القسم الثالث
آثار التشغيل الإلكتروني علي المنهج المحاسبي
EDP Effects on Accounting System Processes
أن التعريف الحديث للمحاسبة – على عمومها – يذهب إلى أنها عملية تمييز وقياس وتوصيل معلومات اقتصادية ملائمة لاحتياجات مستخدمي التقارير المحاسبية بهدف معاونتهم في اتخاذ قرارات رشيدة .
و بطبيعة الحال فأن لكل نظام من أنظمة المعلومات المحاسبية ( أداريه كانت أو مالية ) منهجه المحاسبي الخاص و المتميز الذي يحكم كافة عمليات تمييز و قياس و توصيل المعلومات التي يهدف هذا النظام إلى إنتاجها .
في القسم ، سوف نلقي نظرة سريعة و لكن عن قرب علي المنهج المحاسبي الذي يتبعه كل نظام من أنظمة المعلومات المحاسبية في إنتاج المعلومات التي يهدف إلى إنتاجها ، و يعقب ذلك محاولة استطلاع التأثير المحتمل للتشغيل الإلكتروني للبيانات المحاسبية علي هذه المناهج.
مناهج القياس في النظم المحاسبية :
يختلف كل نظام عن غيره من أنظمة المعلومات المحاسبية في عناصر عملية إنتاج المعلومات التي يهدف إلى إنتاجها . فكل نظام له مدخلاته من بيانات مالية خاصة و متميزة ، و له مخرجاته التي تتناسب مع أهدافه في شكل تقارير دورية أو قوائم مالية ، وله في النهاية دورته المحاسبية أو منهجه المحاسبي الخاص به و الذي يحكم كيفية تحويل المدخلات المحددة إلى المخرجات المنشودة .
( 1 ) منهج المحاسبة المالية :
تتمثل مخرجات نظام المحاسبة المالية ، أو المنتج النهائي الذي يهدف إلي إنتاجه ، في قائمتين ختاميتين : قائمة الدخل التي توضح نتيجة الأعمال من ربح أو خسارة للمشروع ككل عن فترة زمنية محددة ، وقائمة المركز المالي أو الميزانية ، التي توضح عناصر المركز المالي للمشروع في نهاية تلك الفترة .
المدخلات اللازمة لإنتاج هاتين القائمتين هي بيانات الصفقات أو العمليات المالية " Financial Transactions " الخاصة بالواحدة المحاسبية بوصفها شخصية معنوية مستقلة عن الملاك أو المساهمين . ويشترط أن تكون هذه العمليات قد حدثت فعلاً ، وقابلة للقياس النقدي ، وثابتة في مستندات مؤيده .
أما المنهج المحاسبي المتبع لتحويل هذه البيانات إلى هذه المعلومات الواردة بالقوائم المالية المطلوبة ، و الذي يصوره الشكل التالي ، فيتمثل فيما يلي :
المنهج المحاسبي للمحاسبات المالية أولا : العمل المحاسبي خلال فترة المحاسبة :
و يتضمن سلسلة من الخطوات التي تحدث بشكل متواصل خلال فترة المحاسبة يطلق عليها أحيانا اسم الدورة المحاسبية " Accounting Cycle " وتتمثل هذه الخطوات فيما يلي :
1 – جمع البيانات الخاصة بالمعاملات المالية من واقع مستندات مؤيده .
2 – تسجيل هذه البيانات علي أساس فوري في دفاتر اليومية " Journal " في شكل قيود محاسبية " Entries " .
3 – ترحيل هذه القيود إلى الحسابات المتخصصة بدفتر أو دفاتر الأستاذ لإمكان تحديد حركة ورصيد كل حساب أو مفرد علي حدة .
4- يتم بصفة دورية ترصيد حسابات الأستاذ و إعداد ميزان المراجعة للتحقق من التوازن الحسابي ، مع ضرورة إجراء المطابقات بين أرصدة الحسابات الإجمالية بالأستاذ العام و أرصدة الحسابات الفرعية بدفاتر الأستاذ المساعد .
5- تقصي أسباب الأخطاء التي يدل عليها عدم توازن ميزان المراجعةأو تكشف عنها المتطابقات الدورية واتخاذ الإجراءات المصححة أولاً بأول .
ثانيا : العمل المحاسبي في نهاية فترة المحاسبة :
يتمثل في أعداد الحاسبات الختامية و الميزانية ( قائمة الدخل المركز المالي ) بعد أجراء التسويات الجردية المناسب ، و أقفال حسابات الإيرادات و المصروفات .
( 2 ) منهج محاسبي التكاليف :
يتمثل الهدف الأساسي لنظام محاسبة التكاليف في قياس التكلفة الفعلية لوحدة المنتج النهائي ، سوء كان هذا المنتج سلعة أو خدمة و بالتالي يتمثل مخرجات النظام بصفة أساسية في إنتاج قائمة التكاليف الفعلية ، عن كل دورة إنتاج ، أو عقب انتهاء كل أمر إنتاج أو مرحلة إنتاجية .
مدخلات النظام هي عناصر التكاليف ، من تكلفة مواد و مستلزمات و تكلفة عمالة وتكلفة خدمات ، سوء كانت هذه التكاليف فعلية تعبر عن أنفاق أو التزام باتفاق ، أو كانت تكاليف محسوبة أو ضمنية تمثل تكلفة خدمات استفادت بها العملية الإنتاجية دون ان يقابل هذه الاستفادة إنفاق فعلي أو التزام بأنفاق من جانب المنشأة ، مثل فائدة الأموال المستثمرة و مقابل إيجار المبني المملوك و المستخدم في العملية الإنتاجية ، و إهلاك الأصول الثابتة التي ليس لها قيمة دفترية .
وتقوم محاسبة التكاليف الفعلية علي إتباع المنهج الأتي :
1 – حصر و تمييز عناصر التكاليف الفعلية التي استفادت منها الوحدات المنتجة أو التي تتحمل بها فترة القياس .
2 – تحليل عنصر التكاليف إلى تكاليف مباشرة " Direct Cost " و تكاليف غير مباشرة " Indirect Cost " ، وذلك بحسب علاقة العنصر بوحدة النشاط .
3 – تتبع عناصر التكاليف غير المباشرة وربطها بمراكز التكلفة المستفيدة " Cost Centers " ، سوء كانت مراكز إنتاج أو مراكز خدمات إنتاجية أو مراكز تسويقية أو إدارية ، الأمر الذي يمكن عن طريقة التوصيل إلى معدلات تحميل هذه التكاليف علي وحدات المنتجات النهائية .
4- تحميل المنتجات بالتكاليف المباشرة التي أنفقت خصيصا عليها ، وتحميلها بنصيب من التكاليف غير المباشرة علي أساس مدي استفادة كل منتج من خدمات مراكز الإنتاج ، وباستخدام معدلات التحميل .
5- إعداد قائمة التكاليف فور الانتهاء من إنتاج كل طلبية أو مرحلة أو أمر إنتاج ، مع بيان متوسط تكلفة الوحدة المنتجة .
( 3 ) منهج محاسبة المسئوليات :
نظام محاسبة المسئوليات نظام رقابة يستهدف تقييم الأداء الوظيفي للمسئولين في خريطة التنظيم الإداري داخل المنشأة . و تتمثل مخرجات هذا النظام في نوعين من التقارير :
· شبكة هرمية من تقارير تقييم الأداء التي تعد و يتم توصيلها بصفة دورية منتظمة . هذه التقارير تمكن كل مسئول من تقييم الأداء الوظيفي للمرؤسين التابعين لإشرافه المباشر. ويلاحظ أنه في الخط الإداري الأول تركز هذه التقارير علي تفاصيل العمل ذاته ، و لكن كلما صعدنا في إلي مستوي أعلي في الهيكل التنظيمي ، كلما قلت التفاصيل وزادت درجة التجمع " Aggregation " في محتويات التقرير .
· تقارير استثنائية " Exception Reports " ، تصدر بصفة طارئة إذا تبين من المقارنات و التحليلات الدورية أن هناك ما يستحق لفت انتباه و نظر الإدارة العليا .
أما عن مدخلات النظام فتتمثل في عناصر التكاليف القابلة للتحكم " Controllable Costs " بالنسبة لكل مركز من مراكز المسئولية ، مع ملاحظة أن هذه التكاليف تتميز بأمرين :
أ – أن ما يخرج عن نطاق تحكم المشرف علي مركز مسئولية معين سوف يخضع غالب لتحكم المسئول عن مركز مسئولية أخر أو في مستوي أعلي . فكل التكاليف تكون قابلة للتحكم لو نظرنا إليها علي مستوي المشروع ككل .
ب – أن ما يخرج عن نطاق التحكم في المدى القصير قد يصبح خاضعا للتحكم في المدى الطويل .
و عليه فأن مفهوم التكاليف القابلة للتحكم هو مفهوم نسبي ، يجب تناوله بالنظر إلى ظروف كل مركز مسئولية علي حدي .
أما عن المنهج الرقابي لمحاسبة المسئولية ، فيمثل فيما يلي :
1- وضع أهداف محددة مقدمة للأداء بالنسبة لكل مركز مسئولية علي حدي . هذه الأهداف تترجم عادة إلى موازنة تقديريه تتضمن مستويات التكلفة التي ينتظر حدوثها لمستوي النشاط المستهدف . و يجب إعداد هذه الموازنة علي أساس مفهوم التكاليف القابلة للتحكم.
2- قياس التكاليف الفعلية ، القابلة للتحكم ، لمستوي النشاط الفعلي الذي حدث بالمركز خلال فترة القياس . وتستخدم في ذلك مجموعة من النماذج والكشوف والسجلات التحليلية .
3- مقارنة التكاليف الفعلية بالتكاليف المحددة مقدما لتحديد الفروق أو انحرافات التكلفة ، سوء كانت انحرافات موجبة أو سالبة .
4- تحليل الانحرافات للوقوف علي أسبابها و تحديد المسئولية عنها ، و اقتراح الإجراءات الكفيلة بتنمية الانحرافات الموجبة ، وتجنب تكرار حدوث الانحرافات السالبة .
5- إعداد و توصيل تقارير المسئولية ، حتى تتخذ القرارات المناسبة لتحسين و زيادة مستوي فاعلية الأداء الوظيفي في المستقبل .
الأثر علي مناهج القياس المحاسبية :
من عرضنا السابق للعمليات المحاسبية ، أو المنهج المحاسبي الذي يتبناه كل نظام من أنظمة المعلومات المحاسبية في تمييز و قياس و توصيل التقارير أو القوائم التي يهدف النظام إلي إنتاجها ، ويتضح :
· أن لكل نظام منها ذاتية المستقلة ، و أنه يختلف عن غيره من أنظمة المعلومات المحاسبية في كل العناصر الأساسية للعملية : المدخلات ، المخرجات ، و كيفية تحويل المدخلات المحددة إلي المخرجات المطلوبة .
· أن المصدر الأساسي للبيانات التي تمثل مدخلات كل نظام هو بيانات العمليات المالية الخاصة للمشروع عن فترة المحاسبة … ويضاف إليها مجموعة أخري من البيانات التشغيلية القابلة للقياس الكمي حسب الحاجة . و يمكن القول بأن الإثر البارز للتشغيل الإلكتروني علي مناهج هذه النظم يتمثل في توقيت حودث الخطوات التي يشتمل عليها كل منهج . . . إذ يصبح من المتوقع دماج بعض هذه الخطوات معاً .
و بطبيعة الحال سوف يتوقف مدي الدمج علي المنطق المستخدم في تصميم البرنامج التطبيقي . ففي نظام المحاسبة المالية مثلاً :
· قد يصمم البرنامج بحيث تتم عمليات التسجيل و الترحيل و الترصيد بطريقة آنية دون فواصل زمنية بينها كما في نظام المعالجة اليدوية . و في مثل هذه الحالة فأن أثر أي عملية مالية جديدة علي ميزان المراجعة يحدث بمجرد ادخلها ، حيث يمكن للمستخدم في أي وقت استخراج ميزان مراجعة يتضمن حركة أو ارصدة جميع الحسابات حتى أخر عملية .
· بل و يمكن تصميم البرنامج بحيث يسجل أولاً بأول أثر كل عملية علي كل من عناصر قائمة الدخل و قائمة المركز المالي ، الأمر الذي يسمح بإمكانية استخراج هذه القوائم علي فترات دورية قصيرة ( شهريا أو كل ثلاثة شهور مثلاً ) ، و هم ما يتعذر تحقيقه في ظل نظم المعالجة اليدوية .
الخــلاصة :
نلخص من كل ما تقدم إلي أن تأثير نظم التشغيل الإلكتروني علي العملية المحاسبية في النظم المختلفة أشد قوة و أعمق تغلغلاً منه علي هياكل تلك النظم . و في كل الأحوال لم يغير هذا التأثير من الطبيعة الفنية لمناهج القياس المحاسبي أو مساراتها أو فلسفتها الحاكمة ، وإنما انصب في جملته و تفصيله علي الطريقة أو الكيفية التي تعمل بها تلك النظم علي تحقيق أهدافها .
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
|