آخر صيحات الحب
مثل كل الأشياء في زماننا تغيرت صورة الحب.. أصبح طيفا سريعا يضيء لحظة ثم يختفي.. قد يعيشه الإنسان أياما أو شهورا وربما لحظات ثم يستبدله بشيء آخر..
إنه يشبه المأكولات السريعة التي تفضلها الأجيال الجديدة.. كل شيء يمضي الآن بسرعة ابتداء بجهاز الأيباد الذي نشاهد فيه كل شيء وانتهاء ببرامج التوك شو التي لا يبقي منها أي شيء.. الحب في زماننا يشبه هذه الأشياء إنه التليفون المحمول الذي يحفظ ألاف الأرقام.. والرسائل السريعة التي نمحوها في لحظة, ومئات الفضائيات التي تطاردنا.. والمشاعر المتغيرة كل يوم.. كان الحب يشبه الثمار الناضجة التي تأخذ ما تريد من الوقت قبل أن يتشكل لونها وطعمها, وقبل أن يعرف الإنسان الصوبات التي تنتج له الخيار والكانتلوب والفراولة وكلها فاكهة بلا طعم أو رائحة.. هناك صوبات للحب الآن..
لم يعد الإنسان يعرف مشاعر اللقاء أو الشوق.. أو الحنين أو الفراق أو الذكري.. اندثرت كل هذه الكلمات من قاموس القلوب أمام إيقاع الحياة الصاخب وإن بقيت في الأغاني التافهة الركيكة التي يرددها المطربون في هذه الأيام.. من أين يأتي الشوق ومتي يشعر الإنسان بالحنين.. وأين مواكب الذكري وكل ما حولنا لا يهدأ ولا يستريح..
وإذا لم يجد الإنسان الحب علي التليفون المحمول وجده علي الفيس بوك والتويتر أو الأفلام الساقطة علي الفضائيات.. كان محمد عبد الوهاب يلحن أغنية واحدة في العام لتبقي.. وقد قال لي السنباطي إنه أجري24 بروفة مع كوكب الشرق لقصيدة الأطلال..
والآن يعبئ المطرب12 أغنية علي شريط في نصف ساعة يكتبها المؤلف في الحمام ويلحنها الملحن في المطبخ ويغنيها المطرب في الأسانسير ويقبض ثمنها في القهوة..
ولأننا نعيش عصر الصوبات هناك صوبات للفراولة وصوبات للحب.. وأخري للأغاني..
وأصبحت المشاعر مثل المأكولات السريعة..
فكان الحب السريع..
والأكل السريع..
وقبل هذا كله الثراء السريع وهو ما يسمي النهب السريع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
دمتم بخير