الزمن الذي نقضيه مع أولادنا
أخي الكريم أختي الكريمة :
للوقت في حياة المسلم أهميّة كبيرة ، ولذا نبّه الدين الحنيف إلى استغلاله أحسن استغلال ، وجعل يوم القيامة الجزاء على الوقت بعد السؤال . وأوقاتنا لا تكاد تتسع للمسؤوليات الملقاة على عاتقنا ، من هنا كان نجاح أحدنا مرهون في قدرته على ترتيب الأولويات ، ومدى سرعة الإنجاز ، والقدرة على اقتناص الفرص ، والأخذ من وقت الفراغ إلى وقت الانشغال ، ومن وقت الصحة إلى وقت المرض . ومن أولويات الوالدين اهتمامهما بأولادهما ، ورعايتهم الرعاية المتكاملة الجوانب والتي تكون نتيجتها إنشاء جيل متفهم للحياة ، ومقدر للمجتمع الذي يعيش فيه ، ومتعرف على مسؤولياته وقائم بها . وحتّى يتمّ هذا لا بدّ أن تنتقل الخبرات والمعلومات عبر قنوات عدّة لتصل المعارف إلى الأبناء . ولكن ترك هذا الأمر دون رعاية والديّة يجعل الأبناء يقعون في أخطاء قد يصعب تصحيحها في بنيتهم الجسمية والنفسية والفكرية . ومن هذا المنطلق كانت الرعاية الوالدية هامّة جداً ، ولا أقول إن الرعاية الوالدية يجب أن تكون آناء الليل وأطراف النهار ، لأن الحياة كثيرة المشاغل والتزامات الناس تستنفد الجهد والوقت . إلا أن تضافر عدة عوامل يجعل للدقيقة في الإشراف على الأبناء قيمة ، ومن هذه العوامل أن تسود روح المحبّة والتفاهم والاحترام . فالمحبة تجعل الصعب سهلا والتفاهم يجعل قنوات الاتصال بين الوالدين وأبنائهم منفتحة ، والاحترام المتبادل يجعل للوالدين وتربيتهما قيمة ، ويجعل للأبناء ذاتاً محترمة ومقبولة ومعترفاً بها ، وهذا ما ينشده الأبناء . إنّ وقتاً للتواصل العاطفيّ لا بدّ منه ، يبدأ بالنظرة الحانية المتفائلة ، ويزداد حسب حاجة الطفل ، فالصغير حاجته لهذا الوقت ألزم ، والمريض يحتاج إلى زيادة هذه الأوقات ، كما أنّ وقتاً للعب يجعل للحياة بهجة . وأهمية اللعب تختلف حسب المرحلة ، ولا يكاد يُستغني عنه ، فلكل جيل ألعابهم ، ومشاركة الوالدين اللعب مع أطفالهم تعني زيادة في التعلم والتواصل والمحبّة ، كما أن تخصيص وقت للهو والمرح يعني الكثير بالنسبة للأطفال والشباب ، فلا بدّ من جلسات عائلية يتخللها المرح ، ولا بدّ من نزهات تقوي أواصر الود ، وهناك وقت للحوار ، وأهميته تطال الصغار والكبار ، فكم يسعد الطفل بالتحاور معه بلهجة هادئة ، ولحظة حانية تثمر فكرة ومتعة وفائدة . ولكن حين يكبر الأولاد يصبح للحوار أولوية ، فهم بحاجة إلى معرفة أنفسهم ، ومعرفة الكون من حولهم ، والتساؤل عن عقيدتهم . وهناك وقت للعبادة يتصاحب فيه الآباء مع الأبناء في طاعة لله قد تكون : تلاوة من القرآن أو صيام نفل أو زيارة أرحام أو إكرام أيتام . ولا شكّ أنّ هذه الأوقات قد تكون للأطفال والناشئين معاً ، وقد يكون لكل فرد منهم على انفراد وذلك يحدده الموقف وتقتضيه الحاجة ، ولا بدّ من العدل في صرف الأوقات في الأحوال العاديّة . وهناك وقت لتنمية مهارة أو موهبة لمسها أحد الأبوين عند أحد الأولاد . وأخيراً فإن أحدنا إنما يسعى في هذه الحياة الدنيا ، ويستثمر ليعيش مع أسرته حياة سعيدة ، إلا أن الاستثمار الأكبر هو بناء ذوات الأبناء والعناية بهم وحمايتهم وتأمين الجو الأسري الآمن حتى نستحق بجدارة دعاءهم : ( ربّ اغفر لي ولوالدي ، ربّ ارحمهما كما ربياني صغيراً ) . |
اقتباس:
|
اخي الكريم
شاكرة حضوركم وتعليقكم القيم في متصفحي دمت بمحبة الله |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 10:39 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع