من تجليات البيان القرآني
من تجليات البيان القرآني: الفرق بين (أحسن الله بك)و(أحسن الله إليك) يرسل لي بعض الأحبة تعليقا على ما أكتب فيقول : ( أحسنت ) فأرد عليه قائلا : ( أحسن الله بك ) فيتساءل : أهي أحسن الله ( بك) أم ( إليك) ؟ قلت : لا مانع منهما ، ولكن كيف استخدمهما القرآن ؟ * جاءت ( أحسن الله بك ) في قصة سيدنا يوسف عندما قال تعالى : ﴿ وَقَد (أَحسَنَ بي) إِذ أَخرَجَني مِنَ السِّجنِ وَجاءَ بِكُم مِنَ البَدوِ مِن بَعدِ أَن نَزَغَ الشَّيطانُ بَيني وَبَينَ إِخوَتي إِنَّ رَبّي لَطيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ العَليمُ الحَكيمُ﴾[يوسف: ١٠٠ ] فالإحسان (بالباء) يدل على شدة الملازمة والصحبة والالتصاق، أو الإلزاق ( بتعبير سيبويه ت: ١٨٠ ه) وكأن الإحسان لم يتركه قِيد أنملة ، صاحبه في حياته كلها منذ رؤيته أحد عشر كوكبا ، وسجود الشمس والقمر له ، وإلقائه في الجب ، وبيعه بثمن بخس ، وعمله في بيت العزيز ، وإنجائه من مكيدة امرأة العزيز ، وحتى في دخوله السجن إلى أن صار هو العزيز وقد جمعه الله بإخوته ، وبأبيه وأمه ، ومن ثم ف ( أحسن بي) تدل على قرب المحسِن ( الله) من المحسن إليه ( يوسف ) ... ؛ لذا جاءت الباء في الإحسان بالوالدين فقال ربنا : " وبالوالدين إحسانا" ؛ إشعارا إلى ضرورة مصاحبة الإحسان الوالدين في كل وقت ، وبخاصة عند بلوغهما الكبر ... * أما ( أحسن إليك ) فتشعر بتباعد ما بين ( المحسِن) و( المحسن إليه) كما يقول الشيخ رشيد رضا ، لذا استخدمها مع قارون ذلك المنكر نعمة الله ، فقال ﴿وَابتَغِ فيما آتاكَ اللَّهُ الدّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصيبَكَ مِنَ الدُّنيا وَأَحسِن كَما( أَحسَنَ اللَّهُ إِلَيك)َ وَلا تَبغِ الفَسادَ فِي الأَرضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ المُفسِدينَ﴾[القصص: ٧٧] ليدل على البعد ما بين الله وبين قارون ، وكأن النعم التي أولاها إياه " كانت من قبيل الاستدراج لا الإكرام " ... فظهر الفرق ما بين التعديتين والعلم عند الله 🖌 أ.د أحمد محمود عبد القادر درويش المصدر: مجمع اللغة العربية |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:17 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع