عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-25-2014, 08:59 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,139
ورقة الفصل بين الدين والدولة


أكاذيب علمانية: الفصل بين الدين والدولة نموذجاً*
ـــــــــــــــــــــــ

3 / 2 / 1436 هــ
25 / 11 / 2014 م
ـــــــــــــ

_8851.jpg

أمثلة كثيرة ذكرتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الليبرالية نهاية الشهر الماضي، للتدليل على قوة العلاقة بين الدين والعلمانية في إسرائيل ذكرها الأستاذ سليمان الشيخ في مقاله بصحيفة القدس العربي الذي جاء تحت عنوان " متلازمة العلمانية والدين في الجيش الإسرائيلي هل أصابها خلل؟".

فمن الأمثلة التي ذكرها الكاتب نقلا عن "هآرتس": الصلوات الجماعية التي يؤديها الجيش قبل الخروج في معركة، ورفض الغناء، وإقصاء النساء ومرافقة حاخامات اليهود للجنود في أرض المعركة، واستبطان أوامر تتعلق مباشرة بعقائد دينية، وتعاون بين الحاخامية الرئيسية وقياديين في الجيش، من أجل ترسيخ قيم دينية توراتية في روح القتال والحياة اليومية للجيش.

ومن ذلك أيضاً رفض جنود صهاينة اعتلاء مركبة عسكرية للقيام بعملية عسكرية في يوم السبت، بداعي أن في ذلك انتهاكا لقدسيته، أو رفض جنود الاستماع إلى محاضرات ألقتها مجندات، أو رفضهم تناول وجبة عشاء بمشاركة مجندات، أو أن تنام مجندات في القاعدة العسكرية ذاتها التي يبيت فيها الجنود الذكور، أو أن تكون الهدية السنوية لأرامل الجنود في العيد كتب توراة وأناشيد دينية.

ويزيد الصورة وضوحاً قيام وزير الدفاع الإسرائيلي "موشيه يعالون" بالسماح عملياً للحاخامية الرئيسية بالتدخل في إدارة الجيش، على نحو يلقي بظل ثقيل على قدرة الجيش في التحرك، حسبما ترغب به غالبية المواطنين... بحسب تحليل البروفيسور يعيل ليفي.

من خلال ما سبق يتبين للقارئ هرائية وعبثية ما يُروج حول الفصل بين الدين والدولة، فليس هناك دولة "علمانية" على وجه الأرض يمكننا الزعم أنها تفصل بين دينها وشؤونها العامة أو الخاصة بشكل مطلق، فليس ثمة فصل على الحقيقة- إن أردنا الموضوعية- بين معتقدات الساسة وبين قراراتهم السياسية والعسكرية وأطروحاتهم الإصلاحية بل ومشاريعهم الاقتصادية، سيما إذا كانت الدولة تتبنى قيم الديمقراطية كأميركا أو إسرائيل...

فإذا نظرنا إلى دولة كأمريكا- كمثال ثاني- سنجد أن علمانيتها ليست بالعلمانية الملحدة أو العلمانية الكافرة كما يعتقد البعض، بل يمكننا تسميتها- تجاوزا- بالعلمانية المؤمنة، أو العلمانية الجزئية، فهي علمانية لا ترى- في غالب أحوالها- ضيرا في تمسك الأفراد والدولة بالمعتقد، وإن بدا في الظاهر تحلل مؤسسة القيادة من سيطرة الدين، ففي الباطن ثمة تتبع لما يُملى على الساسة من قبل رجال الكنيسة، سيما أولئك الذين تربطهم علاقات فكرية ودينية قوية باليهود من ذوي التوجهات الصهيونية المتطرفة.

أما إسرائيل؛ فلا أقوى من رابطة المعتقد والتمسك بيهودية إسرائيل سبباً في بقاء إسرائيل حتى الآن، فلولا تمسك اليهود بقوميتهم ويهوديتهم لما بقيت إسرائيل صامدة إلى وقتنا هذا، فللدين تأثير قوي في تثبيت العزائم- وإن كان ديناً فاسداً- والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، وفي حال البوذيين والشيعة النصارى وغيرهم من أصحاب الأفكار المنحرفة والمعتقدات الفاسدة أوضح دليل على ما هذه الفكرة.

فما يُصدِّره الغرب لنا من أفكار حول وجود فصل بين سياسات دولهم وبين ما يدينون به من معتقد محض زيف، وما يراد لنا من وراء هذا الفكرة إلا كل شر، فتلك الفكرة سلاح غربي يسعى الغرب إلى فرضه بشتى السبل، وهو وإن كان أمراً مقبولاً- بوجه من الوجوه- من الوجهة الغربية؛ نظراً لانفصال أديانهم عن الواقع من الأساس، فهو أمر يستحيل العمل به واقعياً في المجتمع العربي والإسلامي.

فالحروب الغربية في المنطقة العربية والإسلامية لم تكن بعيدة عن النوازع الدينية، والاستعمار الغربي، وإن تعددت أهدافه، إلا أن الهدف الديني يبقى الهدف الأهم والأكثر تأثيراً، وما يُكتب عن الإسلام والمسلمين في الغرب، وما يُروج في إعلام الغرب هو جزء من تلك الحرب الصليبية "المقدسة!!" التي بدأها الغرب المسيحي لإنهاء الوجود الإسلامي في البلدان العربية والإسلامية والعالم بصفة عامة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
ـــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59