قتلت أمها وأباها
ـــــــــــــــــــ
ـ قد يعبد الناس شجراً وحجراً ، وقد يعبدون شمساً وقمراً ، وقد يعبدون
فأراً أو عجلاً ، وأخطر ما يعبده البشر أهواءهم { أرأيت من اتخذ إلهه
هواه } .
ـ بسبب الهوى كذبت الرسل ، وانتهكت الحرمات ، وضيعت الفرائض،
وسفكت الدماء ، وسلبت الأموال .
ـ يذكر ابن كثير في البداية والنهاية أنه جرت في سنة ( 589 ) كائنة
غريبة ، وهي أن ابنة تاجر من تجار الطحين عشقت غلام أبيها،فلم علم
أبوها بأمرها طرد الغلام من داره،فواعدت البنت ذلك الغلام ليلة،فجاء
إليها متخفياً ، فتركته في بعض الدار .
ـ إلى هنا والقصة ليس فيها غرابة ، والأمر الغريب هو ما حدث بعد ذلك،
فبعد أن هدأت الدار،ونام أهلها ، أمرت البنت ذلك الغلام أن ينزل إلى
أبيها فيقتله،ثمَّ أمرته بأن يثني بأمها الحبلى ، ثمَّ أعطت تلك المجرمة ذلك
المجرم الذي فتنت به حلياً بقيمة ألفي دينار ، وقد نالت يد العدالة ذلك
المجرم ، فقتل ، وكذلك جزاء من قتل .
ـ ويذكر ابن كثير أن ذلك الرجل والد البنت كان رجلاً صالحاً من خيار
الناس ، كثير الصدقة والبر ، وكان شاباً وضيء الوجه .
ــ وقد جرت حادثة قريبة من هذه الواقعة في أكتوبر 1933م في فرنسا،
وقد هزت الجريمة فرنسا بأسرها في ذلك الوقت .
ـ وتتلخص تلك الحادثة في أن رجلاً له بنت وحيدة في مقتبل العمر ،
مستهترة في إرضاء شبابها ، تأوي إلى حي الطلبة ، كثيرة الأخلاء ،
وجدت أحد خلانها يشتهي أن يقتني سيارة ، فصممت على قتل أبيها
وأمها ، وأن تستولي على ما عندهما من نقود ليقتني خليلها سيارة
ولتتمتع هي وهو بما بقي في السرف والبذخ ، فعمدت إلى والديها فدست
لهما السم ، فأما والدها فقضى نحبه ، وبزت منه بضعة عشر ألف فرنك
وأما والدتها فصابرت الموت وتشبثت بأذيال الحياة، فأثخنتها بالجراح
حتى وثقت من أن ذلك كاف لإزهاق روحها ، وابتزت منها ألفا وخمسمائة
فرنك ، وأسرعت إلى حي الطلبة ـ حيث ينتظرها خليلها ـ وظلت في
رقص ومعاقرة وما يتبع ذلك ثلاثة أيام .
ـ أما أبوها فقد علم به البوليس وأمرت الحكومة بدفنه ، وأما أمها فقد
عثر عليها فاقدة الصواب فعولجت من السمّ ، وضمدت جراحها
ونجت من الموت .
ــ إن الإنسان عندما يبتعد عن رقابة ربّه وخالقه ، ويقطع حباله به ،
ويهرب من عبودية جبار السموات والأرض يصبح عبداً لهواه وشهواته
فيصير حيواناً ، بل الحيوان أرقى وأسمى منه { أولئك كالأنعام بل هم
أضل } .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
( م:جولة في رياض العلماء ـ
د/ عمر الأشقر ـ }
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ