ملتقى شذرات

ملتقى شذرات (https://www.shatharat.net/vb/index.php)
-   مقالات وتحليلات مختارة (https://www.shatharat.net/vb/forumdisplay.php?f=84)
-   -   حرية الاعتقاد في الإسلام (https://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=38915)

عبدالناصر محمود 09-13-2016 07:59 AM

حرية الاعتقاد في الإسلام
 
حرية الاعتقاد في الإسلام
ــــــــــــ

(د. صالح بن درباش الزهراني)
ـــــــــــــــ

11 / 12 / 11437 هـ
13 / 9 / 2016 م
ـــــــــــ

http://www.elfagr.org/upload/photo/n...jpg?q=2http://



من فتن الحضارة المعاصرة مسألة الحرية التي تعني قدرة الإنسان على فعل ما يريده دون إكراه من أحد. ومن فروعها حرية الاعتقاد التي تبيح للإنسان أن يعتنق ما يشاء من العقائد، وأن يغيّر عقيدته إلى أي عقيدة يريدها، دون محاسبة أو مساءلة، بل له أن لا يعتنق أي عقيدة (أي: يلحد).
وقد قامت فكرة حرية الاعتقاد في الغرب على أساس نسبية الحقيقة؛ أي: لا أحد يمتلك الحقيقة كاملة. وهي فكرة تعود بجذورها إلى الفلسفة السوفسطائية (العندية). كما قامت على أساس علماني، يرى عزل الدين عن أن يكون جزءاً من أنظمة الدولة، بل للدولة مذهبها الخاص الذي تصوغ على ضوئه كل قوانينها دون تدخل من الدين إلا في الحدود التي لا يضر فيها بمذهب الدولة.
وهذا المذهب بات لا يجوز المساس به، ولا الخروج عليه، ولا يقبل من الخلاف إلا ما كان في إطاره ومحيطه، وإلا فهناك من العقوبات الرادعة الزاجرة لمن يخرج عليه بوصفه متطرفاً أو إرهابياً. وأصبحت العقيدة الدينية مسألة شخصية، الحق فيها نسبي، ولا شأن للدولة بها، فليعتنق كل فرد ما يشاء، بشرط عدم الإضرار بالنظام العام أو بحريات الآخرين!
وقد عمل الغرب على تسويق هذا المصطلح بمفهومه الغربي، وفرضه على العالم بالترغيب والترهيب، حتى أصبح منصوصاً عليه في دساتير كثير من دول العالم. وصار لهذا المفهوم الغربي دعاة يدعون إليه بشتى الطرق؛ نظراً لما يحققه من اعتراف بشتى العقائد والمذاهب. كما أصبح المجال مفتوحاً لمن يريد الانتقال من دينه إلى غيره. وفي هذا فتنة لضعاف النفوس من المسلمين عن دينهم، وتسهيل سبل الانحراف عنه.
وقد حاول بعض الناس التوفيق بين نصوص الشريعة وأحكامها وبين المفهوم الغربي لحرية الاعتقاد، فكانت النتيجة تعسفاً في تأويل نصوصها وتوهيناً لأحكامها.
وبما أن الإسلام دين كامل وشامل -للدينٌ والدنيا والدولة والمجتمع- كان له موقفه المتميز من حرية الاعتقاد؛ فالحق واحد في ذاته لا تعدد فيه (فالله حق، ودينه حق، ورسوله حق)، ولا نسبية في ذلك. وواجب على الدولة المسلمة أن يكون الإسلام هو المهيمن على جميع شؤونها، وأن تكون أنظمة الدولة وقوانينها موافقة له، ولا تسمح بالخروج عليه، ولا الردة عنه، ولا تسمح بفتنة الناس عن عقيدتهم؛ ومن تعدّى فغيّر عقيدته الإسلامية عوقب عقوبة رادعة لأمثاله ممن تسول له نفسه أن يفعل مثل فعله. كما أن الإسلام بعدله وسماحته أجاز بقاء بعض الطوائف الكافرة على عقيدتهم بشروط محددة.

--------------------------


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 10:32 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59