عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-14-2016, 01:30 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي استصغر نفسك واشعر أنك صغير وأنت تقرأ كلام خالقك


سورة العلق : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6)


هذه الآيات الكريمة هي من أوائل ما نزل من الوحي ، ومن خلال هذه الآيات الكريمة نتعلم قاعدة من قواعد التعامل مع القرآن الكريم ، كيف نقرأ القرآن ؟


فلا بد أن تستصغر نفسك أمام خالقك وأنت تقرأ القرآن الكريم ، أشعر أنك صغير وأنت تقرأ كلام خالقك ، أشعر أنك صغير مثل العلق وأنت تتلو كلام خالق العلق ، والعلق هي المرحلة التي كان عليها الإنسان وهو في بداية مراحل خلقه ، وسورة العلق تحكي قصة الإنسان عندما كان صغيراً لا يرى بالعين المجردة .


(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) الله يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقرأ القرآن الكريم ، ولا يأمره بقراءة الفيزياء أو الكيمياء ، بل بقراءة القرآن الكريم بالتحديد وذلك بالاستعانة والتوكل على الله ، اقرأ القرآن وأنت مستعين ومتوكل على الله ، ولا تتوكل على ذكائك وفصاحة لسانك ومخارج حروفك وقدرتك على التلاوة والتجويد وحسن صوتك ، لا تتوكل على كل ذلك ، بل توكل واستعن بالله فقط ، ولا تتوكل على خبرتك وتجربتك بل توكل على الله فقط ، لأنه هو الذي سيعينك .


( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) الذي خلق ، (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ) الذي خلق الإنسان ، توكل على الله الذي خلق الإنسان ، خلق الإنسان بالتحديد ، خص خلق الإنسان ، ولم يقل خلق السماوات والأرض ، بل خلق الإنسان ، ذكر الله أنه خلق السماوات والأرض ولكن ذلك في ما بعد ، لكن هنا الحديث عن خلق الإنسان .


(خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ) من علق ، يا أيها الإنسان توكل على الله ، وأنت تقرأ القرآن توكل على الله الذي خلقك من علق ، أيها الأنسان عد بذاكرتك إلى الوراء وأنت صغير لا تكاد ترى بالعين المجردة ، تذكر أنك كنت صغير ، الله هو الذي خلقك من علق ، حاول أن تسترجع ذكرياتك وأنت صغير عندما كنت علق ، استصغر نفسك ، يجب أن ترى نفسك صغيراً أمام الله وأنت تقرأ القرآن الكريم ، استصغر واشعر أنك صغير أمام خالقك ، أمام الذي يتكلم معك ، هكذا نقرأ القرآن ، ولا تقرأ القرآن وأنت تستعظم نفسك ، تستكبر وترى نفسك كبيراً ، لا ترى نفسك كبيرا وأن لك حجم كبير ، كلا بل استصغر نفسك أمام خالقك ، هذا مهم جداً .


سورة الأعراف : سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146)


سأصرف ، هذا فعل الله ، الله هو الذي سيصرف الذين يتكبرون عن آياته ، ولم يقل الله أنه سيصرف كل الناس عن آياته ، بل هناك فئة خاصة هي التي سيصرفها الله ، (...الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ...) هو صغير، لكنه يحاول أن يبدو كبيراً ، يستكبر ، يحاول أن يجعل من نفسه شيء كبير ، أحذر من التكبر ، لكن الأنسان يستكبر ويتجاوز الحد (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ) ، هذه هي الحقيقة ، الإنسان يستكبر ويتجاوز حجمه الحقيقي ، هذا الإنسان الصغير الحقير يحاول أن يستغني عن خالقه ، (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ) يتحرك في هذه الحياة بعيداً عن خالقه ، بعيداً عن توجيه خالقه ، يريد أن يسير بنفسه ، يريد أن ينسى الله .


سورة التوبة : ... نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ... (67)


لكن على المؤمن أن يذكر الله :


سورة البقرة : فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ... (152)





بسم الله الرحمن الرحيم


سورة العلق : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6)


هذه سورة العلق ، أيها العلق : أقرأ القرآن بسم ربك الذي خلق ، مستعيناً بأسماء ربك الحسنى ، (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ) ، ركز أيها الإنسان ، أنت المقصود بالخلق ، تذكر أنك كنت علق ، لا قيمة لك ، فلا تستكبر على خالقك .


أيها العلق ، قبل أيام كنت ماء مهين :


سورة السجدة : ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8)


سورة المرسلات : أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20)


هل تستكبر الآن ، أيها الأنسان أصلك ماء مهين ، فكيف تستكبر على الذي كرمك :


سورة الأسراء : وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)


(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ) الله هو الذي كرمك .


(وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) الله هو الذي فضلك .


أيها الإنسان ، تذكر مراحل خلقك ، كنت ماء مهين ، وكنت علقة ، وبعد ذلك كرمك الله وفضلك ، هل تأتي الآن وتستكبر وأنت تقرأ كلام الذي كرمك وفضلك ، كلا ، بل استصغر نفسك أمام خالقك وأنت تقرأ كلامه .






استصغر نفسك واشعر أنك صغير وأنت تقرأ كلام خالقك ، في هذه الحالة فقط ، الله سوف يعينك وأنت تقرأ آيات ربك ، الله يعلمك القرآن ، الله هو الذي يعلمك.


سورة العلق : اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)



وإذا استكبرت وأنت تقرأ القرآن الكريم ، فلن يعلمك الله أبداً ، إذ كيف يعلمك وأنت تستكبر ، لن يعلمك ، سيطردك ، سيصرفك عن آياته .


سورة الأعراف : سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146)


هذه عقوبة من الله ، وليست مكافئة ، وليست جائزة ، بل عذاب ، عندما لا يوفقك الله لقراءة كلامه ، عندما لا يعينك الله على تلاوة كتابه ، هذه عقوبة ، هذا عذاب ، عندما لا تقرأ القرآن لأسابيع وشهور ، فأعلم أن الله صرفك ، الله لم يأذن لك بتلاوة كتابه ، هذا عذاب وأي عذاب ، أنها عقوبة شديدة .


والعكس صحيح ، الذين لا يتكبرون ، والذين يستصغرون أنفسهم أمام الله ، فالله يعلمهم ، الله يأذن لهم بتلاوة كتابه ، الله يسمح لهم بسماع كلامه ، أصبح القرآن نور صدورهم ، وروح حياتهم ، هذا لمن يرى نفسه صغيراً ، الله يسير حياتهم نحو الفوز العظيم ، نحو الدار الآخرة .


سورة القصص : تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)


لأنه بقدر ما ترى نفسك صغيراً ، بقدر ما تتعرف على الكبير المتعال ، والكبير والمتعال من أسماء الله الحسنى ، وردا في سورة الرعد ، في سياق الحديث عن الإنسان وهو صغير في رحم أمه .


سورة الرعد : اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)


وكثير من المسلمين لا يستشعرون وهم يقرأون القرآن أنهم كانوا صغاراً ، كانوا علقة في الرحم ، بل يغفلون عن استحضار ذلك ، هذا الكبر يعلق بالإنسان ، يبقى عالق بالإنسان ، فهم يتكبرون على الآخرين ، يشعرون أنهم أفضل من جيرانهم وزملائهم ، يسخرون من بعضهم ، هذا لأنهم لم يستصغروا أنفسهم وهم يقرأون القرآن ، فإذا لم تستصغر نفسك وأنت أمام الله تقرأ كلامه ، فكيف ستتواضع أمام الناس .


فهم يحتقر بعضهم البعض ، ولا يتواضع بعضهم لبعض ، هذا هو حال الأكثرية ، وليس الكل ، وعندما يكون الإنسان هكذا فأنه لا يكون مؤهل لدراسة القرآن ، فالقرآن ليس للمتكبرين ، بل هو للمتواضعين .

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59