عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 08-13-2012, 02:23 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي

(5) نقد الحجة الرئيسية للكاتب


أ ـ المزلق الأول


( 1 )

يسود كلام المتهوك نغمة بعينها ، فهو يحدثنا عن المناسبة للآية التى يسوقها ، كأنها اكتشاف شخصى له ، أو كأن علماء المسلمين كانوا يخفون ذلك عن عوامهم ، فجاء البطل الماركسى المغوار ـ وكل الماركسيين مغاوير ! ـ ليكشف عن الحقيقة الغائبة ، ويسمع القارئ ما أخفاه عنه علماؤه أزمنة مديدة .


( 2 )

ننبه النصارى المساكين على المزلق الأول الذى أوقعهم فيه عبد الكريم بتشدقه !

لقد أوهمهم المتهوك بحديثه ، أنه " يبقر " بطون الكتب الصفراء بقراً ، و" يغوص " فى المصادر القديمة غوصاً ؛ ليحصل على هذه المناسبات والمواقف التى نزلت فيها الآيات ، ويظهر ما أخفاه علماء المسلمين لعوامهم المساكين !

وقد انساق المساكين وراء تفاخره المريض ؛ لتفشى الجهل فيهم ، ولعدم توافر حصانة علمية لديهم ، إذ ليس فى دينهم المحرف تعاليم تربى ذلك فيهم .

(1)
إن الكتب التى وضعها علماء المسلمين على مر العصور فى " أسباب النزول " جد كثيرة ، ومن العبث أن نحاول سرد بعضها هنا .

وإلى جانب هذه المؤلفات المباشرة ، فإنه توجد مؤلفات أخرى يستقى منها أسباب النزول ومناسباته ، بشكل صريح ظاهر ، دون الحاجة إلى الغوص أو البقر !

(2)
فهناك كتب التفسير على اختلاف ألوانها ، وأغلبها يحرص على توضيح سبب نزول الآية ومناسبته ، إيماناً من مفسرينا بأهمية ذلك فى فهم الآية وعلل التشريعات والحكم الإلهية .. إلى جانب إيمانهم بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب !

(3)
وهناك كتب السيرة النبوية ، والتى تؤرخ لسيرة النبى عليه الصلاة والسلام ، وتهتم كثيراً بربط الأحداث بنزول بعض الآيات ، لما فى ذلك من فوائد جليلة ، سواء فى مجال تحديد الترتيب الصحيح للأحداث ، أو فى مجال إظهار التدرج الإلهى فى تربية الفئة المؤمنة الأولى ، وعلى رأسها المصطفى عليه الصلاة والسلام ، إلى غير ذلك من المجالات .

(4)
بالإضافة إلى كتب علوم القرآن ، وهى تعد من علومها علم أسباب النزول ، وتفصل فيه القول ما شاءت .

ولم نذكر مع ما سبق كتب الصحاح والمسانيد ، التى حوت فى ثنايا رواياتها الكثير من هذه المناسبات .. لم نفعل لأننا شرطنا أن نورد الظاهر الصريح ، دون ما يحتاج إلى الاستقراء والاختيار ، مع السهولة المعروفة لذلك لدى طلبة العلم المسلمين !

وعموماً .. أى عالم مسلم عندما يريد الاستدلال بآية معينة ـ غالباً ـ لا بد أن يوضح سبب النزول ، ليتوصل إلى المعنى السليم للآية ، سواء أكان هذا العالم يتحدث فى مسألة فقهية ، أم يؤصل قاعدة أصولية ، أم يستنبط فقهاً من السيرة النبوية ... إلخ .

والمقصود :
التنبيه على أن النغمة التى يتحدث بها عبد الكريم عن مناسبات الآيات ، هى نغمة فاشلة ! .. فالمسلمون يعرفون ما تتحدث عنه يا متهوك منذ قرون مديدة ، ويؤلفون فيه على مر أزمان متطاولة ، وما أنت إلا مقتبس من نورهم ، لتحاول إيهام نفسك بأنك أول من أشعل الضوء ، على عادة ملاحدة العرب فى التفاخر المريض !

والمقصود أيضاً :
التنبيه على أن النصارى قد انساقوا وراء عبد الكريم ، وانخدعوا بتشدقه الجاهل ، لعدم وجود قواعد التثبت العلمية التى تحميهم من ذلك ، لا وجود لها فى كتابهم ، ولا فى كلام علمائهم .. هم محرومون من ذلك !

ب ـ المزلق الثانى



(1)

كلما أثبت عبد الكريم مناسبة لآية ، عد ذلك دليلاً دامغاً ـ وكل أدلته دامغة ! ـ على فكرته الرئيسية ، وهى أن كثيراً من آيات القرآن نزلت فى مناسبات بعينها ، وفى هذا الحجة البالغة ـ عنده ـ على أن القرآن من الأرض لا من السماء !

وهو لا يتوقع من أى فلحاس ـ وكل معترض عليه فلحاس ! ـ أن ينبرى للرد عليه ، أو يتجرأ فينكر دليلاً واحداً مما أتى به ، لأن عبد الكريم يجابهه بالمنقول من كتب أسلافه ، وفيها الأدلة الدامغة على أن هناك آيات نزلت فى مناسبات !


(2)

لقد وجه عبد الكريم كل مجهوده إلى إثبات أكبر قدر ممكن من المناسبات للآيات القرآنية ، لكنه نسى !

نسى أن مجرد نزول الآيات فى مناسبات لا يعد دليلاً على بشرية القرآن .. لقد نسى الرجل أن يوضح لنا وجه التلازم المنطقى بين نزول الآيات فى مناسبات وبين اتهام النبى بالكذب .. لقد سرد الأمر كأن مجرد إثبات المناسبات للآيات يكفى تلقائياً للحكم على النبى بالكذب !

أعرف أنك مندهش الآن قارئى الكريم من هذا الأمر ، وقد اندهشت مثلك عندما تأكدت منه ، لكن ما حيلتنا فى ذلك ؟ .. الرجل نسى .. هذه حقيقة !


(3)

إن مسلك عبد الكريم فى كتابه ، يذكرنا بمسلك النصارى المضحك مع قضية مصدر القرآن .. فتجد النصرانى المسكين يعد لك مواضع التشابه بين قصص القرآن وقصص التوراة ، وكلما أورد لك موضعاً ، حسب أنه ألقمك حجراً ! .. كأن المسلمين ينكرون مواضع التشابه بين القرآن والكتب السابقة ، أو كأن القرآن شرط أن يخالف كل ما سبقه ، أو كأن القرآن ما وصف نفسه بأنه مصدق لما بين يديه .

لكن لعدم معرفة النصارى بالفرق بين فرضيات الادعاء وبين الأدلة على صحته ، فهم يعتبرون مواضع التشابه هى أدلة الادعاء نفسه ! .. وعندما تطالبهم بدليل واحد على ادعاء النقل عن أهل الكتاب ، يغضب منك النصرانى الذكى ؛ لأنه لم يعجبك كل ما قدم لك من " أدلة " !

عبد الكريم يفعل هنا نفس الشىء .. فهو يدعى أن القرآن من اختراع النبى ، ويقدم على ذلك حجته بأن الآيات كانت تنزل فى مناسبات ، وسيورد لك الآية تلو الآية ، ويثبت لك المناسبة تلو المناسبة ، حاسباً نفسه يسرد عليك الدليل تلو الدليل !

والنصارى ينشرون كتاب عبد الكريم ، فرحون بما فيه ، فعبد الكريم أورد " الأدلة " ( الدامغة طبعاً ) ، ولا يظنون المسلمين قادرين على تفنيد كل ذلك ، وحتى لو نجح المسلمون فى رد بعض ما قال عبد الكريم ، فستبقى هناك عشرات الأدلة ، على أن الآيات القرآنية كانت تنزل فى مناسبات بعينها !

والآن .. ما هو موقف المسلمين ؟ .. وماذا هم فاعلون ؟ .. كم من أدلة عبد الكريم سيستطيعون ردها أو إبطالها ؟


(4)

حسناً نفعل .. لنكن ـ نحن المسلمون ـ أكثر كرماً مع عبد الكريم وأنصاره من النصارى الوثنيين ! .. لنسلم لهم بصحة كل " دليل " أورده عبد الكريم ، على سبيل الإجمال ، دون الرضا بكافة التفصيلات .. لنسلم له وللنصارى بالحقيقة الواقعة التى لا سبيل إلى إنكارها ..

لنسلم بأن هناك كثيراً من الآيات القرآنية نزلت فى مناسبات محددة ، ومواقف معروفة !

أليس هذا أقصى ما يتمناه عبد الكريم من جداله ؟ .. أليس هذا أعظم ما يطمح إليه النصارى وهم يرقبون معركة بطلهم الملحد المغوار مع المسلمين ؟


(5)

السؤال الآن : وما الغضاضة فى ذلك ؟!

ما الغضاضة فى أن ينزل رب العزة بعض الآيات ـ أو حتى كلها ـ فى مناسبات ومواقف ؟!

هل هذا دليل على أن النبى يؤلف القرآن من عندياته ؟! ..

أليس الله على كل شىء قدير ؟!

إن من يجعل من تنزل القرآن فى مناسبات دليلاً على أنه من اختراع النبى لا من الله .. من يفعل ذلك يحكم باستحالة أن ينزل الله وحيه فى مناسبات ! .. فهل يحكم النصارى بذلك ؟ .. وهل ذلك يخدم إلحاد عبد الكريم ؟


(6)

فيما يختص بالبطل المغوار .. لا ينفعه ذلك البتة !

لأن العقل يجوز أن ينزل الله وحيه فى مناسبات ، ولا يلزم الله أبداً بأن ينزله جملة واحدة ، فالله يفعل ما يشاء ، ولا يحكم العقل ـ أى عقل ـ باستحالة أن ينزل الله وحيه فى مواقف بعينها ، فالذى يقدر المواقف هو الله ، والذى ينفذ قضاءه فيها هو الله ، والذى له أن ينزل وحيه أم لا هو الله ، فله المواقف الكونية ، وله الآيات الشرعية .. " ألا له الخلق والأمر " .

نعم .. ينكر عبد الكريم كإخوانه الملاحدة وجود الله .. لكن مناقشة ذلك وتبيين ما فيه من جهل له مقام آخر .. أما الذى يعنينا هنا ، هو أنه يتخذ من تنزل الآيات فى مناسبات دليلاً على كذب النبى ، لأنه لا وحى ولا إله هناك !

ولم يحاول عبد الكريم أبداً أن يبين لنا وجه الحجة فيما يدعيه ، فلم يوضح لنا ما وجه التلازم بين تنزل الوحى فى مناسبات وبين كذب النبى ، وإنما عد ذلك من المسلمات التى لا تحتاج إلى توضيح أو شرح ، ناهيك أن تحتاج إلى إثبات !

اكتفى على طول الكتاب وعرضه ، بمحاولة إثبات أن هناك آيات نزلت فى مناسبات ومواقف ، معتقداً أنه لو نجح فى ذلك ، فالبقية معروفة للجميع ، فما دامت آيات قد نزلت فى مناسبات ، فلا وحى هناك ولا إله ، بل نبى كاذب مخادع يسعى فى رضا أتباعه وشهوات نفسه !

الطريف فى الأمر ، أن الطائفة التى ينتمى إليها هذا المتهوك .. طائفة الملاحدة خاصة العرب منهم .. لا يملون أبداً من تكرار نغمة بعينها ، مفادها أن الناس لا بد أن يفكروا تفكيراً علمياً ، وأن يعملوا عقولهم ، وأن يمنطقوا الأمور دائماً ، فقد خاب وخسر من عادى العلمانية ، وخاب وخسر من رفض العقلانية !

هؤلاء المتهوكون الذين يطنطنون بهذه الشعارات الجوفاء ، هم أبعد الناس عن العقل والمنطق !

لن نسعى لإثبات ذلك لك هنا قارئى الكريم ، لكننا ندلك على أصل المسألة ، ونستخدم من صنيع عبد الكريم فى كتابه كمثال على بعد هؤلاء المتهوكين عن العقل والمنطق .

كنا نتمنى أن يورد عبد الكريم أى وجه عقلى للتلازم الحتم ـ عنده ـ بين تنزل الآيات فى مناسبات وبين كذب النبى .. كنا نتمنى ذلك كى نبطله بفضل الله تعالى .. لكن الرجل حرمنا ذلك فلم يعبأ به !


(7)

أما بالنسبة للنصارى الأذكياء .. فلا ينفعهم أيضاً !

لا يستطيع النصارى استخدام " حجة " عبد الكريم ، لأنهم لو فعلوا ـ وقد فعلوا بنشرهم الكتاب ! ـ لكان معنى ذلك تسليمهم بذلك الأمر .. تسليمهم بأنه محال على الله عقلاً وشرعاً أن ينزل بعض وحيه فى مناسبات !

وهم لا يستطيعون ذلك أبداً ، لأن أناجيلهم تثبت عليهم التناقض لو فعلوا ، وذلك أن كلام المسيح عليه السلام عندهم وحى إلهى ، تجب طاعته واتباعه ، فى كل زمان ومكان ، وكثير من كلام المسيح لم يرد إلا فى مناسبات بعينها ، لولا وقوع تلك الحوادث لما نطق بما قال أو تفوه به .

فلم يقل المسيح : " يليق بنا أن نكمل كل بر " ، إلا عندما رفض يوحنا تعميده [متى : 3 : 15]

فهل يقال : إن المسيح اضطر لقول ذلك بسبب فعل يوحنا ، ولو لم يمنعه يوحنا لما قاله .. ثم يعد ذلك دليلاً على كذب المسيح ، فلا هو نبى صادق ولا إله !

كذلك لم يبح المسيح يوم السبت ، إلا بعد أن اعترض اليهود ، لأن أتباعه قد انتهكوا حرمته ، فعندما جاعوا ابتدأوا يقطفون سنابل من الزروع ويأكلون [ متى : 12 : 1 ]

ولم يقرر أن تلاميذه هم أمه وإخوته لأنهم يعملون بمشيئة الله ، إلا بعد أن طُلب منه أن يقطع كلامه ليرد على أمه وإخوته الذين يطلبونه بالخارج [ متى : 12 : 46 ]

ولم يعترض على هؤلاء الكتبة والفريسيين ، ويتهمهم بالرياء والبعد عن وصية الرب ، إلا دفاعاً عن تلاميذه ، الذين اتهمهم الكتبة بأنهم يخالفون تقليد الشيوخ ، لأكلهم بأيد غير مغسولة [ متى : 15 : 1 ]

ولم يعط التشريف لسمعان بطرس بإعطائه مفاتيح ملكوت السموات ، إلا بعد أن شهد له صراحة بأنه المسيح ابن الله [ متى : 16 : 16 ]

والأمثلة كثيرة جداً من حياة المسيح عليه السلام ، وهى موجودة فى حياة غيره من الرسل والأنبياء .. كثير من الوحى الإلهى يتنزل فى مناسبات معينة ، ومواقف محددة ، ليزيل إشكالاً ، أو يجيب سؤالاً ، أو يوجب أمراً ... إلخ .

فهل يقر النصارى بأن كل هذه المناسبات أدلة دامغة على كذب هؤلاء الرسل ؟!

بالطبع كلا ! ..


(8)

حقيقة الأمر ، أن الوحى الإلهى قد يتنزل مفرقاً تبعاً لملابسات موقف قدرها رب العالمين ، وكذلك النبى الكاذب يمكنه أن يدعى ذلك ، فليس الأمر معقوداً على وجود ارتباط بين الوحى والمناسبات ، وإنما يحتاج إلى إثبات صدق النبى من كذبه إلى أدلة أخرى .

لكن .. لأن النصارى يدعون كذب النبى عليه الصلاة والسلام ، ولأن عبد الكريم يدعى كذب الرسل بعامة ، اعتبر المتهوكون جميعاً أن مجرد ارتباط الوحى بالمناسبات هو دليل على ما هو مسلم عندهم .. اعتبروه دليلاً على كذب النبى .. وليس الأمر كذلك .

وإنما غاب عنه وعنهم ، لبعد الجميع عن استخدام العقل السليم والمنطق الصحيح ، إذ لا يستقيم للنصارى أمر دينهم الوثنى مع سلامة العقل ، ولا يتهيأ لعبد الكريم دينه الإلحادى مع صحة المنطق .. أضف إلى ذلك الحقد على دين الله المتين وأهله .. هذا الحقد يعمى أصحابه عن كل عقل ومنطق !
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59