عقاب الخائن والعميل
عقاب العميل والخائن
دار حوار بين الروائي البير كامو وبين الروائي فرانسوا مورياك بعد تحرير فرنسا ، كان محوره الموقف من العملاء والمتعاونين مع الاحتلال ، وتباين الموقف بين دعوة كامو للعقاب من أجل انتصار القيم الاخلاقية والثأر للضحايا وبين العفو عن الخطيئة وهي فكرة مستحوذة على تفكير مورياك حتى في اعماله الروائية ، (كلاهما حامل جائزة نوبل) ولكنه يعكس الالتزام الوطني والأخلاقي والسياسي والأدبي لمثقفين على درجة كبيرة من الأهمية في مرحلة هامة من تاريخ فرنسا ، وذلك بعد تحرير باريس من الاحتلال النازي . وكامو كان بطلا يمثل اسطورة لأبناء وطنه ، فقد كان مقاوما للاحتلال الالماني لبلاده ، وكانت اعماله الادبية تسبقه لما يمثله من التزام وطني وكانت كتاباته ذات اثر في مقاومة الاحتلال ، وكان مطاردا من الغستابو حتى انتهاء الاحتلال . وكان مورياك له نفس الوزن والثقل في بطولته وأعماله الأدبية ضد الإحتلال . كان لكل منهما رأيه في المتعامل مع الاحتلال الأول يطلب العقاب الصارم ، والثاني يصدر العفو والغفران ، وبرغم اختلافهما كانا متفقين تماما على بناء الدولة الوطنية . لم يخون كل منهما الآخر بل تابعا حياتهما من أجل الوطن وبنائه ، الأول يرى أن الخطأ يصاحبه العقاب دون تحقير ، والثاني يرى بحسب فكره الديني ان الانسان خطاء ويتوجب المغفرة على خطأه . هنا سؤال يطرح نفسه وبشده في هذه الأيام وهو كيف يكون التعامل مع عملاء هم الأوقح والأكثر صفاقة وأكثرهم سفالة ؟ ، وما يزيد الأمر تعقيدا انهم يدافعون عن عمالتهم بحماس استثنائي ، ويسوقون الحجج الباطلة محاولين قلب الصورة وتزييفها لتكون في صالح العدو الذي يرتكب الجرائم والقتل والتهجير بحق الشعب المحتل ، ونراهم يرفعون رسائل الشكر والمديح والتقدير والصداقة لمن يقوم بذبح شعبهم ويدافعون عن جرائم اليوم ومجازره بذريعة مرحلة العبور والتحول ، وان ذلك يعقبه السلام والرخاء للجميع وأن من يقاوم الاحتلال هو عقبة ضد مرحلة الانتقال ، ويوصف بالخيانة والتعاون مع من هم ضد مصلحة الامة والشعب . ما هي طبيعة الحوار مع هؤلاء ؟ اليس هو بطبيعة الحال خارج عن كل القوانين الاخلاقية والإنسانية والقانونية ، هي بحسب رأي البعض أن هؤلاء يعملون على ( تطبيع النذالة والخيانة وتحويل العمالة الى وجهة نظر وقضية رأي عام ) . هم يصفون المقاومين بكل الأوصاف الخارجة عن الأدب والأخلاق والقيم والمبادئ ويستخدمون الكذب المقصود بحقهم وليس اسوأ من الذنب المتعمد . تستباح القيم والأخلاق منهم كما يستباح الوطن نريد لهم عقابا صارما يجعلهم عبرة لغيرهم ، لا نريد هذه العدوى أن تنتقل لآخر ، لأن الوطن يحتاج للجميع ، هو داء يجب استئصاله محمد خطاب |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:21 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع