لماذا يفضح الأمريكيون إيران؟
 

لماذا يفضح الأمريكيون إيران؟*
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

10 / 7 / 1435 هـ
9 / 5 / 2014 م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

http://taseel.com/UploadedData/Pubs/Photos/_6230.jpg


نتيجة لقصور في فهم العلاقة الإيرانية الأمريكية، يؤرخ البعض لما يمكن أن نطلق عليه (الربيع الأمريكي الإيراني)، بزيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني للولايات المتحدة الأمريكية نهاية العام الماضي.

وهو قصور ناتج عن عمليات الخداع المتبادلة من قبل كلا الطرفين (الأمريكي والإيراني) لإيهام العالم بوجود حالة من العداء الشديد بين الطرفين، لكن الحقيقة خلاف ذلك، فبين البلدين تعاون كبير وتوافق ومصالح مشتركة.

فالعلاقات الأمريكية الإيرانية علاقات قديمة، تمثل المصلحة فيها حجر الزاوية وعمود بقائها، فبفضل الإيرانيين استطاعت أمريكا دخول أفغانستان، ومن بعدها دخلت العراق، كما كان للوجود الإيراني دور كبير في رواج سوق السلاح الأمريكي، حيث مثل الخليج العربي أحد أكبر منافذ توزيع السلاح الأمريكي، وما كان هذا ليحدث لولا وجود إيران، تلك الدمية التي أجادت أمريكا والغرب بصفة عامة في استخدامها ضد العرب والمسلمين.

من ناحية أخرى كان للأمريكان أفضال عديدة على الدولة الإيرانية، فبفضل الأمريكان بسط الإيرانيون نفوذهم على العراق، وبسبب الحظوة التي يتمتع بها الشيعة عند الأمريكان- في مقابل العداء الشديد للمسلمين من أهل السنة- سكتوا عن انتهاكات الشيعة في العراق وخارج العراق، ولم يعاقبوا كما عوقب غيرهم على برنامجهم النووي رغم قربهم الشديد من إسرائيل، في الوقت الذي احتل فيه العراق بدعوى امتلاكه لأسلحة كيماوية لا نووية، وهو ما لم يثبت!!.

فخلاصة الأمر أنه ليس ثمة عداء حقيقي بين أمريكا وإيران، وإنما مناوشات بسبب الخلاف حول المصالح؟ ولهذا قد يخرج مسئول من حين لآخر- من قبل أي من الطرفين- بتصريحات تضر بالطرف الآخر أو تهاجم مواقفه...إنه الشد والجذب، والمد والجزر، في العلاقات بين الدول، لكن في الأخير تبقى المصلحة غاية كل وسيلة.

وعلى ذكر المسئولين، وما يلقونه من تصريحات، فقد خرج علينا بالأمس أحد كبار المسئولين الأمريكيين بتصريحات يكشف فيها تورط إيران فيما يحدث في العراق من أحداث عنف، حيث كشف الجنرال جورج كيسي القائد العام السابق لقوات الاحتلال الأميركية في العراق، عن وجود ارتباط وطيد بين قوة "فيلق القدس" الإيرانية التابعة للحرس الثوري وبين الميليشيات الشيعية في العراق.

وأكد كيسي أنه تم اعتقال ستة من عناصر قوة فيلق القدس كانوا مجتمعين مع ميليشيات شيعية لفيلق بدر، وتم العثور أيضاً على وصولات الأسلحة وسجل دقيق لجميع الأسلحة والمعدات التي استلموها.

وتابع "كانت هناك خارطة لبغداد تم التأشير عليها بالألوان وكانت هناك علامات توضح خطة لتهجير السنة والمسيحيين من أقسام في بغداد واحتلالها من قبل الميليشيات".

ولنا مع هذا التصريح عدة وقفات قصيرة، ترتبط بشكل كبير بطبيعة العلاقة بين البلدين (إيران) و(أمريكيا)، ولماذا تصر أمريكا من حين لآخر على إحراج حليفتها إيران، بتصريحات قد تضر بها؟

أولا نقول: إن مثل هذه التصريحات ما كان لمسئول أمريكي أن يتفوه بها– وإن ترك عمله- إلا بعد موافقة مخابرات بلاده، أو على الأقل اطمئنانه لهذه الموافقة، وعلمه بالرضا عن إذاعة مثل هذا الكلام، وهذا ما نلاحظه ونلمسه من خلال تتبعنا لمواقف أمريكا حكومة ومسئولين.

هذه واحدة، أما الثانية، فعن الخبر ذاته، فالدلائل والواقع يشيران إلى صدق ما جاء على لسان المسئول الأمريكي من وجود نفوذ إيراني على الأراضي العراقية، بل لا نكون مبالغين إن قلنا أن عراق ما بعد الاحتلال قد تحول إلى مقاطعة إيرانية تحكم وتدار من طهران، ثم إن الجميع يرضخ للإرادة الأمريكية.

ومن الرسائل التي يتضمنها هذا التصريح: إن أمريكا لا تريد أن تتورط في العراق وفيما يحدث بالعراق وحدها، فمن حين لآخر تؤكد- عبر خبر هنا وتصريح هناك- على تورط الجانب الإيراني في أعمال عنف أثناء الحرب وبعدها وإلى الآن، وهو ما يضمن لأمريكا بقاء إيران معها في نفس الخندق لا الفرار بعيدا وإلقاء كل التبعة على أمريكا وما فعلته بالعراق.

أخيرا نقول للقارئ الكريم لا تفرح كثيرًا بهجوم أمريكا على إيران أو العكس، فتلك سياسة ورائها ما ورائها، فلا يغرنك الصياح وعلو الصوت، فكلها ادعاءات لأجل كسب المصالح، والخاسر الوحيد في كل هذا نحن لا غيرنا.

---------------------------------------------
*{التأصيل للدراسات}
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ