ملتقى شذرات

ملتقى شذرات (https://www.shatharat.net/vb/index.php)
-   مقالات وتحليلات مختارة (https://www.shatharat.net/vb/forumdisplay.php?f=84)
-   -   الاختراق الإسرائيلي لـ'حماس' من البيت إلي مراكز القيادة!!! (https://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=24245)

Eng.Jordan 08-06-2014 01:44 PM

الاختراق الإسرائيلي لـ'حماس' من البيت إلي مراكز القيادة!!!
 



http://www.elaosboa.com/elaosboa/2172014/014.jpg



الأثنين 21/7/2014 الساعة 4:11 صباحا
أحمد هريدي محمد
بعد انتهاء الحرب علي قطاع غزة 'ديسمبر 2008 – يناير 2009' قال يوفال ديسكن رئيس جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل 'الشاباك': 'لقد كنت أعلم جيدًا أين يختبئ 'إسماعيل هنية'، كما علمت وقت خروجه من ملجئه، ولكننا لم نقرر قتله'، وتحدث العقيد 'هارتس هاليفي' قائد وحدة مظلات، للقناتَين الثانية والعاشرة في التليفزيون الإسرائيلي، وأشاد بالعملاء الفلسطينيين لكونهم 'إحدي الضمانات لنجاح الجيش الإسرائيلي في ضرب البنية التحتية لحركة 'حماس'، والقضاء علي الكمية الأكبر من معداتها العسكرية وصواريخها، وقتل عدد من مقاتليها'، وقال هاليفي: 'منذ انسحابنا من غزة عام 2005 بذلنا جهودًا كبيرة لتجنيد العملاء، ونجحنا خلال ثلاث سنوات في تجنيد عدد كبير منهم'، وأضاف : 'عندما كنا نتلقي المعلومات عن وجود ألغام بالقرب من شجرة أو بناية، كانت الأوامر تُنقل من العميل إلي مركز جمع المعلومات الاستخباراتية وتصلنا علي الفور، وبما يؤدي إلي تراجع جنودنا وعدم اقتحام الموقع الملغوم، وإلا ما كان شيء سيمنع قتل العشرات، وربما المئات من جنودنا'!!!
وأقرت 'حماس' بما ورد علي لسان ديسكن وهاليفي، وأعلنت وزارة الداخلية الفلسطينية في حكومة 'حماس'، في الأسبوع الأول من فبراير 2009، أنها اعتقلت عدة مجموعات متهمة بتقديم معلومات عن المقاومة لقوات الاحتلال. وقال متحدث باسم وزارة الداخلية في حكومة حماس 'إن مهمة هذه المجموعة كانت جمع المعلومات عن أماكن المقاومين ومواقعهم، ومن ثم إرسالها إلي ضباط في سلطة رام الله الذين قاموا بتسليم تلك المعلومات إلي الاحتلال'، حسب قوله.. وأشار إلي أن 'الأجهزة الأمنية تواصل ملاحقة بعض أفراد تلك المجموعات الذين فروا خلال الحرب'!!!
وبينما كانت قيادات 'حماس' تتحدث عن المحاكمات وفقًا للقانون.. اقدمت عناصر من 'حماس' علي إعدام 19 شخصًا من العناصر القيادية في حركة 'فتح' وأطلقت الرصاص علي 61 آخرين يوم 22 يناير 2009.. لكن قيادات 'حماس' استنكرت هذا التصرف من عناصرها وقالت إنها ستقدمهم للمحاكمة عقب احتجاج 'فتح' علي عمليات الإعدام التي تمت دون محاكمة، وأصدرت منظمة العفو الدولية بيانًا في الحادي عشر من فبراير 2009 أدانت فيه تصرفات حركة 'حماس'.
وقبل الحرب علي غزة كانت 'حماس' تحتجر 115 فلسطينيا في السجن المركزي بغزة المعروف باسم 'السرايا'، ومن بينهم عناصر من الحركة، تم اتهامهم بالتعاون مع العدو.. لكن إسرائيل -وقبل أن تبدأ في عملياتها الحربية ضد غزة– نفذت غارة محدودة يوم 28 ديسمبر 2008 محدودة علي السجن المركزي وقامت بقصف وتدمير المبني، ليسقط عدد قليل من السجناء قتلي ويتمكن الباقون من الهرب إلي داخل القطاع ليواصلوا مهمتهم في التجسس علي 'حماس'!!
وأصبح خبر القبض علي عملاء وسجنهم أو إعدامهم من الأخبار المتكررة منذ سيطرة 'حماس' علي غزة.. غير أن المفاجأة الكبري كانت في وصول العملاء إلي مراكز القيادة.. حيث تحققت الحركة من تعاون عناصر قيادية في الحركة مع أجهزة أمن عربية وشخصيات فلسطينية تتهمها 'حماس' بالتعاون مع إسرائيل!!
وكشفت 'حماس' عن اتهام أيمن طه القيادي بالحركة بالتخابر لصالح أجهزة أمن عربية والتعاون مع شخصيات فلسطينية معادية لـ'حماس'، لكنها عادت وأعلنت أن الاتهامات الموجهة إليه تتعلق بوقائع فساد ومخالفات مالية، وقامت قوة من كتائب عز الدين القسام باعتقاله، وأعلنت الحركة عن ذلك رسميًا في بيان صدر في نهاية فبراير 2014، وقالت إن أيمن طه، الذي شغل منصب الناطق باسم الحركة سابقًا، يخضع للتحقيق الداخلي من قِبل الحركة، وأكدت أن التحقيق يدور حول 'سلوكه واستغلال النفوذ والتربح بدون وجه حق'، وقالت الحركة في بيانها إن 'أيمن طه لم يعد متحدثًا باسم 'حماس' ولن يعود إلي ذات الموقع وليس عنصرًا فيها'!!
وفي تصريحات صحفية أكد نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني والقيادي في حركة 'حماس' أحمد بحر أن أيمن طه يخضع للتحقيق الداخلي، وقال بحر في مقابلة تليفزيونية مع قناة 'الغد العربي'، إن أيمن طه قد اعتُقل لبعض المخالفات، والإخوة يحققون وسيحاسب علي ذلك كأي مواطن عادي، وفي الأسبوع الأول من مارس 2014 قالت مصادر مطلعة في 'حماس' إن الحركة قررت فصل القيادي السابق أيمن طه المعتقل في غزة، وأكدت المصادر أن قيادات حماس عقدت محاكمة داخلية لأيمن طه بشكل سري وضم تشكيل المحكمة قضاة من 'حماس'، وأعضاء في مجلس شوري الحركة، وقضت المحكمة بمصادرة أمواله التي اكتسبها بصورة غير مشروعة في السنوات الماضية!!
والمثير للدهشة أن أيمن طه –المتهم بالتخابر– كان يتولي ولمدة عامين منصب المستشار الأمني لرئيس الوزراء الأسبق إسماعيل هنية، لمدة عامين تقريبًا'!!!!!!' وكان يشرف علي بعض الاتصالات بشأن التهدئة مع إسرائيل، كما أنه ينتمي لبيت إخواني حمساوي، فوالده هو محمد طه القيادي في 'حماس' والمدير السابق في الجامعة الإسلامية في غزة، وقدمت عائلته العديد من الشهداء، حسب بيان 'حماس' الذي اتهم أيمن طه بالخيانة والفساد!!!
وأعادت قضية أيمن طه إلي الذاكرة فضيحة مصعب حسن يوسف نجل القيادي الإخواني المؤسس في حماس الشيخ حسن يوسف، الذي تم اتهامه بالعمل لصالح جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل في الفترة من 1997 حتي 2007، وبعد اكتشاف أمره هاجر إلي أمريكا لاجئًا حيث أعلن عن كفره بالإسلام واعتناقه المسيحية، وأصدر كتابه الشهير الذي يحمل عنوان 'ابن حماس' وكشف فيه الكثير من خفايا حركة 'الإخوان' حماس!!!
وتبرأ حسن يوسف من نجله، وأكد أن مصعب، لم يكن عضوًا فاعلًا في حركة 'حماس'، وقال إنه سواء صحت الاتهامات الموجهة لمصعب أم لا، فإن مصعب لم يكن في يوم من الأيام عضوًا فاعلًا في صفوف حركة حماس، مشيرًا إلي أن نجله تعرض لعملية ابتزاز وضغوط من الاستخبارات الإسرائيلية، وعندما انكشف أمره منذ ذاك التاريخ تم تحذير أبناء الحركة منه وكان تحت رقابة والده والحركة'.
وتكشف العمليات التي تقوم بها إسرائيل ضد 'حماس' عن امتداد الاختراق إلي مراكز القيادة بمستوي تبدو معه 'حماس' حركة في فنجان علي مائدة تجمع بين قيادات أجهزة الأمن والاستخبارات ليس في إسرائيل وحدها ولكن في دول أخري.
وكانت العملية الأشهر التي كشفت بما لا يدع مجالًا للشك أن أصابع إسرائيل تمتد إلي مراكز القيادة في 'حماس' هي عملية اغتيال أحمد الجعبري نائب القائد العام لكتائب القسام التي نفَّذتها إسرائيل في الرابع عشر من نوفمبر 2012، وقد كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت تفاصيل هذه العملية في تقرير كتبه كل من: يوسي يهوشع ورؤوبين فايس، وقالت الصحيفة إن قرار اغتيال الجعبري تم اتخاذه قبل نحو سنتين، ولكن تأخر تنفيذ القرار خوفًا علي حياة جلعاد شاليط.. وتقرر تنفيذ العملية بعد تسليم شاليط إلي إسرائيل!!
ويبدو من التفاصيل التي سمحت الاستخبارات الإسرائيلية بنشرها أنها كانت تراقب الجعبري من داخل مراكز القيادة في حركة 'حماس' وترصد جميع حركاته وسكناته، ونقلت 'يديعوت أحرونوت' عن ضابط إسرائيلي أشارت إليه بالرائد 'ط' أن الجعبري 'كان شكاكًا وكان عالمًا جيدًا بأن الجيش الإسرائيلي يتعقبه، وسلك سلوك المطلوب علي نحو قاطع فسكن عدة بيوت.. ولم يسافر وحده في سيارة بل إلي جانب ناس اعتمد عليهم فقط، ولم يخرج لتناول الطعام في المطاعم بل جيء بالطعام إلي بيته، واعتمد حقًا علي حلقة ضيقة فقط من المساعدين المقربين. وقد علمنا أنه حينما يفعل أحد أولئك المقربين شيئا ما فان ذلك يتصل بالجعبري'. ويضيف الرائد 'ط' أن الجعبري 'اعتاد كما هو الحال في كل منظمة عسكرية أن يُجري لقاءات عمل مع المستويات العليا، وأن يصل إلي مواقع حماس ويراقب التدريبات'، 'ومع ذلك اجتهد كي لا يخرج في جولات كثيرة لأنه علم أننا نتعقبه.. وفي لقاءات كثيرة كان كبار مسئولي الذراع هم الذين يأتون اليه كي لا يضطر إلي الخروج إليهم والكشف عن نفسه'.
ويقول الرائد ط: 'عرضنا عددًا من سيناريوهات الرد المحتملة من حماس اشتملت علي اطلاق صواريخ ايضا علي مركز البلاد'!!
وتكشف النقيب عدي وهي أيضًا من قسم البحث عن توقعات قسم التحقيق من شعبة الاستخبارات العسكرية لما بعد اغتيال الجعبري وما قد يفضي إليه من إطلاق الصواريخ علي غوش دان، وبحثوا في الجيش الإسرائيلي وفي جهاز الأمن الكلفة في مقابل الفائدة -والكلام لمحرري يديعوت أحرونوت– وكان الذي رجح كفة الاغتيال عملية القضاء علي مخزونات القذائف الصاروخية بعيدة المدي لحماس التي خُطط لتنفيذها بعد اغتيال الجعبري فورًا والاعتماد أيضًا علي قدرات منظومة 'القبة الحديدية'!!
ونفهم من هذا أن استفزاز 'حماس' واستدراجها إلي إطلاق الصواريخ يحقق هدفًا مطلوبًا ومهمًا لإسرائيل يتمثل في استنزاف مخزون الصواريخ التي قامت الحركة بتخزينها طوال فترات ماضية!!
وتنقل 'يديعوت أحرونوت' عن المقدم زيف قوله 'إن الجعبري في الحقيقة عامل مهم جدا في حركة حماس لكنها تستطيع ان تواجه غيابه. ومنذ اغتيال زعيم الحركة أحمد ياسين والرنتيسي الذي حل محله، أدركوا في حماس أنه لا يمكن أن يكون كل شيء في يد إنسان واحد.وأصبحت البنية الحاكمة شبه هرم مقطوع الرأس ليس طرفه الأعلي شخصًا واحدًا بل أربعة أو خمسة من كبار المسئولين. وكان الجعبري واحدًا من اولئك الكبار إلي جانب أسماء مثل نزار عوض الله، ومحمود الزهار وخليل الحية. وبرغم ذلك كان التقدير أن اغتياله سيسبب زعزعة شديدة في الحركة وشعورا بالتغلغل الاستخباري وتجديد الردع الذي ضاع بعد 'الرصاص المصبوب'!!
وتكشف إسرائيل عن قدراتها علي رصد قيادات 'حماس' داخل غرف نومهم، وتقول 'يديعوت أحرونوت' في تقريرها الاستخباري: 'كان شعور توتر عظيم. فالحديث آخر الأمر عن أولاد شباب في التاسعة عشرة والعشرين من أعمارهم يجلسون ويدركون عظم الحدث الذي يشاركون فيه. فليس هذا نشيط ارهاب آخر بل هو أحمد الجعبري. وهو الرجل الذي طُلب إليهم فترة طويلة أن يعرفوا عنه كل شيء. متي يمضي للنوم؟ ومع من؟ ومن هم مساعدوه؟.. كل شيء'.
وعن التكليفات الأخيرة قبل تنفيذ العملية تقول الصحيفة علي لسان فريق الاستخبارات: 'نضيق الخناق، ونوسع الغطاء حوله وحول كل الحلقات المتصلة به.. العائلة والمساعدين المقربين والمساعدين البعيدين وكبار المسئولين في المنظمة ورجال الارتباط.. نفحص كل شيء.. لا يمكن أن نعلم في أي دائرة توجد التفصيلة الاستخبارية التي تجعله مستهدفًا، يجب أن نتذكر أنه حذر علي نحو منقطع النظير، وقد اعتاد دائمًا أن يُبدل مساعديه ويُبدل السيارات ويُبدل البيوت، ولم يكد ينام مرة واحدة أكثر من ليلة واحدة في نفس المكان، لقد عرفناه إلي هذه الدرجة'.
وحول اللحظات الفاصلة قبل العملية تنقل 'يديعوت أحرونوت' عن الرائد 'ط' قوله: 'وطوال اليوم في الحقيقة تقاطعت جميع المعلومات وبدأنا نحاصره.. وندرك أين يوجد ولماذا، ومتي سيكون هناك ومع كم من الناس.. وفي غضون ساعات قليلة كنا قد أصبحنا عليه بيقين.. وعلمنا إلي أي مبني سيدخل.. ويجب الآن فقط أن ننتظر كي يخطئ ويخرج'، ويضيف: 'في حوالي الساعة 3 ظهرًا كانت جميع الدلائل تُبين أننا بدأنا نصل إلي الهدف.. وانحصرت المعلومات في البيت الذي تحلق فوقه الطائرة الاستخبارية والسيارة التي يُفترض أن يدخلها الجعبري'.
وحانت ساعة الصفر ' قبل الساعة 4 ظهرا بخمس دقائق ظهر أشخاص علي الشاشتين.. كان الجعبري يخرج من المبني ويدخل السيارة، وصادق 'الشباك' والعاملون في الوحدة 8200 علي ذلك بقولهم: 'هذا الجعبري.. وأبلغ المقدم دولف رئيس هيئة الأركان والمسئولين الكبار قربه في المكتب قائلاً: 'خرج.. نطبق عليه.. '. ولا يتردد العميد نوركين في 'كوك بيت' فيأمر بالعملية قائلاً 'نفذ.. ويُطلق الصاروخ وتصاب السيارة. ولا يزال في 'كوك بيت' هدوء متوتر والعيون جميعا مصوبة إلي الشاشات ولا توجد صيحات ابتهاج بل ينتظرون معلومات استخبارية عن الأرض.. هل أصيب الجعبري حقًا؟ وهل كانت تلك هي السيارة الصحيحة؟ وإن لم تكن كذلك أفربما يكون موجودًا في سيارة أخري ويجب اتخاذ قرار علي مهاجمتها أيضًا؟.'، و في غضون دقائق معدودة تم تلقي الجواب وهو أن أحمد الجعبري رئيس أركان حماس قد صُفي.. '!!
وانتهت العملية لتكشف عن وصول الاختراق الإسرائيلي إلي عقر دار 'حماس' وإلي مركز القيادة الأول!!
والخطير في عملية اغتيال الجعبري أنها جاءت بعد خلافات طاحنة داخل صفوف قيادات 'حماس'، حيث نقلت مصادر داخل الحركة أن خلافًا حادًا نشب بين خالد مشعل رئيس المكتب السياسي والجعبري نائب القائد العام لكتائب القسام عندما أعلن مشعل رفضه الزيارة التي قام بها الجعبري إلي طهران، ومن ثم إلي لبنان وعقد لقاءات مع كادر الحركة في سوريا ولبنان دون علم المكتب السياسي، وتم تسريب محتوي حوار قال فيه الجعبري مخاطبًا مشعل: ليس من حقك أن تكون في قطر، وتلتقي بيهود وإسرائيليين دون علم المكتب السياسي.. فاليهودي الذي التقيته في الدوحة بعد أن أرسله إليك رئيس الوزراء القطري علي أنه من زعماء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة كمتعاطف مع الموقف الفلسطيني، والداعي الإدارة الأمريكية لفتح حوار مع حماس ليس إلا ضابط موساد!!!!!
ورأي مشعل أن هذا اتهام صريح له يستلزم التنحي عن رئاسة المكتب السياسي في أول فرصة، وهذا ما طالب به فيما بعد، ليكشف عن صراع مكتوم بين جناحين داخل حركة 'حماس'، لكن الجناح الموالي للأسرة الحاكمة في قطر تغلب في هذا الصراع!!
وإذا كانت عملية اغتيال الجعبري قد تمت داخل فنجان في قبضة إسرائيل، فإن عملية أخري هي عملية اغتيال المبحوح كانت تعبر عن اختراق لحركة حماس في الداخل والخارج.. فقد نفذت إسرائيل عملية اغتيال محمود المبحوح 'القيادي في كتائب عز الدين القسام' في التاسع عشر من يناير 2010 بفندق في مدينة دبي، وقد تم اغتياله بعد صعقه كهربائيًا وخنقه حتي لفظ أنفاسه داخل غرفته دون أن تظهر أي اصابات علي جسده، لكن تشريح الجثة كشف عن آثار للسم في الجسد!!
وحسب الرواية الإسرائيلية كان المبحوح 'المطلوب الأول للجيش الإسرائيلي' حيث اتهمته بالوقوف وراء تهريب صواريخ ووسائل قتالية أخري من إيران إلي قطاع غزة، زاعمة أنه المسئول عن نقل شحنة السلاح التي قصفها الطيران الإسرائيلي في السودان، قبل أن تتجه لغزة.. كما شارك في أسر وقتل جنود إسرائيليين.
وكان المبحوح شخصية مجهولة، وعاش لفترة طويلة في العاصمة السورية دمشق، وفي منطقة الخليج دون أن يعرفه أحد، ووصل المبحوح يوم اغتياله إلي دبي قادمًَا من دمشق بجواز سفر مزور باسم محمود عبد الرؤوف محمد حسن، وكان ينتقل من دولة إلي دولة تحت غطاء تاجر كبير، ونزل في أحد فنادق دبي ثم شارك في اجتماع في القنصلية الإيرانية، وعاد بعده إلي غرفته حيث انتظره القتلة ونفذوا مهمتهم، وقاموا بعدها بترتيب الغرفة لتظهر الوفاة كما لو كانت طبيعية ومن ثم غادروا دبي متوجهين لمدن أوربية وآسيوية.
وأعلنت 'حماس' يوم 20 يناير 2010 أن المبحوح توفي نتيجة مرض عضال، ولم تعلن الحركة أو شرطة دبي أو الموساد أن الوفاة ناجمة عن اغتيال، حتي وجهت 'حماس' بعد عشرة أيام من وفاة الرجل اتهامًا للموساد باغتياله في دبي، استنادًا إلي معلومات من شرطة الإمارة قالت فيها إن أوربيين كانوا خلف جريمة الاغتيال.
وقال السفير الفلسطيني في الإمارات خيري العريدي، إن الظروف المحيطة باغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح تشير إلي 'اختراق أمني في صفوف 'حماس'.. وعلي قياديي الحركة الانتباه إلي ذلك'، وأضاف العريدي في مقابلة مع CNN أن 'أي محلل يتابع التحقيق 'في الاغتيال' سيقول إن ما حدث لا يمكن أن يحدث إذا لم يكن هناك مصدر أو خرق أمني داخل حركة 'حماس'.. لكن 'حماس' ترفض الاعتراف بهذا التحليل.. وهذا خطأ، لأن هناك دولاً تعاني خروقات أمنية'.
ويبدو الارتباط واضحًا بين العديد من الحوادث والعمليات التي نفذتها إسرائيل ضد 'حماس'، فلا تنفصل عملية اغتيال الجعبري في غزة عن اغتيال المبحوح في دبي ولا عن استهداف عناصر أخري اتهمتها إسرائيل بنقل الأسلحة من السودان إلي غزة عبر مصر.. فقد استهدفت إسرائيل سيارة خرجت من مطار بورسودان شرقي السودان في الخامس من أبريل 2011 ودمرتها بغارة جوية وقتلت راكبيها الاثنين، وقال معتمد محلية بورسودان، شيبة محمد بابكر، إن التحريات الأولية للحادث أكدت أن المتوفيين سودانيا الجنسية ويقطنان ولاية البحر الأحمر.
والمثير في هذا الحادث أن إسرائيل لم ترصد هدفًا ثابتًا تحركت له من قاعدة عسكرية لتصل إلي سماء السودان، ثم تضرب هذا الهدف الثابت الذي تم تحديده مسبقًا.. ولكن تحركت الطائرات الإسرائيلية إلي هدف متحرك عبارة عن شخصين يخرجان من داخل مطار بورسودان ومنه إلي سيارة خارج المطار ثم يتم رصد السيارة وهي تتحرك إلي منطقة صحراوية، ليتم استهدافها بصاروخ يدمر السيارة ويقتل مَنْ بداخلها، ثم تخرج الطائرة الإسرائيلية من الأجواء السودانية وتعود إلي قواعدها سالمة غانمة!!
ولم تكن هذه الحادثة هي الأولي من نوعها فقد أعلن عسكريون إسرائيليون أن طائراتهم نفذت في يناير 2009 هجومًا علي قافلة تحمل السلاح إلي قطاع غزة في منطقة قريبة من الحدود المصرية السودانية وقتلت الطائرات الإسرائيلية في هذه الغارة 119 شخصًا، وأعلنت السلطات السودانية أنها اكتشفت في موقع الحادث ذخائر غير متفجرة بالإضافة إلي أخري تم تدميرها!!
وتبدو مثل هذه الحوادث خير شاهد علي امتداد الاختراق الإسرائيلي إلي مراكز صناعة القرار في 'حماس'، لأن عمليات نقل الأسلحة، وتحركات قيادات الصف الأول لا تكون معلومة لآحاد الناس من أعضاء الحركة، فمثل هذه المعلومات لا تصل إلا لدائرة ضيقة من صفوة قيادات الصف الأول.. فكيف وصلت إلي إسرائيل؟!!
وتبدو 'حماس' في فلسطين كتابًا مفتوحًا أمام إسرائيل، لأنها تعتمد في اتصالها وتواصلها داخليًا وخارجيًا علي شبكات الاتصال الإسرائيلية أو الخاضعة لإسرائيل، فقد أنشأت إسرائيل شبكة الاتصالات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبالتالي فهي لا تحتاج إلي عمليات تنصت غير عادية علي كوادر وقيادات 'حماس'، لأن شبكة الاتصالات الفلسطينية مرتبطة بشكل تلقائي بشبكة الاتصالات الإسرائيلية، فضلًا عن أن شبكة الهاتف النقال الفلسطيني العاملة في الأراضي الفلسطينية تعتمد علي إسرائيل في خدماتها، فضلًا عن توقيعها علي اتفاق مع شبكة 'أورانج'، الإسرائيلية للاتصالات، ويستخدم آلاف الفلسطينيين شركات الهواتف النقالة الإسرائيلية، مثل سيلكوم وبيلفون، وغيرها.
واستخدم أهالي فلسطين أجهزة 'ميريتس'، الإسرائيلية في اتصالاتهم اللاسلكية، كما استخدمت عناصر بعينها شبكات الاتصال الفضائية مثل 'الثريا' التي لم توفر اتصالًا آمنًا لقيادات 'حماس'، لأن الاتصالات عبر الأقمار الصناعية تجعل مهمة إسرائيل سهلة في المراقبة والتنصت.
ولا تكتفي إسرائيل بالسيطرة علي اتصالات 'حماس' الهاتفية واتصالات الإنترنت، ولكن تضع أجهزة تنصت في مكاتب 'حماس' ومساكن قياداتها، وهذا ما أقرت به 'حماس' عندما أعلنت عن اكتشاف أجهزة تنصت في مكاتب قياداتها أكثر من مرة، وقد أعلنت 'الحركة الإسلامية' في فلسطين، خلال مؤتمرٍ صحفيّ عقدته في مكاتبها في مسجد ابن تيمية في مدينة أمّ الفحم شمال فلسطين المحتلة، يوم الثلاثاء 20 مايو 2014 أنّها اكتشفت أجهزة تنصت في مكتب رئيسها الشيخ رائد صلاح، وقال نائب رئيس 'الحركة الإسلامية' الشيخ كمال خطيب خلال المؤتمر، إن الحركة اكتشفت مؤخرًا أن عاملين في شركة 'بيزك' الإسرائيلية للاتصالات قاموا بزرع أجهزة تنصت لصالح الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
وتعتمد إسرائيل علي وحدة متخصصة في التجسس الإلكتروني معروفة باسم 'الوحدة 8200'، وهي تابعة لجهاز 'أمان'، الذي يعتبر أكبر الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، ومن أهدافها حسب أقوال جنرالات الحرب 'المساهمة في تقديم رؤية استخبارية متكاملة مع المعلومات التي توفرها المصادر البشرية القائمة علي شبكة العملاء'!!
وتعلن إسرائيل بين الحين والآخر عن معلومات جديدة عن 'حماس' لتستعرض قدراتها في مجال الاستخبارات، ومن ذلك ما تم إعلانه عن وجود القيادة السياسية لحركة 'حماس' في ملجأ محصن أسفل مستشفي الشفاء في غزة في يناير 2009، وقالت إسرائيل إن مخابئ القيادات ترتبط بالمدن العسكرية الصغيرة التي أقامتها 'حماس' تحت الأرض ويربط بينها شبكة من الأنفاق ولها فتحات علي الخارج، وفي عام 2009 أيضًا قال يوفال ديسكن رئيس 'الشاباك' إن لديه معلومات عن سعي 'حماس' لتطوير وامتلاك صواريخ تصل إلي تل أبيب والمواقع الحيوية.. لكن يبدو أن إسرائيل قد أفسحت المجال أمام 'حماس' لأهداف خاصة تحققت وتتحقق في عام 2014!!
هذا عن 'حماس' في الداخل أما خارج الأراضي الفلسطينية فقد أصبح قادة الحركة كالمستجير من الرمضاء بالنار، حيث قفز بعضهم من فنجان إسرائيل في غزة ليسقط في كأس إسرائيل في قطر أو الكأس الأخري في تركيا، ولا يخفي علي أحد ما بين قطر وإسرائيل من تعاون، ولا يغيب عن كل ذي عقل ما بين تركيا وإسرائيل من اتفاقيات أمنية وعسكرية ينص بعضها صراحة علي التجسس علي الدول العربية!!
والمعلوم أن الاختراق الأمني المباشر وغير المباشر لا يستهدف فقط جمع المعلومات عن تنظيمات المقاومة والجهاد، ولكن يحقق أهدافًا أخري مثل تفريغ الحركة الجهادية أو حركة المقاومة من مضمونها ومحتواها، وتوجيه التنظيم إلي أهداف تتفق مع أهداف العدو، وبث روح الفرقة والانقسام، وإشعال الصراعات والنزاعات الداخلية، وكثيرًا ما يؤدي الاختراق إلي قيادة التنظيمات نحو الهاوية.. لكن الهدف الأهم والأخطر هو استخدام مثل هذه التنظيمات، وبصفة خاصة الإسلامية منها، في تنفيذ مخطط الفوضي الخلاقة وإثارة النزاعات والخلافات السياسية وربما المعارك والحروب بين الدول العربية والإسلامية!!
وختامًا، وبعد هذه المعلومات والحقائق، أقول: 'إن العاقل لا يصلي خلف الماريونيت'!!


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:38 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59