ملتقى شذرات

ملتقى شذرات (https://www.shatharat.net/vb/index.php)
-   مقالات وتحليلات مختارة (https://www.shatharat.net/vb/forumdisplay.php?f=84)
-   -   مسلسل نظرية الصدمة - الحلقة السورية (https://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=40207)

Eng.Jordan 11-21-2016 09:40 PM

مسلسل نظرية الصدمة - الحلقة السورية
 
في خمسينيات القرن العشرين فكر طبيب نفساني كندي يدعي: دونالد كاميرون بفكرة شيطانية، حيث أراد أن يعثر على طريقة يستطيع من خلالها أن يغير أفكار الإنسان بشكل كامل أي أن يصنع من إنسان ما إنسانًا جديدًا مختلفًا تمامًا بأفكاره وعواطفه وقناعاته، وكان يرى د.كاميرون أن كل أفكارنا ومشاعرنا وأخلاقنا تأتي من مصدرين:
الأول: ذكريات الماضي .
والثاني: إدراكنا للحاضر.
ولكي يصنع كاميرون الإنسانَ الجديدَ الذي يريد لا بد أولًا من أن يلغي الإنسان القديم، لا بد أن يرجع الصفحة بيضاء قبل أن يكتب عليها ما يريد.
وحتى يفعل ذلك عليه أن يعرضه لصدمة كبيرة تلغي الماضي وتلغي الإحساس أيضًا بالحاضر.
قام د.كاميرون بتجاربه على مرضاه النفسيين، حيث كان يعرضهم لصدمات كهربائية شديدة ويعطيهم عقاقير مهلوسة حتى يفقد المرضى ذاكرتهم، وكان يعطل جميع حواسهم بأن يضعهم في أماكن يسودها ظلام دامس وصمت مطبق فلا يشعرون بشيء من حولهم حتى يفقدهم إحساسهم بالواقع من حولهم.
هل تعلم من الذي قام بتمويل أبحاث هذا الطبيب ...إنها وكالة الاستخبارات الأمريكية ! ، وقد طورتها بعد ذلك وطبقتها على عدد من معتقلاتها منها غوانتنامو وأبو غريب وغيرها.
الفكرة الأساسية في نظرية الصدمة هي أنك: إذا أردت أن تجعل الطرف الآخر ملكًا لك ولأفكارك وقراراتك فعليك أن تخضعه لصدمة كبيرة تجعله مستسلمًا لكل ما تلقنه له.
في نفس الوقت الذي كان يجري هذا الشيطان أبحاثه في كندا ظهر في شيكاغو شيطان آخر في مجال الاقتصاد يدعى ميلتون فريدمان ليطبق نظرية الصدمة لكن هذه المرة لم يكن التطبيق على الأفراد بل على الشعوب.
كانت غاية فريدمان من نظريته التي وضعها السماح للشركات العالمية عابرة القارات أن تتحكم في اقتصاد بلدان بأكملها!
فبما أن الشعوب لا تقبل إطلاقًا أن تصبح حياتها واقتصادها بيد حفنة من رجال الأعمال الأجانب فلا بد إذًا من صدمة... صدمة كبيرة لأهل البلد تجعلهم فاقدي الوعي حتى يقبلوا بالتغييرات الجديدة!
أول بلد تم تطبيق النظرية عليه هو تشيلي الذي كان نظام الاقتصاد فيه شيوعيًّا!
بدأ الأمر بتدبير انقلاب عسكري فيه دعمته الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة نيكسون.
بعد الانقلاب جاءت الصدمة ..
ارتفاع كبير في الأسعار، وأعمال شغب، واعتقالات تعسفية، وخطف علني في وضح النهار، وفوضى عارمة في البلاد، وارتفاع في مستويات البطالة.
كانت البلاد تسير مسرعة نحو الهاوية...
وكانت المصائب تتدفق كلها دفعة واحدة حتى أُصيب الناس عندها بالشلل في التفكير والفهم فلم يعودوا يفهمون ماذا يجري ولماذا وكيف الخلاص!
في لحظة الصدمة هذه تم عرض الحلول الممنهجة الواضحة العملية التي ستنقذ البلدَ من الكارثة وذلك بأن تتحول تشيلي إلى اقتصاد السوق الحرة، أي أن ترفع الدولة يدها عن الاقتصاد بشكل كامل لتسوده الشركات الأمريكية العالمية عابرة القارات.
قبلت الدولة ذلك طبعًا والشعب أيضًا قبله!
وانتصرت نظرية الصدمة.
لم تكن تشيلي إلا الحلقة الأولى في مسلسل نظرية الصدمة،
حيث طبقت هذه النظرية على عدة بلدان من أمريكا الجنوبية ثم على الاتحاد السوفييتي ثم على العراق وغيرها!
ومن الجدير بالذكر هنا أن دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي إبان حرب العراق كان يومًا ما تلميذ د. فريدمان في الجامعة!
تقول نظرية الصدمة:
عندما يغيب وعي الشعب ويعجز عن فهم وإدراك ما يدور حوله ولا يلوح له في الأفق أي حل ممكن التطبيق يخرجه من واقعه السيئ سيقع عندها في الصدمة وعندها سيصبح مستعدًّا لقبول حلول خارجية جاهزة كان من المستحيل أن يقبلها سابقًا.
مسلسل نظرية الصدمة لم ينته بعد، بل ربما الحلقة القادمة هي الحلقة السورية.
فيا شعبنا السوري...
تأكد أن الحلول الآن تُعَدّ ...
وأن المنظمات الآن على الحدود تجهز الشباب الذين سيطبقون هذه الحلول، وأن استمرار حالة الفرقة والفوضى الأمنية في المناطق المحررة والتفكك بين مكونات الثورة وبعد الفصائل عن الناس وحالة التظالم المنتشرة في المجتمع هو تمهيد لقبول هذه الحلول، عَلِمنا ذلك أم جهلناه.
بقلم:
د.وائل الشيخ أمين


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:40 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59