ملتقى شذرات

ملتقى شذرات (https://www.shatharat.net/vb/index.php)
-   بحوث ودراسات منوعة (https://www.shatharat.net/vb/forumdisplay.php?f=14)
-   -   مخاطر الاعتماد على استيراد القمح (https://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=17815)

Eng.Jordan 11-03-2013 09:44 PM

مخاطر الاعتماد على استيراد القمح
 
بسم الله الرحمن الرحيم
مخاطر الاعتماد على استيراد القمح
مؤتمر " انتاج القمح.. وأزمة رغيف الخبز " – نقابة الزراعيين بالاسكندرية – 24 مايو 2008
الأستاذ الدكتور / محمد هاشم عبد الباري
أستاذ الحشرات الإقتصادية
كلية الزراعة – جامعة الأسكندرية
Mobile: 0101998870


فساد القمح والحبوب الأخرى المستوردة من الولايا ت المتحدة وغيرها

فى الرابع من ربيع الأول عام 1423 هجرية الموافق السادس عشر من مايو عام 2002 م وفقت الى نشر مقالة فى جريدة " آفاق عربية " الغراء- العدد 577 – بعنوان " حرب القمح الأمريكية مع مصر ... شاهد عيان " . ولقد اعتبرت تلك المقالة، من وجهة نظر المتخصصين وكذلك المشتغلون باستيراد القمح والحبوب وتخزينها وتصنيعها ، وثيقة يعتد بها عند التقاضى . ولذلك فإننى أرى إعادة نشرها فى ذلك المؤتمر، فهى تلقي الضوء على نوعية القمح والدقيق الذين نستوردهم من الولايات المتحدة وغيرها ، فالى المقالة المذكورة: " رغم ضآلة نسبة مساحة الأرض الزراعية فى مصر إلى مساحتها الكلية إلا أن مصر بلد زراعي فى المقام الأول ، وبرغم أن ازدرهار الأمم يقاس بمدى تقدمها فى الزراعة والطب ، إلا أن مصر البلد الزراعي بعد أن كان مصدًرا للقمح أصبح مستوردا لما يزيد على 80 % من احتياجاته من القمح عام 1987 ، ويستورد الآن نحو ثلثى احتياجاته من القمح ، ومعظم ما تستورده مصر من القمح يكون من الولايات المتحدة الأمريكية ، وكميات ضئيلة من فرنسا وأسترليا !! ويحدث هذا فى الوقت الذى أصبح فيه القمح سلعة استرايجية ، وأصبح سلاحا خطيرا تشهره الولايات المتحدة فى وجه الدول التي تسمى بالنامية للتدخل فى شئونها الداخلية والخارجية واملاء الشروط وإذلال الشعوب .. حتى وصل التدخل إلى مناهج التعليم وخطب الجمعة فى المساجد ، وهى الدولة الرائدة فى المنطقة العربية وبين الدول الإسلامية تعتبر من أولى الدول المستهدفة من تلك الضغوط ، ولا يمكن فصل القضية الفلسطينية فى ذلك المقام ، فهى قضية العرب والمسلمين جميعا . ولقد قمت منذ عام 1984 بفحص وتحليل عينات ممثلة من 39 سفينة تحمل رسائل القمح الأمريكي الشتوي الأحمر بلغت جملة حمولاتها 1.337.250 طنا من القمح وعشرة سفن محملة بالدقيق الأمريكي بلغت جملة حمولاتها 166.000 طن ، والتي دخلت مختلف الموانىء المصرية ، فضلا عن بعض سفن القمح الفرنسي والأسترالي الوارد إلى مصر ، ولقد كا ن الأسوأ هو القمح الأمريكي وكان أفضلها هو القمح الأسترالي من ناحية النظافة الحشرية والنظافة العامة . وفضلا عن تلوث رسائل الدقيق الأمريكي بالحشرات ومخلفا تها فقد كانت رسائل القمح الأمريكي بصفة عامة حاملة لعشرات الأنواع من الآفات الحشرية من حشرات المخازن والحشرات الحقلية الخطيرة التي لا يتسع المقا م لذكرها ، ولكن كانت تلك الشحنا ت تحمل عادة 6 أنواع من الحشرات المدمرة للحبوب سواء حية أو ميتة ، وهذة الحشرات تتواجد أطوارها ( اليرقة والعذراء ) داخل الحبوب نفسها دون أن يلحظها إلا المتخصصون عن طريق فحوص مخصوصة . وتحمل نحو 18 نوعا مختلفا من الحشرات التى تهاجم الحبوب المكسورة ومنتجات الحبوب بصفة عامة وأهمها الدقيق ومنتجاته ، فضلا عن الفواكه والخضروات المجففة والتمور والمكسرات والألبان المجففة وغيرها. ويأتى القمح الأمريكي ملوثا بحيوان ميكروسكوبى الحجم يسمى أكاروس الحبوب والدقيق سواء كان حيا أو ميتا . ويأ تى أيضا مصابا بمجموعة أخرى من حشرات الأعفان التي لا تهاجم الحبوب إلا إذا ساء تخزينها وتعرضت للرطوبة والتلف ، وهى 5 أنواع يدل تواجدها فى القمح الأمريكي المستورد على إهمال العناية بتخزينه ، وذلك فضلا عن الصرصور الأمريكي ، ويدخل مع شحنات القمح




محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24 مايو 2008

الأمريكي ما لا يقل عن 50 نوعا من الآفا ت الحشرية الحقلية الميتة مختلطة بالحبوب ، منها آفات خطيرة لا يسمح بدخولها لعدم وجودها فى البيئة الزراعيةالمصرية . ويدل وجود هذة الآفا ت الحقلية فى وسط حبوب القمح على عدم غربلة الحبوب وتنظيفها قبل تخزينها فى بلد المنشأ . وبعض أنواع حشرات المخازن المشار إليها والتى تدخل مع القمح الأمريكي حية أو ميتة منها أنواع لم تكن موجودة فى مصر وأصبحت موجودة . وبالطبع يرافق وجود أنواع حشرات الحبوب فى القمح الأمريكي تواجد مخلفاتها من براز وحمض البوليك وجلود انسلاختها وأجسامها الميتة فضلا عن إفرازاتها الخطيرة على الصحة العامة مثل إفرازات مركبات البنزوكينون التي تفرزها خنافس الدقيق والتي تسبب الأورام السرطانية . أضف إلى ذلك براز وبول وشعر الفئران والحيوانا ت الأكبر من ذلك ، علاوة على الأعلاف المصنعة لحيوانات المزارع والقواقع المختلطة بحبوب القمح . ويأتينا القمح الأمريكي ملوثا ببذور الحشائش الحقلية والتي وصل عدد أنواعها إلى نحو 57 نوعا ، وتكمن خطورة تلك البذور فى انتشارها فى الأراضي الزراعية المصرية عند تداول نواتج هذا القمح فى مطاحننا .

ويدخل مع شحنات القمح الأمريكي المستورد أنواع خطيرة من الفطريات الحقلية المسببة لأمراض النبات والتي يحظر دخولها على الزراعة المصرية ، ولعدم وجودها أصلا فى مصر، مثل الفطر سبتوريا نودورام والفطر سبتوريا تريتيساى Septoria tritici . ويدخل معه أيضا أنواع من فطريات التخزين التي تسبب تلف وتدهور الحبوب إذا ارتفعت رطوبتها ، ويؤدي وجود الحبوب المتعفنة الفاسدة مختلطة بالقمح إلى افراز سموم الأفلاتوكسينات بواسطة الفطريات التي تنمو مع الحبوب .

إن وجود خنافس الأعفان المشار اليها في شحنات القمح الأمريكي المستورد – والتي تنجذب للحبوب المرطوبة والمتعفنة حيث تتغذى على الأعفان التي عليها – يدل على سوء تخزين القمح وإهمال العنا ية به قبل الشحن . وتدنيس القمح ببراز الفئران يلوثه بنوعين من بكتريا السالمونيلا التي تسبب التسمم الغذائى للإنسان ، ويحوى بول الفئران الجراثيم الحلزونية لميكروب ليبتوسبيرا ، والذي يظل فعالا وقادرا على العدوى لفترات زمنية طويلة اذا ما تواجد فى حبوب رطبة فى رسائل القمح . والتلوث بأكاروس الحبوب والدقيق ومخلفاته يتسبب فى تفاعلات حساسية للإنسان . وتسبب الإصابة الحشرية عموما انتشار الكائنات الدقيقة الضارة فى القمح المخزون علاوة على خفض رتبة القمح . وعادة ما يأخذ القمح الأمريكي المستورد درجة أو رتبة "مسوّس " .

ومنذ أغسطس عام 1987 بدأ وصول القمح الأمريكي ملوثا ببذور القطن الأمريكي ، فلقد حملت أحدى الشحنا ت (25.300 طن ) نحو 63 مليون بذرة مختلطة بالقمح ، ومما يدعو إلى الدهشة والريبة أن زراعة القمح شتوية بينما زراعة القطن صيفية ، فلا مجال للاختلاط طبيعيا ، وقد يلقى هذا الأمر بعض الضوء على أسباب تدهور زراعة القطن فى مصر عندما تنتشر بذور القطن الأمريكي بصورة أو أخرى فى الأراضي الزراعية المصرية ، ولقد تراجع القطن المصري عالميا بعد أن كان القطن المصرى طويل التيلة هو الأفضل فى العالم بلا نظير ...وذلك فضلا عن حصول الصهاينة والأمريكا ن على تقا وي القطن المصرى بالطرق غير المشروعة فى تلك الحقبة .. ذلك القطن الذى جاهد علماؤنا المخلصون وجاهدت وزارة الزراعة أحقابا للحفاظ عليه قبل إتفاقية كامب ديفيد ، والإنفتاح الصهيونى الأمريكي ( لايرقبون فى مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون )] التوبة :10[.

ولقد كان قرار وزير التجارة رقم 1395 لسنة 1975 يحتّم خلو القمح المستورد من الإصابة الفطرية والحشرية بجميع أطوارها الحية والميتة ، ثم صدر القرار رقم 712 لسنة 1987 الذى يحتم خلو القمح المستورد من بذور القطن أيضا . وماذا بعد ؟ إن زيادة إنتاج القمح ضرورة وطنية وقومية استراتيجية ، ولقد أصبحت الضرورة ملحة ، بل أكثر إلحاحا الآن ، لتحقيق قومية قضية القمح إنتاجا واستهلاكا والجدية فى اعتباره سلعة استراتيجية وليس كأي سلعة أخرى غذائية ، فإن الوجبة الرئيسية على مائدة المواطن المصري هي رغيف الخبز ، ويحتم ذلك تضافر جميع الجهود لوضع خطة طموحة تلتزم بجدية تنفيذها القطاعات الرأسية والأفقية إعتمادا على محورين رئيسيين : الأول هو زيادة الإنتاج بزيادة الرقعة المنزرعة



محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24 مايو 2008

سنويا ، والتمسك بتطبيق دورة زراعية مناسبة ، وبرفع معدلات الإنتاج باستخدام التقاوي عالية الإنتاجية والمعتمدة والمحسنة بمعرفة وزارة الزراعة . ولقد بدأت وزارة الزراعة حملة قومية للنهوض بمحصول
القمح منذ سنوات – كما تقوم بحملة أخرى منذ أكثر من عشرين عاما للنهوض بمحصول الذرة الشامية – حيث تقوم بنشر تقاوى القمح عالية الإنتاجية في مختلف مناطق الجمهورية ، أما المحور الثانى فهو الترشيد النسبي للاستهلاك والحد من الفاقد . ولا ينبغى أن نغض الطرف فى هذا المقام عن أهم المشاكل التي يعانيها الزًراع وهى تحديد سعر القمح والذرة الشامية وغيرها للمنتجين عند مستوى منخفض ، فإن ذلك يعتبر عاملا محبطا تماما للمزارعين ، ولا يشجعهم على زراعة القمح مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج ، وزيادة حجم الاستيراد لسد الفجوة الغذائية .. وإذا كانت الحكومة الأمريكية تدعم مزارعي القمح حتى لا يحجموا عن زراعته نظرا لاستراتيجية انتاجه بالنسبة للولايا ت المتحدة للضغط على الشعوب والحكومات فالأولى لنا أن ندعم المزارع المصرى ونشجعه بزيادة سعر استلام القمح مهما كلفنا لأهميتة الاستراتيجية لنا للتخلص من الضغوط الأمريكية والصهيونية بدلا من دعم المزارع الأمريكي با ستيراد ملايين الأطنان من القمح الذي ينتجه سنويا ليستمر فى انتاجه فى الوقت الذي يحجم المزارع المصري عن إنتاجه. ولابد أن يرافق التوسع فى زراعة وزيادة إنتاجية القمح فى مصر التوسع أيضا فى انشاء وتشييد صوامع الغلال الحديثة، وإقامة وحدات التجفيف لتخزين أكبر قدر من القمح على أقل وحدة مساحة فى مختلف المحافظات ومناطق الإنتاج حتى يمكن الحفاظ على مخزون استراتيجي بطرق سليمة ، تقلل من الإصابا ت الحشرية والفطرية حفاظا على صحة الإنسان المصري الذي كابد طويلا من فساد الأغذية المستوردة وأولها وأهمها القمح. لقد آن لنا حكومة وشعبا أن نحسن النية ونتوكل على الله عز وجل : إن القمح سلاح أمريكي استراتيجي فلماذا لا نبطل مفعوله ونتجنبه ؟ لماذا لا نعمل وقد قال الله تبارك وتعالى ( وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) وقال رسول الله الأمين صلوات الله عليه وسلامه : " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" !! إن أمامنا الهند والصين اللتين عانتا المجاعات لعدة قرون ماضية ، وقال الخبراء في شأ نهما أنه لا أمل لهما ، إنهما تنتجان الآن طعاما يزيد عما يكفى لسكانهما الذين يبلغون أكثر من ثلث سكان العالم . إن الحل ميسور وبإذن الله مكفول ، إننا قادرون بحول الله وقوته على سد الفجوة الغذائية في القمح حتى يكون قرارنا نابعا من عندنا ، ولماذا نستسلم للولايات المتحدة الأمريكية بالإعراض عن زيادة مساحة القمح بالدرجة التي تسد احتياجاتنا ، وقد قال المولى عز وجل : ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون ان كنتم مؤمنين ) ] آل عمران : 175 [ ولم نحجم عن هذا العمل الصالح وقد قال تعالى : } ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح { ] التوبة : 120 [ ويقول تعالى :} من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد {] فصلت: 46[ . إنني أنادي إخواننا المزارعين في مصر بأعلى صوت : ازرعوا قمحا ، ازرعوا قمحا، فلقد أصبحت وأضحت وأمست زراعة القمح فرض عين على كل صاحب أرض ومزارع لصون العزة والكرامة وللحفاظ على الأمن ، ازرعواقمحا بدلا من الكانتالوب والفراولة ، إننا نستطيع أن نصبر على الكنتالوب والفراولة ولا نصبر على القمح . لقد قيل منذ عشرين عاما أن طن الكنتالوب والفراولة يشتري عشرة أطنان من القمح ، ولكن ماذا لو لم تشتر أوروبا أو غيرها الكنتالوب والفراولة ؟ وماذا لو رفضت الولايات المتحدة أن تبيعنا القمح ؟ ان الحرب قادمة قادمة وسوف تضحًى بنا الولايات المتحدة وبكل العرب لصالح العدو الصهيونى كما ضحًت من قبل ، وكما تضحى بنا الآن . فلماذا لا نرشد احتياجنا ولماذا لا نتسلح بقوة المستغني؟ إن زراعة القمح قوة ، وقد قال لنا ربنا عز وجل : ] وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم [] الانفا ل 60 [.
إن زراعة القمح ضرورة حيوية وجهاد . إن الطموح والأمل لا يحده اكتفاء مصر بقمحها وإنما يمتد ويتسع ليكون اكتفاء ذاتيا وتكاملا عربيا وإسلاميا ، ولقد قال لنا القرآن الكريم : ] ولكلّ درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لايظلمون [ ] الأحقاف: 19 [ . وقال كذلك} وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا { النساء :135 [ ". انتهت المقالة .

هذا ولم أشر فى تلك المقالة إلى نوعية شحنات الذرة وغيرها من الحبوب التي نستوردها من الولايات المتحدة الأمريكية أيضا ومن غيرها ، والتي يتغذى عليها الحيوان والدواجن ، ناهيك عن المواطن

محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24 مايو 2008

المصري ، فترتد إلى أجسامنا سموما زعافة . ومنذ نشرت تلك المقالة توالت الكتابات فى الصحف المختلفة عن الأقماح المستوردة من كافة الدول الموردة وفسادها ، وآخرها قمح العلف الذي نستوردة للاستهلاك
الآدمى . وإن كنت قد أشرت إلى خطورة التقاعس عن إنتاج ما يكفينا من القمح فإننى لا أغفل هنا خطورة التقاعس أيضا عن إنتاج بقية الحبوب اللازمة لكفاية الإنسان والحيوان في مصر .


(1) مخاطر فساد القمح والحبوب بالحشرات والفطريات :

تعتبر الحشرات سببا رئيسيا للخسائر في القمح والحبوب الأخرى المخزونة ، فهى تقوم من خلال وضع البيض والتغذية بتدمير الحبوب ، وتعمل كناقلات لنشر كثير من أنواع الكائنات الدقيقة كالفطريات والجراثيم والسموم الفطرية ، وهى تلوث الحبوب أيضا بافرازتها وفضلاتها وأجسامها الميتة .

من ناحية أخرى يعتبر التلوث بافرازات بعض أنواع من حشرات المخازن – مثل خنافس الدقيق التابعة لعائلة حشرات Tenebrionidae – يعتبر هو المشكلة الرئيسية للإصابة أكثر منه الفقد في الوزن ، حيث تتعرض الحبوب ومنتاجاتها مثل الدقيق لمركبات الكينون Quinons التي تطلقها تلك الحشرات ، وهي افرازات دفاعية في صورة سوائل لاذعة ومهيَجة . ولايقل عدد هذه المركبات عن 13 مركب مختلف للحشرة الواحدة ، وهي تعطي الحبوب والدقيق رائحة مميزة نفاذة ، وتسبب أوراما فى الكبد والطحال للفئران وغيرها مع حدوث طفرات . ولم يتم دراسة تلك التأثيرات في الإنسان بصورة واضحة بالرغم من أنه معروف أن هذه المواد تسبب له الصفراء والأنيميا والهزال والبول المدمم. فضلا عن ذلك فان لتلك المركبات تأثير سلبى على الصفات التكنولوجية للعجين الناتج من القمح والدقيق المصابين ، حيث تقل مطاطيتة ويتقطع أثناء التخمر ويتفتت الخبز الناتج منه ، ويكون ذو رائحة نفاذة ولون داكن ، لأن هذه الافرازات تغير لون الدقيق من الأبيض إلى القرنفلي . و لاتتأثر تلك الافرازات بحرارة الخبيز ، فتبقى فعالة وشديدة الضرر حتى في المخبوزات نفسها.

وحتى وجود الحشرات وحدها في الحبوب ذات الرطوبة المناسبة للتخزين يؤدي إلى رفع مستوى الرطوبة ودرجة حرارة الحبوب من خلال أنشطة الحشرات مما يجعلها مناسبة للنموات الفطرية .

وتعتبر العلاقة بين الحشرات والفطريات والبكتريا في النظام البيئي للحبوب المخزونة علاقة حميمية ومعقدة ، فتعمل مخلفات الحشرات المتغذية على الحبوب ليس فقط كمصدر للتلوث ولكنها توفر أيضا الغذاء للنمو البكتيري . إن فهم هذة العلاقة من ناحية تلف وفساد الحبوب لن يساعد على خفض الخسائر الإقتصادية فحسب ، وإنما يمكن أن يساعد كذلك على تفادي مخاطر محتملة على صحة الإنسان والحيوان المستهلك . ولذلك فإن استخدام هذه الحبوب المصابة كغذاء للإنسان يكون مصدرا للمشاكل الناجمة عن تلوث المنتجات بأجسام الحشرات وفضلاتها. وكذلك فإن استخدام الحبوب المصابة لتغذية حيوانات المزرعة قد يكون أحد الخيارات في بعض الأحيان ، ولكن هناك فاقد اقتصادي لا يمكن تعويضه ، والذي يحدث بسبب نقص كمية الحبوب و/ أو تقليل اختبار الوزن ( خفض الوزن لكل أردب).

وبالإضافة إلى زيادة الخسائر الناجمة عن خفض القيمة التسويقية عند البيع ، فإن الحشرات التي تتغذى على الحبوب فضلا عن أنها تعمل على زيادة نمو الفطريات والعفن كما سبق ، فإنها تعمل على زيادة كمية المواد الدقيقية التي تنتج عن تغذيتها ، فتعمل على إعاقة عملية التحكم في درجات الحرارة وإعاقة عملية التهوية وتقلل من كفاءة عملية مكافحة الحشرات بالتبخير إذا لزم الأمر ، وربما الفشل في مكافحة تلك الآفات .

وتفرز فطريات العفن التي تنمو على الحبوب الرطبة أو التي ساء تخزينها سموما تسمى الميكوتوكسينات Mycotoxins كنواتج ثانوية لنموها . والميكوتوكسينات مركبات كميائية يوجد منها الكثير وكل نوع من الفطريات تنتج أنواعا محددة من تلك المركبات ، ولكن قليل منها التي تفرز بصفة
محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز "– 24 مايو 2008

منتظمة في الغذاء وفي علائق الحيوانات كالحبوب والبذور . ورغم قلتها فإن لتلك التوكسينات تأثيرات شديدة الخطورة على صحة الإنسان والحيوانات الزراعية ، وهى ترتبط بالمحاصيل المريضة أو المتعفنة . وقد يكون تأثير بعض الميكوتوكسينات المحمولة على الغذاء حادا فتظهر أعراض المرض الشديد سريعا جدا . وقد يكون لبعضها الآخر تأثيرات مرضية مزمنة وتراكمية على الصحة تستغرق زمنا أطول ، منها تشجيع السرطان ونقص المناعة . ولا تزال المعلومات عن الميكوتوكسينات المحمولة على الغذاء بعيدة عن الاكتمال ، ولكن هناك ما يكفي لتصنيفها كمشكلة شديدة الخطورة فى مناطق كثيرة من العالم حيث تسبب خسائر اقتصادية فادحة . ومن تلك الميكوتوسكينات سم الأوكراتوكسين أ ( Ochratoxin A ) ، وهو مسرطن لحيوانات التجارب المعملية والخنازير، وينتج من فطر Aspergellus ochraceus ومن فطر البنسليوم في القمح والشعير والحبوب الأخرى . ومنها سم الفيومونيزن ب 1(Fumonisin B1) ، وينتجه فطر الفيوزاريوم مونيليفورم Fusarium moniliform في الأذرة وهو سام وقاتل للخيول . وهناك سموم الزيرالينون Zearalenone من بعض فطريات الفيوزاريام في القمح والأذرة ، وهي عامل مسرطن للإنسان وتؤثر في الجهاز التناسلى لإناث الخنازير . والافلاتوكسينات Aflatoxins سموم تطلقها بعض سلالات فطريات الاسبرجيلاس Aspergillus ، ويؤدى استهلاك كميات ضئيلة من تلك السموم إلى الموت خلال 24 ساعة. وقد صنعت الافلاتوكسينات لنفسها اسما فى عام 1960 عندما قتلت 100,000 ديكا روميا في بريطانيا بسبب أكل الفول السوداني العفن ، وهي قادرة على احداث السرطان في الفئران والعضو المستهدف الرئيسي هو الكبد بقتل خلاياه . إن الذرة التي تحتوى على مستويات 20 جزء في البليون (20 جم في الألف طن ) أو أعلى لا يمكن السماح ببيعها تجاريا بين الولايات المختلفة في أمريكا ، ولايسمح مطلقا باعطائها للدواجن أوحيوانات المزرعة ولا للخنازير فضلا عن الحيوانات المنتجة للألبان ، ولايسمح بالطبع بطحنها أو تصنيعها للاستهاك الآدمي. ولايزال هناك الكثير الذي يمكن قوله عن سموم فطريات أعفان الحبوب مما لايتسع له المقام .


(2) مخاطر فساد القمح والحبوب بالأكاروسات

الأكاروسات هي عناكب مجهرية بالغة الصغر ، ولعل المزارعون أكثر إلماما بأشهر الأكاروسات لديهم في الحقول وهو أكاروس العنكبوت الأحمر الذي يصيب كثيرا جدا من المحاصيل والفاكهة . ولدينا هنا أشهر أكاروسات الحبوب والدقيق والذي يسمى بحلم الحبوب والدقيق. وهو لا يرى بالعين المجردة ولكنه يوجد بأعداد هائلة عند توفر الظروف من ارتفاع نسبة رطوبة الحبوب ، وعلى جسم أكاروس الحبوب شعرات طويلة تسبب تهيج جلد وأنسجة الانسان والحيوان عند الملامسة . وتتسبب إصابة الحبوب والدقيق الشديدة بالأكاروسات في ارتفاع درجة حرارتها وانبعاث رائحة كريهة مميزة ، وانخفاض نسبة الدهون والفيتامينات في الحبوب ، وقتل أجنة الحبوب فتضعف مقاومتها للحشرات والفطريات وتموت الحبوب . كما يسبب استهلاك الحبوب المصابة بالأكاروسات اضطرابات هضمية للإنسان والحيوان ، وتحدث تهيجات جلدية شديدة للإنسان والحيوان عند ملامسة الأكاروسات ، فضلا عن تفاعلات حساسية في المجارى التنفسية له عند التعرض لأتربة الحبوب المصابة التى تحوى أجسامه الميتة وجلود انسلاخه وبرازه ، مسببة لمرض الربو الشعبى.


(3) خطورة دخول وانتشار مرض الارجوت Ergotوالتسمم به

تدخل رسائل القمح الأمريكى المستورد الى مصر وهى تحوى أجساما سوداء متصلبة ناتجة عن اصابة المحصول المستورد فى حقول دولة المنشأ بمرض فطرى خطير على القمح نفسه وعلى الانسان والحيوان المستهلك لذلك القمح . هذا المرض يسمى الارجوت Ergot . يرجع الارجوت الى مرض يصيب كثير من نباتات الحبوب والحشائش ، ويتسبب عن أنواع عدة من الفطريات التابعة لجنس Claviceps . الزهرة فقط هى التى تصاب من أجزاء النبات المختلفة ، حيث ينمو الفطر بداخلها. الفطر
محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز "– 24 مايو 2008

يفترس مبايض أزهار القمح والشعير الصغيرة السن وغيرها من المحاصيل النجيلية والحشائش النجيلية. وفى النهاية فان التركيب الذى يبقى على قيد الحياة هو تركيب أسود متصلب يشبه القرن فى الشكل وطوله 1-5 سم ، ويسمى بالقبعة الصلبة Sclerotium ، والذى يتكون داخل المبايض بدلا من الحبة. وفى الخريف تسقط تلك القرون الصلبة السوداء على الأرض ، وتمضى فصل الشتاء فى التربة ، ثم تنبت وتطلق جراثيمها فى الربيع التالى حيث تنتشر تلك الجراثيم بالرياح والحشرات لتهاجم المحصول التالى. وعند حصاد المحصول تختلط القرون السوداء بالحبوب المصدرة الينا ليأكلها الانسان والحيوان فى غذاءه. وتحتوى القرون الصلبة على قلويدات بعضها شديد السمية على الانسان والحيوان الزراعى ، وبعض قلويداتها لها خصائص طبية.

المصريون يعرفون الارجوت والذى لا يتكاثر جيدا فى ظروف الطقس المصرى الجاف ولذلك فهم فى مأمن منه طالما أكلو قمحهم . بعكس الحال فى الدول المستهلكة للشعير البرى فى شمال أوربا فى حقبة العصور الوسطى السابقة حيث التسمم بالارجوت Ergotism ، والذى يعتبر مشكلة عرضية فى تكساس عندما تتغذى المواشى على الحشائش المصابة.

يحتوى الارجوت على الارجوتامين Ergotamine الذى تم انتاجه من الارجوت عام 1918. الجرعات المتوسطة من الارجوتامين تسبب تشنج ألياف العضلات الملساء مثل تلك الموجودة فى الشرايين الصغيرة . ولقد استخدم الارجوتامين لمكافحة النزف Hemorrahage ، ولرفع انقباضات الرحم خلال عملية الولادة . ويستعمل كذلك لعلاج الصداع النصفى ( وهو الاستخدام الأعظم فى تلك الأيام ).

فى الجرعات الكبيرة يشل الارجوتامين أطراف الأعصاب المحركة للجهاز العصبى التعاطفى. ويتسبب مرض التسمم الارجوتى أو الارجوتيزم ( وهو يسمى أيضا بمرض نار سانت أنطونى St. Antony's fire ) بالتناول المفرط للارجوت. ويمكن أن يحدث ذلك بالافراط فى تناول العقار أو باكل مخبوزات ملوثة أو مصنعة من الدقيق الملوث كما كان يحدث فى أوربا فى العصور الوسطى ( ويمكن أن يكون الارجوتيزم خطيرا أيضا على الأبقار والماشية باكلها الحبوب الملوثة بالارجوت أو الحشائش المصابة بالارجوت أيضا ).

يتميز التسمم الارجوتى ( الارجوتيزم ) الحاد والمزمن بالارتباك العقلى ، والانتفاضات والتشنجات ، والتشنجات العضلية Muscle cramps ، والغنغرينا الجافة ، وتساقط الأنسجة و الأطراف Extremitis ، والموت. والعقار النفسى " لايسيرجيك أسيد داى ايثايل أميد" والمعروف جيدا بعقار الهلوسة LSD ينتمى كيميائيا الى الارجوتامين . ولذلك فان التسمم الارجوتى يتضمن الهلاوس أيضا. وبالرغم من أن تقارير الارجوتيزم أو التسمم الارجوتى فى الحيوانات الزراعية تختلف من عام الى آخر فى الولايات المتحدة تبعا لهطول الأمطار ودرجة الحرارة ، الا أن التسمم بتلك السموم الفطرية Mycotoxicosis يحدث فى المناطق المنتجة للحبوب فى السهول الشمالية فى معظم الأعوام. وهناك ثلاثة أعراض متلازمة وصفت فى تسمم الحيوانات: التسمم الارجوتى للجهاز العصبى ، وغنغرينا التسمم الارجوتى ، وانقطاع افراز اللبن من الضروع Agalactosis .

بقى أن نعرف أن فطر الارجوت Claviceps purpuraeيعتبر من الآفات غير الموجودة فى مصر، ولا يجوز دخولها البلاد ( الوقائع المصرية – العدد 112 – ص 8 – بتاريخ 19 مايو 2002 )، ولكن قرون الارجوت السوداء الصلبة – التى تنبت فى الأرض فى الظروف الملائمة وتصيب جراثيمها محاصيل القمح والشعير والذرة الرفيعة والحشائش النجيلية ، والتى يسبب تناول الانسان والحيوان لها بالتسمم الارجوتى الموضح عاليه - تدخل هذه القرون مع جميع رسائل القمح الأمريكى المستورد. ومن الجدير بالذكر أن مصر لا تستورد الا الأقماح من الرتبة الثانية. وقمح الولايات المتحدة من الرتبة 2
( U.S. No.2 ) الذى تستورده مصر لا يعتبر ارجوتى Ergoty – من الناحية التجارية - أى ملوث بالارجوت - الا اذا احتوى على أكثر من 05و0 % وزنا من الارجوت. معنى ذلك أن القمح الأمريكى المستورد لا غبار عليه – تجاريا - مادام يحتوى على 05و0 % أو أقل وزنا من قرون الارجوت الصلبة

محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24 مايو 2008

السوداء المسببة لكل تلك الأخطار المروّعة المشار اليها. أى أنه لا غبار على هذا القمح الأمريكى المستورد مادام يحتوى على 500 طن أو أقل من الارجوت فى كل مليون طن نستوردها ، أى يحوى 3500 طن أو أقل فى السبعة مليون طن التى نستوردها . ولقد كانت النسبة المنصوص عليها 3و0 % حتى وقت قريب (2005) ، أى كانت النسبة المسموح بها ستة أضعاف النسبة الحالية المسموح بها ، فلك أن تقدر آلاف الأطنان من تلك المواد السامة التى دخلت من قبل. وتنتشر هذه الآلاف من أطنان الارجوت الأمريكى المدمر فى أراضينا ، وتأكلها مواشينا وطيورنا ، ونأكلها نحن وأطفالنا ، دعما للمزارع الأمريكى وفى سبيل مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية. ألسنا فى غنى كامل عن تلك المخاطر والأخطار التى تحدق بنا باستيراد القمح الأمريكى أو الأوربى أو الأسيوى ، اذا ما انتبهنا الى مصالحنا نحن وليس مصالح الولايات المتحدة الأميريكية وزرعنا قمحنا وأكلنا من عمل يدنا.
متى نفيق؟


(4) خطورة دخول فطريات تلطّّخ أوراق القمح: السبتوريا Septoria

وهما مرضان فطريان يسببهما الفطر Septoria tritici والفطر Septoria nodorum يصيبان زراعة القمح فى الحقل ، ويدخلان الى البلاد مع مخلفات القمح من قطع أوراق وسيقان القمح الجافة الموجودة فى الشوائب . وقد تم رصدهما فى رسائل القمح الواردة من الولايات المتحدة الامريكية. ويسببان خسائر خطيرة اذا كانت الظروف ملائمة لانتشارهما . ففى السنوات التى يواتيها الطقس الرطب والرياح فى منتصف وأواخر الربيع يمكن أن تصل الخسائر الناجمة عنهما الى 20 – 30 % فى الانتاج . وتحدث أكثر الخسائر فى الورقة العليا والورقتين الأسفل منها عندما تصبح مصابة وقت ازهار القمح . فاذا دمرت تلك الأوراق قبل الطور اللبنى ستكون الحبوب خفيفة الوزن وعجفاء .

هذان المرضان يؤثران على الانبات ويسببان عطب البادرات فى القمح عند زراعة الحبوب المصابة بهما بدون معالجة مناسبة بالمبيدات الفطرية .

فطريات السبتوريا بنوعيها المذكورين تعتبر آفات غير موجودة فى البيئة الزراعية المصرية ، ولا يجوز دخولها البلاد مع القمح أو الشعير أو الذرة الرفيعة ( السورجام ) ( الوقائع المصرية – العدد 112 – ص 8 – بتاريخ 19مايو 2002 ). ولكنها دخلت مع رسائل القمح الأمريكى!!


(5) لماذا نتعاقد على 5 % مواد غريبة ؟

لا تتعاقد مصر الاّ على الأقماح من الرتبة الثانية ، وأغلبها أقماح الولايات المتحدة من الرتبةU.S. No.2 . وتقتضى التعاقدات على تلك الأقماح الاّ تزيد فيها العيوب الكلية Defects (total) عن 5 % من أوزان شحنات القمح ، تبعا للمواصفات القياسية الأمريكية للحبوب U.S. Grain Standards. ويعنى ذلك أن التعاقد يسمح حتى 5 % من القمح وزنا من العيوب. وبمقتضى ذلك أنه اذا كنا نتعاقد على استيراد سبعة ملايين طنا من القمح من الرتبة الثانية فاننا يجب أن نقبل أن يحتوى هذا القمح على 350000 طن من العيوب . فاذا كان سعر الطن 400 دولار (بالأسعار الحالية) أو أكثر فان مصر تدفع من خزانتها مالايقل عن 140 مليون دولار سنويا ثمنا لتلك العيوب أو الشوائب ، وفضلا عن انعدام قيمتها الغذائية، فانها تتضمن موادا خطرة زراعيا وصحيا. ولكن تعالوا نتعرف على تلك العيوب أو الشوائب التى ندفع مايزيد عن 140 مليون دولار ثمنا لها سنويا:

أ) نسبة حبوب القمح التالفة بالحرارة Heat damaged kernels : ( نتيجة التجفيف الجائر بالحرارة فى المجففات الصناعية ، أو التالفة بحرارة التخمر والتعفن ) لا تزيد عن 2و0 % وزنا ، أى يمكن أن تصل

محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24 مايو 2008

نسبة تلك الحبوب التالفة بالحرارة الى 2و0 % من وزن كل شحنة قمح . وبلغة الدولارات يمكن أن نستورد مع القمح المستورد حبوبا تالفة بالحرارة لاقيمة لها لانسان أو حيوان أو طير مايصل حجمها الى 14000 طن سنويا قيمتها 6و5 مليون دولار أو مايزيد سنويا.

ب) الحبوب التالفة الكلية Damaged kernels (total) والتى تتضمن:
1- الحبوب المريضة تالفة أو مكشوطة الجنين Sick wheat (Germs scraped) .
2- الحبوب التالفة بالحرارة.
3- الحبوب المثقّبة بفعل السوس وحشرات الحبوب الأخرى Weevil or insect bored .
4- الحبوب المصابة بعفن القمة السوداء Black-tip fungus . هذاالعفن عند اصابته لحبوب القمح
يؤدى الى: خفض اختبار الوزن ، أى يخفض الوزن القياسى لوحدة الحجم من حبوب القمح ،
وخفض الرتبة التسويقية ، وخفض انبات الحبوب ويزيد من حدوث تعفن البادرات Seedling
blight.
5- الحبوب النابتة Sprouted grains بفعل الرطوبة.
6- الحبوب المريضة والجرباء أو جيرية المظهر Blight and scrab kernels.
7- الحبوب الخضراء غير الناضجة Green (immature) kernels.
8- الحبوب التالفة بالصقيع Frosted kernels .

ت) المواد الغريبةForeign material :
وهى أية مواد خلاف حبوب القمح ، والتى تتبقى يعد ازالة الشوائب Dockage ، والحبوب العجفاء الضامرة ، والحبوب المكسورة . و الدوكاج Dockage هى كل المواد الخشنة خلاف حبوب القمح ، والتى يمكن ازالتها باستخدام الغرابيل وأدوات التنظيف. والمواد الغريبة التى تتبقى بعد استبعاد الدوكاج تتضمن بذور الحشائش وحبوب وبذور النباتات الأخرى خلاف القمح والتى منها: براز الحيوانات والطيور، وبذور الخروع السامة ، وبذور الخشخاش Crotalaria spp. السامة للماشية ، وقطع الزجاج ، وقطع الحجارة ، أو أى مادة غريبة غير معروفة.

ويقتضى التعاقد على قمح الولايات المتحدة نمرة2 U.S. No.2) ) ألاّ تزيد أى من تلك المواد الضارة ( أى منها أو مجتمعة ) عن 4 قطع فى الكيلوجرام الواحد ، حتى لا تخرج من نطاق رتب القمح القياسية . أى تكون رسالة القمح الأمريكى نمرة 2 مقبولة اذا احتوت مايصل الى 4 قطع من براز الفئران ، أو 4 قطع من براز الحيوانات الأخرى مثل الكلاب والخنازير والأبقار والأغنام والطيور وغيرها . وبلغة أخرى يجب ان نقبل قمح الولايات المتحدة نمرة 2 حتى وان احتوى على 4000 قطعة فى الطن من براز الجرذان مثلا ، أى أننا يمكننا أن نستورد مع القمح الأمريكى 28 مليار كرية من كريات براز الجرذان الأمريكية على سبيل المثال.

وتعتبر رسالة القمح الأمريكى نمرة2 مسوّسة " Weevily" اذا تعدّى عدد الحبوب المثقّبة بفعل السوس أو حشرات الحبوب الأخرى 31 حبة فى كل 100 جرام قمح ، أو اذا كانت هناك أكثر من سوسة واحدة حية فى كل كيلوجرام قمح. بمعنى آخر أنه علينا أن نرضى ونتقبل وجود 310 حبة مسوّسة فى كل كيلوجرام قمح نستورده ، أو 1000 سوسة حية فى الطن. واذا كان متوسط وزن الحبة السليمة من القمح 036و0 جرام ، وبافتراض أن السوس قد استهلك نصف الحبة المسوسة فيكون متوسط وزن الحبة المسوسة 018و0 جرام . وبحسبة سريعة نجد أننا نستورد قمحا يتضمن 3906 طنا من الحبوب المسوسة فى السبعة ملايين طن التى نستوردها ونستهلكها سنويا. وتحمل هذه الأطنان - خالصة التسوس - جميع الأخطار التى سبق شرحها من وجود الحشرات وافرازاتها وجلود انسلاخاتها الى صوامعنا ومخازننا وشوننا ومطاحننا ومخابزنا وبطوننا وبطون أطفالنا وبطون ماشيتنا وحواصل طيورنا. ولقد سبق ايضاح مخاطر سرعة تكاثر حشرات الحبوب ، وعلى ذلك يمكنك تخيّل سرعة تكاثر 1000 سوسة حية فى طن القمح المستورد فى

محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24 مايو 2008

الصوامع والمخازن والشون فى العراء ، حتى يحين موعد طحنه واستهلاكه تحت الظروف الجوية المصرية المشجعة على سرعة تكاثر الحشرات.

ولا تعتبر رسالة القمح الأمريكى المستوردة ارجوتية Ergoty أى ملوثة بقطع قرون الارجوت الصلبة السوداء الا اذا زادت قطع الارجوت السامة فيها عن 05و0 % وزنا. بمعنى أن المستورد للقمح الأمريكى يجب أن يقبل بوجود نصف كيلوجرام من قطع الارجوت الخطيرة فى الطن . ومن تلك القطع ما هو فى حجم حبة القمح فلا يمكن فصله ، ويتم طحنه ، وتتلقفه أفواهنا وأفواه أطفالنا ، أما القطع الأخرى الأقل والأكبر من حبة القمح فتنتشر فى أراضينا وتأكلها ماشيتنا وطيورنا وأسماكنا ، ثم نأكل نحن هذه وتلك.

ولا تعتبر رسالة القمح الأمريكى قد خرجت من مواصفاتها القياسية اذا احتوى كل كيلوجرام منها على اثنتين من فصيصات الثوم الخضراء أو الجافة أو الجافة جزئيا ، فاذا زادت عن فصيصتين تسمى الرسالة مثوّمة Garlicky ، وتكون قد خرجت من المواصفات القياسية. ولا تخرج رسالة القمح عن المواصفات القياسية اذا احتوت على 5 كريات من العفن متوسط الحجم فى كل كيلوجرام من القمح.

ولا تتضمن المواد الغريبة أجسام الحشرات الحقلية الميتة – والتى تبلغ نصف البوصة والبوصة والبوصة ونصف البوصة طولا – فحسب ، بل تضمنت أيضا بذور القطن الأمريكى من قبل. ففى عام 1987 وصلت ميناء الاسكندرية شحنة قمح أمريكى ملىْ ببذور القطن ، كتبت تقريرا برفضها ، وقد تم بيعها الى دولة أخرى لاتزرع القطن ، ثم توالت بعد ذلك سفن القمح الأمريكى المحمل ببذرة القطن ، وعندما رفضتها لم تتقبل أمريكا ذلك مرة أخرى ، وقالوا بصلف بأن خبرائهم ينفون وجود بذرة القطن فى القمح ، فاضطرت مصر الى تحويل السفن المحملة بالقمح الى ميناء سفاجة لغربلتها ثم ادخالها البلاد لطحنها، وهيهات أن تغربل ، فان تلك العملية شاقة للغاية وتستغرق شهورا للشحنة الواحدة ، وبالتالى فان هذه القرارات لم تكن الا قرارات نظرية . وحتى لو غربلت بالفعل فان نواتج الغربلة لكانت قد بيعت لتجار العلف وتسربت وتسرسبت فى أراضينا الزراعية. ويختلف موسم زراعة القطن عن موسم زراعة القمح . ويمكن تنظير ذلك الفعل فى ضوء تدهور وتراجع زراعة القطن المصرى طويل التيلة الذى لم يكن له نظير فى العالم على الاطلاق.

وبصفة اجمالية فأن رسائل القمح الأمريكى ينبغى أن تكون مقبولة تعاقديا فى حدود مواصفات القمح الأمريكية القياسية حتى ولو:

1- احتوى الكيلوجرام من القمح على 3 قطع من الحجارة ، أو بذرتين من بذور الخشخاش (Crotalaria spp.) ، أو بذرة واحدة من بذور الخروع السامة (Ricinus communis L.) ، أو 3 قطع من المواد الغريبة غير المعروفة – ومنها بذور القطن الأمريكى - أو المواد السامة والضارة المعروفة ، أو قطعة واحدة من براز الجرذان أو الطيور أو مايعادلها من الحيوانات الأخرى ، أو
2- اذا احتوت فى الكيلوجرام على حتى 4 قطع من براز الحيوانات سالفة الذكر ، أو من بذور الخروع ، أو بذور الخشخاش ، أو الزجاج أو الحجارة ، أو المواد الغريبة غير المعروفة ، فى أى توافق ، أو
3- اذا احتوت حتى 31 حبة قمح مثقبة بالسوس فى كل 100 جرام ، أو
4- اذا احتوت على أقل من فصيصتين من فصيصات الثوم الخضرا أو الجافة أو نصف الجافة فى الكيلوجرام ،أو
5- اذا احتوت حتى 5 كريات من كريات العفن متوسط الحجم ، أو
6- اذا احتوت على أكثر من 05و0 % بالوزن من قطع قرون الارجوت السوداء الصلبة السامة الخطرة.

فاذا كان هذا شأن القمح الأمريكى ( الفاخر )!! ترى فكيف يكون شأن الأقماح الأخرى غير الأمريكية (غير الفاخرة ) ؟ لقد قمت بفحص وتحليل عشرات الرسائل من الأقماح غير الأمريكية ، الأسترالية منها والفرنسية والأوكرانية والروسية وغيرها . فلم أومن الا بزراعة وأكل قمحنا الذى
محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز "– 24 مايو 2008

نزرعه بسواعدنا ونرعاه فى أراضينا ، فوالله الذى لا اله الا غيره لم أجد أنظف ولا أطهر ولا أقيم ولا أفخر من القمح المصرى من ناحية الجودة والقيمة الغذائية والنظافة والطهارة والكرامة . فكفانا استيرادا لزبالات الأمم!!


(6) خطورة ارتفاع أسعار القمح : لماذا ؟

يأتى هذا الارتفاع كلما حذر برنامج الغذاء فى الأمم المتحدة من أن منظمة الأغذية والزراعة عليها تغذية عددا أقل من الناس فى العالم الفقير اذا لم تحصل على أموال أعلى لتدبير التكالبف الأعلى للغذاء:

1- عوائق التصدير :
من الأسباب الرئيسية للارتفاع المفاجىء فى أسعار القمح هو قرار دولة كازاخستان بفرض رسوم التصدير لخفض المبيعات . وقد تبعتها فى ذلك روسيا والصين .

2 – الجفاف والقحط :
يتوقع أن يكون احتياطى القمح العالمى هذا العام هو الأكثر انخفاضا فى الثلاثين سنة الأخيرة ، فقد حدث أسوأ جفاف وقحط فى أستراليا منذ مائة عام . أضف الى ذلك الجفاف وعجز المياة الذين حدثا فى شمال غرب الصين حيث أغلب زراعات القمح فى الدولة . فضلاعن الطقس البارد غير المعتاد فى مناطق منتجة القمح مثل أوكرانيا .

3 - الأراضى للوقود الحيوى
الطلب على مصادر الطاقة البديلة دفع المزارعين لزراعة قمحا أقل وتحويل الأراضى لزراعة محاصيل مثل الذرة وقصب السكر وبذور اللفت rapeseed لتحويلها الى وقود حيوى Biodiesel . قد تنخفض أسعار القمح عندما تغرى الأسعار العالية المزارعين لتخصيض مساحات أكبر من الأراضى لزراعة المحاصيل ، ولكن ذلك يستغرق وقتا .

4 - الطلب على الزراعة :
تزايد الثروة فى الصين والهند على سبيل المثال شجع المستهلكين هناك على التغذية على لحوم أكثر ، ويعنى ذلك استهلاك مزيدا من الحبوب لتغذية الحيوان . وقد تنبأت وزارة الزراعة الأمريكية بأن واردات الصين من لحوم الخنازير سوف تتضاعف خلال العشر سنوات التالية .

5 - مضاربات المستثمرين :
فترتفع أسعار القمح كلما وجدت السلعة استحسانا وسط المستثمرين .


(7) مخاطر زيادة الطلب العالمى على القمح :

سوف يرتفع الطلب على القمح عى نطاق العالم من 1993 الى 2020 ليصل الى 775 مليون طن . ويشجع التزايد المتوقع فى الطلب: 1- النمو السكانى 2- و استبدال القمح بالأرز والحبوب الخشنة الأخرى كلما ارتفع الدخل وأصبح السكان يتزايدون فى المدن والمناطق الحضرية .

وبالنظر الى معادلة الانتاج والطلب نجد أن ارتفاع سعر القمح لن يكون لة عودة أخرى الى الأسعار السابقة . وارتفاع سعر القمح ليس بظاهرة منعزلة ، فكل الأسواق الزراعية ترتفع أسعارها . فقد تضاعف سعر الذرة فى العام الماضى2007 ، وزاد سعرفول الصويا أكثر من 50 % عن العام الذى سبقة .


محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24 مايو 2008


ومرة أخرى ، فان ارتفاع مستوى المعيشة وبخاصة فى الصين والهند أدى الى التزايد فى استهلاك اللحوم بزيادة الدخول . والمزيد من اللحوم يلزمة الكثير من الحبوب ، فكل كيلوجرام لحم يحتاج الى 7 كيلوجرامات من حبوب الأعلاف .


(8) مخاطرالسخونة العالمية Global warming :

يسهم انبعاث ثانى أكسيد الكربون من الصوب الزراعية بمقدار 80 % من السخونة العالمية . فقد ازدادت درجة الحرارة فى العالم 0.3 - 0.6 ْم على مدى 100 عام السابقة ، وسوف تواصل ارتفاعها اذا لم تتخذ اجراءات للحد من ذلك . ويتوقع فى نهاية القرن 21 أن ترتفع درجة الحرارة العالمية 2 ْ م ( الحد الأدنى 1 ْم والحد الأقصى 3.5 ْم ) وأكثر من ذلك فى المستقبل . ويتوقع أن يتزايد ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى فى أستراليا على مدى 30- 50 عاما المقبلة ، مسببا ارتفاعا فى درجات الحرارة الى 3 درجات مئوية وانخفاضا فى هطول الأمطار بمقدار 20 % أو أكثر .

وقد تسبب التغيرات المناخية نموا أسرع للمحاصيل ، وتؤدى الى ادخال آفات حشرية وأمراضا جديدة. فسوف تتزايد الحشائش فى الأراضى الزراعية ، وسوف تتزايد الآفات الحشرية الضارة بالزراعة ، وسوف تتزايد الأمراض الضارة بالزراعة ، وسوف يحدث نتيجة لذلك عجزا فى الغذاء العالمى . وسوف يتزايد محصول الأرز فى بعض الدول ولكن سوف يترافق معة هبوطا كبيرا فى انتاج القمح والذرة فى أغلب مناطق زراعتهما مثل الصين والهند . وسوف ينخفض انتاج القمح الشتوى بمقدار 55 % فى الهند ونحو 15 % فى الصين بحلول عام 2100 .

فالسخونة العالمية منذ عام 1981 الى عام 2002 خفضت الانتاج العالمى الكلى من القمح والذرة والشعير والمحاصيل الأخرى بمقدار 40 مليون طن / سنة. وقد أثرت السخونة العالمية على مدى العقدين السابقين بالفعل على الامداد العالمى بالغذاء . فبارتفاع درجة الحرارة العالمية الدنيا 1 ْم يتناقص محصول الأرز بمقدار 10 % فى المواسم الجافة. أى أن درجة الحرارة الليلية عندما تزيد 1 ْم يقل المحصول 10 % ، بينما درجة حرارة النهار ( الدرجة العظمى ) ليس لها تأثير جوهرى . وارتفاع درجة الحرارة العالمية بمعدل 1 ْم سوف يسرع بتبخير الماء الأرضى بمقدار 7 % ، وسوف يؤثر ذلك تأثيرا خطيرا على انتاج الحبوب . فسوف تسبب السخونة العالمية جفافا أكثر من الموجود فعلا فى المناطق المنخفضة والمتوسطة الارتفاع ، مما يقلل من هطول الأمطار بمقدار 10 – 30 % بحلول عام 2030. وسوف تعانى المناطق المرتفعة الرطبة من السيول العنيفة مما يجعل الانتاج الزراعى رهنا للكوارث المتعلقة بالطقس . التغيرات المناخية سوف تؤدى الى خفض انتاج الذرة والأرز، وقد يكون لها تاثير بسيط أوحتى تأثير مساعد على انتاج القمح فى بعض المناطق . فالسخونة العالمية لن يكون لها تأثير جوهرى أو أن تاثيرها سيكون بسيطا على الزراعة فى الولايات المتحدة .

وغاز الميثان له دور أيضا فى رفع درجة الحرارة العالمية . فالانبعاثات الزراعية للميثان فى الاتحاد الأوروبى قدرت فى عام 2000 بنحو 10.2 مليون طن / سنة ، وهى تمثل المصدر الأعظم. ونحو ثلثى تلك الانبعاثات تتسبب من التخمرات المعوية للحيوانات المجترّة ، والثلث من السماد العضوى .

القمح هو مصدر تغذية خمس العالم ، ولكنه ليس وحده الذى سيكون عرضة لتغيّر المناخ . فسوف تكون الحبوب والذرة فى أفريقيا فى خطر كما هو الحال بالنسبة للأرز فى معظم الهند وجنوب شرق آسيا .
وتتوقع التحاليل والدراسات أن قوس الأراضى الخصبة الواسع من باكستان من خلال شمالى الهند ونيبال الى
بنجالاديش سوف يندثر ، فمعظم المساحة سوف تكون شديدة الحرارة والجفاف بالنسبة لمحصول القمح ، مما يضع الامداد بغذاء 200 مليون نسمة فى خطر .



محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24 مايو 2008


وقد تحتاج الدول المنتجة للقمح الى زيادة الرقعة الزراعية للقمح بنحو عشرة ملايين هكتار من الأراضى الصالحة للزراعة لتغذية الانسان عام 2030. فقد تؤدى الحرارة الى خفض الانتاج 5 - 10 % أى بمقدار 30 - 50 مليون طن عام 2030 ، ذلك فى الوقت الذى نتوقع فيه زيادة سكان العالم 200 مليونا أكثر من الآن . لذلك فسوف نحتاج الى 100 مليون طن اضافية من الغذاء لتغذيتهم ، ولضمان الأمن الغذائى سوف نحتاج الى تلك العشرة ملايين هكتار من الأراضى الزراعية للقمح . كل ذلك سوف يؤدى الى نقص المعروض من القمح وزيادة الطلب عليه ، ذلك مما يشكل خطرا كبيرا عند الاعتماد على استيراد القمح من الخارج .


(9) مخاطر الجفاف والقحط العالميين

استراليا هى ثانى أكبر دولة مصدرة للحبوب . وتحصد فى السنة الجيدة من الانتاج نحو 25 مليون طن من القمح . وقد حل باستراليا أسوأ جفاف فى القرن . ولقد انحطت أرصدة القمح العالمية الى أقل مستوايتها هذا العام منذ عام 1979 ، وأحد الأسباب هو استمرار الجفاف والقحط فى أستراليا. وسوف يضع الجفاف الشديد فى أستراليا مستوى انتاج القمح العالمى فى أقل مستوى له خلال أكثر من 25 عاما . ففى عام 2005 أنتجت أستراليا 24 مليون طن من القمح منها 17 مليون للتصدير . وكانت أستراليا تتوقع عام 2006 انتاجا قدرة 19.5 مليون طن من القمح ولكنها أنتجت 9.8 مليون طن فقط بسبب الجفاف .

ان ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار بسبب تغير المناخ يمكنه أن يمسح مليارات الدولارات سنويا من صناعة القمح الاسترالى فى غضون 30 سنة . وفى دراسة هامة فى خمس مناطق فى أستراليا من أكبر مناطق زراعة القمح تنبأت بتغيرات فى منوال الطقس من شأنها أن تسبب انهيار فى الانتاج يصل الى 24 %.

وكلما انخفض هطول الأمطار بسبب التغيرات المناخية فان نقص الامداد بالماء قد يصرف المزارعين عن الزراعة الى الاحتياجات الضاغطة مثل الاستهلاك الآدمى والصحة . لذلك فانة يلزم استكشاف كامل لممارسات زراعية تحفظ الماء ، واستنباط أصناف من القمح مقاومة للجفاف ، وهى توجد فى مناطق من العالم فيجب ادخالها وتطويرها . وهكذا نجد أن الجفاف والقحط فى مناطق زراعة القمح وانتاجة فى العالم سوف يقلص المعروض منة للاستيراد مما يرفع الأسعار ويزيد من شحّه أمام الدول المستوردة وأهمها مصر، فمصر هى ثانى أكبر دولة مستوردة للقمح بعد اليابان على نطاق العالم.


(10) المخاطر الناجمة عن زراعة الوقود

ينتج طن القمح 0,336 مترا مكعبا من الايثانول . وكمية مثل مليون طن من القمح تنتج 336000 مترا مكعبا من الايثانول فى السنة . وينتج العالم الايثانول من القمح والذرة وبنجر السكر وبذور اللفت . كمية الايثانول الحيوى المتوقع انتاجها بحلول عام 2020 بالتكنولوجيا العالية تصل الى 3000 مليون جالون ، وكمية البنزين المزمع خلطها بالايثانول بحلول عام 2020 بالتكنولوجبا العالية تصل الى 3500 مليون جالون فى العام . ان الارتفاع الصارخ فى سعر الذرة والذى يؤذى الانتاج الحيوانى لم يتسبب من أى انخفاض كبير فى الانتاج العالمى . فقد حصدت الولايات المتحدة فى السنوات الأخيرة 10.5 مليار بوشل ، وهو أكبرثالث محصول على الاطلاق . ولكن بدلا من أن يذهب ذلك المحصول الى معدات الحيوانات وحواصل الطيور أو بطون الانسان فان شريحة متزايدة من هذا الانتاج يتم تحويلها الى وقود للسيارات .





محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24 مايو 2008

ولقد أنتجت الولايات المتحدة 5 مليار جالون من الايثانول بواسطة 112 مصنع استهلكت ما يقرب من خمس محصول الذرة . واذا تم تشغيل كل مصانع الايثانول تحت الانشاء ودخلت مجال التطبيق العملى فسوف يلتهم الوقود الحيوى ما لا يقل عن نصف ناتج الولايات المتحده من الذرة الذى يتم حصاده عام 2008 . ولقد وقع الذرة فى صراع عنيف فى حرب بين مصانع الايثانول والغذاء . وهو واحد من أوائل علامات قدوم التحويل الزراعى والتغير الاقتصادى العالمى . وفى خطاب الاتحاد فى يناير عام 2007 طالب جورج بوش الابن بانتاج 35 مليار جالون من الطاقة المتجدده خلال 10 سنوات ، وهى طاقة كافية لتحل محل 15 % من البنزين الذى تحرقة السيارات والشاحنات الأمريكية. ولقد وضع الكونجرس فى اعتباره أن امريكا تحتاج الى 60 مليار جالون من الايثانول بحلول عام 2030 .

ان الحماسة لانتاج الوقود الأخضر ليس ظاهرة أمريكية فقط . فتقدر أوروبا احتياجاتها بنحو 5.75 % من وقود الديزل من مصانع الوقود الحيوى بحلول عام 2010. ولقد تعاقدت اليابان وغيرها على شراء وقود حيوى لتقليل الانبعاث الحرارى من صوبها الزراعية .

ومن أكبر أسباب زيادة الطلب على القمح هو الصراع المستمر على المحاصيل بين مليار سائق سيارة ومليارين من الناس لايزالون يكافحون من أجل ما يسد رمقهم . وينتج الايثانول فى الولايات المتحدة من الذرة ، وفى أوربا من القمح ، وينتج فى البرازيل من قصب السكر ، وينتج فى بقية العالم من الحبوب والمولاس. وتبلغ احتياجات المملكة المتحدة 5 % فتخصص 408000 هكتارا لزراعة 11و3 مليون طن من القمح لانتاج الايثانول فى العام.

ويعنى ذلك أن " الثورة الخضراء " فى أعوام السبعينات والثمانينات والتى نادت بزيادة غلة المحاصيل قد ولت ومضت . فقد تمددت صحارى العالم بمقدار 160 مليون هكتار ، وهى مساحة تساوى فى حجمها مساحة بريطانيا 7 مرات . ولقد أصبحت صادرات أمريكا من الذرة فى خطر حيث سوف يتم الاستيلاء عليها فى نحو 3 سنوات اذا استمرت الدولة فى دعم انتاج الايثانول . فاذا كان الوقود الحيوى قد التهم ثلث محصول الذرة عام 2007 فان ذلك جعل حبوب الولايات المتحدة المخزنة للمواسم التالية هى الأدنى بالنسبة للاستهلاك .



(11) مخاطر نقص المساحات المنزرعة قمحا فى الولايات المتحدة

لقد تناقصت مساحات زراعة القمح فى الولايات المتحدة منذ الثمانينات ، حيث فقد القمح ميزتة التنافسية النسبية مع المحاصيل الأمريكية الأخرى وبخاصة الذرة وفول الصويا . وتشير النظرة على المدى البعيد على قمح الولايات المتحدة الى مساحة أقل قليلا أحرى من التوسع فى زراعة القمح . لذلك سوف يقل المعروض من القمح وسوف يقل أيضا المخزون العالمى بتوالى السنوات ، وبالتالى ترتفع أسعار القمح ، ويترتب على ذلك نقص الامداد بالقمح للغذاء فى مصر اذا ما استمرت الدولة فى الأعتماد على الاستيراد من الخارج .


(12) التهديد الاستراتيجى العالمى بفطر صدأ الساق الأسود Ug 99

الفطر القاتل للقمح – والذى أسمية طاعون القمح الأسود – والذى أصاب القمح حديثا فى شرقىّ ايران هو تهديد خطير للأمن الغذائى العالمى ، فهو ربما يؤثر على دول أخرى منتجة للقمح . ويقتنع علماء الايكاردا ICARDA بان الفطر سينتشر سريعا خارج ايران ، وأن جراثيم الصدأ سوف تسافر لمسافات طويلة ، وسوف تؤثر على زراعات القمح فى الشرق الأوسط ووسط آسيا وجنوب وشرق آسيا. ويعتبر الوقوف أمام انتشار جراثيم الفطر صعبا لانتشاره بالرياح . ويجب استخدام المبيدات الفطرية بالرش فى مرحلة مبكرة من الاصابة مما يمكّن من مكافحة الفطر الى حد ما .


محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز "– 24 مايو 2008

ان سلالة فطر صدأ القمح Ug99 هى التهديد الاستراتيجى الأكبر لانتاج القمح العالمى . وهى الأشد خطورة لصدأ ساق القمح فى الخمسين عاما الماضية . فالفطر قادر على نشر الخراب والفوضى بتدمير حقول بكاملها. ولقد اكتشفت سلالة المرض Ug99 فى أوغندا عام 1999 ولذلك أخذ هذا الاسم من .Uganda 1999 وقد وجد الفطر فى اليمن أوائل عام 2006 كما كان متوقعا ، ومنها الى ايران . وقد تحركت الجرثومه أسرع من الأجراءات ، لأنها تتمكن سريعا من الأصناف الحساسه فى شبة الجزيرة العربية . ويحتمل أن تتأثر منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا وجنوب أوربا وروسيا كما ذكرت منظمة الأغذية والزراعة فى الأمم المتحدة FAO.

ولقد أثّر الفطر على الانتاج فى أثيوبيا وكينيا واليمن ، ويجب متابعة وتعقّب هذة السلالة لكبح هذا المرض . وتمتلك الجرثومة المقدرة على التحور والأخذ فى التكاثر والفتك بطريقة مماثلة لفيروس الأنفلونزا الذى يصيب الانسان والحيوان والطيور. وفطر Ug99 هو شكل جديد متغيّر لجرثومة صدأ القمح استطاع التغلب على أصناف القمح التى ربيت فى كثير من دول العالم .

ان الدول شرقىّ ايران مثل أفغانستان والهند وباكستان وتركمانستان وأوزباكستان وكازاخستان هى أكبر الدول المنتجه للقمح فى تلك المنطقة من العالم ، وهى أكثر الدول تهديدا بالفطر . فنحو 80% من أصناف القمح فى آسيا حساسة لمرض صدأ ساق القمح . وقد قالت ايران أنها سوف تزيد من مقدرتها البحثيه لمواجهة الاصابة الجديدة وسوف تطوّر أصنافا جديدة مقاومة لهذا المرض .

وقد سبب هذا الفطر معظم المجاعات منذ بداية التاريخ فى شمال أمريكا ، حيث حدثت خسائر ضخمة فى أعوام 1903 – 1905 وفى الفترة من عام 1950 الى عام 1954. ولا يوجد اسوأ من هذا الوقت الحالى لانتشار سلالة ذلك المرض بسبب العجز الذى يهدد بالجوع والفوضى السياسية . فاذا ما انتشر هذا المرض المدمّر فى المناطق المهددة سوف تحدث مجاعات ويزيد الطلب على القمح ويشح المعروض العالمى، ويتهدد الأمن الغذائى فى معظم دول العالم ومن بينها مصر . وان أكثرالطرق فعالية لمكافحة المرض هو زراعة أصناف مقاومة ، ولكن كل أصناف القمح التى تنمو فى غرب وجنوب آسيا هى أصناف معروفة بحساسيتها للفطر Ug99 . وسوف تأخذ وقتا وتنسيقا لاحلال أصناف مقاومة مكانها . فعلينا منذ الآن العمل البحثى الجاد والمتواصل لتربية أصناف قمح مصرية مقاومة لهذا المرض الخطير .


(13) الضغوط السياسية والتبعية ودعم المزارع الأمريكى

قال حكيم لابنه وهو يعظه " يابنى: استغن تكن أقوى الناس ، فان فى الاستغناء عزك وفى الافتقار الى الغير هوانك وذلّك " . وكثيرا ما يؤدى الافتقار والعوز والحاجة بالفرد أو الأمة الى تملق الآخرين - سواء كانوا فردا أو أمة – فى التعامل معهم حتى ليصبح ذلك طابع الفرد أو الأمة فى التعامل والعلاقات ، وبخاصة مع أولئك الّذين يعتقد أن بيدهم السيادة والأمر والنهى والعطاء والمنع ، حتى يصبح الفرد أو الأمة مسخا من الناس أو الأمم. فلا شك فى أن من هان على نفسه يهون على غيره. ويكون ، على ذلك ، الفرد أو الأمة ضعيفا يلهث وراء ما يفتقر اليه. ويصدق ذلك فى عمليات البيع والشراء ، وشدة الحاجة الى السلعة تجعل الراغب فى الشراء فى موقف ضعيف. حتى مواقف التفاوض السياسية نجد فيها أن المستغنى عن توقيع الاتفاق فى موقف قوى ، بينما المحتاج الى توقيع الاتفاق ( أو المفتقر اليه ) يكون فى موقف ضعيف يجعله يقبل شروط المستغنى ، والتى غالبا ما تكون مجحفة بحقوقه ، مرفوضة منه لو كان فى موقف القوة: أى موقف الاستغناء عن توقيع الاتفاق.

ولا أجد كلاما أصدق ولا أشد وقعا ولا أشد ايلاما من كلام رئيس الولايات المتحدة الأسبق والأشهر فى هذا العصر، فأسوق بعض مقتطفات من كتاب ريتشارد نيكسون صاحب فضيحة ووترجيت الشهيرة التى تنصت فيها على المرشح للرئاسة الأمريكية فى الحزب المعارض ( فالغاية عندهم تبرر الوسيلة ، والغاية فى تلك الفضيحة كانت خدمة الولايات المتحدة ، ولم تكن الغاية وقتها خدمة أعداء الولايات
محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24مايو 2008

المتحدة ! ). ففى كتابه " 1999 نصر بلا حرب " يقول نيكسون فى بند التجارة: " يحتاج العالم الثالث إلى التجارة بأكثر مما يحتاج إلى المعونة. وستتاح لهذه الأمم فرصة أفضل للخروج من الركود الإقتصادي إذا فتحنا أسواقنا أمامها ، لكننا بدلاً من ذلك ، نعمل على زيادة الوضع السئ في العالم الثالث تدهورا بالاستمرار في الدعم الزراعي الذي يخدم مصالحنا. والسكر مثال تقليدي في هذا ، فحكومة الولايات المتحدة تدعم مزارعي السكر في بلادنا ، وهم مزارعون غير أكفاء لكنهم أقوياء سياسياً ، بتحديد السعر باثنين وعشرين سنتا للرطل. ويقل سعر السوق العالمية عن ذلك بعشر سنتات . ولايؤدى هذا إلى تضخيم فاتورة الغذاء للأسرة الأمريكية العادية بمبلغ 100 دولار سنويا فحسب ، لكن أيضا له تأثير مدمر على منتجي السكر في العالم الثالث . لقد كان إنتاج السكر وتكريره هو المصدر الأساسى للدخل في كثير من الأمم الفقيرة ، كما كان هو الخطوة الأولى للتطور من الإقتصاد الزراعي إلى الإقتصاد الصناعي . وتعتمد جواتيمالا وجاميكا والجمهورية الدومينيكية وكولومبيا وتايلاند والفلبين على صادرات السكر في الحصول على نسبة كبيرة من دخلها. ففى عام 1985 وحده فقدت دول حوض الكاريبي 250 مليون دولار من إيرادتها بسب الحواجز التي نضعها أمام السكر" !!

وفى موضع آخر يقول نيكسون في كتابه " 1999 نصر بلا حرب " : " إن اليابان تستطيع أن تشترى الأرز الآمريكى مقابل 180 دولار للطن ، لكنها بدلاً من ذلك تحظر استيراد الأرز حماية للمزارعين اليابانيين ، الذين يتكلف إنتاج الطن من أرزهم 2000 دولار ". ومن أخطر ماقاله نيكسون في كتابه في صدد موضوعنا وأشده وقعاً قوله: "وينبغي لنا أن ندرك آن العالم الثالث لن يكون منطقة نمو في ظل السلام في القرن التالي (يقصد القرن الحالي الواحد والعشرين ) مالم يتم توفير هذه الحاجات الثلاث جميعاً. فالأمن بلا نمو وعد فارغ ، والنمو بلا أمن وعد مهلك ، والنمو والأمن بلا تنمية سياسية وعد لا يتحقق "!!

ولقد قام جيمس فراهم – نائب رئيس تخطيط مؤسسة القمح الأمريكي – بتلخيص برنامج FMD والخاص بجهود تصدير القمح الأمريكي , لممثلي الولايات المتحدة ولمجلس الشيوخ عام 2001 قائلا: " أمريكا دولة كبيرة وقوية وفلاحينا هم الأبرع والأكثر تفانيا في العالم (والرئيس نيكسون قال من قبلة – كما سبق- آن مزارعواالسكر فى بلادة غير أكفاء لذلك فان الحكومة تدعمهم !! ) ولسوء الحظ أن كل هذه الملكات لاتنمى سوق تصدير القمح - ويعتبر السوق ضروريا بصفة مطلقة لمزارعي الحبوب في بلادنا ، حيث أننا نحتاج إلى تصدير نصف القمح المنتج تقريبا في الولايات المتحدة سنويا. أن مالا نستعمله أو نصدره سوف يبقى في صوامعنا وتنخفض أسعاره. أن مؤسسة القمح الأمريكية - وهى منظمة تنمية سوق تصدير الصناعات - قد اهتمت بضمان أصغر مواقع القمح في مخازن الولايات المتحدة. وبدعم من 18 ولاية عضو ، نحن نعمل على زيادة الطلب من أكثر من 100دولة. هذه الدولة هي أكبر دولة مصدرة للقمح - لقد تاجرنا عالميا في العام الأخير 2000 في 104.9 مليون طن ، منها 29.7 مليون طن كانت من قمح الولايات المتحدة ( لاحظ أن الولايات المتحدة لا تتاجر فى قمحها فقط ، ولكنها تشترى أقماح الدول الأخرى لتضغط بها على الدول المستوردة ضغطا سياسيا وتملى عليها شروطها وتلزمها بأجندتها ) , وذلك يعطينا سوقا عالميا يسهم ماليا في 28%. ولكن عندما ننظر بطريقة أخرى نجد أن منافسينا لهم 72% إسهاما في السوق. ومنافسينا في سوق القمح هم كندا واستراليا والاتحاد الأوربى والأرجنتين ، وهم يلاحقون عملائنا بنضال وكفاح. ان مطاحن مصر متلهفة على تعلم المزيد عن نظام تسويق الولايات المتحدة ومراقبة الجودة وعملية المعاينة وهوية المصدرين الأقوياء. ولذلك فقد ذهب باول ديكرسون - نائب رئيس مؤسسة القمح الأمريكي - إليهم مبكرا فى هذا الربيع للتعامل معهم كممثل شخصي لتوضيح وإجمال نظام تسويق الولايات المتحدة. وكان المشترون مهتمون بتوجيه وإرشاد قمح الولايات المتحدة ، وكانوا يتلمسون دائما الطرق للتجارة السريعة ، ويناقشون إمكانات دمج بضائع القمح والحبوب الغذائية الأولى . في ذلك العام 2001 وقّع مايقرب من مائة من أصحاب المطاحن وشركات الغذاء اتفاقيات مع مؤسسة القمح الأمريكى ليستعملوا 70% على الأقل من القمح الأمريكى في منتجاتهم. وبتبادل تلك المعاهدة أمكنهم استعمال الشعار التجاري الأحمر الأبيض الأزرق الدال على أن المنتج قد صنع من النوعية الأمريكية للقمح. ولقد حذا حذوهم الطحانون والخبازون فى دول الخليج بعد مارأوا نجاح شعار "جودة القمح الأمريكى" في مصر. لقد بدأ أحد خبراؤنا فى مصر- في الشهر الأخير – في استكشاف أمكانية تحول بعض هؤلاء

محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24 مايو 2008

المستوردون إلى برنامج شعار "جودة القمح الأمريكى". ان أبعادهم عن استراليا وغيرها ، وبخاصة إلى الدرجة التي تحولهم إلى استعمال القمح الأمريكى الى70% من إحتياجاتهم ، سيكون قفزة هائلة وأنا وأثق من أننا سنفعل " !!

وتعتبر الولايات المتحدة هى أكبر مصدّر للقمح فى العالم ، فهى تصدر نحو 100 مليون طن سنويا بنسبة 29 % من تصدير القمح العالمى ، وتليها أستراليا 15% ، ثم كندا 15% ، ثم الأرجنتين 10% ، ثم الأتحاد الأوربى 10% . وهناك 16% من صادرات القمح لكل من روسيا وأوكرانيا والهند وباكستان ، ثم 15% من دول أخرى مختلفة . وتحتل مصر المركز الثانى فى العالم فى استيراد القمح بعد اليابان . وهى المستورد الأول للقمح الأمريكى . فمصر تستورد فى المتوسط نحو 7 مليون طن قمح فى العام وهو يمثل نصف احتياجاتها السنوية من القمح .

ويعتبرالقمح الأمريكى سلعة سياسية من وجهة نظر الأمريكان ، ولكنه يعامل كسلعة زراعية من وجهة نظر مصر . ولقد منعت الولايات المتحدة مصر من زراعة مليون فدان قمحا على الأمطار فى أوغندا عام 2000 ، فبعد أن استطاع خبراء الزراعة المصريون زراعة القمح فى عروتين خلال العام على الأمطار ، جاء التدخل الأمريكى الفاضح الذى تسبب فى فشل المشروع . فقد مارس مجلس القمح الأمريكى ضغوطا على الحكومة الأوغندية وهددها بمنع أية مساعدات أمريكية عنها اذا استمرت فى تنفيذ المشروع. وفى عام 2004 استوردت مصر من الولايات المتحدة 7.2 مليون طن قمحا و3.5 مليون طن ذرة . وفى عام 2005 رفضت الولايات مقايضة القمح الأمريكى بالسلع مع مصر فى أطار الصفقات المتكافئة . وفى نفس العام أعلنت أمريكا عن توفير خط ائتمانى طويل الأجل للمستوردين المصريين والأردنيين واللبنانيين للقمح الأمريكى قدره 200 مليون دولار لتسهيل عمليات استيراد القمح من أمريكا .

ولقد نجحت المعونة الأمريكية المزعومة فى ربط مصر بالولايات المتحدة عسكريا وأقتصاديا بالرغم من أن أمريكا خفضت المعونة 5% سنويا بدءا من عام 1999 لمدة 10 سنوات حتى تصل الى 50 % فى عامى 2008/ 2009 . وينبغى الأشارة الى أن المعونة الأمريكية يعاد تدويرها مرة أخرى الى الولايات المتحدة كنتيجة لشروط تلقّى المعونة مما ينعش الأقتصاد الأمريكى وليس الاقتصاد المصرى . ومن شروط المعونة أيضا عمل دراسات الجدوى للمشروعات فى مكاتب أمريكية ، وشراء المعدات والسلع من أمريكا وعلى سفن تحمل العلم الأمريكى . وقد لجأت ادارة بوش عام 2007 الى ماوصف بسلاح الأبتزاز ضد النظام المصرى لصالح الولايات المتحدة بعد أن أتجهت الحكومة المصرية لشراء القمح من أسواق أخرى ، حيث هدد بورقة أن الفلاح الأمريكى يدفع حصتة من الضرائب تذهب فى صورة معونة لمصر . وفى عام 2003 قامت الولايات المتحدة بشراء حصص القمح الزائدة عن حاجة الاستهلاك المحلى فى دول أوربا الشرقية فى بداية الموسم ، وحرمت المستورد المصرى من الكميات التى تعاقد على استيرادها ، وذلك مما أدى الى أرتفاع أسعار القمح من 90 دولار الى 170 دولار للطن ، وأرتفع سعر القمح المستورد فى السوق المحلية بمصر من 600 جنيه الى 1200 جنيه وزادت أسعار الدقيق من 950 جنيها الى 1500 جنيها للطن.

وأعود الى كلام الرئيس الأمريكى نيكسون فى كتابه الشهير " 1999 نصر بلا حرب " حيث قال: " لكننا في حاجة إلى بعض التغييرات الأساسية في برامجنا للمعونة الأجنبية ، فالكثير جدا من معونتنا تم توزيعه بصورة سيئة وكثيرًا جدا من معونتنا غذِى بيروقراطيات العالم الثالث ، وأبقي على الوضع القائم ، وأشعل الفساد ، ودعَم القمع . ينبغي لنا أن نوزع معونتنا وفق مبادئ ثلاثة:
1- ينبغي ألا تكون هناك معونة بلا شروط .
2- وحيثما يمكن , يجب أن تكون المعونة ثنائية وليست متعددة الأطراف ، وهناك سبب سياسي قوى لهذا ، فالكونجرس لن يقر المعونة مالم تحقق مصالحنا بوضوح .
3- ينبغي لنا أن نصر على مراقبة الأداء الإقتصادي لجميع الحكومات التي نساعدها.

وفي التقرير البحثي رقم 115 لهيئة IFPRI ديسمبر 2000 ، ذكرت ميلين خير الله وآخرون: " أن الحالة المصرية يجب اعتبارها ذات أهمية خاصة عند سياسة تسويق القمح في الولايات المتحدة لسببين : أولهما أن القمح سلعة إستراتيجية في مصر بسبب تسعيره للغذاء الشعبي ، وثانيهما أن الحكومة المصرية

محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " - 24 مايو 2008

باشرت سلسلة من الإصلاحات الزراعية الجزئية عام 1987 تضمنت قطاع القمح ومن ثم تحرير السوق . أن الهدف من تحقيق الاكتفاء الذاتي يعتبر مكلفا وغير ضروري !! مع وضع التزايد الدولي نحو العولمة والاعتماد على الأسواق الدولية في الإعتبار ، ولقد نصحت الحكومات ( المصرية ) بتغيير وسائلها من أنشطة الإنتاج والتسويق - التي يمكن إدارتها أكثر كفاءة بالقطاع الخاص - إلى الأنشطة الأكثر ملائمة للصالح العام!! ويتطلب ذلك خدمات إرشادية وبحثية ومعلوما ت عامة عن السوق وتطوير شبكات آمنة للفقراء" !! وفى التقرير البحثي رقم 119 أكتوبر 2001 ذكرت " أن تكاليف نظام الدعم في مصر هبطت هبوطا شديدا من 14% من ميزانية الحكومة عام 80/1981 إلى 6,5 % فقط في عام 96/1997".

ولإحباط ماقامت بة وزارة الزراعة في مصر من توسع في زراعة القمح عام 2005 قدمت الولايات المتحدة تسهيلات لمستوردي القمح المصريين والأردنيين واللبنانيين بتخصيص 200 مليون دولار لخط ائتمان طويل الأجل (لمدة عام ) ، منها 100 مليون دولار لمصر لاستيراد القمح الامريكى . ذلك ما أعلنه ديك برا يور مدير مؤسسة القمح الأمريكى الأقليمي بمنطقة الشرق الأوسط وشرق أفريقيا. وقال أن الولايات المتحدة ترفض مبدأ مقايضة القمح الأمريكى بالسلع في إطار الصفقات المتكافئة. ذلك مما أدى إلى إنخفاض سعر أردب القمح المستورد إلى 130 جنيها ، بينما سعر الأردب من القمح المحلى 165 جنيها.


وتبقى كلمة

ان الاكتفاء الذاتى من القمح حتمية قومية ودينية وضرورة ملحة ، وهى قضية كرامه بغض النظر عن أسعار القمح المستورد الأقل من سعر المحلى. إنها قضية محصول غذائي استراتيجي يجب الاكتفاء منه لضمان أمن الأمة مثل السلاح سواء بسواء.

أن الاكتفاء من القمح وسائر الغذاء قوة أمرنا الله تبارك وتعالى بها حين قال في كتابه الكريم وقوله الحق ] وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم [ . ليس هناك مايبرر عدم الاكتفاء أو إحباط المزارعين فى مصر. لسنا أقل كرامة من الصين التي وصلت إلى حد الاكتفاء أو من الهند التي بدأت في تصدير القمح والحبوب واللحوم ، وهما دولتا البلايين من السكان ، أطعمتا شعبيهما وكفتاهما عن مد الأيدي لاستجداء رغيف الخبز. على الحكومة التضحية وتشجيع المزارعين ودعمهم بدلا من دعم مزارعى الولايات المتحدة بشراء قمحهم. أن كرامة الولايات المتحدة ليست فى اكتفائها من الغذاء ، فقد اكتفت . ولكن كرامتها فى زيادة التصدير والسيطرة على الأمم الأخرى واخضاعها ، وكرامتنا فى الاكتفاء وكف الأيدى عن السؤال والتخلص من التبعية والخضوع . ان الولايات المتحدة يعترف رئيسها الأسبق نيكسون بعدم كفاءة المزارع الأمريكى ، ولكنه يدعمه حتى لايكف عن زراعة القمح الذي يسيطرون به علينا وعلى شعوب الأرض. ولكن مالذى ينبغى توجّسه اذا امتنعت الولايات المتحدة أو غيرها عن امدادنا بالقمح ؟ و ماالذى يمكن التنبؤ به اذا اعترضت الولايات المتحدة سفن القمح وهى فى طريقها الينا من دول موردة أخرى ، اذا ما نشبت حرب بيننا وبينها أو بيننا وبين اسرائيل ؟ أننا ننشد الاكتفاء مثل سوريا وإيران وباكستان . ولكن لماذا لانشترى القمح الاسلامى السوري أوالباكستانى أو الأيرانى إلى حين الاكتفاء؟ ولماذا هو القمح الأمريكى أو الاسترالي أوالفرنسى أو البريطاني أو الروسي أو الأوكراني؟ والله لقد افتقدنا يوسف الصديق - عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم - فقد كان أكفأ وزير زراعة عرفته مصر ، وكان أطهر وزير خزانة عرفته مصر ، وكان أنظف رئيس وزراء عرفته مصر ، حينما كان يطعم الأمم من حولنا من أفضل قمح عرفته الدنيا وهو القمح المصرى الفاخر.





محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24مايو 2008


التوصيات:

على مستوى المزارعين:
- تفعيل الاهتمام بزراعة القمح ليكتفى المزارعون وأسرهم ذاتيا لكى تتحول قرانا المستهلكة الى قرى منتجة وبيع مايزيد عن احتياجات المزارعين للدولة لتغذية سكان الحضر.
- تجفيف الحبوب جيدا قبل خزنها.
- التخزين فى صوامع الطين على مستوى المزارع وخلط الحبوب برماد الفرن.

على مستوى كبار الملاك والمنتجين وتجار الحبوب والمطاحن
- تخزين الحبوب تامة الجفاف والنظافة.
- تطهير المخازن جيدا قبل التخزين ، وضمان تهوية جيدة للمخازن ، ومتابعة الحبوب أولا بأول للتعامل الفورى مع الاصابات الحشرية والفطرية والقوارض.
- انشاء صوامع على مستوى المطاحن وكبار تجار الحبوب.

على المستوى الاستراتيجى ( الدولة – وزارة الزراعة – وزارة التموين):
- تنظيم زراعة القمح فى تجميعات كبرى لتسيل العمليات الزراعية واعمال المتابعة والمكافحة والحصاد الكبير الآلى.
- اقامة مشروعات لتجفيف الحبوب بالطاقة الشمسية.
- انشاء الصوامع الحديثة للتخزين الاستراتيجى الطويل ، الذى يكفى مصر من القمح ستة شهور على الأقل، على مستوى الدولة للقمح بالقرب من مناطق الانتاج فى المحافظات المختلفة.
- الاهتمام بنشر الوعى لدى المزارعين بقومية زراعة وانتاج القمح والحبوب الأخرى للاكتفاء الذاتى، وذلك بحشد وتسخير وسائل الاعلام المختلفة من صحافة واذاعة وتلفاز وفضائيات يشترك فيها وزارات الزراعة والاعلام والتعليم والأوقاف ، والاستعانة بمنابر المساجد فى خطب الجمعة والدروس اليومية والأسبوعية ، وحتى فى المدارس والجامعات.
- دعم ادارات الارشاد الزراعى فى مديريات الزراعة فى محافظات الانتاج على جميع المستويات لنشروتعميم زراعة التقاوى عالية الانتاجية والمناسبة لكل منطقة زراعية بالطرق المثلى .
- يقع على كاهل علماؤنا فى كليات الزراعة بالجامعات وفى مراكز البحوث الزراعية المنتشرة فى كل المحافظات مهمة جليلة و قاسية - وتزداد قسوة بالنظر الى المخاطر سالفة الذكر- لاستنباط تقاوى أصناف من القمح المصرى ( الأجود من الأمريكى) تكون:
· مقاومة للحرارة تتغلب على التغيرات المناخية للسخونة العالمية.
· مقاومة للجفاف المتوقع عالميا.
· مقاومة لفطر صدأ ساق القمح الأسود Ug99 وهو طاعون القمح الاستراتيجى استباقا لوصولة الى مصر والذى نسأل المولى عز وجل الاّ يصل الينا أبدا.
- وقبل كل ذلك وبعد كل ذلك نبذ الخوف ، الا من الجليل تبارك وتعالى، الذى قال فى محكم آياته " انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافون ان كنتم مؤمنين " (آل عمران: 175). ويترتب على ذلك الاخلاص لهذه الأمة التى تستحق كل الاخلاص من الكبير والصغير و من الحاكم والمحكوم. ويستتبع ذلك اتقان العمل ابتغاء مرضاة الله واكراما للنفس ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " ، ويقول الله عز وجل " من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ".صدق الله وصدق رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. ألا هل بلّغت اللهم فاشهد. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى
24 مايو 2008


محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24 مايو 2008

المداخلات:


وبمداخلة أخري من أحد الحضور قال: برجاء التركيز علي تكلفة انتاج القمح والظروف الأمثل لزيادة الانتاج حتي يتمشى مع احتياجتنا اللازمة لرغيف العيش. ورد عليه الدكتور الشحات قائلا هذا المؤتمر ما كان الا ليجيب علي هذا السؤال.

وبمداخلة من المهندس جما ل عبد العزيز يتحدث قائلا: لم نتحدث عن التجربة السعودية سوف نتحدث عن تجربة مصر نحن نريد حل أزمة القمح وأنا كمهندس زراعي ولكني لست متخصصا في مجال القمح ، ولكن المياه والأراضي متوافرة ولكن نفاجئ بمشكلتين: الأولي متمثلة مشكلة الصوامع التخزينية وهذه مشكلة واقعية فان كمية ما يزرع بواسطة الفلاح المصري الدولة لا تستطيع ان تخزنه، هل يعقل هذا وكذلك نجد في الكيلو 21 بين أسكندرية وطريق أم زغيو الغلال ترمي في الشوارع ناهيك عن تلوثها بالفطريات والحشرات وكذلك الفئران، والله الانسان لو رأي هذا قبل ما يأكل رغيف العيش هيفكر ألف مرة قبل ما يأكل . المشكلة الثانية وهي مشكلة الحجر الصحي عندنا مندوب بيخرج لكي يعاين ويعمل تحليلات علي القمح المستورد نحن نقول لهذا المندوب وهذا الحجر الصحي كله نذكرهم انه يوجد 76 مليون انسان سوف يأكلون من هذا القمح فأين الضمير عندما يذهب هذا المندوب لأستيراد هذه الكمية فيها نسبة شوائب 5% كما أوضح الأستاذ الدكتور محمد هاشم ، لماذا ؟ المفروض أنني أطلب بفلوسي بضاعة خالية تماما من الشوائب وأنا خائف الأيام المقبلة أن أذهب بالفلوس ولا أجد الغلة .

وبمداخلة من الدكتور الشحات قال: ما السبيل لحماية بلدنا من هذه الآفات بعد وصولها الينا ؟ خاصة مع السياسات المتساهلة تجاه الاستيراد، كيف نحمي بلدنا من هذه الآفات والحشرات ؟

وبمداخلة من الأستاذ الدكتور أمين السيد ، أستاذ المحاصيل بكلية الزراعة بالاسكندرية قال: نحن نبحث عن حل مشاكل مصر نحن يأتي الينا عينات في كلية الزراعة لتحليلها يأتي معها نوعين من الحشائش الأجروستيما
بنسبة 80% . وهي حشائش سامة لو وصلت في الكيلو الي 6 جرام سوف يكون لها تأثير ضارجدا علي الأنسان ، وكذلك وجدت برادة حديد في بضاعة 150 الف طن وجدت 15% برادة حديد فلابد من رجوع هذه البضاعة الي منشأها، ولكن نفأجأ بعكس ذلك أنهم يقولوا أنها سوف تغربل وهذه مشكلة خطيرة جدا، بجانب الحشرات والآفات البرادة والحشائش ومن التوصيات يجب أن تكون خالية تماما من الأجروستيما وذلك وفقا لقرار منظمة الفاو ولابد من معاقبة المستورد .


محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24 مايو 2008

وبمداخلة أخري من أحد الحضور قال متسائلا: لماذا منعت الولايات المتحدة الأمريكية تمويل السد العالي سنة 1956؟ كان ذلك لأسباب سياسية واقتصادية وعسكرية وأيضا زراعية، وذلك حتي تستمر مصر أكبر دولة مستوردة للقمح الأمريكي. وكان ذلك أحد الاسباب التي جعلت أيزنهاور يمنع تمويل السد العالي. أرجو ان

تكون أحد توصيات المؤتمر الاعتماد علي الذات. وهناك تجربة رائعة جدا وهي أن المانيا النازية سنة 1939 أعلنت الحرب علي العالم وكان وقتها أينشتاين يعمل في معمل الفيزياء في برلين وعرف أن الألمان بدأوا في انتاج القنبلة الذرية، وأرسل الي أيزنهاور في أمريكا بذلك، فأمر بتشكيل لجنة خاصة كونت هذه اللجنة فريق عمل للتصدي للقنبلة الذرية، وهذا لتوضيح المواقف السياسية الناتجة عن جراءة لم تخطر علي قلب رجل.

وبمداخلة أخرى من أحد الحضور أيضا قال: هم يجعلوننا نأكل حبوب مسرطنة وأفلاتوكسين هيعملوا ايه أكثر من ذلك .

وبمداخلة أخرى من الأستاذ الدكتور /عبد اللطيف القاق قال: هناك 13 نوع من المواد المسرطنة فما هي الآلية التي يتم بها استيراد هذه الحبوب ومن المسئول ؟

وبمداخلة من الأستاذ الدكتور عماد الدين وصفى أستاذ أمراض النبات بكلية زراعة الاسكندرية قال فيها: اختلاط فطر الارجوت مع القمح أثناء الطحن يعطي أجسام حجرية صلبة ويسبب هيستيريا وتساقط الأعضاء ويؤثر علي الجهاز العصبي ويسبب الوفاة. الارجوت لابد أن يكون بتركيزات قليلة بحيث عندما يطحن مع القمح يكون تأثيره بسيط ، هذه الأجسام السامة عند دخولها الي رغيف العيش يتعرض جزء كبير جدا منها الي الحرارة وتفقد 4/3 سمومها، ويصبح تأثيرها علي الانسان ضعيف جدا ، فنحن من الممكن أن نستحمل تركيزات منخفضة ولكن لا نستحمل التركيزات المرتفعة، يوجد شحنات قمح بها فطريات كثيرة مثل الأسبرجلس والأفلاتوكسين عند طحنها ودخولها الي النار أثناء عمل الرغيف التركيزات تقل جدا ونحن ما زالنا في الحد الآمن لجسم الانسان. ويسمح الحجر الزراعي الأمريكي بتركيزات معينة من الأفلاتوكسين في القمح والذرة وفول الصويا، ولكن في ألمانيا لا يسمح بأي تركيز علي الاطلاق zero ولكن الشحنات كلها كانت النسب محدودة وبالحرارة تقل وما زالنا في حدود المسموح به.
الأستاذ الدكتورمحمد علاء الدين عبد القادر، أستاذ المجتمع الريفى بكلية الزراعة جامعة الاسكندرية يتسائل عن كيفية حماية الأمن الغذائي المصري في ظل المتغيرات الدولية ؟ ولابد ألا يتبع سياسة الاحتكار فمصر بما لديها من علماء ومناخ مناسب قادرة علي حل مشكلاتها بطرق سليمة .
وأحد العاملين بالشركة العامة للصوامع يتحدث قائلا: ان من المشاكل التي تواجهنا في الشركة هو أن برادة الحديد تأتي مع البضاعة المحملة مع السفن وتأتي السفن محملة بالأصناف المختلفة من القمح والحديد

محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24 مايو 2008
والخشب، وبعض المراكب تأتي محملة بالمبيدات وعند ملامستها للماء تؤدي الي الاشتعال. ويتحدث قائلا: ان الشركة تقوم بعمل غربلة صورية ولا تتخلص من برادة الحديد، فلكي نغربل جيدا فلابد من غربلة مركب 36 ألف طن علي مدار عام كامل، يعني أن معظم المراكب التي لابد من عمل غربلة لها لا تغربل، ولكن يقومون بعمل غربلة صورية وهي وضع 3 متر فراغ في الخلية من تحت و3 متر من فوق وفي النصف غلة لم تغربل. وهي معلومة معروفة لدينا وان معظم الذين يعملون في الشركة العامة للصوامع مصابين بأمراض جلدية خطيرة.

ويقول الأستاذ الدكتور محمد أحمد عبد الجواد : لابد من الاستيراد وفقا للشروط الأوربية وليس الأمريكية.
ويلخص الأستاذ الدكتور محمد سعيد الشحات قائلا: نعيب غيرنا والعيب فينا ولو نطق الزمان لهجانا ، فنحن مسئولين عن كل فساد يحدث.
ويجيب الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى عن المداخلات قائلا: بخصوص تركيزات المواد السامة مثل الفطريات وخلافه فان قليل مستمر أخطر من كثير متقطع لأنه يسبب أمراضا مزمنة، أما المتقطع فيسبب أعراضا حادة ممكن الاحساس بها وملاحقتها.
أما بخصوص الحشائش والمواد الغريبة فقدكانت هناك مؤامرة حيث وجدت في عام 1987 فى الباخرة " ديزرت كينج " المحملة بالقمح 6و. بذرة قطن أمريكى في الكيلو جرام الواحد من القمح في فى تلك الباخرة التى كانت حمولتها 26 الف طن ويومها تم رصدها، فموسم زراعة القطن مختلف عن موسم زراعة القمح فكيف أتت بذور القطن تلك في شحنة القمح ؟ أليس ذلك الأمر كان متعمدا ؟!!!
وبخصوص التخزين فان الاقتراحات موجودة في المحاضرة ، فالمزارع يستطيع تخزين احتياجاته في الصوامع الطينية التي كانت تستعمل منذ عصور قدماء المصريين وحتى الآن فى القرى والنجوع ، وهي صوامع جيدة نستطيع أن نخزن بها طوال العام ، ولكن بالخلط مع رماد الفرن يمنع نمو الحشرات ، وبوضع طبقة من الجير الحى فى أعلى الصومعة يمنع نمو الفطريات والحشرات, والباقي الذى يزيد عن حاجة المزارع طوال العام يورد لتجار الحبوب والدولة للتخزين الاستراتيجى . ولابد أن تكون الصوامع الحديثة المبنية بالخرسانة المسلحة من مشروعات الدولة من البنية الأساسية، مثل الصرف الصحي والغاز والمواصلات والسكك الحديدية ووسائل الاعلام، وهي أهم من ملايين الأطنان من الأسمنت المسلح الذى يخصص لبناء القري السياحية في مارينا وشرم الشيخ وأمثالهما ، فلابد من تشييد هذه الصوامع الحديثة للتخزين الاستراتيجي طويل الأمد.
أما بخصوص غربلة القمح المستورد فيجب أن تتم بأمانة واخلاص مع انها عملية مستحيلة فى الصوامع التى ينبغى أن يخزن فيها القمح والحبوب تامة النظافة والجفاف لسلامة التخزين الطويل ، وأقول بأن كل المستندات التي تأتي مع شحنات القمح الأمريكية وغيرها تكون "مضروبة" . فهم يقولوا فى أوراقهم المرافقة للشحنات أننا بخرنا القمح وأنه لا يوجد بها حشرات حية ولا يوجد برادة حديد ولايوجد ولا يوجد ، والحقائق تقول أن كل ذلك يوجد. ولكن ليس فقط برادة الحديد ولكن صدأ الحديد يأتي مع الشحنات نتيجة سوء حال الباخرة لأنه

محاضرة الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد البارى – مؤتمر " انتاج القمح .. وأزمة رغيف الخبز " – 24 مايو 2008
ينزل علي جدران الباخرة صبّا كالماء وليس معبأ فى أجولة، وبرادة الحديد قد يكون وجودها فى شحنات القمح متعمدا ، وأنا لا أستبعد نظرية المؤامرة ، فأطفال مصر 70% منهم مصابين بالأنيميا. ولكن مالنا وكل تلك المشاكل ؟ ولماذا لا نزرع قمحنا ونخزنه ونكتفى منه ؟ ان تجنب تلك الأخطار ميسور وواضح ، علينا بالعمل المتقن والجاد والمخلص. وشكرا.


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:40 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59