ملتقى شذرات - ما بين الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكيان اسمه الوطن العربي؟!

كنا ندرس في المناهج الدراسية مواد تتعلق بتاريخ الوطن العربي و مواد تتعلق بجغرافيا الوطن العربي والكثير من الدروس التي اقترنت عناوينها بمصطلح الوطن العربي ..نشأنا وكأن كيان اسمه الوطن العربي حقيقة موجودة ..وخاصة مع وجود اتحاد سياسي شكلي يطلق عليه اسم جامعة الدول العربي ..!

اليوم تدخل الكثير من الهيئات الدولية لدولنا العربية تحت مسمى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ..على سبيل المثال لا الحصر : -
- المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا- منظمة العفو الدولية
- المنتدى الإقليمي للصناعات الغذائية للشرق الأوسط وشمال افريقيا
- البنك الدولي منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا
- كل مكاتب وهيئات الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي

كل الهيئات العالمية وحتى في الأمم المتحدة تعترف بمنطقة اسمها الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ولكنها لا تعترف بوجود كيان تحت مسمى وطن عربي .

الرؤية العالمية اتجاه العرب تتحدد في كيان سياسي اقتصادي تاريخي لا يرتبط بالقومية العربية ولا بالدين الإسلامي إنما ترتبط بجغرافية سياسية واقتصادية تحتوي كل الدول المفترض إقامتها والمعترف بكينونتها داخل هذا الحيز الجغرافي .. وتشمل الكيان الصهيوني المسمى اسرائيل وأي دولة قد يتم استحداثها مستقبلاً مثل الدولة الكردية أو الأمازيغية أو القبطية أو جنوب السودان ...

القصد واضح من ترسيخ وجود مصطلح الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كمفهوم يشير إلى الدول التي تقع ضمن نطاق كل الدول التي تشمله هي دول عربية اسلامية زرع في قلبها كيان صغير يأتيه المدد من الأب الغير شرعي أمريكا واتباعها من الدول المستعمرة ، تلك التي ترعاه منذ أن سطت عصاباته الصهيونية على فلسطين ولما يعلن عن إقامته بعد ، إنهم يزيلون شرعية رابط العروبة والإسلام ويغذون الإنقسامات والتناحر ويستفردون بالدول العربية تباعاً ويقسموا المقسم...إنهم ينفذون مخططاتهم التي نعلمها ونعيها ودرسناها في مدارسنا التي تم عولمتها حديثاً لتغير مفهوم الاستعمار وتزيل دوافع الطمع والاستغلال .

الغريب ليس في حقيقة وجود استهداف للعرب دولاً وأفراد واستهداف لدينهم وعقيدتهم وحتى لغتهم...هذا أمر متوقع بل معاش فعلياً..لكن الغريب فعلاً الإنسياق التام وراء كل ما يأتي من الغرب ..رغم علمنا المسبق بهذا المخطط!!

لم نسمع بأن جامعة الدول العربية استنكرت تسمية النطاق الذي تشمله بمسمى لا علاقة له بالعرب ، ولم نسمع بشخصية عربية واحدة استنكرت وشجبت إطلاق مسمى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الدول العربية ..وفي هذا إقرار وإذعان وانبطاح تام لسياسة الولايات المتحدة ومن لف لفيفها ...لإضفاء شرعية وجود كيان صهيوني مصطنع وإجرامي وانتزاع اعتراف من كافة الدول العربية بأن دولهم هويتها العالمية لا ترتبط بقوميتهم ولا بدينهم بل بحيزهم الجغرافي فقط..

إنه تحقير لكل الدول العربية بلا استثناء أن يتم تعمية هويتهم عالمياً وشطب تاريخهم المرتبط بلغتهم ودينهم وكينونتهم المرتبطه بديموغرافيا وموروث متجذر..

سياسة التفتيت المتواصل وفصل التاريخ والموروث عن الأجيال المتعاقبة هي التي تسمح لهم بمسح كل ما يتعلق بالإسلام والعروبة التي لا يعترفون بها ولا يسمحون حتى بإبرازها أو ظهورها ...

سيبقى أبناء العروبة والإسلام المسكونين بأحلام الوحدة والتعاون يترحمون على وطن عربي كان يوماً هوية لهم وعنوان لهم و يستخدمون اسم "الوطن العربي" في نطاقهم الضيق وفي قصائدهم الثكلى وهم يقرأون الأخبار العربية والعالمية في مختلف المنابر الإعلامية وقد ازدحمت بعناوين العولمة وبأخبار الشرق الأوسط وشمال أفريقيا...