عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 02-27-2013, 09:55 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

( أ ) اتهام عثمان بكتابة الصحيفة :
لم يُتهم عثمان بن عفان –في معظم الروايات – بكتابة الصحيفة المزعومة ، لكن واحدة منها صرّحت بأنه هو الذي كتبها ، و قد رواها الطبري بإسناده ،و فيها أنه لما حضرت الوفود إلى عثمان و ذكرت له مآخذها عليه ،و أعلن توبته و رجوعه عن تلك المآخذ ،و عادت الوفود إلى بلدانها ، كتب عثمان إلى عامله بمصر كتابا في الذين قدموا إليه منها ، قال له فيه : (( أما بعد: فانظر فلانا و فلانا فعاقبهم بكذا و كذا )) و كان من بين هؤلاء نفر من الصحابة و قوم من التابعين . ثم تقول الرواية أن عثمان أرسل الكتاب مع أبي الأعور بن سفيان السلمي ،و أوصاه بأن يسبق القوم في الدخول إلى مصر ، فلما لحقهم ببعض الطريق ، قالوا له : هل معك كتاب ؟ قال : لا . فقالوا له : فيم أُرسلت ؟ قال : لا علم لي ! فشكوا فيه و فتشوه ، فوجدوا معه كتابا فيه : قتل بعض المصريين ،و معاقبة آخرين في أنفسهم و أموالهم . فلما رأوا ذلك رجعوا إلى المدينة و هيّجوا أهلها على عثمان[1] .

و هذه الرواية منكرة و لا تصح ، فمن رجال إسنادها : محمد بن إسحاق بن يسار المدني (ت150ه) ، رواها عن عمه عبد الرحمن بن يسار[2] .الأول و إن وثقه بعض العلماء ، فقد اتهمه آخرون بالكذب و التدليس ،و قال عنه الدارقطني : لا يحتج به . و وثّقه يحي بن معين مرة و ضعّفه مرة أخرى[3] .و أما الثاني فهو ثقة ، لكن روايته منقطعة موقوفة عليه ، لأنه –على ما يبدو- لم يكن شاهد عيان فيما رواه فقد كان ما يزال صبيا زمن الحادثة و هو من الطبقة الثالثة[4].
و أما متنها فتوجد فيه شواهد تدل على بطلانه و تلاعب الرواة به ، أولها إنها ذكرت أن عثمان أرسل كتابه إلى واليه بمصر : عبد الله بن سعد بن أبي سرح . و هذا غلط و كذب مفضوح على عثمان -رضي الله عنه- فهو أول من يعلم أن عامله لا يوجد بمصر ، فكيف يرسل إليه الكتاب و هو لا يوجد بها ؟ ! و ذلك أن عامله كان قد كتب إليه يخبره بخروج و فد مصر إليه ، ثم استأذنه بالمجيء إليه ، فأذن له عثمان بالمجيء و خرج عل أثر المصريين في قدومهم إلى المدينة ، فلما كان في الطريق بلغه الخبر بقتل عثمان – رضي الله عنه- فعاد إلي مصر ، فلما وصلها و جد محمد بن أبي حذيفة قد تغلّب عليها و منعه من دخولها ، فتوجّه إلى فلسطين و ظل بها إلى أن وافته المنية و لم يشارك في الفتنة[5].


[1] ابن جرير الطبري : المصدر السابق ،ج2 ص: 662 .

[2] نفسه ج2 ص: 662 .

[3] الذهبي : المغني في الضعفاء ، حققه نور الدين عتر ، د م، د ن، دت ، ج2 ص: 552-553 .و سير أعلام النبلاء ، ج 7ص: 33 . و السيوطي : طبقات الحفاظ ، ط1 بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1403 ، ج 1 ص: 82 .

[4] ابن سعد : الطبقات الكبرى ،- القسم المتمم – حققه زياد منصور، ط2 المدينة المنورة ، مكتبة العلوم ، 1408 ، ج 1 ص: 154 .

[5] الطبري : المصدر السابق ، ج2 ص: 657، 658 . و الذهبي : سير أعلام النبلاء ، ج3 ص: 33-35 . و الخلفاء الراشدون ، حققه حسام الدين القدسي ، ط1 بيروت ، دار الجيل ، 1992 ، ص: 318 .و ابن كثير : البداية و النهاية ، ج 5 ص: 315 .و البخاري : التاريخ الكبير ، ، ج5 ص: 29 .و ابن حجر : الإصابة ، ج 4 ص: 110 .
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59