــــ

http://www.albayan.co.uk/Uploads/img...2016012803.png







بعدما وضعت حرب الانتخابات البرلمانية أوزارها بين الأحزاب السياسية المتنافسة في انتخابات 7 أكتوبر بالمغرب، والتي بوأت حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الصدارة بحصوله على 125 مقعدا، متبوعا بغريمه الأصالة والمعاصرة بـ102 مقعد، لم يتقبل صاحب المركز الثاني الخسارة بعدما ما كان يراهن على تصدر المشهد وقيادة الحكومة القادمة للمملكة المغربية، وأخذ في ممارسة هوايته المفضلة.

حزب الأصالة والمعاصرة القريب من السلطة، والذي أسسه فؤاد عالي الهمة، سنة 2008 قبل أن يعينه الملك محمد السادس مستشارا له بعد أحداث الربيع العربي سنة 2011، التي طالبت فيها حركة 20 فبراير برحيله وحل الحزب الذي أسسه، لم يستسغ الهزيمة التي مُني بها في الانتخابات الأخيرة، رغم دعم السلطة الكبير له في هذه المحطة.

ولم يستفق قادة الحزب بعد من صدمة الهزيمة المدوية، التي أربكت حسابات الجهات التي راهنت عليهم في إزاحة إسلاميي العدالة والتنمية، وقطع الطريق على ابن كيران، كي لا يصبح أول رئيس حكومة في تاريخ المغرب، يتولى المنصب لولايتين متتابعتين.
وأمام هذا الوضع، بدا حزب الأصالة والمعاصرة الذي يدعو للعلمنة وإزاحة الدين من مجال تدبير الشؤون العامة للمغاربة، رغم أن دستور المملكة ينص على إسلامية الدولة، (بدا) مرتبكا وكثرت أخطاؤه التي يتخبط فيها، حيث سارع الأمين العام للحزب، إلياس العماري، في إطلاق نداء لمصالحة وطنية تاريخية بين مكونات المجتمع المغربي، عبر عنه في مقالين مطولين نشره بإحدى الجرائد الإلكترونية القريبة من الدوائر الداعمة له.

ورغم أن العماري لم يوجه فيها الكلام بشكل واضح وصريح لزعيم العدالة والتنمية، عبد الإله ابن كيران، إلا أن مراقبين اعتبروا الخطوة نوعا من الإقرار بالهزيمة وإعلان الهدنة مع الإسلاميين، الذي أكد في أول تصريح إعلامي له بعد انتخابه أمينا عاما للأصالة والمعاصرة أنه حزبه جاء لـ"محاربة الإسلاميين ومشروعهم الظلامي".
كما ذهبت قراءات أخرى، إلى أن دعوة إلياس العماري، لمصالحة وطنية، تمثل مناورة سياسية تهدف خلط الأوراق وإرباك مشاورات تشكيل الأغلبية الحكومية التي دشنها عبد الإله ابن كيران، بعد تكليفه من طرف العاهل المغربي، الملك محمد السادس، وفق ما ينص عليه الدستور، كما أن الخطوة تأتي ردا على سعي عبد الإله ابن كيران، إلى تشكيل حكومة قوية تضم الأحزاب الوطنية العريقة، مثل الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، لممارسة المزيد من الضغط على الأصالة والمعاصرة وجعله معزولا في صفوف المعارضة مع باقي الأحزاب الإدارية، التي كانت الدولة وراء تأسيسها بهدف التحكم في الخريطة السياسية والحزبية بالبلاد.

ولم تقف مناورات حزب الأصالة والمعاصرة، القريب من دوائر نافذة في المحيط الملكي، عند هذا الحد، بل أعلن في بلاغ رسمي انه بصدد إعداد مذكرة وتوجيهها للعاهل المغربي للمطالبة بتعديل دستوري وانتخابي، وهو ما يشكل خطوة جديدة في الدفع نحو مزيد من الإجراءات لتحجيم دور العدالة التنمية وفرملة شعبيته المتزايدة في أوساط الشعب المغربي، وفسح المجال أمام الحزب في الانتخابات البرلمانية القادمة، وهو ما يمثل إعلانا عن فشل الليبراليين والعلمانيين عن مواجهة الإسلاميين في الانتخابات، رغم الضربات والعراقيل التي واجهوهم بها منذ وصولهم لرئاسة الحكومة.

ويعتبر المحللون والمتابعون للشأن السياسي المغربي، أن حزب الأصالة والمعاصرة، أصبح ورقة محروقة لا يمكن الرهان عليها في القادم من المحطات، بعد الانتكاسة التي سجلها في انتخابات 7 أكتور وعدم نجاحه في تصدر الانتخابات، رغم الدعم الكبير الذي منحته له وزارة الداخلية وأعوانها في الحملة الانتخابية، وهو ما أثار انتقادات واسعة على انحيازها من طرف الأحزاب السياسية المنافسة وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية.
ويتوقع أن يستمر الأصالة والمعاصرة، في لعب دوره كحجر عثرة أمام تنزيل الإصلاحات والمشاريع الكبرى التي يسعى إسلاميو العدالة والتنمية مع شركائهم في الحكومة القادمة تنفيذها، لكن دون أن تصل إلى الحدة التي ميزت الولاية الحكومية السابقة، نظرا لما بدأ يظهر من فقدان الأصالة والمعاصرة التدريجي للدعم الذي كان يحظى به من أطراف عدة في دواليب الدولة والنظام المغربي.

ويبقى السؤال المطروح في الساحة السياسية المغربية، هل تكفر الجهات التي أسست حزب الأصالة والمعاصرة عن خطئها التاريخي في تأسيس حزب في سنة 2008 تمهيدا للهيمنة على الحياة السياسية والسلطة في البلاد، وترفع يدها بشكل نهائي عن دعم الحزب، الذي تكسر الرهان عليه على صخرة أحداث وثورات الربيع العربي التي هزت المنطقة وأسقطت عددا من الأنظمة الاستبدادية، والتي مثلت حركة 20 فبراير الشبابية النسخة المغربية من الحراكة، ما جعل هذه الأطراف تتراجع للخلف وتنحني للعاصفة التي حملت الإسلاميين إلى رئاسة الحكومة.

وأيا كانت النتيجة في المستقبل، سواء استمر دعم الإدارة والسلطات لحزب الأصالة والمعاصرة أم توقف، يبقى الإشكال المطروح، هو كيف سيتعايش هذا الحزب الذي أسس لدواعي أصبحت مكشوفة مع الواقع الجديد، وهل سيراجع استراتيجيته القائمة على الإرباك ونسف جهود الإصلاح في البلاد؟ سؤال ستجيب عنه الخمس سنوات القادمة من الولاية الثانية لبن كيران على رأس الحكومة المغربية الجديدة.




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
*{م:البيان}
ـــــــــــــــــــــــ


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:03 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59