ملتقى شذرات

ملتقى شذرات (https://www.shatharat.net/vb/index.php)
-   شذرات إسلامية (https://www.shatharat.net/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   فَـقُـلـتُ : اسـتغـفـروا ربّـكـمْ (https://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=34017)

صابرة 12-16-2015 08:37 AM

فَـقُـلـتُ : اسـتغـفـروا ربّـكـمْ
 
مقــالـة ( فَـقُـلـتُ : اسـتغـفـروا ربّـكـمْ ) نوح 10 :
.
الاسْـتغفارُ هُوَ : [ سَـيّدُ العِبادَةِ ] وَ لَـهُ وَقْـتُـهُ المُفَضَّلُ ، فَأفْضَلُ الاسـتغفارِ مَا كانَ وَقْتَ السَحَرِ : ( وَ الـمُـسـْتَغـفِرِينَ بِالأَسْـحَـارِ )[ آل عمران 17 ] ، ( وَ بِالأَسْـحَـارِ هُـمْ يَسْـتَغْـفرونَ )[ الذاريات 18 ] .
وَ بالاسـتغفارِ يَحلُّ الإنسانُ مَشاكِلَهُ في الحياةِ ، لأنَّ لِلاسْـتغفارِ [ خَواصاً هامَّـةً جِـداً ] .
.
نتـائـجُ الاسـتـغـفـار :
1 _ لاَ يتعذَّبُ الإنسانُ في حياتِهِ أبَداً لاَ جِسْمياً وَ لاَ نَفْسياً : ( وَ مَـا كَـانَ اللّـهُ - مُـعـَذِّبَهُـمْ - وَ هُـمْ يَسْـتَغْـفِرونَ )[ الأنفال 33 ] ، جَاءَتْ بالصيغَةِ الاسـميّةِ : ( مُعَذِّب ) ، للدَلاَلَةِ عَلى الشُموليَّةِ ، فالاسْتِغْفارُ يُنْجي مِنْ [ كُلِّ أنْواعِ العَذَابِ ] في الدنيـا .
2 _ تَنْفَتِحُ عَليهِ كلُّ أبوابِ الخيرِ وَ البَرَكَةِ : ( فَـقُـلْـتُ اسْـتَغْـفِروا رَبَّكُـمْ إنّـهُ كَـانَ غَـفّاراً يُرْسِـلِ الـسَـمَـاءَ عَـلـَيْكُـمْ مِـدْرارا ًوَ يُمْـدِدْكـُمْ بِأمْـوالٍ وَ بَنيـنَ وَ يَجْـعَـلْ لَـكُـمْ جَـنّاتٍ وَ يَجْـعَـلْ لـَكُـمْ أنْهاراً )[ نوح 10 ] ، فَماذا يُريدُ الإنسَـانُ في دنياهُ أكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ .
3 _ يَزيدُ الإنسَانَ وَ المجْتَمَعَ قُوّةً ذاتيّةً : ( يَا قَـومِ اسْـتَغْـفِروا رَبَّـكُـمْ ثـمَّ تُـوبُـوا إلـيْـهِ يُرْسِـلِ الـسَـمَـاءَ عَـلَـيْكُـمْ مِـدْراراً وَ يَـزِدْكُـمْ قـوّةً إلـى قـوّتِـكٌـمْ )[ هود 52 ] .
4 _ يَكْفَلُ الاستغْفارُ للإنسَانِ الحياةَ السَعيدَةَ الممتِعَةَ : ( وَأَنِ استغْـفِروا ربَـكـمْ ثُمَّ توبوا إلَـيْهِ يُمَـتِّعْـكُـمْ مَـتَاعَـاً حَـسَـنَاً إلـى أَجَـلٍ مُـسَـمَّـى وَ يُؤْتِ كُـلَّ ذي فَضْـلٍ فَضْـلَـهُ )[ هود 3 ] ، فالاسْـتِغْفَارُ يُبْقي أجَلَ الإنْسَانِ إلى [الأجَلِ المُسَمَّى ] الذي كـتبَه الله لـه ، وَ يُنْجِيهِ منَ الموت بالحوادث أو المرض أي : [ الأجَلِ المُقْضى ] .
.
وَ نَتَائِجُ الاسْتغفار هذه ، مضْمونَةٌ بإذْنِ اللهِ وَ فَضْلِهِ وَ كَرَمِهِ : ( وَ مَـنْ يَعْـمَـلْ سُـوءاً أوْ يَظْـلِـمْ نَفْسَـهُ ثُمَّ يَسْـتَغْـفِرِ اللّـهَ ، يَجِـدِ اللَّـهَ غَـفُوراً رَحـيمـاً )[ النساء 110 ] ، وَ خاصّةً للأوّابين الراجعونَ لِلهِ : ( فَإنَّهُ كَـانَ لِلأوَّابيـنَ غَـفُوراً )[ الإسراء 25 ] ، ( وَ الـذينَ إذا فَعَـلـوا فَاحِـشَـةً أوْ ظَـلَـمُـوا أنْفُسَـهُـمْ ذَكَروا اللّـهَ فَاسْـتَغْـفَروا لِـذُنُوبِهِـمْ وَمَـنْ يَغْـفِر ُ الـذُنُوبَ إلاّ اللّـهَ )[ آل عمران 135 ] ، وَ مَا عَدا الشِرْك باللهِ : ( إنَّ اللـهَ لا يَغْـفِرُ أنْ يُـشْـرَكَ بِـهِ )[ النساء 48] ، فإنَّ اللهَ بِكَرَمِهِ يَغْفِرُ جميعَ الذنوبِ : ( إنَّ اللـهَ يَغْـفِرُ الـذنُـوبَ جَـمـيعـاً )[ الزمر 53 ] ، لأنّ الشِرْكَ ليْسَ ذَنْباً ، وَ لَكنّهُ ظلْمٌ عَظيمٌ : ( إنَّ الـشِـرْكَ لَـظـلْـمٌ عَـظـيـمٌ )[ لقمان 13 ] ، فَمَا عَلَيْنا إلاّ الإسْـراعُ بِطَلَبِ المَغْفِـرَةِ : ( وَ - سَـارِعـوا - إلـى مَـغْـفِـرَةٍ مِـنْ رَبِّـكـمْ )[ آل عمران 133 ] ، فَجَميعُنا لَسْنا معْصومِينَ عَنِ الخَطَأ ، وَ قدْ خَلَطْنا عَمَلاً صالِحاً بِآخَرَ سَيّئاً ، وَ اللهُ بِكَرَمِهِ قَدْ وَعَدَنا بالمغْفِرَةِ : ( وَ آخَـرونَ اعْـتَرَفـوا بِذنوبِهِـمْ خَـلـَطُـوا عَـمَـلاً صَـالِـحـاً وَ آخَـرَ سَـيّئـاً عَـسَـى اللّهُ أنْ يَتُوبَ عَـلَـيْهِـمْ إنَّ اللّهَ غَـفورٌ رَحـيمٌ )[ التوبة 102] ، و عسـى : هنـا [ توكـيديّة ] و ليستْ [ احتماليّة ] لأنهـا منَ الخالق .
.
الـحـديثُ الـشـريف :
عـنْ شَـدَّاد بنِ أوْس رضي الله عنه عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ : [ سَـيِّدُ الاستغْفارِ أنْ تَقول : اللهُمَّ أنْتَ ربّي ، لا إلهَ إلاَّ أنْتَ ، خَلَقْتَني وَ أنا عَبْدُكَ ، وَ أنا عَلى عَهْدِكَ وَ وَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أعُـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ مَا صَنَعْتُ أبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَليَّ ، وَأبوءُ لَكَ بِذَنْبي ، فاغْفِـرْ لي ، فإنَّهُ لا يَغْفِـرُ الذنوبَ إلاَّ أنْتَ ][ أخرجه البخاري ] ، وَ عنْ أبي بَكرٍ رضي الله عنه ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قَدْ علَّمَـهُ أنْ يقولَ : [ اللهُم إنّي ظَلَمْتُ نَفْسي ظُلْماً كثيراً وَ لا يَغْفِـرُ الذنوبَ إلاَّ أنْتَ ، فاغْفِرِ لي مَغْفِـرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَ ارْحَمني إنَّكَ أنْتَ الرحيمُ ][ رواه البخاري في الصلاة ] .
.
الاسـتغفـارُ عـند الرسول الكـريم :
إنّ الاسـتغفـارَ عـند الرسول صلى الله عليه و سـلّم ، سـواءٌ فـي حيـاته أم بعـد انتقـالـه للـسماء ، لـه [ خُـصُوصـيّةٌ خاصّـة ] ، و لـه أهـمـيّةٌ بـالـغـة ، لقولـه تعـالى : ( وَ لَـوْ أنَّـهُـمْ إذْ ظَـلَـمُـوا أنْفُسَـهُـمْ - جَـاؤوكَ - فَاسْـتَغْـفَروا اللَّـهَ وَ اسْـتَغْـفَرَ لَـهُـمُ الرَسُـولُ لَـوَجَـدوا اللَّـهَ تَوّابَاً رَحِـيمَـاً )[ النساء 64 ] ، وَهَذَا يُبَيِّنُ الأهَميَّةَ البالِغَةَ لِزِيارَتِهِ صلى الله عليه و سـلّم .
( وَ مَـا كَـانَ اللَّـهُ - لِـيُعَـذِّبَـهُـمْ - وَأنْتَ فِيهِـمْ وَمَـا كَـانَ اللَّـهُ - مُـعَـذِّبَـهُـمْ - وَهُـمْ يَسْـتَغْـفِرونَ )[ الأنفال 33 ] ، و نُلاحـظُ أن كلـمة : [ عـذّبَ ] ، قد جاءت في المرّة الأولى بالصِيغَةِ الفِعْليّـةِ : ( يُعَذِّبُ ) للدَلاَلَةِ على أنَّ وُجُودَ الرسُولِ صلى الله عليه و سلم هُوَ [ حَالـةٌ مُؤَقَّتَـةٌ ] و غير دائمة ، بينـمـا جاءت في المـرّة الثـانية بالصيغَةِ الاسمية : ( مُعَذِّبُ ) للدَلاَلَةِ على الـدَوامِ ، سَـواءٌ بِوُجُـودِ الرَسُـولِ ، أو بَعْـدَ وفاته .
.
وَ الإسْـتِغْفارُ يُؤدّي لِبُلُوغِ [ بَوَّابَةِ اللُّطْفِ ] : ( اللّـهُ لَـطِـيْفٌ بِعِـبَادِهِ )[ الشورى 19 ] ، فَتَأْتي الحَياةُ الطيِّبَةُ : ( فَلَـنُحْـيِيَنَّهُ حَـيَاةً طَـيِّبَةً )[ النحل 97 ] ، وَعكْسُ اللُّطْفِ يَأتي القَهْـرُ : ( وَ هُـوَ الـقَـاهِـرُ فَوْقَ عِـبَادِهِ )[ الأنعام 18 ] ، فَتَأتي المَعيْشَةُ الضَنْكُ : ( فَإنَّ لَـهُ مَـعِـيْشَـةً ضَـنْكَـاً )[ طه 124 ] .
.
غُـفـرانُ الله :
إنَّ نِيَّـةَ اللّهِ [ بِـالغُفْـرانِ ] ، أسْـرَعُ مِنْ نِيَّـةِ الإنْسَـانِ [ بِـالـتَوبَـةِ ] ، فَمَـا مِنْ أَحَدٍ نَوى التَوْبَةَ إلاَّ [ سَـبَقَهُ اللّـهُ ] بِنِيَّـةِ الغُفْـرانِ ، وَ [ أرْضَـى إلى اللّـهِ أَنْ يَغْفِـرَ مِنْ أنْ يُعَـاقِبَ ] ، لأنَّ اللّهَ سُبْحَانَهُ [ لَيْسَ لَهُ أيُّ غَايَةٍ ] أوْ هَدَفٍ بِعَذابِ الناسِ : ( مَـا يَفْعَـلُ اللّـهُ بِعَـذَابِكُـمْ إنْ شَـكَـرْتُمْ وَآمَـنْتُمْ )[ النساء 147 ] .
إنَّ جَهَنَّمَ أشْبَهُ مَا تَكُونُ [ بِسَلَّةِ مُهْمَلاَتٍ ضَيِّقَةٍ ] وَ مُغْلَقَةٍ لِلكَوْنِ ، وَسَيُجْمَعُ فيهَا كُلُّ شَيْءٍ خَبيثٍ ، لِيَعُمَّ السَلاَمُ كُلَّ الوُجُودِ فِي جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَمَاواتُ وَ الأَرْضُ : ( لِـيَمِـيْزَ اللَّـهُ الـخَـبيثَ مِـنَ الـطَـيِّبِ وَ يَجْـعَـلَ الـخَـبيثَ بَعْـضَـهُ عَـلـى بَعْـضٍ فَـيَرْكُـمَـهُ جَـمِـيعَـاً فَيَجْـعَـلَـهُ فـي جَـهَـنَّمَ )[ الأنفال 37 ] ، فَهيَ إذَاً [ مِحْرَقَةُ نِفَايَاتٍ ] لِكُلِّ مَا هُوَ فَاسِـدٌ في الكَوْنِ .
.
يقول عليّ بن أبي طَالبٍ كـرّم الله وجـهه : [ عَجِبْتُ لِمَنْ يَقْنُـطْ وَ مَعَـهُ الاسْـتِغْفارُ ]
.
و يقولُ الشاعرُ :
كُلُّ مَنْ ألْقَـاهُ يَشْـكُو دَهْـرَهُ .... لَيْـتَ شِـعْري ، هَـذِهِ الدُنْيـا لِمَـنْ ؟!!!!!!!!!!
.
( وَ قُلِ : الـحَـمْـدُ لِلَّـهِ الـذي لَـمْ يَتَّخِـذْ وَلَـدَاً ، وَ لَـمْ يَـكُـنْ لَـهُ شَـريـكٌ فـي الـمُـلْـكِ وَ لَـمْ يَكُـنْ لَـهُ وَلِـيٌّ مِـنَ الـذُلِّ وَ كَـبِّرْهُ تَـكْـبيراً )[ الإسراء 111 ] .
( هُـوَ الـحَـيُّ لاَ إلـهَ إلاَّ هُـوَ فَادْعُـوهُ مُـخْـلِـصِـينَ لَـهُ الـدِينَ : الـحَـمْـدُ للَّـهِ رَبِّ الـعَـالَـمِـينَ )[ غافر65 ] .
فـآخـرُ دعـوانـا : ( إنِ الحمـدُ للّـه ربِّ العَـالَمـين ) يونس 10 .
.
لكـم خالص المـحبـة و التـقدير و الاحتـرام ، و بـاركَ اللـه بكم و عليكـم و أسعدكم في الدنيا و الآخـرة ، مع خالص تحياتي و شكري لمشاعركم الرقيقة ، و ســلِمتْ أياديكم البيضــاء لتعليقاتكم الكريمة التي تـدلّ على ذوقـكم و كَـرَم أخــلاقكم ، و رزقكم اللـه جنّــات النعيم و جعلكم عباده المقـرّبـين ، و صلى الله و سلم على رسوله الكريم و على آلـه و صحبه أجمعين
علي منصور الكيالي..

:1:


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:34 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59