الموضوع: مكافحة التدخين
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-03-2014, 08:43 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,192
ورقة حكم مسألة التدخين

حكم مسألة التدخين
ـــــــــ

(محمد هادفي)
--------

10 / 1 / 1436 هــ
3 / 11 / 2014 م
ــــــــــ



حكم مسألة التدخين
-----------

*ـ إن مسألة التدخين - وأعني هنا تدخين السجائر؛ أي: التَّبْغ، أو السجائر المتداولة بين الناس - لَهِيَ مسألة تستدعي الوقوف عندها، وتحليلها، ودرسها جيدًا، والانتباه إليها؛ من حيث إن هذه الظاهرة تفشَّتْ وانتشرت في صفوف الناس انتشارًا واسعًا ومُلاحَظًا، بل إن المهتمين بهذه الظاهرة، والذين يعملون على الحد منها، والقضاء عليها - يُصَرِّحون ويعلنون صعوبة ومشقة هذه الغاية؛ لأن المدخِّن مدمن على هذه المادة، يُصرِّح عَلَنًا صعوبة إمكانية التخلص منها.

*ـ من هنا أريد التطرق إلى هذا الموضوع - أي: موضوع تدخين التبْغ - حيث أرى أن التبغ أو السجائر هي مادة استهلاكها ضار وغير نافع للإنسان، وهذا رأي مُجْمَعٌ عليه بشهادة أهل الاختصاص، وهنا أعني الأطباء، إضافة إلى المضرة المادية؛ أي: المالية، هذا الجانب من الموضوع دُرِسَ وأُقِرَّ، ولكن النتيجة تبقى واحدة: صعوبة التخلص من هذه العادة؛ فالإنسان يُقِرُّ وعيه بخسارته المادية والصحية، إلا أنه يعترف بأنه لا يريد أو لا يرغب في التنازل عن استهلاك التبغ أو السجائر، وحتى إن فعل، فإنه يبقى دائمًا مشدودًا إلى هذه الآفة الفتاكة، فيقول مثلاً: أقلعْتُ عن التدخين، وهذا وفَّرَ لي المال، وجنبني هلاك صحتي وخرابها.

*ـ من هنا أَخْلُص إلى سرد أو إقرار مبحثي ورأيي الفقهي في هذه المسألة؛ حيث أرى أن تَفَشِّي هذه الظاهرة، وانتشارها هذا الانتشار الواسع، وصعوبة الإقلاع عنها بشهادة المدخنين، رغم العلم بمضارها المالية والصحية - هما النقطتان اللتان أريد أن أبنِيَ عليهما رأيي في هذه المسألة؛ فالمبدأ أن الإنسان وُجِدَ في هذه الحياة ليست في فمه سيجارةٌ، أو في جيبه عُلبة تبْغٍ أو سجائر، وهذا دليل قاطع أن التبغ دخيل على الإنسان؛ فأصل الإنسان كائن لا يدخن، إذًا، فلماذا تصل هذه الظاهرة إلى حد استعباد الإنسان، بل مع علمه بأنها ضارة مقلقة له، إلا أنه لا يقلع عنها، ولا يبتعد عنها؟ هذا هو السؤال الذي أود أن أنطلق منه، وأن أقرر من خلاله رأيي في هذه المسألة.

*ـ إذًا مسألة تدخين السجائر هي مسألة شخصية، بمعنى أنها تخص كل فرد؛ لذا أرى أنَّ تَرْك هذه العادة السيئة، والابتعاد عنها لا يكون خالصًا صِرْفًا صحيحًا مساويًا لحالة الإنسان الأولى؛ أي: إنه وُجِدَ وخُلِق دون علبة سجائر؛ أي: ليس في حاجة إليها، إلا إذا كان هذا القرار - أي: قرار الإقلاع والتخلي عن هذه العادة - صادرًا عن الإنسان نابعًا منه، ومنطلق هذا القرار أرى أن شروط تحقيقه لأهدافه أن يكون ليس الاقتناع بمخاطر التدخين الصحية والمالية فقط، ولكن جوهر هذا القرار وسنده يجب أن يكون الاقتناع بالإجابة التي يجيب بها الإنسان نفسه عن هذا السؤال: لماذا أدخن رغم أن التدخين ليس الماء الذي أشربه، وليس الطعام الذي آكله؟ إذًا لماذا أدخن؟ تأمُّل الإنسان في هذا السؤال التأملَ الدقيق الواعي العميق الجِدِّي الصافي، يُفْضِي حتمًا إلى الجواب المطلوب الذي يمكِّن الإنسان من الإقلاع عن هذه العادة، والتمكن منها، وصرفها عنه مقرًّا بذلك عَوْدَهُ إلى حالته الفطرية الأولى التي جُبِل عليها، وهي أن الإنسان ما وجد وما خُلِقَ كائنًا مدخِّنًا مستهلِكًا للتبغ.

**ـ الإقلاع عن التدخين وتركه ضَامِنُهُ جواب الإنسان نفسه عن هذا السؤال: لماذا أصبحْتُ عبدًا للسيجارة رغم إرادتي؟ لماذا تحكمَتْ فيَّ هذه الآفة رغم امتلاكي لإرادة الفعل والتقرير؟ لماذا؟!


---------------------------------------
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59