أطل من النافذة صباحا
: كي أتفقد وجه الوطن
..
أراه كامرأة أوشكت على النضوب .
شعرها المتناثر وقميصها الممزق ، وتثاؤبها اللزج ، ينبؤ أنهم لم يتركوا لها أجرة الليل .
بل كأنهم سلبوها أجرة ليل فائت.
وتركوها تمضغ حلما مبتورا .
تقلب المرآة كي تحدد معالم وجهها ،
وكم بقي لها من نصيب في هذا الزمن ؟
تتخيل أحيانا أن جسدها ما عاد مرغوبا
. وأن غايتهم آخر جيب في عمرها .
سرقوها على امتداد الليل حتى شتتهم الصباح
. وبعد أن تركوها على شفير الإفلاس ،
ما عاد أمامها سوى أن تسعى
. وتبحث عن رزق جديد
.
يكتشف الوطن أنه يحمل أعباء جمة ..
وأن كل شيء برسم البيع إلا الفقر ..
فيوزعه على أبنائه مجانا .
وحين يحاول أن يمرر خدعته على التجار المحترفين ، يبصقون في وجهه .
ويسألونه عما جمعه في سني الشباب من حانات الليل ؟
يعنفونه على كهولة مبكرة .
ويدفعونه في شعاب الحياة كي يتسول ، ويحفظ لهم عيشا كريما .
يكتشف الوطن أن النفط صباح اليوم ارتفع .
وسعر الدواء ارتفع . وضريبة التلوث ارتفعت .
فيحمد الله وينتظر عهدا من الرخاااء .
لكنه يبقى عاريا : يقتسم خبز الخيبة مع الفقراااء .
ينتظر الليل ، كي يخلع ملابسه تحت حطام الأمل ، ويبحث عن شبق أعمى.
عله يدفع أجرة إحساس مشوه ..
من أجل أن يحفظ لهم عيشا كريما .