عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 01-10-2012, 10:03 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي

· ذهبت عينا محمد بن إسماعيل في صغره ، فرأت والدته في المنام إبراهيم الخليل عليه السلام فقال لها : يا هذه قد رد الله على ابنك بصره ، لكثرة بكائك - أو كثرة دعائك شك البلخي - فأصبحنا وقد رد الله عليه بصره393\12
· قال عبد القدوس بن عبدالجبار السمرقندي جاء محمد بن إسماعيل إلى خرتنك - قرية على فرسخين من سمرقند - وكان له بها أقرباء ، فنزل عندهم فسمعته ليلة يدعو وقد فرغ من صلاة الليل : اللهم إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت ، فاقبضني إليك ، فما تم الشهر حتى مات ، وقبره بخرتنك . وقال محمد بن أبي حاتم : سمعت أبا منصور غالب بن جبريل - وهو الذي نزل عليه أبو عبد الله - يقول : إنه أقام عندنا أياما ، فمرض واشتد به المرض ، حتى وجه رسولا إلى مدينة سمرقند ، في إخراج محمد ، فلما وافىتهيأ للركوب ، فلبس خفيه وتعمم ، فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها وأنا آخذ بعضده ، ورجل أخذ معي يقوده إلى الدابة ليركبها ، فقال - رحمه الله - : أرسلوني فقد ضعفت ، فدعا بدعوات ثم اضطجع فقضى ، رحمه الله ، فسأل منه العرق شيء لا يوصف ، فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه ، وكان فيما قال لنا وأوصى إلينا : أن كفنوني في ثلاثة أثواب بيض ، ليس فيها قميص ولا عمامة ، ففعلنا ذلك ، فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية ، أطيب من المسك ، فدام ذلك أياما ، ثم علت سواري بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره ، فجعل الناس يختلفون ويتعجبون ، وأما التراب فإنهم كانوا يرفعون عن القبر ، حتى ظهر القبر ، ولم نكن نقدر على حفظ القبر بالحراس ، وغلبنا على أنفسنا ، فنصبنا على القبر خشبا مشبكا ، لم يكن أحد يقدر على الوصول إلى القبر ، فكانوا يرفعون ما حول القبر من التراب ، ولم يكونوا يخلصون إلى القبر ، وأما ريح الطيب فإنه تداوم أياما كثيرة حتى تحدث أهل البلدة وتعجبوا من ذلك ، وظهر عند مخالفيه أمره بعد وفاته ، وخرج بعض مخالفيه إلى قبره ، وأظهروا التوبة والندامة ، مما كانوا شرعوا فيه من مذموم المذهب . قال محمد بن أبي حاتم : ولم يعش أبو منصور غالب بن جبريل بعده إلا القليل ، وأوصى أن يدفن إلى جنبه467\12
· قيل إن ابن طولون نزل يأكل ، فوقف سائل فأمر له بدجاجة و حلواء ، فجاء الغلام فقال : ناولته فما هش لها ، فقال : علي به ؟ فلما وقف بين يديه لم يضطرب من الهيبة ، فقال احضر الكتب التي معك واصدقني ، فأنت صاحب خبر ، هاتوا السياط ، فاقر ، فقالبعض الأمراء : هذا ***** ، فقال : لا ولكن قياس صحيح 95\13
· قال شيخنا القاضي أبا الطيب الطبري سمعت أبا العباس الخضري يقول : كنت جالسا عند أبي بكر محمد بن داود ، فجاءته امرأة فقالت : ما تقول في رجل له زوجة لا هو يمسكها ولا هو يطلقها ؟ فقال أبو بكر : اختلف في ذلك أهل العلم ، فقال قائلون : تؤمر بالصبر والاحتساب ، وتبعث على الطلب والاكتساب ، وقال قائلون : يؤمر بالإنفاق وإلا حمل على الطلاق ، فلم تفهم المرأة قوله ، فأعادت سؤالهاعليه ، فقال : يا هذه قد أجبتك ، ولست بسلطان فامضي ، ولا قاض فاقضي ، ولا زوج فارضي ، فانصرفي 114\13
· جاء سهل بن عبد الله التستري إلى أبي داود السجستاني ، فقيل : يا أبا داود هذا سهل بن عبد الله جاءك زائرا ، فرحب به وأجلسه ، فقال سهل : يا أبا داود لي إليك حاجة ؟ قال : وما هي ؟ قال : حتى تقول قد قضيتها مع الإمكان ؟ قال : نعم ، قال : اخرج إلي لسانك الذي تحدث به أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اقبله ، فاخرج إليه لسانه فقبله213\13
· قال الرازي : وحدثني إبراهيم بن محمد بن صالح قال : لما رجع أحمد بن الموفق من وقعة الطواحين إلى دمشق ، من محاربة خمارويه بن أحمد بن طولون - يعني بعد موت أبيه أحمد - وذلك في سنة إحدى وسبعين ، قال لأبي عبد الله الواسطي : انظر ما انتهى إليك ممن كان يبغضنا فليحمل ، فحمل يزيد بن عبد الصمد ، وأبو زرعة الدمشقي والقاضي أبو زرعة بن عثمان ، حتى صاروا بهم مقيدين إلى أنطاكية ، فبينا أحمد بن أبي الموفق وهو المعتضد يسير يوما ، إذ بصر بمحامل هؤلاء ، فقال للواسطي : من هؤلاء ؟ قال : أهل دمشق ، قال : وفي الأحياء هم ! إذا نزلت فاذكرني بهم ، قال ابن صالح : فحدثنا أبو زرعة الدمشقي قال : فلما نزل أحضرنا بعد أن فكت القيود ، وأوقفنا مذعورين فقال : أيكم القائل : قد نزعت أباأحمق ؟ قال : فربت السنتنا حتى خيل إلينا أننا مقتولون ، فأما أنا فأبلست ، وأما ابن عبد الصمد فخرس - وكان تمتاما - وكان أبو زرعة القاضي أحدثنا سنا ، فقال : أصلح الله الأمير ، فالتفت إليه الواسطي فقال : أمسك حتى يتكلم أكبر منك ، ثم عطف علينا وقال : ماذا عندكم ؟ فقلنا : أصلحك الله هذا رجل متكلم يتكلم عنا ، قال : تكلم ، فقال : والله ما فينا هاشمي ، ولا قرشي صحيح ، ولا عربي فصيح ، ولكنا قوم ملكنا حتى قهرنا ، وروى أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في السمع والطاعة ، في المنشط والمكره ، وأحاديث في العفو والإحسان ، وكان هو الذي تكلم بالكلمة التي نطالب بخزيها ، ثم قال : أصلح الله الأمير ، وأشهدك أن نسواني طوالق ، وعبيدي أحرار ، ومالي حرام ، إن كان في هؤلاء القوم أحد قال هذه الكلمة ، ووراءنا عيال وحرم ، وقد تسامع الناس بهلاكنا ، وقد قدرت ، وإنما العفو بعد المقدرة ، فقال للواسطي : يا أبا عبد الله ! أطلقهم ، لا كثر الله في الناس مثلهم ، فأطلقنا 315\13
· قال ابن عبدوس الطرائفي : لما أردت الخروج إلى عثمان بن سعيد- يعني إلى هراة -أتيت ابن خزيمة : فسألته أن يكتب لي إليه ؟ فكتب إليه ، فدخلت هراة في ربيع الأول سنة ثمانين ومائتين ، فأوصلته الكتاب فقرأه ، ورحب بي وسأل عن ابن خزيمة ، ثم قال : يا فتى متى قدمت ؟ قلت : غدا ! قال : يا بني فارجع اليوم ، فإنك لم تقدم بعد حتى تقدم غدا ! 322\13
· المعتضد بالله الخليفة أبو العباس أحمد بن الموفق ، كان ملكا مهيبا ، شجاعا جبارا ، شديد الوطأة ، من رجال العالم ، يقدم على الأسد وحده ، وكان أسمر نحيفا ، معتدل الخلق ، كامل العقل . قال المسعودي : كان قليل الرحمة ، إذا غضب على أمير حفر له حفيرة وألقاه حيا ، وطم عليه ، وكان ذا سياسة عظيمة . عن إسماعيل القاضي قال : دخلت على المعتضد ، وعلى رأسه أحداث روم ملاح ، فنظرت إليهم فرآني المعتضد أتأملهم ، فلما أردت الانصراف أشار إلي ثم قال : أيها القاضي ! والله ما حللت سراويلي على حرام قط ، ودخلت مرة فدفع إلي كتابا ، فنظرت فيه فإذا قد جمع له فيه الرخص من زلل العلماء ، فقلت : مصنف هذا زنديق ، فقال : ألم تصح هذه الأحاديث ؟ قلت : بلى ، ولكن من أباح المسكر ، لم يبح المتعة ، ومن أباح المتعة ، لم يبح الغناء ، وما من عالم إلى وله زلة ، ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه ، فأمر بالكتاب فأحرق. قال التنوخي : وبلغني أنه قام ليلة ، فرأى المماليك المرد واحد منهم فوق آخر ، ثم دب على ثلاثة واندس بين الغلمان ، فجاء فوضع يده على صدره فإذا بفؤاده يخفق ، فرفسه برجله فجلس فذبحه ، وأن خادماً أتاه : فأخبره أن صيادا أخرج شبكته ، فثقلت فجذبها فإذا فيها جراب ، فظنه مالاً فإذا فيه آجر بينه كف مخضوبة ، فهال ذاك المعتضد ، وأمر الصياد فعاود طرح الشبكة ، فخرج جراب آخر فيه رجل ، فقال : معي في بلدي من يفعل هذا ؟ ما هذا بملك ! فلم يفطر يومه ، ثم أحضر ثقة له وأعطاه الجراب وقال : طف به على من يعمل الجرب لمن باعه ، فغاب الرجل وجاء وقد عرف بائعه ، وانه اشترى منه عطار جرابا ، فذهب إليه ، فقال : نعم ، اشترى مني فلان الهاشمي عشرة جرب وهو ظالم إلى أن قال : يكفيك أنه كان يعشق مغنية ، فاكتراها من مولاها وادعى أنها هربت ، فلما سمع المعتضد ذلك سجد وأحضر الهاشمي فأخرج له اليد والرجل فاصفر واعترف ، فدفع إلى صاحب الجارية ثمنها ، وسجن الهاشمي فيقال : قتله . وروى التنوخي عن أبيه قال : رأيت المعتضد - وكان صبيا - عليه قباء أصفر ، وقد خرج إلى قتال وصيف بطرسوس .وعن خفيف السمرقندي قال: خرجت مع المعتضد للصيد ، وانقطع عنه العسكر ، فخرج علينا الأسد فقال : يا خفيف أمسك فرسي ، ونزل فتحزم وسل سيفه وقصد الأسد ، فتلقاه المعتضد فقطع يده ، فتشاغل بها الأسد فضربه فلق هامته ، ومسح سيفه فيصوفه ، وركب وصحبته إلى أن مات ، فما سمعته يذكر الأسد لقلة احتفاله به . قلت : وكان في المعتضد حرص وجمع للمال ، حارب الزنج وله مواقف مشهودة ، وفي دولته سكتت الفتن ، وكان فتاه بدر على شرطته ، وعبيد الله بن سليمان على وزارته ، ومحمد بن شاه على حرسه ، وأسقط المكس ، ونشر العدل ، وقلل من الظلم ، وكان يسمى السفاح الثاني أحيا رميم الخلافة التي ضعفت من مقتل المتوكل 464\13
· ابن الأغلب صاحب المغرب ، أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن الأغلب، وكان ملكا حازما ، صارما مهيبا ، كانت التجار تسير في الأمن من مصرإلى سبتة ، لا تعارض ولا تروع ، ابتنى الحصون والمحارس ، وقيل : جاءه رجل فقال : قد عشقت جارية وثمنها خمسون دينارا ، وما معي إلا ثلاثون فوهبه مئة دينار ، فسمع به آخر فجاء وقال : إني عاشق ، قال : فما تجد ؟ قال : لهيبا ، قال : اغمسوه في الماء ، فغمسوه مرات وهو يصيح : ذهب العشق ، فضحك وأمر له بثلاثين دينارا 488\13
· الطهماني العلامة ، إمام اللغةوكان من رؤساء المراوزة ، قال الحاكم : حدثنا أبي سمع الطهماني يقول : رأيت بخوارزم امرأة لا تأكل ولا تشرب ولا تروث ، وقال ولده أبوه صالح محمد بن عيسى : مات أبي في صفر سنة ثلاث وتسعين ومائتين . وقال يحيى العنبري : سمعت الطهماني يحكي شأن التي لا تأكل ولا تشرب ، وأنها عاشت كذلك نيفا وعشرين سنة ، وانه عاين ذلك . قلت : سقت قصتها في تاريخ الإسلام ، وهي رحمة بنت إبراهيم ، قتل زوجها وترك ولدين ، وكانت مسكينة ، فنامت فرأت زوجها مع الشهداء يأكل على موائد ، وكانت صائمة قالت : فاستأذنهم وناولني كسرة ، فوجدتها أطيب من كل شيء ، فاستيقظت شبعانة ، واستمرت . وهذه حكاية صحيحة ، فسبحان القادر على كل شيء ، وحكى الشيخ عز الدين الفاروثي : أن رجلا بعد الست مئة كان بالعراق ، دام سنين لا يأكل ، و حكى لي ثقات ممن لحق عائشة الصائمة بالأندلس ، وكانت حية سنة سبع مئة دامت أعواما لا تأكل 572\13
· صالح بن محمد ابن عمرو بن حبيب بن حسان بن المنذر بن أبي الأشرسالحافظ الكبير الحجة ، محدث المشرق أبو علي الأسدي البغدادي الملقب جزرة، ساقه قال الخطيب : حدث من حفظه دهرا طويلا ، ولم يكن استصحب معه كتابا ، وكان صدوقا ثبتا ذا مزاح ودعابة ، مشهورا بذلك ا.هـ كان صالح بن محمد يقرأ على محمد بن يحيى في الزهريات : فلما بلغ حديث عائشة : أنها كانت تسترقي من الخرزة فقال : من الجزرة ؟ فلقب به ، حدثنا سهل بن شاذويه : أنه سمع الأمير خالد بن أحمد يسأل أبا علي :لم لقبت جزرة ؟ قال : قدم علينا عمر ابن زرارة ، فحدثهم بحديث عن عبدالله بن بسر : " أنه كان له خرزة للمريض فجئت ..." ، فرأيت في كتاب بعضهم وصحت بالشيخ : يا أبا حفص ! يا أبا حفص ! كيف حديث عبدالله بن بسر : أنه كانت له جزرة يداوي بها المرضى ؟ فصاح المحدثون المجان فبقي علي حتى الساعة . قلت : قد كان صالح صاحب دعابة ولا يغضب إذا واجهه أحد بهذا اللقب .
كان صالح ربما يطنز ، كان ببخارى رجل حافظ يلقب بجمل ، فكان يمشي مع صالح بن محمد ، فاستقبلهما بعير عليه جزر فقال : ما هذا يا أبا علي ؟ قال أنا عليك ! هذه حكاية منقطعة . وروى الحاكم أخبرنا بكر بن محمد الصيرفي سمعت صالح بن محمد قال : كنت أساير الجمل الشاعر بمصر ، فاستقبلنا جمل عليه جزرفقال : ما هذا يا أبا علي ؟ قلت أنا عليك .قال أبو أحمد علي بن محمد : سمعت صالح بن محمد يقول : كان هشام بن عمار يأخذ على الحديث ، ولا يحدث ما لم يأخذ ، فدخلت عليه يوماً فقال : يا أبا علي حدثني ؟ فقلت : حدثنا علي بن الجعد حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال : علم مجانا كما علمت مجانا ، فقال : تعرض بي ؟ فقلت : لا، بل قصدتك . وقال : كنا في مجلس أبي علي ، فلما قام قال له رجل : من المجلس يا شيخ ؟ ما اسمك ؟ قال : واثلة بن الأسقع ، فكتب الرجل حدثنا واثلة بن الأسقع . قال أبو الفضل بن إسحاق : كنت عند صالح بن محمد ودخل عليه رجل من الرستاق، فأخذ يسأله عن أحوال الشيوخ ، ويكتب جوابه ، فقال : ما تقول في سفيان الثوري ؟ فقال : ليس بثقة ، فكتب الرجل ذلك ، فلمته ، فقال لي : ما أعجبك ! من يسأل عن مثل سفيان لا تبالي حكى عنك أو لم يحك ؟. ويقال : كان ولد صالح مغفلا ، فقال صالح : سألت الله أن يرزقني ولدا ، فرزقني جملا . قال : دخلت مصر فإذا حلقة ضخمة فقلت : من هذا ؟ قالوا : صاحب نحو ، فقربت منه فسمعته يقول : ما كان بصاد جاز بالسين ، فدخلت بين الناس وقلت : صلام عليكم يا أبا سالح سليتم بعد ! فقال لي : يا رقيع ! أي كلام هذا ؟ قلت : هذا من قولك الآن ، قال : أظنك من عياري بغداد ، قلت هو ما ترى 30\14
· عباس الوزير الكبير أبو أحمد العباس بن الحسن بن أيوب بن سليمان الجرجرائي، وقيل أسر سرا إلى حماد بن إسحاق ، فلما ولي قال : أوك وعاءك ، وعم طريقك ؟ فقال : نسيت سقائي ، فكيف أوكيه ؟ وضللت طريقه ، فكيف أعميه? 52\14
· أبو عثمان الحيري ، الشيخ الإمام المحدث الواعظ القدوة شيخ الإسلام، ولم يختلف مشايخنا أن أبا عثمان كان مجاب الدعوة ، وكان مجمع العباد والزهاد ، ولم يزل يسمع ويجل العلماء ويعظمهم ، وكان إذا بلغ سنةلم يستعملها ، وقف عندها حتى يستعملها ، قلت : هو للخراسانيين ، نظير الجنيد للعراقيين : ومن كلامه : سرورك بالدنيا أذهب سرورك بالله عن قلبك. وعن أبي عثمان أنه قال لأبي جعفر بن حمدان : ألستم تروون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ؟ قال : بلى ، قال : فرسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الصالحين ؟ قال الحاكم : وسمعت أبي يقول : لما قتل أحمد بن عبدالله الخجستاني - الذي استولى على البلاد - الإمام حيكان بن الذهلي ، أخذ في الظلم والعسف ، وأمر بحربة ركزت على رأس المربعة ، وجمع الأعيان وحلف إن لم يصبوا الدراهم حتى يغيب رأس الحربة ، فقد أحلوا دماءهم ، فكانوا يقتسمون الغرامة بينهم ، فخص تاجر بثلاثين ألف درهم ، فلم يكن يقدر إلا على ثلاثة آلاف درهم ، فحملها إلى أبي عثمان وقال : أيها الشيخ قد حلف هذا كما بلغك ، والله لا أهتدي إلا إلى هذه ، قال تأذن لي أن أفعل فيها ما ينفعك ؟ قال : نعم ، ففرقها أبو عثمان وقال للتاجر : امكث عندي ؟ وما زال أبو عثمان يتردد بين السكة والمسجد ليلته حتى أصبح ، وأذن المؤذن ثم قال لخادمه : اذهب إلى السوق ، وانظر ماذا تسمع ؟ فذهب ورجع فقال : لم أر شيئا ، قال : اذهب مرة أخرى ، وهو في مناجاته يقول : وحقك لا أقمت ، ما لم تفرج عن المكروبين ! قال : فأتى خادمه الفرغاني يقول : وكفى اللهالمؤمنين القتال ، شق بطن أحمد بن عبدالله ، فأخذ أبو عثمان في الإقامة . قلت : بمثل هذا يعظم مشايخ الوقت 63\14
· علي بن أبي طاهر الإمام الحافظ الأوحد الثقة، عن سليمان بن يزيد : أن علي بن أبي طاهر لما رحل إلى الشام وكتب الحديث ، جعل كتبه في صندوق وقيره ، وركب البحر فاضطربت السفينة وماجت ، فألقى الصندوق في البحر ، ثم سكنت السفينة ، فلما خرج منها أقام على الساحل ثلاثا يدعو الله ، ثم سجد في الليلة الثالثة وقال : إن كان طلبي ذلك لوجهك وحب رسولك فأغثني برد ذلك ، فرفع رأسه فإذا بالصندوق ملقى عنده ، فقدم وأقام برهة ، ثم قصدوه لسماع الحديث فامتنع منه ، قال : فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي ، ومعه علي رضي الله عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا علي ! من عامل الله بما عاملك به على شط البحر ، لا تمتنع من رواية أحاديثي " قال : فقلت : قد تبت إلى الله ، فدعا لي ، وحثني على الرواية . ذكره الخليلي في مشايخ القطان وقال : مات سنة نيف وتسعين ومائتين رحمه الله 88\14
· قال أبو منصور الثعالبي في اليتيمة : سمعت الشيخ أبا الطيب يحكي : أن الأموي صاحب الأندلس ، كتب إليه نزار صاحب مصر ، كتابا سبه فيه ، وهجاه فكتب إليه الأموي أما بعد : فإنك عرفتنا فهجوتنا ، ولو عرفناك لأجبناك ، فاشتد هذا على العزيز وأفحمه عن الجواب ، يشير أنك دعي لا نعرف قبيلتك 168\15
· قلت : تلاشى أمر العاضد مع صلاح الدين ، إلى أن خلعه وخطبلبني العباس ، واستأصل شأفة بني عبيد ، ومحق دولة الرفض ، وكانوا أربعة عشر متخلفا لا خليفة ، والعاضد في اللغة أيضا القاطع ، فكان هذا عاضدا لدولة أهل بيته 212\15
· وقال أبو سعد السمعاني في الأنساب : قال أبو بكر السدوسي : ولما ولدت دخل أبي على أمي فقال : إن المنجمين قد أخذوا مولد هذا الصبي وحسبوه ، فإذا هو يعيش كذا وكذا ، وقد حسبتها أياما ، وقد عزمت أن أعد لكل يوم دينارا ، فأعد لي حبا وملأه ، ثم قال : أعدي لي حباً آخر ، فملأه استظهارا ، ثم ملأ ثالثا ودفنهم ، قال أبو بكر : وما نفعني ذلك مع حوادث الزمان ، وقد احتجت إلى ما ترون . قال أبو بكر بن السقطي : رأيناه فقيرا يجيئنا بلا إزار ، ونسمع عليه ، ويبر بالشيء بعد الشيء 313\15
· الممسي الإمام المفتي أبو الفضل ، العباس بن عيسى الممسي المالكي العابد ، فلما قام أبو يزيد مخلد بن كنداد الأعرج ، رأس الخوارج على بني عبيد ، خرج هذا الممسي معه في عدد من علماء القيروان ، لفرط ما عمهم من البلاء ، فإن العبيدي كشف أمره ، وأظهر ما يبطنه ، حتى نصبوا حسن الضرير السباب ، في الطرق بأسجاع لقنوه ، يقول : العنوا الغار وما حوى ، والكساء وما وعى ، وغير ذلك ، فمن أنكر ضربت عنقه ، وذلك في أول دولة الثالث إسماعيل ، فخرج مخلد الزناتي المذكور ، صاحب الحمارة ، وكان زاهدا ، فتحرك لقيامه كل أحد ، ففتح البلاد وأخذ مدينة القيروان ، لكن عملت الخوارج كل قبيح ، حتى أتى العلماء أبا يزيد يعيبون عليه فقال : نهبكم حلال لنا ، فلاطفوه حتى أمرهم بالكف ، وتحصن العبيدي بالمهدية ، وقيل : إن أبا يزيد لما أيقن بالظهور ، غلبت عليه نفسه الخارجية ، وقال لأمرائه : إذا لقيتم العبيدية فانهزموا عن القيروانيين ، حتى ينال منهم عدوهم ! ففعلوا ذلك فاستشهد خلق ، وذلك سنة نيف وثلاثين وثلاث مئة ، فالخوارج أعداء المسلمين ، وأما العبيدية الباطنية فأعداء الله ورسوله 373\15
· الحبلي الإمام الشهيد ، قاضي مدينة برقة محمد بن الحبلي ، أتاه أمير برقة فقال : غدا العيد ، قال : حتى نرى الهلال ، ولا أفطر الناس وأتقلد إثمهم ، فقال : بهذا جاء كتاب المنصور - وكان هذا من رأي العبيدية يفطرون بالحساب ولا يعتبرون رؤية - فلم ير هلال ، فأصبح الأمير بالطبول والبنود وأهبة العيد ، فقال القاضي : لا أخرج ولا أصلي ، فأمر الأمير رجلا خطب ، وكتب بما جرى إلى المنصور ، فطلب القاضي إليه فأحضر فقال له : تنصل وأعفو عنك ، فامتنع ، فأمر فعلق في الشمس إلى أن مات ، وكان يستغيث العطش ، فلم يسق ، ثم صلبوه على خشبة ، فلعنة الله على الظالمين374\15
· القرميسيني شيخ الصوفية ، أبو إسحاق إبراهيم بن شيبان القرميسيني ، زاهد الجبل، وعن إبراهيم قال : من أراد أن يتعطل ويتبطل فليلزم الرخص، وقال : علم الفناء والبقاء ، يدور على إخلاص الوحدانية ، وصحة العبودية ، وما كان غير هذا فهو من المغالطة والزندقة . قلت : صدقت والله فإن الفناء والبقاء من ترهات الصوفية ، أطلقه بعضهم ، فدخل من بابه كل زنديق ، وقالوا : ما سوى الله باطل ، فإن الله تعالى هو الباقي ، وهو هذه الكائنات ، وما ثم شيء غيره ، ويقول شاعرهم : * وما أنت غير الكون * بل أنت عينه * ويقول الآخر * وما ثم إلا الله ليس سواه * فانظر إلى هذا المروق والضلال ، بل كل ما سوى الله محدث موجود ، قال الله تعالى }خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام {وإنما أراد قدماء الصوفية بالفناء : نسيان المخلوقات وتركها ، وفناء النفس عن التشاغل بما سوى الله ، ولا يسلم إليهم هذا أيضا ، بل أمرنا الله ورسوله بالتشاغل بالمخلوقات ورؤيتها ، والإقبال عليها وتعظيم خالقها ، وقال تعالى }أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء {وقال }قل انظروا ماذا في السماوات والأرض {وقال عليه السلام : " حبب إلي النساء والطيب " وقال : " إنك علمت حبنا للحم " كان يحب عائشة ، ويحب أباها ويحب أسامة ، ويحب سبطيه ، ويحب الحلواء والعسل ، ويحب جبل أحد ، ويحب وطنه ويحب الأنصار ، إلى أشياء لا تحصى مما لا يغني المؤمن عنها قط . وفي سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة 392\15
· منذر بن سعيد البلوطي ،أبو الحكم الأندلسي قاضي الجماعة، كان فقيها محققا ، وخطيبا بليغا ، مفوها له اليوم المشهور ، الذي ملا فيه الآذان ، وبهر العقول ، وذلك أن المستنصر بالله كان مشغوفا بابي علي القالي ، يؤهله لكل مهم ، فلما ورد رسول الروم أمره أن يقوم خطيبا على العادة الجارية ، فلما شاهد أبو علي الجمع العظيم جبن ، فلم تحمله رجلاه ، ولا ساعده لسانه ، وفطن له منذر بن سعيد فوثب في الحال ، وقام مقامه ، وارتجل خطبة بديعة ، فأبهت الخلق ، وانشد في آخرها لنفسه : هذا المقال الذي ما عابه فند * لكن صاحبه أزرى به البلد * * لو كنت فيهم غريبا كنت مطرفا * لكنني منهم فاغتالني النكد * * لولا الخلافة أبقى الله بهجتها * ما كنت أبقى بأرض ما بها احد * فاستحسنوا ذلك ، قال ابن بشكوال في بعض كتبه : منذر بن سعيد خطيب بليغ مصقع ، لم يكن بالأندلس اخطب منه ، مع العلم البارع ، والمعرفة الكاملة ، واليقين في العلوم ، والدين والورع ، وكثرة الصيام والتهجد ، والصدع بالحق ، كان لا تأخذه في الله لومة لائم ، وقد استسقى غير مرة فسقي، قال الحسن بن محمد : قحط الناس في بعض السنين آخر مدة الناصر ، فأمر القاضي منذر بن سعيد بالبروز إلى الاستسقاء بالناس ، فصام أياما وتأهب ، واجتمع الخلق في مصلى الربض ، وصعد الناصر في أعلى قصره ليشاهد الجمع ، فأبطأ منذر ثم خرج راجلا متخشعا ، وقام ليخطب ، فلما رأى الحال بكى ونشج ، وافتتح خطبته بأن قال : سلام عليكم ، ثم سكت شبه الحسير ، ولم يكن من عادته ، فنظر الناس بعضهم إلى بعض ، لا يدرون ما عراه ثم اندفع فقال : {سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة }الآية (الأنعام 54 )استغفروا ربكم وتوبوا إليه ، وتقربوا بالأعمال الصالحة لديه ، فضج الناس بالبكاء ، وجأروا بالدعاء والتضرع ، وخطب فأبلغ ، فلم ينفض القوم حتى نزل غيث عظيم ، واستسقى مرة فقال يهتف بالخلق {يا أيها الناس انتم الفقراء إلى الله }الآيتين ( فاطر 15 16 ( فهيج الخلق على البكاء قال : وسمعت من يذكر أن رسول الناصر جاءه للاستسقاء فقال للرسول : ها أنا سائر ، فليت شعري ما الذي يصنعه الخليفة في يومنا هذا ؟ فقال : ما رأيته قط اخشع منه في يومه هذا ، إنه منفرد بنفسه ، لابس اخشن الثياب مفترش التراب ، قد علا نحيبه واعترافه بذنوبه يقول : رب هذه ناصيتي بيدك ، أتراك تعذب الرعية ؟ وأنت احكم الحاكمين وأعدلهم أنيفوتك مني شيء ، فتهلل منذر بن سعيد وقال : يا غلام احمل الممطرة معك ، إذا خشع جبار الارض ، رحم جبار السماء ، قال ابن عفيف : من أخباره المحفوظة ، أن أمير المؤمنين عمل في بعض سطوح الزهراء قبة بالذهب والفضة ، وجلس فيها ودخل الأعيان ، فجاء منذر بن سعيد فقال له الخليفة كما قال لمن قبله : هل رأيت أو سمعت أن أحداً من الخلفاء قبلي فعل مثل هذا ؟ فأقبلت دموع القاضي تتحدر ثم قال : والله ما ظننت يا أمير المؤمنين أن الشيطان يبلغ منك هذا المبلغ ، أن أنزلك منازل الكفار ، قال : لم ؟ فقال : قال الله عز وجل :{ولولا أن يكون الناس امة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة }إلى قوله {والآخرة عند ربك للمتقين })الزخرف 33 34 (فنكس الناصر رأسه طويلا ثم قال : جزاك الله عنا خيرا وعن المسلمين ، الذي قلت هو الحق ، وأمر بنقض سقف القبة ، وخطب يوما فأعجبته نفسه فقال : حتى متى أعظ ولا اتعظ ؟ وأزجر ولا أزدجر ؟ أدل على الطريق المستدلين ؟ وأبقى مقيما مع الحائرين ؟ كلا إن هذا لهو البلاء المبين ، اللهم فرغبني لما خلقتني له ، ولا تشغلني بما تكفلت لي به . وقد استغرق مرة في خطبته بجامع الزهراء فأدخل فيها {أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين })الشعراء 128 130 (فتخير الناصر لخطابة الزهراء احمد بن مطرف إذا حضر الناصر173\16
· سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان ، صاحب حلب مقصد الوفود وكعبة الجود ، وفارس الإسلام ، وحامل لواء الجهاد، مولده في سنة إحدى وثلاث مئة ، وله غزو ما اتفق لملك غيره ، وكان يضرب بشجاعته المثل ، وله وقع في النفوس ، فالله يرحمه ، مات بالفالج ، وقيل : بعسر البول، وكان قد جمع من الغبار الذي يقع عليه وقت المصافات ، ما جبل في قدر الكف ، وأوصى أن يوضع على خده ، وكانت دولته نيفا وعشرين سنة189\16
· ابن نباتة ، الإمام البليغ الأوحد ، خطيب زمانه ، أبو يحيى عبدا لرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة الفارقي ، صاحب الديوان الفائق في الحمد والوعظ ، وكان خطيبا بحلب للملك سيف الدولة، وقد اجتمع بأبي الطيب المتنبي ، وكان فصيحا مفوها ، بديع المعاني ، جزل العبارة ، رزق سعادة تامة في خطبه ، وكان فيه خير وصلاح ، رأى رسول الله في نومه ، ثم استيقظ وعليه اثر نور لم يعهد قبل فيما قيل ، وعاش بعد ذلك ثمانية عشر يوما وتوفاه الله ، فذكر أن رسول الله تفل في فيه ، وبقي تلك الأيام لا يستطعم بطعام ، ولا يشرب شيئا ، وتوفي سنة أربع وسبعين وثلاث مئة بميافارقين 321\16
· ابن الباقلاني الإمام العلامة ، أوحد المتكلمين ، مقدم الأصوليين ، القاضي أبو بكر محمد بن الطيب، وكان ثقة إماما بارعا ، صنف في الرد على الرافضة والمعتزلة والخوارج والجهمية والكرامية ، وانتصر لطريقة أبي الحسن الأشعري ، وقد يخالفه في مضائق ، فإنه من نظرائه ، وقد أخذ علم النظر عن أصحابه ، وقد ذكره القاضي عياض في طبقات المالكية فقال : هو الملقب بسيف السنة ، ولسان الأمة المتكلم على لسان أهل الحديث، قلت : أخذ القاضي أبو بكر المعقول عن أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن مجاهد الطائي ، صاحب أبي الحسن الأشعري ، وقد سار القاضي رسولا عن أمير المؤمنين إلى طاغية الروم ، وجرت له أمور منها : أن الملك أدخله عليه من باب خوخة ، ليدخل راكعا للملك ، ففطن لها القاضي ، ودخل بظهره ، ومنها : أنه قال لراهبهم : كيف الأهل والأولاد ؟ فقال الملك : مه ! أما علمت أن الراهب يتنـزه عن هذا ؟ فقال : تنـزهونه عن هذا ، ولا تنزهون ربالعالمين عن الصاحبة والولد ! وقيل : إن الطاغية سأله : كيف جرى لزوجة نبيكم ؟ - يقصد توبيخا - فقال : كما جرى لمريم بنت عمران ، وبرأهما الله ، لكن عائشة لم تأت بولد ، فأفحمه . قال الخطيب : سمعت أبا بكر الخوارزمي يقول : كل مصنف ببغداد ، إنما ينقل من كتب الناس ، سوى القاضي أبي بكر ، فإنما صدره يحوي علمه وعلم الناس . مات في ذي القعدة سنة ثلاث وأربع مئة ، وصلى عليه ابنه حسن ، وكانت جنازته مشهودة ، وكان سيفا على المعتزلة والرافضة والمشبهة ، وغالب قواعده على السنة ، وقد أمر شيخ الحنابلة أبو الفضل التميمي مناديا يقول بين يدي جنازته : هذا ناصر السنة والدين ، والذاب عن الشريعة ، هذا الذي صنف سبعين ألف ورقة ، ثم كان يزور قبره كل جمعه 190\17
· أبو الطيب الطبري ، الإمام العلامة شيخ الإسلام ، القاضي أبو الطيب، قيل : إن أبا الطيب دفع خفا له إلى من يصلحه ، فمطلة وبقي كلما جاء نقعه في الماء وقال : الآن أصلحه ، فلما طال ذلك عليه قال : إنما دفعته إليك لتصلحه ، لا لتعلمه السباحة 669\17
· خرج صالح بن مرداس ، ملك حلب فنازل المعرة يحاصرهاورماها بالمجانيق ، فخرج إليه أبو العلاء يتشفع ، فأكرمه وقال : ألك حاجة ؟ قال : الأمير - أطال الله بقاءه -كالسيف القاطع ، لان مسه ، وخشن حده ، وكالنهار الماتع ، قاظ وسطه ، وطاب أبرداه }خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين {( الأعراف 199 (فقال : قد وهبتك المعرة ، فأنشدنا من شعرك ؟ فأنشده على البديه أبياتا وترحل صالح . كان لأبي العلاء خلوة يدخلها للأكل ويقول : الأعمى عورة ، والواجب استتاره ، فأكل مرة دبسا ، فنقط على صدره منه ، فلما خرج للإفادة قيل له : أكلتم دبسا ؟ فأسرع بيده إلى صدره فمسحه وقال : نعم ، لعن الله النهم ، فعجبوا من ذكائه ، وكان يعتذر إلى من يرحل إليه ، ويتأوه لعدم صلته . قال الباخرزي أبو العلاء : ضرير ماله ضريب ، ومكفوف في قميص الفضل ، ملفوف ومحجوب ، خصمه الألد محجوج ، قد طال في ظل الإسلام آناؤه ، ورشح بالإلحاد إناؤه ، وعندنا خبر بصره ، والله العالم ببصيرته ، والمطلع على سريرته ، وإنما تحدثت الألسن بإساءتهبكتابه ، الذي عارض به القرآن وعنونه : ب الفصول والغايات في محاذاة السور والآيات، قيل إنه أوصى أن يكتب على قبره * هذا جناه أبي علي * وما جنيت على أحد * قلت : الفلاسفة يعدون اتخاذ الولد ، وإخراجه إلى الدنيا جناية عليه ، ويظهر لي من حال هذا المخذول ، أنه متحير لم يجزم بنحلة ، اللهم فاحفظ علينا إيماننا27\18
· ابن بندار الإمام القدوة شيخ الإسلام، محمد بن عبدا لواحد الدقاق قال: ورد علينا الإمام الأوحد أبو الفضل الرازي - لقاه الله رضوانه وأسكنه جنانه - وكان إماما من الأئمة الثقات ، في الحديث والروايات والسنة والآيات ، ذكره يملأ الفم ، ويذرف العين ، قدم أصبهان مرارا ، سمعت منه قطعة صالحة ، وكان رجلا مهيباً ، مديد القامة ، وليا من أولياء الله ، صاحب كرامات ، طوف الدنيا مفيدا ومستفيدا ، قال الخلال : كان أبو الفضل في طريق ومعه خبز وفانيذ ، فأراد قطاع الطريق أخذه منه ، فدفعهم بعصاه ، فقيل له في ذلك ؟ فقال : لأنه كان حلالاً ، وربما كنت لا أجد مثله ، ودخل كرمان في هيئة رثة ، وعليه أخلاق وأسمال ، فحمل إلى الملك وقالوا : جاسوس ، فقال : الملك ما الخبر ؟ قال : تسألني عن خبر الأرض أو خبر السماء ؟ فإن كنت تسألني عن خبر السماء ف {كل يوم هو في شأن }( الرحمن 29 )وإن كنت تسألني عن خبر الأرض ف {كل من عليها فان })الرحمن 26 (فتعجب الملك من كلامه ، وأكرمه وعرض عليه مالا فلم يقبله 138\18
· وفي سنة 63 ، كانت الملحمة العظمى بين الإسلام والنصارى ، قال ابن الأثير : خرج أرمانوس في مائتي ألف ، وقصد الإسلام ، ووصل إلى بلاد خلاط ، وكان السلطان ألب آرسلان بخوي ، فبلغه كثرة العدو ، وهو في خمسة عشر ألف فارس فقال : إن إلتقيهم فإن سلمتفبنعمة الله ، وإن قتلت فملكشاه ولي عهدي ، فوقعت طلائعه على طلائعهم ، فانكسر العدو ، وأسر مقدمهم ، فلما التقى الجمعان ، بعث السلطان يطلب الهدنة فقال أرمانوس : لا هدنة إلا ببذل الري ، فانزعج السلطان ، فقال له إمامه أبو نصر : إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره وإظهاره على الأديان ، فأرجو أن يكون الله قد كتب باسمك هذا الفتح ، والقهم يوم الجمعة ، والساعة يكون الخطباء على المنابر يدعون للمجاهدين ، فصلى به ، وبكى السلطان ، وبكى الناس ، ودعا وأمنوا وقال : من أراد أن ينصرف فلينصرف ، فما ثم سلطان يأمر ولا ينهى ، ورمى القوس ، وسل السيف ، وعقد بيده ذنب فرسه ، وفعل الجند كذلك ، ولبس البياض وتحنط ، وقال : إن قتلت فهذا كفني ، ثم حمل ، فلما لاطخ العدو ترجل ، وعفر وجهه في التراب ، وأكثر التضرع ، ثم ركب وحصل المسلمون في الوسط ، فقتلوا في الروم كيف شاءوا ، ونزل النصر ، وتطايرت الرؤوس ، وأسر ملك الروم ، وأحضر بين يدي السلطان ، فضربه بالمقرعة وقال : ألم أسألك الهدنة ؟ قال : لا توبخ ، وافعل ما تريد ، قال : ما كنت تفعل لو أسرتني ؟ قال : أفعل القبيح ، قال : فما تظن بي ؟ قال : تقتلني ، أو تشهرني في بلادك ، والثالثة بعيدة أن تعفو وتأخذ الأموال ، قال : ما عزمت على غيرها ، ففك نفسه بألف ألف دينار وخمس مئة ألف دينار ، وبكل أسير في مملكته ، فنزله في خيمة وخلع عليه ، وبعث له عشرة آلاف دينار يتجهز بها ، وأطلق له عدة بطارقة ، وهادنه خمسين سنة ، وشيعه ، وأما جيشه فملكوا ميخائيل ، ومضى أرمانوس فبلغه ذهاب ملكه ، فترهب ولبس الصوف ، وجمع ما قدر عليه من الذهب ، فكان نحو ثلاث مئة ألف دينار فبعثها واعتذر 315\18
· وقال عبدالغافر بن إسماعيل : كان أبو إسماعيل الأنصاري على حظ تام من معرفة العربية والحديث والتواريخ والأنساب ، إماما كاملا في التفسير ، حسن السيرة في التصوف ، غير مشتغل بكسب ، مكتفيا بما يباسط به المريدين والأتباع من أهل مجلسه ، في العام مرة أو مرتين على رأس الملأ ، فيحصل على ألوف من الدنانير ، وأعداد من الثياب والحلي ، فيأخذها ويفرقها على اللحام والخباز ، وينفق منها ، ولا يأخذ من السلطان ولا من أركان الدولة شيئا ، وقل ما يراعيهم ، ولا يدخل عليهم ، ولا يبالي بهم ، فبقي عزيزامقبولا ، قبولا أتم من الملك ، مطاع الأمر نحوا من ستين سنة ، من غير مزاحمة ، وكان إذا حضر المجلس لبس الثياب الفاخرة ، وركب الدواب الثمينة ، ويقول : إنما أفعل هذا إعزازا للدين ، ورغما لأعدائه ، حتى ينظروا إلى عزي وتجملي فيرغبوا في الإسلام ، ثم إذا انصرف إلى بيته ، عاد إلى المرقعة والقعود مع الصوفية في الخانقاه ، يأكل معهم ، ولا يتميز بحال ، وعنه : أخذ أهل هراة التبكير بالفجر وتسمية الأولاد غالبا بعبد المضاف إلى أسماء الله تعالى 516\18
· ملكشاه السلطان الكبير : جلال الدولة أبو الفتح ملكشاه بن السلطان ألب آرسلان، وكان حسن السيرة ، لهجا بالصيدواللهو ، مغرى بالعمائر وحفر الأنهار وتشييد القناطر والأسوار ، وعمر ببغداد جامعا كبيرا ، وأبطل المكوس والخفارات في جميع بلاده ، هكذا نقل ابن خلكان ، قال : وصنع بطريق مكة مصانع ، يقال إنه ضبط ما اصطاده بيده فبلغ عشرة آلاف وحش ، فتصدق بعشرة آلاف دينار ، وقال إني خائف من إزهاق الأرواح لغير مأكلة ، شيع مرة ركب العراق إلى العذيب ، فصاد شيئا كثيرا فبنى هناك منارة القرون ، من حوافر الوحش وقرونها ، ووقف يتأمل الحجاج ، فرق ونزل وسجد وعفر وجهه وبكى وقال : بالعجمية بلغوا سلامي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقولوا العبد العاصي الآبق . أبو الفتح يخدم ويقول : يا نبي الله لو كنت ممن يصلح لتلك الحضرة المقدسة ، كنت في الصحبة ، فضج الناس وبكوا ، ودعوا له ، وأمنت الطرق في دولته ، وانحلت الأسعار55\19
· الحموي الإمام ، المفتي شيخ الشافعية، وكان ورعا زاهدا ، متقيا سديد الأحكام ولي قضاء القضاة، وشهد عنده المشطب الفرغاني فلم يقبله ، لكونه يلبس الحرير ، فقال : تردني والسلطان ووزيره نظام الملك يلبسانه ؟ فقال : ولو شهدا لما قبلتهما 85\19
· أبو المظفر السمعاني الإمام العلامة ، مفتي خراسان شيخ الشافعية، حج على البرية أيام انقطع الركب ، فأخذ هو وجماعة ، فصبر إلى أن خلصه الله من الأعراب ، وحج وصحب الزنجاني ، كان يقول : أسرونا فكنت أرعى جمالهم ، فاتفق أن أميرهم أراد أن يزوج بنته ، فقالوا : نحتاج أن نرحل إلى الحضر لأجل من يعقد لنا ، فقال رجل منا : هذا الذي يرعى جمالكم فقيه خراسان ، فسألوني عن أشياء ، فأجبتهم وكلمتهم بالعربية ، فخجلوا واعتذروا ، فعقدت لهم العقد وقلت الخطبة ، ففرحوا وسألوني أن أقبل منهم شيئا فامتنعت ، فحملوني إلى مكة وسط العام 114\119
· السميرمي الوزير الكبير أبو طالب ، علي بن أحمد بن علي السميرمي وزير السلطان ، محمود السلجوقي ، صدر معظم كبير الشأن ، شديد الوطأة ذو عسف وظلم وسوء سيرة ، وقف مدرسة بأصبهان ، وعمل بها خزانة كتب نفيسة ، وكان يقول قد استحييت من كثرة الظلم والتعدي 432\19
· ابن عقيل الإمام العلامة البحر ، شيخ الحنابلة أبو الوفاء علي بن عقيل، قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي : حكى ابن عقيل عن نفسه قال : حججت فالتقطت عقد لؤلؤ في خيط أحمر ، فإذا شيخ أعمى ينشده ويبذل لملتقطه مئة دينار ، فرددته عليه فقال : خذ الدنانير ، فامتنعت ، وخرجت إلى الشام ، وزرت القدس ، وقصدت بغداد ، فأويت بحلب إلى مسجد وأنا بردان جائع ، فقدموني فصليت بهم فأطعموني ، وكان أول رمضان فقالوا : إمامنا توفي فصل بنا هذا الشهر ؟ ففعلت ، فقالوا : لإمامنا بنت فزوجت بها ، فأقمت معها سنة ، و أولدتها ولدا ذكرا ، فمرضت في نفاسها ، فتأملتها يوما فإذا في عنقها العقد بعينه بخيطه الأحمر ، فقلت لها : لهذا قصة ، وحكيت لها، فبكت وقالت : أنت هو والله ! لقد كان أبي يبكي ويقول : اللهم ارزق بنتي مثل الذي رد العقد علي ، وقد استجاب الله منه ، ثم ماتت ، فأخذت العقد والميراث ، وعدت إلى بغداد 443\19
· الطرطوشي الإمام العلامة القدوة الزاهد شيخ المالكية، قال القاضي شمس الدين ابن خلكان : دخل الطرطوشي على الأفضل ابن أمير الجيوش بمصر ، فبسط تحته مئزره ، وكان إلى جانب الأفضل نصراني ، فوعظ الأفضل حتى أبكاه ثم أنشده * يا ذا الذي طاعته قربة * وحقه مفترض واجب * * إن الذي شرفت من أجله * يزعم هذا أنه كاذب * وأشار إلى ذلك النصراني فأقام الأفضل النصراني من موضعه490\19
· قال اليسع بن حزم : حدثني عنه أبو القاسم هلال أحد وجوه العرب قال : كان بيني وبين المرابطين أمر ألجأني إلى الوفود على ابن رذمير ، فرحب بي وأمر لي براتب كبير ، فحضرت معه حربا طعن عنه حصانه ، فوقفت عليه ذابا عن حوزته ، فلما انصرفنا إلى رشقة ، أمر الصواغين بعمل كأس من ذهب رصعه بالدر ، وكتب عليه : لا يشرب منه إلا من وقف على سلطانه ، فحضرت يوما فأخرج الكأس وملأه شرابا ، وناولني بحضرة ألف فارس ، ورأيت أعناقهم قد اسودت من صدأ الدروع ، قال : فناديت وقلت : غيري أحق به ، فقال : لا يشرب هذا إلا من عمل عملك ، وكان هلال هذا من قرية هلال بن عامر ، تاب بعد وغزا معنا ، فكان إذا حضر في الصف جبلا راسيا ، يمنع تهائم الجيوش أن تميد ، وقلبا في البسالة قاسيا ، يقول في مقارعة الأبطال هل من مزيد ، أبصرته - رحمه الله - أمة وحده يتحاماه الفوارس ، فحدثني عن ابن رذمير وإنصافه قال : كنت معه بظاهر روطة ، وقد وجه إليه عماد الدولة وزيره أبا محمد عبد الله بن همشك الأمير رسولا ، فطلب فارس من ابن رذمير أن يمكن من مبارزة ابن همشك ، فقال : لا هو عندنا ضيف ، فسمع بذلك ابن همشك ، وأمضى ابن رذمير حاجتهوصرفه ، فقال : لا بد لي من مبارزة هذا ، فأمر الملك ذاك الفارس بالمبارزة وقال : هذا أشجع الروم في زمانه ، فانصرف عبد الله يريد روطة ، وخرج وراءه الرومي شاكا في سلاحه ، وما مع ابن همشك درع ولا بيضة ، فأخذ رمحه وطارقته من غلامه ، وقصد الرومي فحمل كل منهما على الآخر حملات ، ثم ضربه ابن همشك في الطارقة فأعانه الله فانقطع حزام الفارس ، فوقع بسرجه إلى الأرض ، فطعنه ابن همشك فقتله ، والملك يشاهده على بعد ، فهمت الروم بالحملة على ابن همشك فمنعهم الملك، ونزل غلام ابن همشك فجرد الفارس وسلبه ، وأخذ فرسه وذهب ، لم يلتفت إلى ناحيتنا فما أدري مم أعجب ؟ من إنصاف الملك ، أو من ابن همشك كيف مضى ولم يعرج إلينا ؟ 38\20
· عطاء بن أبي سعد ابن عطاء ، الإمام المحدث الزاهد أبو محمد الثعلبي الهروي الفقاعي الصوفي ، تلميذ شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري ، مولد سنة أربع وأربعين وأربع مئة، كان ممن يضرب به المثل في إرادة شيخ الإسلام والجد في خدمته ، وله حكايات ومقامات في خروج شيخه إلى بلخ في المحنة ، وجرى بينه وبين الوزير نظام الملك محاورة ومراددة ، واحتمل له النظام . قال : وسمعت أن عطاء قدم للخشبة ليصلب ، فنجاه الله لحسن نيته ، فلما أطلق عاد إلى التظلم وما فتر ، وخرج مع النظام ماشيا إلى الروم فما ركب ، وكان يخوض الأنهار مع الخيل ويقول : شيخي في المحنة فلا أستريح، قال لي ابنه محمد عنه قال : كنت أعدو في موكب النظام ، فوقع نعلي فما التفت ورميت الأخرى ، فأمسك النظام الدابة وقال : أين نعلاك ؟ فقلت : وقع أحدهما ، فخشيت أن تسبقني إن وقفت ، قال : فلم رميت الأخرى : فقلت : لأن شيخي أخبرنا أن النبي نهى أن يمشي الرجل في نعل واحد ، فما أردت أن أخالف السنة ، فأعجبه وقال : أكتب إن شاء الله حتى يرجع شيخك إلى هراة ، وقال لي : اركب بعض الجنائب ، فأبيت وعرض علي مالا فأبيت ، قال لي ابنه : وقدم أبي بأصبهان ليصلب بعد أن حبسوه مدة ، فقال له الجلاد : صل ركعتين ، قال : ليس ذا وقت صلاة ، اشتغل بما أمرت به ! فإني سمعت شيخي يقول : إذا علقت الشعير على الدابة في أسفل العقبة ، لا توصلك في الحال إلى أعلاها ، الصلاة نافعة في الرخاء لا في حالة البأس ، فوصل مسرع من السلطان ومعه الخاتم بتسريحه 54\20
· العبادي الواعظ المشهور المطرب أبو منصور المظفر بن أردشير المروزي العبادي ، ويلقب بالأمير ، واعظ باهر ، حلو الإشارة ، رشيق العبارة ، إلا أنه قليل الدين! وكان يضرب بحسن وعظه المثل ، قال أبو سعد السمعاني : لم يكن بثقة ، رأيت رسالة بخطه جمعها في إباحة شرب الخمر، وقيل : كان يخل بالصلاة ليلة حضوره السماع، وذكر ليلة مناقب علي رضي الله عنه ، وأن الشمس ردت له ، فاتفق أن الشمس غابت بالغيم ، فعمل أبياتا وهي :* لا تغربي يا شمس حتى ينتهي * مدحي لآل المصطفى ولنجله * * واثني عنانك إن أردت ثناءهم * أنسيت إذ كان الوقوف لأجله * * إن كان الوقوف للمولى وقوفك فليكن * هذا الوقوف لخيله ولرجله * قال : فطلعت الشمس من تحت الغيم ، فلا يدرى ما رمي عليه من الثياب والأموال ، عاش ستا وخمسين سنة الله يسامحه 231\20
· أبو عبد الله مردنيش ، الزاهد المجاهد، كان معه عدة رجال أبطال ، يغير بهم يمنة ويسرة ، وكانوا يحرثون على خيلهم ، كما يحرث أهل الثغر ، وكان أمير المسلمين ابن تاشفين يمدهم بالمال والآلات ويبرهم ، فمن عجيب ما صح عندي من مغازيه - يقول ذلك اليسع بن حزم - : أنه أغار يوما فغنم غنيمة كثيرة ، واجتمع عليه من الروم أكثر من ألف فارس ، فقال لأصحابه - وكانوا ثلاث مئة فارس - ما ترون ؟ فقالوا : نشغلهم بترك الغنيمة ، فقال : ألم يقل القائل {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين }فقال له ابن مورين : يا رئيس ! الله قال هذا ؟ فقال : الله يقول هذا ، وتقعدون عن لقائهم ، قال : فثبتوا فهزموا الروم . ومن غريب أمره : أنه نزل ملك الروم ابن رذمير، فأفسدوا الزروع ، فبعث يقول له : مثلك لا يرضى بالفساد ، ولابد لك من الانصراف ، فأفسد في بلدك في يوم واحد ما لا تفسده في جمعة ، فأمر اللعين أصحابه بالكف ، وبعث إليه يرغب في رؤيته ، لسمعته عندهم ، قال ابن مورين : فجئنا مع الرئيس فقدمناه ، فأكرمه وأجلسه إلى جنبه ، وجعل يطلع إليه ويقول بلسانه : اسمك عظيم ، وطلعتك دون اسمك ، وما شخصك بشخص فارس ، وكان قصيرا ، وأراد ممازحته 232\20
· محمد بن سعد ابن محمد بن مردنيش الجذامي الأندلسي الملك ، أبو عبد الله صاحب مرسية وبلنسية ، كان صهرا للملك المجاهد الورع أبي محمد عبد الله بن عياض ، فلما توفي ابن عياض ، اتفق رأي أجناده على تقديم ابن مردنيش هذا عليهم ، وكان صغير السن شابا ، لكنه كان ممن يضرب بشجاعته المثل ، وابتلي بجيش عبد المؤمن يحاربونه ، فاضطر إلى الاستعانة بالفرنج ، فلما توفي الخليفة عبد المؤمن تمكن ابن مردنيش ، وقوي سلطانه ، وجرت له حروب وخطوب ، ذكره اليسع في تاريخه وقال : نازلت الروم المرية عند علمهم بموت ابن عياض ، ولكون ابن مردنيش شابا ، ولكن عنده من الإقدام ما لا يوجد في أحد ، حتى أضر به في مواضع شاهدناها معه ، والرأي قبل الشجاعة ، وإلا فهو في القوة والشجاعة في محل لا يتمكن منه أحد في عصره، ما استتم خمسة عشر عاما حتى ظهرت شجاعته ، فإن العدو نازل إفراغة ، فقرب فارس منهم إلى السور ، فخرج محمد وأبوه سعد لايعرف ، فالتقيا على حافة النهر فضربه محمد ألقاه مع حصانه في الماء ، فلما كان الغد طلب فارس من الروم مبارزته وقال : أين قاتل فارسنا بالأمس ؟ فامتنع والده من إخراجه له ، فلما كان وقت القائلة وقد نام أبوه ، ركب حصانه وخرج حتى وصل إلى خيام العدو ، فقيل للملك : هذا ابن سعد، فأحضره مجلسه وأكرمه وقال : ما تريد ؟ قال : منعني أبي من المبارزة ، فأين الذي يبارز ، فقال : لا تعص أباك ، فقال له : لا بد ، فحضر المبارز فالتقيا فضرب العلج محمدا في طارقته ، وضرب هو العلج ألقاه ، ثم أومأ إليه بالرمح ليقتله ، فحالت الروم بينهما ، وأعطاه الملك جائزة ، ومن شجاعته يوم نوله ، كان في مئة فارس ، والروم في ألف ، فحمل بنفسه ، فاجتمعت فيه أكثر من عشرين رمحا ، فما قلبوه ، ولولا حصانة عدته لهلك ، فكشف عنه أصحابه ، وانهزم الروم فاتبعهم من الظهر إلى الليل ، ثم هادن الروم عشر سنين240\20
· ابن السلار الوزير الملك العادل ، سيف الدين أبو الحسن علي بن السلار الكردي ، وزير الظافر بالله العبيدي بمصر ، وكان بطلا شجاعا ، مقداما مهيبا ، شافعيا سنيا ، ليس على دين العبيدية ، احتفل بالسلفي وبنى له المدرسة ، ولكنه فيه ظلم وعسف وجبروت ، قال ابن خلكان : كان جنديا فدخل على الموفق التنيسي فشكا إليه غرامة، فقال : إن كلامك ما يدخل في أذني ! فلما وزر اختفى الموفق ، فنودي في البلد : من أخفاه فدمه هدر ، فخرج في زي امرأة فأخذ ، فأمر العادل بلوح ومسمار ، وسمر في أذنه إلى اللوح ، ولما صرخ قال : دخل كلامي في أذنك أم لا ؟! 281\20
· قال يوسف بن أحمد الشيرازي في أربعين البلدان له : لما رحلت إلى شيخنا رحلة الدنيا ، ومسند العصر أبي الوقت ، قدر الله لي الوصول إليه في آخر بلاد كرمان ، فسلمت عليه وقبلته ، وجلست بين يديه ، فقال لي : ما أقدمك هذه البلاد ؟ قلت : كان قصدي إليك ، ومعولي بعد الله عليك ، وقد كتبت ما وقع إلي من حديثك بقلمي، وسعيت إليك بقدمي ، لأدرك بركة أنفاسك ، وأحظى بعلو إسنادك ، فقال : وفقك الله وإيانا لمرضاته ، وجعل سعينا له ، وقصدنا إليه ، لو كنت عرفتني حق معرفتي ، لما سلمت علي ، ولا جلست بين يدي ، ثم بكى بكاء طويلا ، وأبكى من حضره ، ثم قال : اللهم استرنا بسترك الجميل ، واجعل تحت الستر ما ترضى به عنا ، يا ولدي تعلم أني رحلت أيضا لسماع الصحيح ماشيا مع والدي ، من هراة إلى الداوودي ببوشنج ، ولي دون عشر سنين ، فكان والدي يضع على يدي حجرين ويقول : احملهما ، فكنت من خوفه أحفظهما بيدي وأمشي ، و هو يتأملني ، فإذا رآني قد عييت ، أمرني أن ألقي حجرا واحدا ، فألقي ويخفعني ، فأمشي إلى أن يتبين له تعبي فيقول لي : هل عييت ؟ فأخافه وأقول : لا ، فيقول : لم تقصر في المشي ؟ فأسرع بين يديه ساعة ثم أعجز ، فيأخذ الآخر فيلقيه ، فأمشي حتى أعطب ، فحينئذ كان يأخذني ويحملني ، وكنا نلتقي جماعة الفلاحين وغيرهم ، فيقولون : يا شيخ عيسى ادفع إلينا هذا الطفل نركبه وإياك إلى بوشنج ، فيقول : معاذ الله أن نركب في طلب أحاديث رسول الله ، بل نمشي ، وإذا عجز أركبنه على رأسي إجلالا لحديث رسول الله ، ورجاء ثوابه ، فكان ثمرة ذلك من حسن نيته أني انتفعت بسماع هذا الكتاب وغيره ، ولم يبق من أقراني أحد سواي ، حتى صارت الوفود ترحل إلي من الأمصار ، ثم أشار إلى صاحبنا عبد الباقي بن عبد الجبار الهروي ، أن يقدم لي حلواء ، فقلت : يا سيدي قراءتي لجزء أبي الجهم أحب إلي من أكل الحلواء ، فتبسم وقال : إذا دخل الطعام ، خرج الكلام ، وقدم لنا صحنا فيه حلواء الفانيد ، فأكلنا وأخرجت الجزء ، وسألته إحضار الأصل ، فأحضره وقال : لا تخف ولا تحرص ، فإني قد قبرت ممن سمع علي خلقا كثيرا ، فسل الله السلامة ، فقرأت الجزء وسررت به ، ويسر الله سماع الصحيح وغيره مرارا 316\20
· ابن محمويه الإمام العلامة الفقيه المقرىء، قال السمعاني : نزل بغداد ، فقيه فاضل زاهد ، حسن السيرة ، جميل الطريقة ، عزيز النفس ، سخي الطبع بما يملكه ، قانع بما هو فيه ، كثير الصوم والعبادة ، صنف تصانيف في الفقه ، وأورد فيها أحاديث مسندة عن شيوخه ، سمعت منه وسمع مني ، وكان دائم البشر ، متواضعا كثير المحفوظ ، وكان له عمامة وقميص بينه وبين أخيه ، إذا خرج ذاك قعد هذا في البيت ، ودخلت عليه مع الواعظ الغزنوي ، فوجدناه عريانا متزرا ، فاعتذر وقال : نحن كما قال أبو الطيب الطبري : * قوم إذا غسلوا ثياب جمالهم * لبسوا البيوت إلى فراغ الغاسل * قال ابن النجار : سمعت حمزة بن علي الحراني يقول : كان شيخنا علي اليزدي يقول لنا : إذا مت فلا تدفنوني إلا بعد ثلاث ، فإني أخاف أن يكون بي سكتة ، قال وكان جثيثا صاحب بلغم ، وكان يصوم شهر رجب ، فقبل أيام منه قال لنا : قد رجعت عن قولي ، فإذا مت فادفنوني في الحال ، فإني رأيت النبي في النوم يقول : يا علي صم رجبا عندنا ، قال : فمات ليلة رجب 334\20
· عدي الشيخ الإمام الصالح القدوة ، زاهد وقته، قال الحافظ عبد القادر : ساح سنين كثيرة ، وصحب المشايخ ، وجاهد أنواعا من المجاهدات ، ثم إنه سكن بعض جبال الوصل ، في موضع ليس به أنيس ، ثم آنس الله تلك المواضع به ، وعمرها ببركاته ، حتى صار لا يخاف أحد بها بعد قطع السبل ، وارتد جماعة من مفسدي الأكراد ببركاته، وعمر حتى انتفع به خلق ، وانتشر ذكره ، وكان معلما للخير ، ناصحا متشرعا ، شديدا في الله ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، عاش قريبا من ثمانين سنة ، ما بلغنا أنه باع شيئا ولا اشترى ، و لا تلبس بشيء من أمر الدنيا ، كانت له غليلة يزرعها بالقدوم في الجبل ، ويحصدها ويتقوت ، وكان يزرع القطن ويكتسي منه ، ولا يأكل من مال أحد شيئا ، وكانت له أوقات لا يرى فيها ، محافظة على أوراده ، وقد طفت معه أياما في سواد الموصل ، فكان يصلي معنا العشاء ، ثم لا نراه إلى الصبح ، ورأيته إذا أقبل إلى قرية يتلقاه أهلها من قبل أن يسمعوا كلامه تائبين رجالهم ونساؤهم ، إلا من شاء الله منهم ، ولقد أتينا معه على دير رهبان ، فتلقانا منهم راهبان ، فكشفا رأسيهما ، وقبلا رجليه ، وقالا : ادع لنا ؟ فما نحن إلا في بركاتك ، وأخرجا طبقا فيه خبز وعسل ، فأكل الجماعة ، وخرجت إلى زيارة الشيخ أول مرة ، فأخذ يحدثنا ويسأل الجماعة و يؤانسهم وقال : رأيت البارحة في النوم كأننا في الجنة ، ونحن ينزل علينا شيء كالبرد ، ثم قال : الرحمة ، فنظرت إلى فوق رأسي ، فرأيت ناسا فقلت : من هؤلاء ؟ فقيل : أهل السنة والصيت للحنابلة ، وسمعت شخصا يقول له : يا شيخ لا بأس بمداراة الفاسق ؟ فقال : لا يا أخي ، دين مكتوم ، دين ميشوم ، وكان يواصل الأيام الكثيرة على ما اشتهر عنه ، حتى إن بعض الناس كان يعتقد أنه لا يأكل شيئا قط ، فلما بلغه ذلك أخذ شيئا وأكله بحضرة الناس ، واشتهر عنه من الرياضات والسير والكرامات والانتفاع به ، ما لو كان في الزمان القديم لكان أحدوثة ، ورأيته قد جاء إلى الموصل في السنة التي مات فيها ، فنزل في مشهد خارج الموصل ، فخرج إليه السلطان وأصحاب الولايات والمشايخ والعوام ، حتى آذوه مما يقبلون يده ، فأجلس في موضع بينه وبين الناس شباك ، بحيث لا يصل إليه أحد ، إلا رؤية فكانوا يسلمون عليه وينصرفون ، ثم رجع إلى زاويته 342\20
· ابن الحطيئة الشيخ الإمام العلامة القدوة شيخ الإسلام، وقرأت بخط أبي الطاهر بن الأنماطي قال : سمعت شيخنا شجاعا المدلجي - وكان من خيار عباد الله - يقول : كان شيخنا ابن الحطيئة شديدا في دين الله ، فظا غليظا على أعداء الله ، لقد كان يحضر مجلسه داعي الدعاة ، مع عظم سلطانه ونفوذ أمره ، فما يحتشمه ولا يكرمه ويقول : أحمق الناس في مسألة كذا وكذا الروافض ، خالفوا الكتاب والسنة ، وكفروا بالله ، وكنت عنده يوما في مسجده بشرف مصر ، وقد حضره بعض وزراء المصريين ، أظنه ابن عباس ، فاستسقى في مجلسه ، فأتاه بعض غلمانه بإناء فضة ، فلما رآه ابن الحطيئة وضع يده على فؤاده وصرخ صرخة ملأت المسجد وقال : وأحرها على كبدي ، أتشرب في مجلس يقرأ فيه حديث رسول الله في آنية الفضة ؟ لا والله لا تفعل ، وطرد الغلام ، فخرج وطلب الشيخ كوزا ، فجيء بكوز قد تثلم فشرب ، واستحيى من الشيخ ، فرأيته والله كما قال الله {يتجرعه ولا يكاد يسيغه }وسمعته كثيرا إذا ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : طويت سعادة المسلمين في أكفان عمر 345\20
· عبد القادر الشيخ الإمام العالم الزاهد العارف القدوة شيخ الإسلام، قال السمعاني : كان عبد القادر من أهل جيلان إمام الحنابلة ، وشيخهم في عصره ، فقيه صالح دين خير ، كثير الذكر ، دائم الفكر ، سريع الدمعة ، تفقه على المخرمي ، وصحب الشيخ حمادا الدباس ، وكان يسكن بباب الأزج في مدرسة بنيت له ، مضينا لزيارته ، فخرج وقعد بين أصحابه ، وختموا القرآن فألقى درسا ما فهمت منه شيئا ، وأعجب من ذا أن أصحابه قاموا وأعادوا الدرس ، فلعلهم فهموا لإلفهم بكلامه وعبارته، قال ابن النجار : قرأت بخط أبي بكر عبد الله بن نصر بن حمزة التيمي : سمعت الشيخ عبد القادر يقول : بلغت بي الضائقة في الغلاء إلى أن بقيت أياما لا آكل طعاما ، بل أتبع المنبوذات ، فخرجت يوما إلى الشط ، فوجدت قد سبقني الفقراء ، فضعفت وعجزت عن التماسك ، فدخلت مسجدا وقعدت ، وكدت أصافح الموت ، ودخل شاب أعجمي ومعه خبز وشواء ، وجلس يأكل ، فكنت أكاد كلما رفع لقمة أن أفتح فمي ، فالتفت فرآني فقال : باسم الله ؟ فأبيت ، فأقسم علي فأكلت مقصرا ، وأخذ يسألني ما شغلك ؟ ومن أين أنت ؟ فقلت : متفقه من جيلان ، قال : وأنا من جيلان ، فهل تعرف لي شابا جيلانيا اسمه عبد القادر يعرف بسبط أبي عبد الله الصومعي الزاهد ؟ فقلت : أنا هو ، فاضطرب لذلك وتغيروجهه وقال : والله يا أخي لقد وصلت إلى بغداد ومعي بقية نفقة لي ، فسألت عنك فلم يرشدني أحد ، إلى أن نفذت نفقتي ، وبقيت بعدها ثلاثة أيام لا أجد ثمن قوتي إلا من مالك ، فلما كان هذا اليوم الرابع قلت : قد تجاوزتني ثلاث أيام وحلت لي الميتة ، فأخذت من وديعتك ثمن هذا الخبز والشواء ، فكل طيبا ، فإنما هو لك وأنا ضيفك الآن ، فقلت : وما ذاك ؟ قال أمك وجهت معي ثمانية دنانير ، والله ما خنتك فيها إلى اليوم ، فسكنته وطيبت نفسه ، ودفعت إليه شيئا منها، قال الجبائي : وقال لي الشيخ عبد القادر : كنت أومر وأنهي في النوم واليقظة ، وكان يغلب علي الكلام ، ويزدحم على قلبي ، إن لم أتكلم به حتى أكاد أختنق ولا أقدر أسكت ، وكان يجلس عندي رجلان وثلاثة ، ثم تسامع الناس بي وازدحم علي الخلق ، حتى صار يحضر مجلسي نحو من سبعين ألفا ، وقال : فتشت الأعمال كلها ، فما وجدت فيها أفضل من إطعام الطعام ، أود لو أن الدنيا بيدي فأطعهما الجياع ، كفي مثقوبة لا تضبط شيئا ، لو جاءني ألف دينار لم أبيتها ، وكان إذا جاءه أحد بذهب يقول : ضعه تحت السجادة ، وقال لي : أتمنى أن أكون في الصحارى والبراري كما كنت في الأول ، لا أرى الخلق ولا يروني ، ثم قال : أراد الله مني منفعة الخلق ، فقد أسلم على يدي أكثر من خمس مئة ، وتاب على يدي أكثر من مئة ألف ، وهذا خير كثير ، وترد علي الأثقال التي لو وضعت على الجبال تفسخت ، فأضع جنبي على الأرض وأقول : إن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا ، ثم أرفع رأسي وقد انفرجت عني ، وقال : إذا ولد لي ولد أخذته على يدي وأقول : هذا ميت فأخرجه من قلبي ، فإذا مات لم يؤثر عندي موته شيئا . قلت : ليس في كبار المشايخ من له أحوال وكرامات أكثر من الشيخ عبد القادر ، لكن كثيرا منها لا يصح ، وفي بعض ذلك أشياء مستحيلة . قال الجبائي : كان الشيخ عبد القادر يقول الخلق حجابك عن نفسك ونفسك حجابك عن ربك 439\20
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59