ملتقى شذرات - قصيدة: "خمسون"

"خمسون"
25 حزيران 2016
***
خمسون... يا لَقَسَاوةِ الكَلِمَهْ
يا لَلْحُرُوفِ تُظَنُّ مُنْسَجِمَهْ
هذي حُرُوقٌ غَيْرُ رَاحِمَةٍ
هذي جُرُوحٌ غَيْرُ مُلْتَئِمَهْ
تَفْتَنُّ في كَيْدٍ يُدَمِّرُنِي
تَرْنُو رُنُوَّ الضَّبْعِ في الأَجَمَهْ
وأنَا الْفَرِيسَةُ لا أَرَى قَدَرِي
إلَّا مَعَ الأنْيَابِ مُلْتَهِمَهْ
وَخَواطِرِي طَيْرٌ مُشَتَّتَةٌ
خَلْفَ الْغُيومِ السُّودِ مُعْتَصِمَهْ
أُخْفِي ارْتِبَاكي وَهْوَ يَفْضَحُنِي
والحَرْبُ قائِمَةٌ وَمُحْتَدِمَهْ
وَتَزُورُني الآمَالُ مَاكرَةً
في كُلِّ صُبْحٍ وهْيَ مُبْتَسِمَهْ
ما نَفْعُ زائِرَةٍ مُعَزِّيةٍ
في خَطْوِها الآلامُ مُرْتَسِمَهْ؟
هَلْ لي بــــ"زائِرَةٍ" مُجَلْجِلَةٍ
تَعْدُو على الخَمْسِينَ مُنْتَقِمَهْ
نِصْفٌ مِنَ الْقَرْنِ انْطَوَى...عَجِلًا
كالطَّائِراتِ تُغِيرُ مُقْتَحِمَهْ
والشَّيْبُ حاصَرَ كُلَّ مَمْلَكَتِي
يُمْلِي شُرُوطًا بالأَسَى تَخِمَهْ
***
لكِنَّ قَلْبي مَلَّ مِنْ مَلَلِي
واسْتَلَّ مِنْ سَقَمِي أنا سَقَمَهْ
وَمَضَى يَذُمُّ قَصِيدَتي غَضِبًا
وَيَقُولُ: نَفْسُكَ أَنْتَ مُنْهَزِمَهْ
حَطَّمْتَ عُمْرًا لم يزَلْ نَضِرًا!
حَطَّمْتَ... ما أدراك ما الْـحُطَمَهْ؟
خَمْسُونَ عامًا مَا مَضَتْ عَبَثًا
يا مَن تباكى وادَّعى أَلَــمَهْ؟
رُمْتَ الْكَثيرَ... وَكُنْتَ تَرْسمُهُ
مِنْ دُونِ لَونٍ... تَنْشُدُ الْعَظَمَهْ
اُنْظُرْ إلى الأوراقِ قَدْ نَطَقَتْ
وَتَبَسَّمَتْ في حالِكِ الْعَتَمهْ
اُنْظُرْ إلى الأَحْلامِ قد وُلِدَتْ
وتَفَتَّحَ النِّسْرِينُ في الأَكَمَهْ
اُنْظُرْ إلى أَوْهَامِك انتَفَضَتْ!!
وبِــنِصْفِ قَرْنٍ أَصْبَحَتْ نَسَمَهْ!
***
وَسَكتَّ يا قلْبي... فما لبِثَتْ
أنْ غادَرَتْ أوجاعِيَ الهَرِمَهْ
وتَفَكّكَتْ كلُّ الحروفِ هنا
والشِّعْرُ أعْلَنَ بعدَهَا نَدَمَهْ:
يا سَالِفَ الخَمْسينَ مَعْذِرَةً
أنا شاعِرٌ لمْ يَحترِمْ قلَمَهْ
خَمْسُونَ... إِيقاعٌ يَضِجُّ صَدًى
خَمسونَ... يا لَحَلَاوةِ الْكَلِمَهْ!