عرض مشاركة واحدة
  #99  
قديم 12-29-2014, 08:53 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,159
ورقة محاولة علمانية للتشويش على الشريعة الإسلامية

محاولة علمانية للتشويش على الشريعة الإسلامية*
ـــــــــــــــــــــــــ

7 / 3 / 1436 هــ
29 / 12 / 2014 م
ــــــــــــ



منذ أن تسللت العلمانية إلى بلاد المسلمين عبر كثير من القنوات والمسالك، والحرب المعلنة ضد الشريعة الإسلامية لم تتوقف لحظة واحدة، بدءا من التشويش والتشغيب على كثير من الأحكام الشرعية وخاصة الحجاب والجهاد والحدود والقصاص، من خلال وصفها بالرجعية وغير المتناسبة مع العصر الحديث الذي نعيشه، وصولا إلى محاولات التشويه المتعمد لكثير من الثوابت الإسلامية، وليس انتهاء بمحاولة نشر الإلحاد في بلاد التوحيد.

لقد أدرك الغرب بعد صراع طويل مع الإسلام أن القوة العسكرية لا تجدي نفعا معه ما دام أتباعه من المسلمين متمسكين به عقيدة وشريعة وسلوكا، وأنه لا يمكن هزيمة المسلمين إلا من خلال محاربة مصدر قوتهم "الإسلام".

وقد بدأ الغرب أول ما بدأ في حربه المعلنة ضد هذا الدين، بإسقاط رمز وحدة المسلمين وتماسكهم، وعنوان تطبيقهم وتنفيذهم لأحكام دينهم، وبرهان صلاحية شريعتهم لكل زمان ومكان على أرض الواقع "الخلافة الإسلامية"، والتي بانهيارها بدأت مرحلة جديدة للحرب العلمانية على الشريعة الإسلامية.

نعم....إنها مرحلة محاولة وصم كل سمات التخلف والرجعية بحقبة الخلافة الإسلامية، ووصف كل فكرة أو مطلب باسترجاعها بعدم الموضوعية والواقعية، حيث تحاول النخبة العلمانية العربية دائما التشغيب على فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية مجددا في الدول العربية، وجعلها أمر من الصعوبة بمكان، بل مستحيل وغير ممكن.

ومن أمثلة هذه المحاولات ما كتبه طلعت رضوان على موقع الحوار المتمدن العلماني بامتياز تحت عنوان: "التشريعات الوضعية تتحدى الأصولية الإسلامية"، والذي حاول فيه باختصار الدفاع عن القوانين الوضعية المستقاة من العلمانية، ونقد فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية في الدول العربية.

وقد بدأ الكاتب مقاله بالقول: "أعتقد أنّ التشريعات الوضعية بقدر ما هى تتحدى الأصولية الإسلامية، تلك الأصولية التى تتغافل عن التطور البشرى، بقدر ما أنّ تشريعات الأصوليين (الذين يتمنون فرضها على شعبنا) تُـجسد الصراع بين إرادتيْن: إرادة الموت وإرادة الحياة ".

وأول ما يلفت النظر في هذا الكلام هو استخدام مصطلحات الغرب التي زرعها عبر إعلامه العلماني المسيطر في أذهان كثير من المنبهرين بمدنيته وحضارته المزعومة، فمصطلح "الأصوليين والأصولية" مصطلح قام الغرب بتحريفه عن معناه اللغوي إلى معنى آخر يصف المسلمين المطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية "بالمتشددين" ! ناهيك عن وصفه إرادة تطبيق الشريعة بالموت، بينما الحقيقة أن الحياة بتطبيق شرع الله تعالى.

ومن الأمور التي يجدر الوقوف عليها في مقال الكاتب - عدا تكراره للمصلحات الغربية - قدحه بشعار "الإسلام هو الحل"، مع أن الحقيقة أن الإسلام عبر التاريخ كان بالفعل هو الحل والمنقذ للعرب من ظلمات الجهل والتخلف والتشرذم إلى النور والعلم والحضارة والوحدة، ناهيك عن وصفه العهود الإسلامية بالتخلف والرجعية دون أي دليل أو برهان، بينما يصف العهد العلماني الذي تسلل إلى مصر منذ عهد محمد علي بالتقدم والانفتاح دون أي دليل أيضا فقال:

" يُشكل شعار (الإسلام هو الحل) تحديًا أمام شعبنا، لأنه يضعه أمام الاختيار بين نظاميْن للحكم: نظام حكم الدولة الدينية، ونظام حكم الدولة العلمانية التي رسّختْ آليات الليبرالية بشقيْها الفكري والسياسي، والتي أنتجتْ بدورها المفهوم العصري للديمقراطية بتفريعاتها المتعددة من حريات جماعية وحريات فردية، وبالتالي فإنّ الاختيار بين هذيْن النظاميْن للحكم سيُحدد مصير شعبنا لعدة عقود قادمة: إما الاستمرار في التخلف الحضاري الذي يتراكم يوماً بعد يوم، والذي يترتب عليه المزيد من التراجع عن الخصائص والمزايا التي حققتها الدولة المصرية منذ عهد محمد علي، وبصفة خاصة التشريعات المدنية والجنائية إلخ، أو التطلع نحو المستقبل لتحقيق مجتمع العدل والحرية والتنمية والرفاهية".

ومع عدم إمكانية الرد على جميع ما ذكره الكاتب من شبهات حول الأحكام الإسلامية، إلا أن الخلاصة التي يمكن التركيز عليها، والتي أراد الكاتب إيهامها للقارئ، هي أن الإسلام لا يصلح للتطبيق في هذا العصر، نظرا لأن أحكام من أمثال: قطع يد السارق و رجم الزاني المحصن، وحد شرب الخمر وحد الحرابة وحد القذف....الخ لا يمكن أن تطبق في العصر الحديث ؟!

والحقيقة أن هذه الشبهات قد أشبعت بحثا وردا من علمائنا، ولعل أقل ما يقال بشأنها أنها باتت شماعة العلمانيين لمواراة وستر فشل قوانينهم الوضعية الذريع في وضع حد لمعدلات الجريمة التي تزداد يوما بعد يوم في المجتمعات العلمانية، فضلا عن فشل هذه القوانين في معالجة المجرمين أو إعادة تأهليهم اجتماعيا.

وبينما حاول الكاتب في آخر مقاله اتهام التيار الإسلامي باختطاف عقول الشعوب العربية، مطالبا التيار الليبرالي باسترجاعه وجاعلا العقل هو المرجعية في تشريع القوانين وسنها، من خلال قوله: "أعتقد أنّ أخطر مسألة تواجه أي شعب، هي مشكلة اختطاف عقله، وقد نجح التيار الديني الأصولي في مصر في سرقة عقول غالبية شعبنا، ومن هنا يكون السؤال الحاسم هو: كيف يمكن للتيار الليبرالي أنْ يعيد إلى المصريين عقولهم، ليكون العقل هو المرجعية ونحن نـُشرع لواقعنا، كي نخطط لمستقبل أفضل"

فإن الحقيقة التي غفل عنها الكاتب أو تغافل عنها على ما يبدو, أن الشعوب العربية مسلمة بالفطرة، وأنه لا يمكن للعقل وحده أن يستقل بالتشريع دون أن يستنير بنور الشريعة الإسلامية، وأنه يكفي الشعوب العربية ما حصدته من التشريعات والقوانين العلمانية.

________________________________________
*{التأصيل للدراسات}
ـــــــــــ
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59