المبتعثون السعوديون وصراع الهوية
 

المبتعثون السعوديون وصراع الهوية*
ـــــــــــــــــــ

24 / 1 / 1436 هـ
17 / 11 / 2014 م
ــــــــــ

http://taseel.com/UploadedData/Pubs/Photos/_8816.jpg

للابتعاث خارج البلدان الإسلامية والعربية فوائد لا شك فيها، سيما في المجالات التي يندر أو ينعدم وجودها في عالمنا العربي والإسلامي، لكن للأمر أضراراً بالغة الخطورة سيما وأن مجال الابتعاث من المجالات المستهدفة من قبل المنصرين والكيانات اليهودية في الخارج وأصحاب التوجهات الحداثية والعلمانية والليبرالية، ومؤخراً ظهر على الساحة نوع جديد من الاستقطاب لا يقل خطورة عما سلف، حيث تنشط الجماعات الإسلامية ذات التوجهات الجهادية بفكرها الأحادي المتطرف بغية ضم عناصر جديد في صفوفها من الشباب المبتعثين.

فمشكلة الابتعاث مشكلة معقدة متعددة الأطراف والمحاور، وهي مشكلة متسعة تشمل غالب دول العالم، حيث ينشر المبتعثون من كافة الأقطار العربية والإسلامية، فعلى سبيل المثال يمثل الابتعاث السعودي مجالاً خصباً للعبث بعقول وهويات الشباب المبتعثين، وللسعوديين تحديداً خصوصية تميزهم عن غيرهم، فهم مطمع كبير لكل الكيانات المستهدِفة لمجال الابتعاث، لما لهم من أثر واضح في المجتمع السعودي، فالمبتعَث- إن تم التمكن منه والعبث بهويته- يمثل خطراً كبيراً وعظيماً في مجتمع محافظ ومتدين كالمجتمع السعودي.

ويعد عنصر المال أحد أكبر الوسائل المؤثرة في عملية استقطاب المبتعثين في الخارج، وإلى هذا فطنت بعض الجمعيات اليهودية في الولايات المتحدثة الأمريكية، فهبت مسرعة لتقديم الإعانات للطلاب السعوديين المبتعثين في الخارج شريطة أن الطالب متزوجاً وألا يقل عدد أولاده عن ولدين.

فتحت عنوان "جمعيات يهودية تقدم خدماتها المالية للمبتعثين السعوديين في أمريكا" نشر أكثر من موقع إلكتروني وصحيفة خبراً مفاده أن إحدى الجمعيات الخيرية اليهودية في ولاية نيويورك الأميركية قد استغلت الأزمات المالية التي تواجه المبتعثين السعوديين بأميركا من خلال تقديم معونات مادية لهم، ضمن تصنيفات معينة تعتمد بالأساس على معدل انخفاض المكافآت للطلبة المبتعثين مقارنةً بمعدل استهلاك الفرد في الولايات الشمالية.

وأوضح الخبر أن هذه المعونات تأتي في صورة عرض مساعدات مالية على الأسر السعودية ممن رزقوا بمواليد بالأراضي الأميركية، كونهم يحق لهم حمل الجنسية الأميركية، على أن تدرس تلك الجمعيات الحالة المادية لتلك الأسر، قبل أن تعرض تقديم خدماتها المالية لهم تحت تصنيفات معينة، شريطة أن تكون تلك المعونات للأسر السعودية التي لديها طفلان فأكثر.

وما من شلك أن لهذه الجمعية أهداف، فلا يوجد شيء بغير ثمن، من يدفع لابد له من غاية وهدف، وإلا فلماذا السعوديون دون غيرهم؟ ثم لماذا تحرص هذه الجمعيات على دعم من لدية طفلان وليس أقل من ذلك؟ فأما الإجابة على السؤال الأول فمعروفة، وقد نبهنا عليها في بداية حديثنا، وأما الإجابة على السؤال الثاني فربما يكون الغاية من الأمر توريط المبتعث بحيث يصعب عليه الاستغناء عن إعانات هذه الجمعية، وربما أسباب أخرى...

من جانب آخر أشارت صحيفة الحياة اللندنية إلى خطة إعلامية مركزة وموجهة للمبتعثين السعوديين يطلقها تنظيم "داعش" عبر مجموعة من الإصدارات باللغتين العربية والإنكليزية، بهدف استقطاب عناصر جديدة يستفيد منهم في أنشطته المختلفة، سواء القتالية أم اللوجستية.

وأوضحت الصحيفة أن مبتعثين سعوديين كشفوا عن استهداف "منظم" يقوم به تنظيم "داعش" للطلبة المبتعثين، من خلال إغراقهم بالرسائل الإلكترونية والمطبوعات والإصدارات التي يصدرها. لكن على الرغم من ذلك فإن التنظيم لم يسجل إلا نجاحاً محدوداً في استقطاب مُبتعثين سعوديين، إذ لا يتجاوز عدد من التحقوا به أصابع اليدين.

ومن جانبه أشار الدكتور العمري المشرف على قناة "فور شباب" بأن بعض المناطق التي يقيم فيها مبتعثون تؤثر عليهم سلبًا من الناحية الأخلاقية، وضياع القيم والمبادئ بنسبة تصل إلى 90 % من أعداد الطلاب الذين ينحرفون بأشكال مختلفة، فمنهم من يشرب الخمر، ومنهم من يلحد والعياذ بالله، وفي النقيض توجد مناطق مضيئة من الشباب السعودي إلى أعلى درجة من درجات الإضاءة من الحفاظ على قيمهم وأخلاقهم وسمتهم وعاداتهم.

وأكد العمري أنه ليس ضد الابتعاث، بل يريد أن يرى رؤية تحافظ على الطلاب من الانحراف، وطالب من جانبه بتكليف لجنة محايدة لدراسة أوضاع المبتعثين السعوديين في الخارج، وتقديم مشروع من شأنه الحفاظ على هوية هؤلاء المبتعثين وترسيخ القيم والمثل العليا بين صفوفهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
ـــــــــــ