ملتقى شذرات

ملتقى شذرات (https://www.shatharat.net/vb/index.php)
-   مقالات وتحليلات مختارة (https://www.shatharat.net/vb/forumdisplay.php?f=84)
-   -   الغاز ورقة رابحة (https://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=31654)

عبدالناصر محمود 09-04-2015 02:12 PM

الغاز ورقة رابحة
 
الغاز ورقة السيسي الرابحة*
ــــــــــــــ

20 / 11 / 1436 هــ
4 / 9 / 2015 م
ـــــــــــ


http://www.albayan.co.uk/Uploads/img...2015032959.png

تسفي برئيل/ "هآرتس"
------------

إن بشرى اكتشاف حقل الغاز الطبيعي الضخم امام الشواطئ المصرية، تزامنت مع بداية الزيارة التاريخية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى سنغافوره، ومنها الى الصين. من استمع جيدا اليه كان يمكنه سماع تنفس الصعداء الضخم الذي انبعث من فمه. في بداية الشهر الماضي، فقط، صادق السيسي على الاتفاق بين بلده وبين شركة BW GAS النرويجية، التي تتخذ من سنغافوره مركزا لها، على تزويد مصر بالغاز السائل بقيمة 60 مليون دولار سنويا، وهو اتفاق سيوفر لمصر جزء صغيرا من احتياجاتها.
وفي الشهر الماضي قررت مصر تخصيص حوالي 3.5 مليار دولار لاستيراد 7.8 مليون طن من الغاز السائل، ولكن هذه الكمية، أيضا، قد لا تلبي كافة احتياجاتها الصناعية. لقد شرح السيسي، قبل عدة أشهر، للصحفيين، انه لن يكون أمامه أي مفر من إجراء التقليصات ورفع أسعار النفط "لأنه لا يوجد لدي مصدر مالي لتمويل شراء الغاز والنفط المطلوبين للدولة". و الاسبوع الجاري أصبح بمقدور الناطق بلسان وزارة الطاقة المصرية الإعلان بأنه "خلال خمس سنوات لن تحتاج مصر بعد إلى استيراد الغاز". صحيح أن البورصة المصرية لم تتأثر جدا من هذا البيان، وارتفعت المؤشرات المالية فيها بنسبة ثلث نقطة مئوية، ولكن في مصانع الاسمنت والصلب الكبرى التي اضطرت مؤخرا إلى تقليص إنتاجها بسبب النقص في الطاقة وتقليص الدعم الحكومي للغاز بنسبة 35-70%، باتوا يتحدثون عن عهد جديد. عهد لن يتم فيه فقط عودة المصانع إلى العمل الكامل، وإنما يمكن خلاله وصول المستثمرين إلى الدولة التي تحتاج إلى آلاف آماكن العمل الجديدة، واعتبار اكتشاف الغاز سببا جيدا لإنشاء مصانع جديدة في مصر.
ولكن باستثناء الأهمية الاقتصادية الكامنة في اكتشاف الغاز بعد فترة وجيزة من افتتاح المسار الموازي لقناة السويس، فان هذا الاكتشاف يمد نظام السيسي بدعم سياسي كبير. فالغاز في مصر هو ليس مجرد سلعة أساسية؛ اذ انه أصبح في السنوات الأخيرة يمثل رمزا لفشل الحكومة المصرية في إدارة الاقتصاد. وقد تمحور الحوار المصري العام حول مسائل انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، والنقص المتواصل لغاز الطهي والصناعة، والسوق السوداء التي تطورت جراء ذلك. كما كانت مسألة معالجة الغاز إحدى المبررات الرئيسية للمطالبة بمحاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك. وتمحورت الدعوى ضده حول الاتفاق الموقع في العام 2005، والذي باع بموجبه الغاز للكيان الصهيوني بسعر 70 سنت لكل مليون وحدة حرارية، بينما وصل السعر في السوق العالمي إلى حوالي 2.65 دولار، ناهيك عن أن مصر نفسها تعاني من النقص في الغاز. واعتبر قرار الغاء الاتفاق في 2012 "خطوة قومية مناسبة"، لكن هذه الخطوة منيت بضربة جماهيرية قبل سنة، عندما أعلن وزير الطاقة المصري نية بلاده شراء الغاز من الكيان الصهيوني.
وكتبت إحدى الصحف المصرية في حينه أن "إسرائيل تفرض هيمنتها على مصر بفضل الغاز". واعتبر الناطق بلسان حركة "ضمير مصر" أن شراء الغاز من الكيان الصهيوني "يهدد الأمن القومي لمصر.." وسأل: "كيف تحولنا خلال عامين من دولة تصدر الغاز إلى دولة تستورد الغاز؟" لكن هذه الانتقادات خفتت أمام المعاناة التي سببها النقص بالغاز.
وربما يكون التعاون العسكري الصهيوني – المصري في الحرب ضد "الإرهاب الاسلامي" في سيناء، وتقارب المواقف بشأن حماس، قد ساعد على تخفيف الانتقادات بشأن شراء الغاز. لكن السيسي لن يضطر الآن إلى توفير مبررات محرجة للصفقة مع الكيان الصهيوني. حتى عندما تصل إلى مرحلة النضج الاقتصادي، كما يبدو خلال ثلاث أو أربع سنوات، فان اكتشاف الغاز لا يضمن الاستقلال المصري في مجال الطاقة. فمصر تستورد كميات كبيرة من النفط من الخليج، وعلى الرغم من هبات الوقود الواردة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فإنها تدين بأكثر من 3.5 مليار دولار لشركات النفط، وهي ديون تأمل مصر سدادها بحلول نهاية عام 2016.
كما تدين مصر لشركة ENI، التي اكتشفت حقل الغاز والتي ستجبي، أيضا، نسبة 30٪ من الأرباح. ولكن كما في الكيان الصهيوني، فان الأرباح المحتملة تنطوي على أهمية سياسية لأن الانجاز الحقيقي بالنسبة للجمهور هو انجاز للحكومة وليس لشركة التنقيب. ولهذا قد يؤثر هذا الاكتشاف، أيضا، على الانتخابات البرلمانية التي ستجري للمرة الأولى منذ وصول السيسي إلى السلطة، والمقرر أن تجري في جولتين؛ في أكتوبر ونوفمبر. الانتخابات ستكمل خارطة الطريق السياسية التي صممها السيسي قبل عامين، وقد توفر الهدوء السياسي في مصر. حين تكون مصر غارقة في صراع دموي، ويتعرض الرئيس إلى الانتقاد بسبب فشله بوقف الهجمات اليومية، لا يوجد أفضل من هذا المحيط من الغاز كي يعزز أنصار الرئيس في الانتخابات.

-----------------------------------
*{م:البيان}
ـــــــــ


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:29 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59