عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-20-2012, 12:20 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

هل نغلق هذه السماوات المفتوحة أمام أبنائنا ونسجنهم داخل عباءتنا أم أن هذا مستحيل والأجدى بنا أن نمعن التفكير في بديل لما نتبعه من تربية حالية. بديل ثوري يغير كثيرًا مما ألفناه؟

بديل يتطلب منا أن نغير ما ورثناه من علاقات مع آبائنا فنتنازل عن هذه الفوقية التي نعامل بها أبناءنا ونهبط معهم إلى معترك الحياة لنقف معهم جنبا إلى جنب أمام اللغز الكبير الذي تطرحه تحديات ومعطيات العصر الحالي. التربية التي ننادي بها هي تربية ناقدة تسمح لأبنائنا بالتفكير وطرح الأسئلة حول كل ما يدور حولهم من أحداث. تربية حرة لا تقيد التفكير بدعوى شعارات زائفة أو قيم موروثة ما أنزل الله بها من سلطان. لم يعد يكفينا أن نمد أبناءنا برصيد قيمي أو ديني ثم نتركهم وحيدين في هذه الحياة.

ما المقصود بالانفتاح؟
نلحظ جميعًا تقارب العالم والتحام الأمم واختلاط المفاهيم وانفتاح المجتمعات على بعضها، ولا ينكر أحد أن التأثر بالبعيد أصبح ملموسًا ومشاهدًا مع ما يحمله من أخطار، وفي الوقت نفسه أصبح القريب أكثر قربًا وتلاصقًا، فالقريب الملاصق هو الدين والمجتمع الإسلامي مما صنع لنا من فرصة التماسك والتعاون مع المجتمع الإسلامي في كل شيء.

إن الانفتاح لا يأتي لمجرد أمر أو رغبة، ولكنه سلوك ينشأ ويتجسد من ثقافة وبيئة المكان، وأسلوب العمل. فهناك نمط تفكيري منفتح على الآخرين. وهناك نمط آخر يجيد فن العزلة والاختباء. وبحسب طبيعة تفكير كل فرد، ونظرته إلى العالم من حوله يكون منفتحًا أو منغلقًا أو بين هذا وذاك. وهو أيضًا طريقة عمل تعتمد على أسلوب التفكير. فالإنسان الاجتماعي بطبعه سيحتك بالآخرين ويمارس أعماله بينهم، ولا يبحث عن أشباهه فقط للجلوس أو التعامل معهم.

عالم اليوم قرية صغيرة؛ إذ ساعدت وسائل الاتصال والتقنية في ربط جميع أرجائه، وما يحدث في أي جزء منه يُشاهَد ويُسمَع به في ثوان معدودة أو قبل أن يرتد إليك طرفك أو تقوم من مقامك.. فالإنترنت.. والهواتف النقالة والقنوات الفضائية والإذاعات فتحت كل الآفاق.. وأضحى من المستحيل أن ينعزل أي جزء عن هذا العالم المفتوح.

إن من مظاهر العولمة - التي يسعى إليها الغرب ويريد أن يفرضها على أمم الأرض وعلى الأخص الأمة الإسلامية والعربية - إلى جانب مظاهرها الاقتصادية هناك العولمة الأخطر وهي العولمة الثقافية والاجتماعية؛ فهذا النوع من العولمة يهدف إلى القضاء على كل القيم التي تكون الهوية الثقافية للإنسان العربي والمسلم، ومن ثم فالعولمة الثقافية تهدف إلى تنميط النموذج الغربي الثقافي وجعله قدوة بالنسبة للمجتمعات العربية والإسلامية.

وعلى هذا الأساس فإن الغرب يريد أن يكون الانفتاح من العالم الإسلامي والعربي على كل شيء في الغرب حتى في مجال العقيدة والثقافة والفكر فما هو الانفتاح المطلوب، إن الانفتاح الواعي هو أن ننطلق من قيمنا ومبادئنا وأصالتنا للأخذ بالمعرفة والتطورات العلمية التي تحدث في الغرب مع محافظتنا على تلك القيم والمبادئ والأصالة التي تميزنا بها عن الأمم.

وسائل الانفتاح:
في ظل عصر تتلاشى فيه الحدود الثقافية بين الدول، وفي ظل ثورة علمية تكنولوجية واسعة يكون لوسائل الإعلام أثر كبير في بناء أبنائنا ثقافيًا ودينيًا واجتماعيًا عبر الوسائط الإعلامية مثل التلفاز والفيديو والإلكترونيات المختلفة [الألعاب الإلكترونية] أو عبر الإنترنت أو المجلات.

آثار الانفتاح في الأبناء
أولا الآثار الخارجية:
1 - إتاحة الوصول السريع لكل ما هو معروض ومتاح بسبب السرعة والانفتاح، وإذا كانت السرعة في عرض المفهومات التربوية الإيجابية غير صحية في تنشئة الطفل والمراهق، حيث يجب مراعاة المرحلة العمرية في تقديم المفهومات ومراعاة الوقت في ترسيخها؛ فما ظنك حينما تكون ميزة السرعة التي توفرها تلك الوسائل الحديثة مستغلة في الوصول إلى المفهومات الفاسدة وتعلم العقائد والثقافات والأفكار والعادات الباطلة والسيئة؟!
فقبل انتشار الوسائل الحديثة كان الوالدان يستطيعان التحكم في التغذية العقلية للطفل، فيتحكمان فيما يسمع وفيما يقرأ وفي الأماكن التي يرتادها وفي تكوين الصداقات، لكن الوسائل الحديثة الآن - بما توفره من سرعة وانفتاح - تهدم سيطرة الوالدين وتخرجهما تمامًا من التأثير في العمل التربوي.

2 - الإخلال بتقديم الأولويات التربوية، ومن ثم تيسر الوسيلة للوصول المبكر لمفهومات اجتماعية قبل وقتها، عبر ما يعرض من ألعاب أو أفلام أو إعلانات متلاحقة، كمفهوم العلاقة بين الرجل والمرأة، فيراها طفل لم يبلغ الخامسة أو السادسة, وفي كثير من أفلام الأطفال، التي تحوي في مضمونها وإسقاطاتها عوامل هدم وفساد، وإذا ذهبنا إلى ما بعد الطفولة، فهناك الأفلام والأغاني والبرامج التافهة والإعلانات الساقطة، التي تعمل على إثارة الشهوات وغرس الرذائل، مما له تأثير ضار في الإنسان، وخصوصًا فيمن هم في سن المراهقة.

3 - تقديم المواقف بصورة ممثلة مصحوبة بمؤثرات مرئية وصوتية، وهي ميزة لها آثار إيجابية كثيرة ونافعة، لكن مع ذلك لها آثار غير صحية في التربية، قد تضر بالنفس والعقل إذا ما تُركت مطلقة بلا ترشيد أو توجيه، إذ تؤدي إلى ملء خيال الطفل بها، مما يؤدي إلى ثبات هذه المواقف في الذاكرة بصورة قوية وملحة، والخطر هنا يكمن في أن تكون تلك المواقف والمشاهد غير مناسبة لسن الطفل أو المراهق، أو مواقف فاسدة، أو مواقف مفزعة تسبب الفزع للطفل في أثناء النوم، أو تزرع فيه الخوف والقلق والاكتئاب، أو مواقف دافعة لارتكاب الجرائم والفواحش لما تقدمه من شخصيات خيالية مفزعة تتمتع بقوى خارقة، وتقوم مواقف الفيلم كلها على الصراع والتدمير، كذلك الحال في ألعاب (الفيديو جيم) التي ينتشر فيها الصراع الدموي العنيف، وهي ألعاب لا تزرع الشجاعة والقوة في نفس الطفل والمراهق، بل تزرع فيه إما العنف والقسوة والظلم، وإما القلق والخوف.

4 - تأثير في القدرة على التصور العقلي، إذ يعتاد العقل مشاهدة كل شيء مصورًا أمامه، جامدًا على الصورة المشخصة التي تقدمها اللعبة أو فيلم الكارتون، فيضعف فيه حس الخيال والتصور النظري، بل قد يصل الحال إلى عجزه عن تصور مسألة حسابية سهلة وحلها دون كتابتها على الورقة، بسبب ما قد تصيب به تلك الوسائل العقل من سلبية في التلقي، إذ ينبغي أن تكون مزيجًا من التفاعل بين السماع والرؤية والنقاش والتفكير.

5 - تولُّد آثار خطيرة في النفس من الصعب معالجتها بسبب مشاهدة التمثيليات والأفلام والإعلانات والقصص والمواقف التي لها إسقاطات ودلالات كثيرة؛ فعلى سبيل المثال قام طالب بمحاولة السطو على بنك في مصر بعد مشاهدته لفيلم عربي.

6 - إدمان مشاهدتها بسبب الجذب الشديد لتلك الوسائل، فمنهم من يفقد الإحساس بنداء الصلاة، ومنهم من يفقد الإحساس بمن حوله فلا يشعر بنداء، ومنهم من يفقد الإحساس بالوقت حتى يضيع مسؤولياته وواجباته بل قد تؤدي إلى الانتحار عندما يمنعون منها كقصة الفتاة المصرية التي انتحرت بسبب منع والديها لها لإدمانها الإنترنت.

__________________


رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59