عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-13-2013, 01:21 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي

(الجزء الثاني)
المياه والأمن القومي العربي في سوريا والعراق
(حوض دجلة والفرات)

الأمن المائي مصطلح جديد دخل إلى أدبياتنا العربية منذ قرابة عقدين من الزمن، وتعود جذوره إلى اتفاقية "سايكس بيكو" عام 1916، عندما طلبت الحركة الصهيونية أن يكون للوطن القومي المحدد لليهود في وعد بلفور حدود مائية، تمتد من نهر الأردن شرقًا ومرتفعات الجولان من الشمال الشرقي ونهر الليطاني في لبنان شمالاً، وكان الهدف من ذلك السيطرة على مصادر المياه العربية، ومع التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الأخيرة، برزت أهمية بحث ودراسة مسألة الأمن المائي العربي، لأنه وثيق الصلة بالأمن الغذائي العربي الذي يعتبر أهم مكونات الأمن القومي العربي المعرض للعديد من التحديات .
يبلغ حجم الموارد المائية المتاحة في الوطن العربي حوالي 371,8 مليار متر مكعب، يستخدم منها 208,8 مليار متر مكعب، منها 3,6% للاستخدام البشري مقابل 3,7% للاستخدامات الصناعية والباقي للزراعة .
يتفاوت نصيب الدول العربية من المياه، حيث تحصل دول المشرق العربي على 40,9% من إجمالي الموارد المائية العربية مقابل 23% لدول المغرب العربي،31% للدول العربية في حوض النيل و4,6% في الجزيرة العربية.
تمثل المياه السطحية الجانب الأساسي من الموارد المائية العربية، حيث يهطل على الوطن العربي أمطار تبلغ 2280 مليار متر مكعب سنويًا، يستغل منها 350 مليار متر مكعب كمياه سطحية، والباقي يفقد في الأرض، إلى جانب ذلك هنالك حوالي 7700 مليار متر مكعب من المياه الجوفية العربية غير مستغلة، وتمثل تحليه المياه في الوطن العربي حوالي 66% من إجمالي تحليه المياه في العالم.
يعتبر نصيب الفرد العربي من المياه أدنى نصيب للفرد في العالم، حيث تراجع من 3300 متر مكعب سنويًا عام 1960 إلى 1250 متر مكعب عام 2000، ومن المتوقع أن يصل إلى 650 مترا مكعبا عام 2025، وهذا بسبب تزايد الكثافة السكانية في الدول العربية التي تجاوزت 250 مليون نسمة .
تبلغ مساحة الأرض العربية الصالحة للزراعة حوالي 200 مليون هكتار، لا يزرع منها سوى 47 مليون هكتار فقط، ويرجع السبب الرئيسي في هذا إلى نقص المياه .
مع التسليم بأزمة المياه في الوطن العربي، إلا أنه يجب التأكيد على أن أزمة المياه تختلف أبعادها في الوطن العربي من منطقة إلى أخرى على النحو التالي:
1-في منطقة المغرب العربي: تعتبر أزمة المياه في هذه الدول ذات بعد فني، وذلك لأن الدول في هذه المنطقة لا تستخدم إلا ما يتراوح بين 11% إلى 53% من مواردها المائية التقليدية المتجددة وذلك لأن استغلالها يكلفها الكثير، لأن أغلبها مياه أمطار ومياه جوفية.
2-في منطقة حوض النيل: يتوفر لدى مصر والسودان المياه ، ولكن في مصر تم وضع خطة سيتم تنفيذها بنهاية عام 2017، وتهدف إلى زيادة الموارد المائية من المصادر المختلفة بما في ذلك تحليه مياه البحر في سيناء وساحل البحر الأحمر، لمواجهة التوسع في استصلاح الأراضي ، كما أن الحرب في جنوب السودان أدت إلى تعطيل إنهاء مشروع قناة "جونجلي" التي توفر مزيداً من المياه لمصر والسودان .
3-في دول مجلس التعاون الخليجي واليمن: تعتبر المياه الجوفية وتحليه مياه البحر المصدر الرئيسي للمياه، ويستهلك القطاع الزراعي 85% من المياه، ويصل نقص المياه إلى حوالي مليار متر مكعب، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على المياه في هذه الدول إلى 47 مليار متر مكعب بحلول عام 2015، ولكن سيكون المتوفر في ذلك الوقت 21.5 مليار متر مكعب، وهو ما يعني تفاقم عجز المياه في هذه الدول مستقبلاً .
4-في المناطق العربية الأخرى: مثل سوريا والأردن ولبنان وفلسطين والعراق، فإن أزمة المياه لها أبعاد أخرى منها ما هو فني ناجم عن الطبيعة المناخية القاحلة في بعض هذه الدول، ومنها ما هو سياسي مرتبط بسياسة تركيا بشأن نهري دجلة والفرات، وبإسرائيل التي تسعى للسيطرة على المياه العربية في المناطق المحيطة بها .
رغم عدم الاتفاق التام بين الخبراء والمتخصصين والمسئولين حول التحديات التي تواجه الأمن المائي العربي، إلا أن هناك درجة كبيرة من الاتفاق حول عدد من التحديات والتي يمكن إجمالها في الآتي:
5-محدودية الموارد المائية العربية المتجددة، وتراجع نصيب الفرد العربي من المياه بدرجة كبيرة.
6-المياه المشتركة مع الدول الأخرى غير العربية، حيث أن أكثر من 60% من الموارد المائية العربية يأتي من خارج الوطن العربي .
7-أطماع إسرائيل في السيطرة على الموارد المائية العربية، حيث تشكل المياه أهم مكونات الإستراتيجية الإسرائيلية.
8-تدني إنتاجية وحدة المياه في الوطن العربي، بسبب عدم كفاءة استخدام المياه العربية .
9-تدهور نوعية المياه بسبب التلوث الناجم عن الاستخدام الآدمي أو النشاط الصناعي والزراعي.
10-قصور الموارد المالية العربية المخصصة لتطوير حجم واستخدام الموارد المائية العربية.
11- قلة الوعي العربي العام بخطورة أزمة المياه وما تتطلبه من الحفاظ عليها وحسن استغلالها وتنميتها.

الأساليب والاقتراحات لمواجهة تحديات الأمن المائي العربي:
1- وضع هدف إستراتيجيي عربي يتمثَّل في تحقيق تكامل بين الدول العربية في مواجهة القضايا المتعلقة بالأمن المائي، وتبني دعوة الجامعة العربية لعقد قمة مائية عربية .
2- تشكيل لجنة فنية تقوم بالوساطة بين سوريا والعراق لحل الخلافات حول اقتسام مياه دجلة والفرات .
3- مراجعة الدراسات والبحوث العربية السابقة في مجال الأمن المائي، والربط بينها وبين مشاريع البحوث المقترحة، وربط هذه البحوث بالمجال التطبيقي .
4- وضع قضايا المياه على قائمة اهتمامات الحكومات والشعوب العربية وزيادة الوعي المائي العربي .
5- العمل على وضع صيغ قانونية تؤكِّد الحق العربي في المياه التي تأتي من خارج الوطن العربي.
6- التركيز على زيادة الاستفادة من المياه العربية الحالية، وتقليل الفاقد منها، وزيادة إنتاجية وحدة المياه .
7- وضع رؤية عربية بشأن القضايا المتعلقة بالمياه مثل :المياه ، وبنوك المياه ، وبيع المياه ، ونقل المياه خارج أحواض الأنهار الدولية .
8- المواجهة الجماعية للأطماع والسياسات التي تهدف إلى سلب العرب حقوقهم في المياه أو سرقة المياه العربية.
9- تشجيع المستثمرين العرب على زيادة استثماراتهم في مجال مشروعات المياه ، وخاصة في مشروعات تحليه مياه البحر.
10- إدارة المياه العربية من خلال نظرة متكاملة تراعي البعد البيئي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي، والاستفادة من الخبرة الدولية في هذا المجال .

المياه والأمن القومي العربي في سوريا.
الموارد المائية المتاحة في سوريا :
1- الأمطار: ويقدر موردها لسنة متوسطة الهطول بحدود 48 مليار متر مكعب، إلا أن توزعها متفاوت جداً، (ويتراوح بين 100 ملم في البادية إلى أكثر من 1000 ملم في الساحل)، وعلى نسبة تساقط هذه الأمطار وأوقاتها تكون كمية التغذية التي تلحق بالينابيع السطحية منها والجوفية.
2- الأنهار: ومنها الأنهار الداخلية التي تنبع وتصب في أراضينا وهي: الخابور، بليخ، بردى، الأعوج، الكبير الشمالي، عفرين، ومنها الأنهار الدولية وهي: الفرات، دجلة، العاصي، اليرموك، الكبير الجنوبي.
يعد الوضع في نهري دجلة والفرات الواقعين بين تركيا وسوريا والعراق من أبرز ما يشهده العالم من أوضاع إشكالية وخلافية ارتباطا بموضوع المياه العذبة، لاسيما وأن المصالح الحيوية للدول الثلاث ترتبط بهذين النهرين لاسيما نهر الفرات، فضلا عما يشهده وضع هذين النهرين من تداخل العوامل والاعتبارات الاقتصادية والإنسانية والقانونية، إلى جانب العوامل السياسية والتي تكتسب أهمية خاصة من وقوع النهرين، والدول المشاطئة لهما في منطقة الشرق الأوسط التي تتسم بحساسية العلاقة بين دولها في ضوء تداخل الأعراق والحدود السياسية.
ويرى البعض أنّ غياب الإطار القانوني الشامل للعلاقات بين الدول الثلاث المشاطئة لهذين النهرين هو السبب الرئيسي في تفجّر هذه المشكلة، في حين يرى البعض أن العوامل السياسية تلعب الدور الأكبر في هذا السياق، لاسيما أن إيجاد مثل هذا الإطار القانوني يعتمد في المقام الأول على توفر الإرادة السياسية لدى الدول الثلاث (العراق وتركيا وسوريا).
وتتمثل الأطر القانونية لاستغلال مياه الأنهار الدولية في مجموعة من المعاهـدات، والأعراف الدولــية، والأحكام القضائية، ودراسات القانون الدولي، وتحدد هذه الأطر مجموعة من القواعد القانونية الدولية أهمها:
1- لكل دولة مشاطئة الحقّ في حصة عادلة ومعقولة من مياه المجرى المائي الدول.
2- وجوب احترام الحقـوق المكتسبة الناجمة عن الاستخدامات القائمة لمياه المجرى المائي الدولي.
3- عدم جواز قيام أية دولة مشاطئة بإجراءات أو إنشاءات على المجرى المائي الدولي أو فروعه، إلاّ بعد إخطار الدول المشاطئة معها والتوصل إلى اتفاق معها بشأن ذلك.
4- عدم جواز إلحاق الضرر بالدول المشاطئة الأخرى، سواء من حيث كمية المياه أو نوعيتها.
5- وجوب التبادل المستمر للمعلومات والبيانات بين الدول المشاطئة في كل ما له علاقة بمياه المجرى المائي المشترك.
يعد نهرا دجلة والفرات نهرين دوليين بالمعنى المذكور آنفا، إذ يمران عبر أراضي دول ثلاث هي سوريا، وتركيا، والعراق، وقد بدأت جهود التأطير القانوني لوضع النهرين منذ أوائل الستينات بدعوة من العراق، الذي دعا كلاً من سوريا وتركيا للدخول في مفاوضات ثلاثية، بغية التوصل إلى اتفاق ثلاثي يضمن حصص البلدان الثلاثة في مياه النهرين طبقاً لقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الثنائية، وهناك عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات التي نظّمت بعض أوجه استغلال النهرين، فقد أفردت اتفاقية (لوزان)، المعقودة بين دول الحلفاء وتركيا في تموز 1923 مادة خاصة شاملة لهذا الموضوع وهي المادة (109) التي نصّت على ما يلي ( عند عدم وجود أحكام مخالفة، يجب عقد اتفاق بين الدول المعنية، من أجل المحافظة على الحقوق المكتسبة لكل منها، وذلك عندما يعتمد النظام المائي، فتح القنوات، الفيضانات، الرّي، البزل، والمسائل المماثلة، على الأعمال المُنفذة في إقليم دولة أخرى، أو عندما يكون الاستعمال المائــي في إقليــم دولـة ومصادر هذه المياه في دولة أخـرى بسبب تعيين حدود جديدة، وعند تعذّر الاتفاق تحسم المسألة بالتحكيم).
في عام 1946 عقدت معاهدة الصداقة وحسن الجوار بين العراق وتركيا، وقد ألحق بها بموجب المادة السادسة منها، ستة بروتوكولات، عالج أولها موضوع تنظيم جريان مياه نهري دجلة والفرات مع روافدهما بالتأكيد على حق العراق في تنفيذ أية إنشاءات، أو أعمال على النهرين تؤمن انسياب المياه بصورة طبيعية، أو للسيطرة على الفيضانات سواء في الأراضي العراقية أو الأراضي التركيـة، على أن يتحمل العراق تكاليف إنشاءها.
ونصت المادة الخامسة من البروتوكول على ما يلي ( توافق حكومة تركيا على إطلاع العراق على أية مشاريع خاصة بأعمال الوقاية قد تقـرر إنشاءها على أحد النهرين أو روافده وذلك لغرض جعل الأعمال تخدم على قدر الإمكان مصلحة العراق كما تخدم مصلحة تركيا).
وفي عام 1980 وقع العراق وتركيا في أنقرة محضر اجتماع اللجنة العراقية التركية المشتركة للتعاون الاقتصادي والفني، وقد ورد في الفصل الخامس منه الخاص بالمياه ما يأتي (اتفق الطرفان على انعقاد لجنة فنية مشتركة خلال شهرين لدراسة المواضيع المتعلقة بالمياه الإقليمية خلال مدة سنتين قابلة للتمديد سنة ثالثة، وستدعى الحكومات الثلاثة لعقد اجتماع على مستوى وزاري لتقييم نتائج أعمال اللجنة الفنية المشتركة، ولتقرير الإجراءات التي توصي بها اللجنة الفنية المشتركة للوصول إلى تحديد الكمية المناسبة والمعقولة من المياه التي يحتاجها كل بلد من الأنهار المشتركة(.
وقعت تركيا وسوريا عام 1987 اتفاقا مؤقتا قضـى بأن تكون كمية المياه الواردة على الحدود التركية السورية أثناء إملاء سدّ أتاتورك فـي تركيا، بـما لا يقل عن500 ألف متر مكعب في الثانية، وهو الاتفاق الذي يعترض عليه العراق كونه لا يلبي الحد الأدنى من حقوقه المشروعة في مياه نهر الفرات، كما أنه اتفاق مؤقت بفترة ملء سـدّ أتاتورك.
في عام 1990 وقّــع العراق وسوريــا اتفاقـاً مؤقتاً يقضي بتحديد حصة العـــراق بـ 58% من المياه الواردة في نهر الفرات عند الحدود التركية السورية، وحصة سوريا بـ42% منها، لحين التوصل إلى اتفاق ثلاثي ونهائي حول قسمة مياه الفرات مـع تركيا.
وقد استمرت التوترات في هذه العلاقة مع عدم قيام أي من الدول الثلاثة بأعمال على مجرى النهر، تقلل من كمية المياه المتدفقة فيه إلى أن وصلت أزمة الفرات إلى ذروتها في يناير 1990 ، عندما قامت تركيا بخفض المياه المتدفقة في هذا النهر لمدة ثلاثين يوما لمليء البحيرة التي تكونت خلف سد أتاتورك، الأمر الذي أضر بسوريا والعراق أشد الضرر وكاد الأمر يصل إلى حد المواجهة المسلحة، لولا الجهود الدبلوماسية وضبط النفس الذي مارسته الأطراف المختلفة.
تجدر الإشارة إلى أن الأمور بدأت تتعقد وتأخذ مسارا خطيرا منذ أن بدأت تركيا بتنفيذ مشروع جنوب شرق الأناضول المعروف اختصاراً باسم "جاب".
وتتمثل المشكلة الرئيسية لنهر الفرات، في أن كمية المياه المستهدفة للاستهلاك من قبل الدول الثلاث تتجاوز إجمالي إيرادات النهر بمقدار 17.3 مليار متر مكعب، وبالتالي من المستحيل تلبية الأهداف الاستهلاكية للدول المعنية من النهر بحدود إمكانياته.
ويلاحظ الأمر ذاته بالنسبة لنهر دجلة، حيث تزيد المطالب المائية للدول المشاطئة له عن إمكانيات النهر المائية، وذلك بحدود حوالي 5.8 مليار متر مكعب.
من ناحية أخرى، لابد من الإشارة إلى أن جانبا كبيرا من التوترات التي تشهدها العلاقات المائية بين الدول الثلاثة ترجع إلى اعتبارات فنية ذات صلة مباشرة بالمشروعات التي يجرى تنفيذها لاستغلال مياه النهرين، وبالآثار المترتبة على هذه المشروعات، ومن أهمها:

مشروع جنوب شرق الأناضول ـ gap:
يعد هذا المشروع محور جهود تركيا الرامية إلى ضمان إمدادات المياه، وهو يتكون من 22 سدّاً و 19 محطة كهرومائية وعدد من الأنفاق والقنوات والمشاريع الإروائية.
وقد باشرت تركيا بإنجاز أهم مرتكزات هذا المشروع، فأنشأت على نهر الفرات سدّ كيبان عام 1974 وسدّ قرقايا عام 1986، وفي عام 1990 أنجزت سد أتاتورك، وهو من السدود الكبيرة في العالم، إذ تبلغ طاقته الخزنية بحدود 48 مليار متر مكعب.
وفي عام 1994 أكملت تركيا المرحلة الأولى من مشروع لأطول نفق إروائي من نوعه في العالم "نفق أروفة"، الذي يأخذ المياه من خزّان سدّ أتاتورك إلى مسافة بعيدة لإرواء أراضٍ تقع خارج نطاق حوض الفرات.
ويجري حالياً إنشاء سدّين جديدين على نهر الفرات وعلى مقربة من الحدود التركية السورية، هما سدّ "بيره جك" ،و سدّ "قرقاميش"، حيث سيتاح لتركيا بعد اكتمال هذين السدّين التحكّم شبه المطلق بمياه النهر.
أمّا على نهر دجلة فقد أنجزت تركيا في عام 1997 سدّي "كيرال كيزي ودجلة" على روافد النهر، وأعلنت عن مباشرتها إنشاء سدّ "ألي صو" على المجرى الرئيس للنهر.
وتشير التقارير المنشورة عن مؤسسة مياه الدولة التركية الى أن إجمالي الأراضي المروية حاليا ضمن مشروع" gap" تبلغ حوالي 14500هكتار فقط، منها 8 آلاف هكتار ضمن حوض نهر الفرات و 6.5 آلاف هكتار ضمن حوض نهـر دجلة.
وتستهدف تركيا إرواء 1,091 مليون هكتار ضمن حوض نهر الفرات و 0,602 مليون هكتار ضمن حوض نهر دجلة.
علماً بأن هناك مساحة قدرها حوالي 537 ألف هكتار شمال سدّ أتاتورك تروى من نهر الفرات، وبذلك يبلغ مجموع المساحة المقرّر إرواؤها في التطوير الكامل لمشاريع التخزين والري على حوض الفرات في تركيا 1.628 مليون هكتار.
وتنبع الاعتراضات السورية العراقية على هذا المشروع من اعتبارات عدة، فعلى سبيل المثال يرى العراق أن تركيا تنكرت لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار الموقعة بين العراق وتركيا عام 1946 ، والتي ألزم البروتوكول الأول منها الملحق بالمعاهدة على أن توافق تركيا على اطلاع العراق على أية مشاريع خاصة تقرر إنشائها على نهري دجلة والفرات أو روافدهما لتلافي الآثار والأضرار المحتملة لتلك المشاريع.

مشروع أنابيب السلام:
ومنذ عام 1987 برز الطرح التركي لمشروع أنابيب مياه السلام والذي تم طرحه بعد بدء مسيرة التسوية السلمية في الشرق الأوسط ونتيجة إلى سلسلة من الزيارات المتبادلة بين المسئولين الأتراك والإسرائيليين، ظهر إلى الأفق ذلك المشروع والذي مفاده، أن تبيع تركيا مياه نهري كيهان وسيهان التي تنبع من منطقة (مناوجات) وتصب في البحر المتوسط دون الاستفادة منها، ويتم ذلك بشحنها عبر البحر في صهاريج بحرية ضخمة، والذي بدأ عملياً مع إسرائيل، أو ضخها بواسطة خطي أنابيب احدهما يتجه غرباً عبر سوريا والأردن وإسرائيل ثم الحجاز، بينما الآخر يتجه شرقاً إلى العراق والكويت وشرق السعودية وقطر والبحرين والإمارات وهذه الفكرة ممكنة من الناحية التقنية، وتروج تركيا لهذا المشروع من خلال صيغة درج على تسميتها "المياه مقابل النفط".
وعلى الرغم مما يراه بعض المحللين من وجاهة في ذلك المشروع، إلا أنه قد أثار قلق وحفيظة كل من سوريا والعراق، لاسيما بسبب الخوف من تأثيرات ذلك السلبية على منسوبات المياه في نهرى دجلة والفرات، وتحاول تركيا دائما تهدئة المخاوف السورية العراقية في هذا السياق من خلال التأكيد المستمر على أنه لا توجد أية علاقة بين مشروع سد أتاتورك وفكرة إنشاء نهر صناعي لتزويد دول الخليج بمياه الشرب من تركيا، وأن المشروع يرتكز على جر المياه المطلوبة من نهر السيحان والجيحان.
ويمكن القول أن المخاوف أو الاعتراضات السورية العراقية في هذا السياق، لا ترتبط فقط باعتبارات فنية خاصة بحصص وتقسيم مياه دجلة والفرات، وإنما ترتبط في جانب كبير منها بقضايا سياسية الطابع، لاسيما ما يتعلق منها بالدور الإقليمي لتركيا وما سيعطيه لها مثل هذا المشروع من مقبولية بين دول الخليج العربي، وهو ما سيزيد أيضا من التفرد التركي الواضح بالأمن المائي للمنطقة، وإعطاء تركيا دوراً فاعلاً لتصبح المنطقة برمتها تحت سيطرة تركيا المائية.
ومن ناحية أخرى، من شبه المؤكد أن إسرائيل ستكون طرفا أساسيا في هذا المشروع، وهو ما كان يعد مسألة مرفوضة لسوريا والعراق في وقت من الأوقات في ظل توجهات السياسة الخارجية لكل منهما.

نهج التعامل الدول الثلاث مع مسألة المياه في نهري دجلة والفرات:
يمكن من خلال القراءة السريعة لمواقف وسياسات الدول الثلاث المعنية بالمسألة المائية لنهرى دجلة والفرات القول بأن موقف كل منها يرتكز على مجموعة من الثوابت الوطنية التي تبلورت من خلال سلوكياتها تجاه التطورات المختلفة لهذه المسألة، ومن ناحية أخرى يمكن ملاحظة أن هناك قدر كبير من التقارب في الموقفين السوري والعراقي (على الرغم من عدم انطباق ذلك على مجمل العلاقات فيما بينهما)، في مواجهة الموقف التركي الذي ينبني على مجموعة مختلفة من المنطلقات، وهذا ما يمكن تفسيره في ضوء اختلاف المصالح الوطنية بين الجانبين
.
و يمكن تلخيص أهم ثوابت الموقف التركي في النقاط التالية:
1-تعتبر تركيا أن نهرى دجلة والفرات يتميزان بخصائص تجعلهما يختلفان عن العديد من المجارى المائية الأخرى في العالم، وأنهما ليسا نهرين دوليين بالمعنى المتعارف عليه، بل يندرجان في إطار ما يمكن اعتباره "مياهاً عابرةً للحدود".
2- تركز تركيا على مبدأ الانتفاع المنصف وتعتبره المبدأ الأكثر قبولا في القانون الدولي في مجال تخصيص مياه نهر عابر للحدود، كما يلقى مبدأ عدم إحداث ضرر بالغ أيضا تأييدا واسعا في هذا السياق.
3- من ناحية أخرى تدعو تركيا كلاً من سوريا والعراق إلى مشاركتها في إعادة النظر في السياسات الداخلية، واتخاذ تدابير تمنع هدر المياه وخاصة تطبيق نظام التسعير المعقول للمياه، كما تدعو إلى معالجة مياه الصرف وإعادة استعمالها.
4- تطالب تركيا بضرورة الأخذ بمعايير مشتركة بين البلدان الثلاثة في تخصيص مياه حوض الفرات ودجلة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن تركيا تحاول اعتبار دجلة والفرات حوضا واحدا استنادا إلى اشتراكهما عند المصب في مجرى واحد وإلى اتصالهما عن طريق الثرثار الصناعية. 5- تتجه تركيا في الكثير من الأحيان التي تثار فيها قضية تقاسم المياه إلى الارتكان لمبدأ السيادة المطلقة، مؤكدة أن على أن أنقرة لها السيادة المطلقة على ثروتها الوطنية ومنها هذين النهرين اللذين ينبعان من أراضيها، ويعتبران ثروة طبيعية تركية صرفة مثلما هو النفط المتدفق من الأراضي العراقية والسورية ثروة خاصة بهما، وفي هذا الجانب لا تفرق تركيا بين الثروة الطبيعية الثابتة والموجودة تحت سطح الأرض، والتي هي داخل السيادة الوطنية لتلك الدول والثروة الطبيعية المتحركة والجارية.
6- ومن الجدير بالذكر أن هذا المبدأ قد تراجع دوليا ليحل محله مبدأ السيادة المطلقة والتكامل المقيد في استغلال مياه الأنهار، فالقانون الدولي العام ينص على عدم الإضرار بالآخرين وحل النزاعات حول مياه الأنهار المشتركة بالطرق السلمية، إضافة إلى أن اقتسام مياه الأنهار يجب أن يتم بشكل عادل ومقبول لجميع الدول المشاطئة له.
7- ربط العلاقات المائية بالملفات السياسية خاصة لواء الاسكندرون والأكراد وغيرها، الأمر الذي اتضح غير مرة في منظومة التفاعلات بين الدول الثلاثة، فعلى سبيل المثال يقوم الطرح التركي على أن التوصل إلى أي اتفاق حول تقسيم المياه يجب أن يشمل كافة الأنهار المشتركة بينهما، وتعني بهذا الطرح نهر العاصي الذي ينبع من الأراضي السورية، ويصب في البحر المتوسط بالقرب من لواء الاسكندرون، الذي ضمته تركيا إلى أراضيها في منتصف العقد الثالث من القرن الماضي، الأمر الذي سيتم تفسيره وكأنه اعترافاً رسمياً بالسيادة التركية على الاسكندرون.
ومن الملاحظ أن القضايا التي تصر تركيا على ربط مسألة المياه بها هي من قبيل التوترات المزمنة في العلاقات بين سوريا والعراق من جهة، وتركيا من جهة أخرى، وفي ظل لعبة التحالفات الدولية وبغياب الركائز المنطقية لضمان علاقات دبلوماسية طبيعية، فإن مشكلة المياه تتغير حسب المصالح الأمنية والتجارية للأطراف المختلفة.

ومن الممكن إجمال أهم ثوابت الموقف السوري العراقي في :
1-تركز البلدان على مبدأ الحقوق المكتسبة ومبدأ عدم الإضرار بالغير من الدول المشاطئة لمجرى المياه الدولية، كما تدعو سوريا دائما إلى تحكيم الهيئات الدولية المختصة مثل محكمة العدل الدولية في القضايا المتنازع عليها، والتي لا يمكن التفاهم حولها بالحوار، وقدمت سوريا في أواسط السبعينات بوساطة من البنك الدولي اقتراحا باقتسام المياه بين البلدان الثلاثة بنسبة الثلث لكل منها.
2- يرفض الجانبان السوري والعراقي مفهوم "المياه العابرة للحدود"، باعتباره مفهوما خاطئاً يشكل خروجا على الشرعية والإجماع الدوليين، كما أنه لا مؤيد قانونيا له ولا يشكل نظاما قانونيا مستقلا، بل يندرج تحت مفهوم المجاري المائية الدولية.
3- تتمسك الدولتان بالانفصال بين نهري دجلة والفرات، انطلاقا من مما ورد في الفقرة (أ) من المادة الثانية من قانون استخدام المجاري الدولية في الأغراض غير الملاحية والتي ورد في مذكرة الشرح الخاصة بها "أن كون حوضي صرف مختلفين يتصلان بواسطة قناة لا يجعل منهما جزءا من مجرى مائي واحد"، وهذا ما ينطبق تماما على حالة حوضي دجلة والفرات من النواحي الجغرافية والطبوغرافية.
وترى سوريا والعراق أن الإصرار التركي على اعتبار حوضي دجلة والفرات حوضاً واحداً إنما يرجع إلى أن ذلك يبرر تعويض سوريا والعراق بحصتهما من مياه الفرات بحصة أكبر من مياه نهر دجلة، بغض النظر عن منطق السيادة الوطنية والمردود السلبي للنقص الحاد في مياه نهر الفرات وانعكاساته على المشاريع الزراعية على ضفاف ذلك النهر في دول المجرى والمصب، وكذلك تعتبرهما حوضاً واحداً من أجل تعويم المشاريع الكثيفة والمقامة في أعالي نهر الفرات مقابل قلتها على نهر دجلة.
هناك العديد من علامات الاستفهام حول حدود الالتزام الدول الثلاث بالمبادئ القانونية المستقرة في التفاعلات المائية المرتبطة بنهري دجلة والفرات، ففيما يتعلق بمبدأ الاستعمال المنصف للمياه، يشير المراقبون بأن عدد السدود المقامة على نهر الفرات يفوق حاجة تركيا من المياه والطاقة الكهربائية.
أما فيما يتعلق بمبدأ الاستعمال البريء بالمعنى الذي سبقت الإشارة إليه، فمن المعروف مثلا أن مشروع السدود الذي تقيمه تركيا يحقق لها مجموعة من الأهداف غاية في الأهمية، منها توفير المياه اللازمة لريّ ما يعادل 20% من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية، وإنتاج المزيد من الطاقة الكهربائية، وتوفير العديد من فرص العمل، وزيادة الإنتاج السمكي من بحيرات المشروع، وزيادة الصادرات الزراعية، إلا أنه وفي المقابل لهذا المشروع أثار غاية في السوء بالنسبة لكل من سوريا والعراق لاسيما لجهة التأثير السلبي على كمية ونوعية المياه التي تحصل عليها البلدان، وهنا قد يكون من المفيد التذكير بأن قيام تركيا بخفض معدل تدفق معدل نهر الفرات لملء بحيرة سد أتاتورك أدى إلى حالة من الجفاف في سوريا، وأدى إلى فقدان سوريا لأكثر من ثلث إنتاجها الزراعي المعتاد في ظل عدم كفاية نهري اليرموك و العاص.
وفي هذا السياق يرى البعض أن تركيا تتصرف وكأنها الوحيدة التي تمتلك خططا للتنمية المائية والزراعية، الأمر الذي يزيد من تعقد العلاقات بين الأطراف الثلاثة، وضاعف من مشكلات الإدارة والتوزيع وتخطيط التنمية بين الدول الثلاثة.
واستناداً إلى المعطيات القانونية دولياً فهناك لوائح تنظم كمية وسعة المياه التي تمر بين الدول المتشاطئة، ولا يوجد مبرر قانوني يسمح لتركيا أن تتحكم في المياه التي تنبع من أراضيها وتجري عبر دولٍ أخرى، والتصرف فيهاً طبقاً لمصالحها دون مراعاة حقوق هذه الدول بعد أن ثبت وبموجب الاتفاقية الدولية الموقعة عام 1997، والخاصة باستخدام المجاري المائية الدولية لأغراض ملاحية والتي حددت المجرى المائي الدولي بأنه المجرى الذي تقع أجزاؤه في دول مختلفة وهذا بدوره يؤكد الصفة الدولية لنهري دجلة والفرات.

المياه والعلاقات العراقية التركية :
على الرغم من العلاقات التجارية المتميزة بين العراق وتركيا، لا تزال الخلافات المائية مثاراً للجدل، ولم يتوصل العراق إلى تسوية مرضية تضمن حقوقه المائية المكتسبة مع تركيا، وانخفض تدفق مياه نهر الفرات بعد إنجاز القسم الأكبر من منشآت الـ gap من 18 مليار م3 سنويا إلى 9 مليارات م3 سنويا، بعد اتفاقية عام 1987 التي سميت بقاعة الـ (500 م3/ ث بين تركيا وسوريا)، وحاجة العراق الفعلية تقدر بـ 13 مليار م3 سنويا، مما أدى إلى الإضرار بخطط التنمية الزراعية, خاصة في تعاقب موجات الجفاف التي اجتاحت المنطقة في السنوات الأخيرة.
لم تستجب تركيا لنداءات العراق المتكررة، بشأن زيادة حصته من مياه الفرات والتي لا تتناسب وحجم التطور التنموي والديمغرافي، وقد أخفقت جميع المحاولات، التي قام بها لعقد اتفاقات منفردة مع تركيا، حيثُ تحاشت الأخيرة عقد مثل هذه الاتفاقيات، حتى لا تضطر لمثيلتها مع الجانب السوري، أو لوجوب مرورها عبر البوابة السورية لتأخذ طريقها للتنفيذ، وحينها لابد من دفع ضريبة المرور حينها (ستطالب سوريا بزيادة حصتها أو تقاسم حصة العراق).
وعوضاً عن ذلك طالبت تركيا العراق بجدولة مياه نهري دجلة والفرات في حساب الحصص، وهي الطريقة ذاتها التي اعتمدتها مع سوريا، خاصةً أن العراق يمتلك قناة الثرثار القادرة على تعويض النقص بمياه الفرات عبر مياه دجلة ( يعتقد بعض خبراء المياه أن قيام العراق بحفر قناة بين نهري دجلة والفرات قد مهد الطريق للمطالبة التركية بجدولة مياه النهرين، واعتبارهما حوضا واحداً ).
ولا أتفق مع ذلك لأن العراق كان ولا يزال بحاجة ماسة لتلك القناة، ويمكن دحض الحجَّة التركية بشأن (اعتبار نهري دجلة والفرات حوضاً واحداً، نتيجة وجود قناة فيما بينهما ) من خلال النقاط أدناه:
1-إن هذه القناة تقوم فقط بخدمة الجزء الثاني من حوض الفرات في العراق، أما المسافة الممتدة (الجزء الأول) بين الحدود السورية وسد القادسية الذي يقع على نهر الفرات والبالغة 120 كم فإنها لن تستفيد من عملية التحويل.
2-إن مياه بحيرة الثرثار الواقعة على نهر دجلة ذات ملوحة عالية، وقد تسبب الإساءة لنوعية المياه في نهر الفرات خاصةً أن الترب الزراعية العراقية ترب طينية كتيمة، مما يؤدي إلى تملح الأراضي الزراعية وخروجها من حيز الإنتاج.
3-استغل سكان وادي الرافدين الخاصية الطبيعة الجغرافية لنهري دجلة والفرات وهي، ارتفاع وادي الفرات عن وادي دجلة تارة وبالعكس تارة أخرى "أن نهر دجلة في قسمه العلوي، يجري بمناسيب تعلو على مجرى نهر الفرات، وحين يصل إلى بغداد ينخفض عن نهر الفرات بسبعة أمتار تقريباً، ثم إذا سرنا جنوباً يعود فيصبح بالقرب من الكوت أعلى من نهر الفرات من جديد".
وهنا ينحدر شط الغراف الذي يأخذ من الضفة اليمنى لنهر دجلة وينتهي إلى نهر الفرات عند الناصرية، وهذه الخصائص تساعد على تأمين الري من النهر الواحد والصرف إلى النهر الأخر بالتناوب، بحيث يمكن شق جداول عديدة بين النهرين تمتد بصورة موازية لجريانها بالنسبة للنهرين، وهذا يتوقف على المنطقة التي تقع فيها هذه الجداول " شق سكان وادي الرافدين أنهاراً عظمى من نهر الفرات إلى نهر دجلة ( وبالعكس ) كانت تروي أراضٍ واسعة، وقد استفاد العباسيون من بعضها بعد تطهيرها"، على سبيل المثال النهر القديم الذي سموه بنهر "عيسى"، وكان اسمه في زمن البابليين ( قنال انليل )، أو ( باني انليل ) ولا تزال آثاره ماثلة قرب خرائب ( عقرقوف. (
يرفض العراق المطالبة التركية ويعتبرها تدخلاً فضاً في سيادته الإقليمية، وإن مشاريع الري داخل العراق تعد شأناً داخلياً وغير قابل للمساومة، وهذا ينسجم مع ما أقرته لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة في 17 حزيران 1997 في مادتها الخامسة التي تنص على، حق دول المجرى المائي بأن تنتفع كل في إقليمها بالمجرى المائي الدولي بطريقة منصفة ومعقولة، ويتوجب عليها التعاون في حمايته وتنميته، وبما أن العراق يقع في أسفل المجرى المائي فإن إجراءه لا يؤثر على دول المجرى ويتفق ومضمون تلك المادة، بالإضافة إلى ذلك فإن العراق لم يغير من مجرى النهرين وإنما عمل على إعادة مجاري القنوات القديمة (الحضارات القديمة) بين النهرين، وبالتالي فإن الحجّة التركية ليس لها ما يبررها أو يسندها على المستوى القانوني.
باشرت تركيا بإقامة منشآتها المائية على نهر دجلة يقدر عددها بـ 8 منشآت، وهذه السدود ستعمل على تخفيض كمية المياه المتدفقة تجاه العراق إلى حدود 50% ، كما قامت إيران بتشييد سدود مماثلة على روافد دجلة التي تجري من أراضيها، مما قلل من إجمالي إيراد النهر بنسبة 60 إلى 70% من المياه الواردة من الأراضي الإيرانية تجاه الأراضي العراقية، في حين أن ما تبقى من إيرادات النهر ترفد عبر الأراضي العراقية، وتسبب هذا الوضع الخطير بالضرر بالزراعة والسكان في العراق.
وبالرغم من أن العراق يمتلك عدداً لا بأس من الخزانات المائية والسدود على نهر دجلة فإنها غير قادرة على تعويض النقص على المدى البعيد، مما أخل بالموازنة المائية التي اتبعها العراق بشأن تعويض نقص المياه في نهر الفرات خاصةً أنه لم يستكمل مشاريعه المائية الإستراتيجية على نهر دجلة وبشكل خاص مشروعي سدي بخمة وبادوش، حيث انتهت المرحلة الأولى لسد بخمة في أوائل 1990 ،لكن العمل بالمشروع توقف بعد الحرب الخليجية الثانية، وكان من المفترض أن يزيد من الطاقة التخزينية المائية للعراق في حال استكماله لنحو 130 مليار م3.
تلوث مياه الفرات منذ أن باشرت تركيا بمشروعها "الكاب" المتضمن إقامة 21 سداً و 19 محطة كهرومائية لاستصلاح 1.9 مليون هكتار، تسببت بالإضرار في نوعية المياه الجارية إلى كل من سوريا والعراق، والمتضرر الأكبر هو العراق باعتباره دولة المصب، ويرى العراق، أن المنشآت التركية أثرت سلباً على 1.3 مليون هكتار من الأراضي الزراعية أي 40% من الأراضي الصالحة للزراعة، واجبر العراق على إغلاق 4 مجمعات لتوليد الطاقة الكهرومائية تنتج 40% من الطاقة الكهربائية.
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59