القسم الأول
آثار التشغيل الإلكتروني علي أهداف النظم المحاسبية
EDP Effects on Accounting System Objectives
أهداف مختلفة للنظم المختلفة :
يسعى كل نظام محاسبي بالضرورة إلى تحقيق هدف ، أو أهداف محدودة . فالمحاسبة ليست غاية في ذاتها و إنما هي وسيلة لتحقيق غاية . وتقاس فاعلية تصميم و تشغيل النظم بمدي قدرته علي خدمة الأهداف التي وضع من اجلها ، فإذا عجز عن تحقيق تلك الأهداف فأنه يفقد مبرر وجوده و استمراره في البقاء .
يجب في البداية ملاحظة أن لكل نظام من أنظمة المعلومات المحاسبية هدفاً رئيسيا ، يعز وجوده أو تحقيقه في ظل الأنظمة الأخرى . بل أن هذا الهدف المميز كان دائما هو الدافع لانسلاخ نظم المحاسبية الإدارية عن المحاسبة المالية الأم التي عجزت بطبيعتها عن تحقيقه . ومن ثم فأن علينا أن نميز الهدف الرئيسي لكل نظام محاسبي ، ولا نخلط بين هذه الأهداف و بين الأغراض أو الأهداف الفرعية الأخرى التي تبني عليه .
الأهداف الرئيسية للمحاسبة المالية :
تلتقي نظم المحاسبة المالية في المشروعات الهادفة الي تحقيق الربح حول هدف رئيسي واحد هو إنتاج القوائم المالية التقليدية المتمثلة في :
× قائمة الدخل " Income Statement " ، التي تحدد نتائج العمليات علي اختلافها للمشروع ككل عن فترة قياس زمنية محدده .
× قائمة المركز المالي أو الميزانية " Balance Sheet " ، التي تصور أصول المشروعات و الحقوق المقررة علي هذه الأصول ، سوء للملاك أو للغير ، و ذلك كما تظهر في لحظة سكون افتراضية هي تاريخ انتهاء فترة القياس المعنية .
تحقيق هذا الهدف الرئيسي يخدم – بدوره – عدد كبيراً من الأغراض التبعية أو الأهداف الفرعية ، نذكر منها :
× تحديد حصص المساهمين أو الملاك في الأرباح الموزعة .
× تحديد نصيب الدولة في الأرباح ، أي الالتزام الضريبي للمشروع عن فترة المحاسبة.
× ترشيد قرارات المستثمرين بشأن الاستمرار في تملك اسهم المنشأة .
× الدلالة علي القدرة الكسبية للمشروع و مدي قدرته علي سدد التزاماته في المدى القصير و الطويل ، ومن ثم ترشيد قرارات التمويل .
× تقييم أداء المديرين أو أعضاء مجلس الإدارة .
فكل هذه الأغراض و غيرها إنما تتحقق من خلال تحليل و تقيم الأرقام الواردة بقائمتى الدخل و المركز المالي – و هما المنتج النهائي لنظم المحاسبة المالية .
أهداف نظم المحاسبة الإدارية :
يمكن القول بأن الأنظمة الفرعية للمحاسبة الإدارية تسعي في ظاهر أمرها إلى خدمة هدف واحد مشترك هو إنتاج المعلومات المناسبة التي تساعد الإدارة في القيام بوظائفها بكفاءة ، و بخاصة وظائف التخطيط و الرقابة وتقييم الأداء واتخاذ القرارات . و حقيقة الأمر : ان كل نظام من أنظمة المحاسبة الإدارية قد صمم في الأصل ليخدم نفس هذه الوظائف الإدارية و لكن بدرجات متفاوتة من التركيز و الألوية .
نظام محاسبة التكاليف :
يهدف نظام محاسبة التكاليف الفعلية إلى تحقيق هدف رئيسي لا يمكن تحقيقه في ظل نظم المحاسبة المالية ، هو تحديد التكلفة الفعلية لوحدات المنتجات النهائية . فالمحاسبة المالية تتميز بأنها إجمالية تركز في قياسها على المشروعات ككل ، أما محاسبة التكاليف فتعتبر ، ببساطة ، محاسبة تحليلية تفصيلية ، تهتم بتحليل وتتبع تدفق عناصر التكاليف داخل عنابر الإنتاج وأقسام البيع ، من أجل تحميل كل منتج بتكلفة ما استفاد به .
تحقيق هذا الهدف الرئيسي يساعد في تحقيق أغراض أخرى عديدة تخدم الوظائف الإدارة والمحاسبية على اختلافها :
1 - فقياس التكلفة الفعلية لوحدة المنتج يساعد على تحديد تكلفة المخزون السلعي من الخامات والإنتاج التام ، وبالتالي يسهم في أعداد قائمة الدخل وقائمة المركز المالي .
2 – تحديد التكلفة الفعلية لوحدة المنتج يساعد في ترشيد قرارات التسعير . فالقاعدة أن سعر بيع الواحدة في المدى الطويل يجب أن يغطي تكلفتها الإجمالية ، بالإضافة إلى هامش يمثل عائد معقول علي رأي المال المستثمر .
3 – كما أن قياس التكلفة الفعلية يساعد الإدارة في تحديد ربحية العمليات أو المنتجات ، و بالتالي يمكن من أتحاذ قرارات التوقف عن الإنتاج أو التوسع فيه في المدى القصير .
4 – أن قياس التكلفة الفعلية يقتران بوضع ضابط للرقابة علي استخدام عناصر التكاليف ، كالرقابة علي حركة الخامات أو علي وقت عمال الإنتاج ، الأمر الذي يقلل من فرص الإسراف و الضياع .
5 – أن دراسة و تحليل اتجاهات التكلفة الفعلية في الماضي يساعد علي التنبؤ بسلوك هذه العناصر بالمستقبل .
… فالهدف الرئيسي الذي يدور حوله نظام التكاليف ، في جملته و تفصيله ، هو قياس تكلفة الواحدة المنتجة . فإذا تم ذلك ، أمكن له أن يخدم الوظائف الإدارية الأخرى .
نظام محاسبة المسئوليات :
فنظام محاسبة المسئوليات يخدم في الأساس وظيفة الرقابة و تقييم الأداء الوظيفي ، حيث انه يمكن من ربط التكاليف بالأشخاص المسئولين عن أحداثها ، أو الذين تتأثر مستويات التكلفة بقراراتهم و تصرفاتهم داخل مراكز المسئولية .
لكن المعلومات التي ينتجها هذا النظام تخدم المجالات أو الوظائف الإدارية الأخرى ، و أن يكن بدرجات متفاوتة من الأهمية :
1 - فهي تساعد في تهذيب القياس المحاسبي للدخل عن طريق فصل كافة مظاهر الضياع الاقتصادي وسوء استخدام المواد المتاحة و الإفصاح عنها في تقارير الانحرافات بين أرقام التكلفة المخططة و أرقام التكلفة الفعلية .
2 - كما تخدم وظيفتي التخطيط و اتخاذ اللقرارات عن طريق تحليل أسباب حدوث هذه الانحرافات و تحديد مواطنها و المسئولية عنها ، الأمر الذي يمكن الإدارة من اتخاذ القرارات المصححة المناسبة و في الوقت المناسب ، سوء كانت هذه القرارات تتعلق بتعديل الخطط المستقبلية أو ترشيد سلوك الأداء الوظيفي للمرؤوسين .
آثار التشغيل الإلكتروني :
النقطة ذات الأهمية هنا هي أن التشغيل الإلكتروني للبيانات المحاسبية لم ولن يغير من طبيعة الأهداف التي ينشدها كل نظام من الأنظمة المحاسبية المذكورة ، لكنه أدي إلى زيادة قدرة هذه الأنظمة علي تحقيق أهدافها الموجودة بفاعلية .
ويرجع ذلك إلى الأسباب التالية :
1 - أن منهج قاعدة البيانات " Data**** Approach " ، بتركيزه علي تسجيل نفس البيان مرة واحدة لخدمة الاستخدامات المختلفة أو البرامج التطبيقية المعينة ، إنما يؤدي إلى :
× تخفيض الحاجة إلى تعدد صور النماذج و المستندات التي تحتوي علي ذات البيان . ويشمل ذلك بوجه خاص البيانات المرتبطة بالعمليات "Operating Data " ، و التي تتميز بلزومها لكل من نظام المحاسبة المالية و نظام المحاسبة الإدارية في نفس الوقت .
× تجنب تكرار الجهود الذي كان يحث في ظل المعالجة اليدوية من أجل توفير ذات البيان للنظم المحاسبية المختلفة . أنه يضمن في الوقت نفسه تجانس هذه البيانات و عدم تعارضها .
2 – أن حدوث عمليات المعالجة الإلكترونية للبيانات داخل ذاكرة الحاسب الإلكتروني ، و طبقا للتعليمات التفصيلية التي تتضمنها برامج تطبيقية سليمة يؤدي إلى استبعاد أو تقليل فرص حدوث الغش أو الأخطار الارتكابية التي تشوب المعالجة اليدوية . أن المعالجة الإلكترونية تستبعد تدخل العنصر البشري ، بكل الحدود الوارد عليه ، في مرحلتين من مراحل عملية إنتاج المعلومات ، هما مرحلة التشغيل ، و مرحلة استخراج النتائج . بعكس النظم اليدوية ، حيث توجد فرص حدوث الغش والأخطاء في كل مراحل هذه العملية : مدخلات – معالجة – استخراج نتائج .
3 – أن قدرات الحاسب المذهلة علي إجراء العمليات الحسابية و المنطقية المعقدة تجعل بالإمكان استخدام أساليب كمية و نماذج رياضية معقده في تحليل البيانات و علاج المشكلات ، الأمر الذي كان يتعذر أجراؤه غالباً في ظل نظم المعالجة اليدوية . علي سبيل المثال ، فأن بمقدور المحاسب و بسرعة فائقة تطبيق طريقة التوزيع التبادلي في توزيع تكاليف عدد كبير من مراكز الخدمات الإنتاجية التي تخدم بعضها بضا ، بينما يتعذر في النظم اليدوية تطبيق هذه الطريقة إلا علي عدد محدود جدا من مراكز الخدمات ، وبأجرات حسابية مطوله .
الخلاصة :
أن تنسيق البيانات الأولية التي تستخدم كمدخلات للنظم المحاسبية المختلفة ، و إمكان بسط المعالجة الإلكترونية لهده البيانات كي تشمل نماذج و أساليب تحليلية أكثر تتطوراً ، من شأنه زيادة قدرة النظم المحاسبية علي تحقيق أهدافها بدرجة اكبر من السرعة والكفاية و الفاعلية ، دون أن يغير ذلك من الطبيعة الأصلية لهذه الأهداف .