عندما تحرك
النصرانية السياسة الأمريكية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
ـ يقول وولتر روسيل ميد Walter Russell Mead في مستهل مقالته المعنونة بـ " بلد الرب God's Country " بمجلة الشئون الخارجية " Foreign Affairs " التي تناقش أثر العامل الديني في
السياسة الخارجية
الأمريكية " إن الدين عادة ما يؤدي دوراً رئيسياً في
السياسة والهوية والثقافة
الأمريكية ، فالدين يشكل شخصية الأمة ويساعدها في تشكيل أفكار الأمريكيين عن العالم ، وله تأثير في الوسائل التي يتجاوب بها الأمريكيون تجاه الأحداث خارج حدودهم ، ويعلل الدين بأنه إحساس الأمريكيين بأنفسهم كشعب مختار وإيمانهم بأن عليهم واجب نشر قيمهم في جميع أنحاء العالم . ونظراً لأن الولايات المتحدة
الأمريكية بلد ديمقراطي ينتخب أفراد الشعب ممثليهم بكامل حريتهم ، كان من المهم دراسة المعتقدات الدينية للمواطنين الأمريكيين التي تؤثر بلا شك في اختيارهم الانتخابي .
ـ هكذا يفكر الأمريكان في العلاقة بين التدين والوصول لسدة الحكم، وفي تأثير التدين في صياغة
السياسة الخارجية للولايات المتحدة
الأمريكية ، فقد أعلن الرئيس السابق جورج دبليو بوش صراحة أن عقيدته الدينية كان لها تأثير كبير فيه كرئيس ، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ، وأن السيد المسيح هو أفضل فيلسوف سياسي لديه لكونه أنقذه من طريق الضلال (!) ودله على الصراط المستقيم(!) ـ بحسب قوله ـ وأنه قد حدد فهمه للحرب على ما أسماه بالإرهاب على أنها معركة بين الرب والشر .
ـ وقد أظهر استطلاع للرأي العام الأمريكي أجراه معهد بيو لاستطلاعات الرأي في مارس 2003م ، قبل أيام قليلة من الحرب على العراق أن نسبة 77% من الإنجيليين البيض يؤيدون استخدام الولايات المتحدة للقوة العسكرية للإطاحة بنظام حكم صدام حسين .
ـ وهو ما يظهر مدى تأثير الكنائس الإنجيلية والقساوسة في بلورة رأي هذه الشريحة الاجتماعية التي تشكل قاعدة انتخابية رئيسية للرئيس بوش والمحافظين الجدد ، وذلك من خلال الترويج للفكرة التي تعتبر أن الولايات المتحدة بقيادة بوش ـ الذي تم وسمه بـ " القائد المتدين والتقي الورع " ـ تعمل على تطبيق مشيئة الله في الأرض .
ـ إن التدين المسيحي حاضر بقوة في
السياسة الخارجية للولايات المتحدة
الأمريكية ، وقد أدى المتدينون في أمريكا دوراً كبير ومؤثر في تبرير
السياسة الخارجية لولايات المتحدة
الأمريكية خاصة فيما يتعلق بالحرب على العراق وأفغانستان ، وتوضيح مرجعيتهما العقدية والكنسية ، ولعل ذلك يتضح جلياً من خلال تحليل مقولات ومواقف وخطابات قادة التدين الكنسي في الولايات المتحدة
الأمريكية ، الذين كانوا مقربين بقوة من مؤسسة الرئاسة في أثناء الحشد لحروبها الخارجية على العالم الإسلامي .(*)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
(*) فكر وثقافة ـ صحيفة الفتح ـ إشراف الهيثم زعفان ـ
ـ ع: 25 ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ