عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 02-19-2012, 11:18 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي

المستعربون الروس المعاصرون:

إن الاستعراب الروسي المعاصر هو امتداد لمدرسة الاستعراب التي أسسها المستعربون الأوائل، اعتباراً من بدايات القرن الثامن عشر وحتى بدايات القرن العشرين، ويعتبر كثير من المستعربين اليوم أنفسهم خريجي مدرسة الاستعراب الروسية الكلاسيكية. وقد استمر هؤلاء بالتعريف بالتراث العربي الإسلامي والحضارة العربية الإسلامية، سواء عن طريق تحقيق المخطوطات وطباعتها، أو إعداد الفهارس التي تعرف بهذه المخطوطات، أو عن طريق تأليف الكتب والدراسات المتنوعة أو عن طريق الترجمات المختلفة التي تعكس وجوه الفكر العربي الإسلامي قديماً وحديثاً. فقد قام المستعرب ميخائيل بتروفسكي، بتأليف كتاب (قصص الأنبياء في القرآن)، وكذلك كتاب (لغة الفن الإسلامي)، فدرس في الأول، ليس فقط قصص الأنبياء في القرآن وإنما أيضاً المعلومات التاريخية الواردة في القرآن، لمحاولة فهم القصص فالقرآن برأي بتروفسكي (يقدم النص لقوم يعرفون هذه القصص ويعمل على أن يقدم لهم التفسير لهذه القصص. إن القرآن لـه صلات واتصالات بقلب الحضارة العربية الإسلامية، والإنسان الذي لا يعيش في هذه الحضارة لا يقدر أن يفهم القرآن، حتى بمساعدة عدة ترجمات بعدة لغات، وقد حاولت في هذا الكتاب إعادة بناء المعلومات التاريخية الموجودة عند العرب في وقت البعثة المحمدية، وهذا شيء مهم لتقدمه للقراء والمثقفين في روسيا)، إن المستعربين الروس الآن يستمرون في ممارسة دورهم في التعريف بالحضارة العربية الإسلامية، أدباً وفناً، فعن كتاب (الفن الإسلامي) يقول بتروفسكي: (هو محاولة لترجمة الفن الإسلامي إلى مفاهيم الإنسان الذي يعيش ظروف الحياة الأوروبية، وبرغم أن الحضارة الإسلامية قريبة جداً إلى الحضارة الأوروبية، فإن الإنسان في روسيا وفرنسة وأمريكا لا يفهمون بشكل مباشر قيمة الفن الإسلامي، وموضوعات الفن الإسلامي، إن أي أمريكي يفهم جيداً الفن الياباني، وكل مثقف أوروبي يستطيع أن يفهم جماليات الفن الياباني أو الهندي أو الصيني، أما الفن الإسلامي، فإن غالبية الناس خارج العالم الإسلامي غير قادرين على استيعاب جماليات هذا الفن، وهذا شيء مؤسف، ومن واجبات وأهداف الدراسات العربية في روسيا كانت دائماً محاولة عبور الفرق الموجود بين الحضارات).
إن الأهداف المعرفية الإنسانية للاستعراب الروسي تستمر من خلال المستعربين الجدد، فتتوسع آفاق هذا الاستعراب ومهماته، لتشمل أيضاً إلى جانب الدراسات الفكرية الأدبية والثقافية المتنوعة، تشمل الفن الإسلامي والتعريف به، ليتمكن الأوروبي من استيعاب جماليات الفن الإسلامي الذي تشكل في صميم الحضارة العربية الإسلامية، وشكل منعطفاً مهماً في التراث العالمي، وتتجلى مرة أخرى، القيمة الإنسانية للاستعراب الروسي عبر العلماء المعاصرين، عندما تستمر مهمة تقليص الفروق بين الحضارات للشعوب المختلفة من خلال التعريف بها، وكشف جوانبها المجهولة.
إن الدراسات الاستعرابية الروسية بقيت في الماضي بمنأى إلى حد كبير، عن تأثير القرار السياسي، وإنها الآن غير مرتبطة بالسياسة الاستعمارية ويعتبر المستعربون الروس المعاصرون، أن الحضارة الإسلامية في روسيا هي جزء من التراث الروسي، على الرغم من أنه في الأوقات المختلفة، برز أحياناً الاتجاه السياسي في الدراسات العربية الإسلامية، من خلال المعاهد التعليمية التي ارتبطت بوزارة الخارجية والكنيسة، والتي كانت تمثلها، في قسم منها، مدرسة الاستعراب في موسكو وبالمقابل فإن اتجاه الدراسات الأكاديمية والثقافية غير المرتبط بالسياسة، كان موجوداً ومستمراً في مدرسة الاستعراب في بطرسبورغ، حتى إبان العهد السوفييتي. فيقول بتروفسكي: (نحن شرقيون إلى درجة كبيرة ونفس الشيء مع الكنيسة، الكنيسة الأرثوذكسية الروسية كنيسة شرقية، وطبعاً الكنيسة الشرقية أقرب للإسلام وفي فهم الإسلام). رغم أنه في فترة من الفترات، كان هناك في بعض المناطق مثل قازان صراع بين الكنيسة الروسية والإسلام، ترافق مع تعصب ديني، ولكن كان يوجد دائماً من يتصدى لمثل هذه الاتجاهات، وليس فقط في الدراسات الأكاديمية، وإنما أيضاً في الثقافة الموجهة للجماهير، برز هذا الاتجاه في القرن التاسع عشر على يدي مستشرقين مثل روزن ثم بارتولد، واستمر في القرن العشرين يقول بتروفسكي (عندما نجد الأساتذة في الجامعات، يكتبون ضد الناس الذين يستخدمون الدراسات الشرقية كوسيلة لخدمة الأيدلوجية، فإن هذا التوجه، يكون تراثاً لنا من هؤلاء الأساتذة من القرن التاسع عشر، لذلك ممكن القول أن دور الكنيسة الروسية في الحملة ضد الإسلام، أقل بكثير من دور الكنيسة الكاثوليكية، لأن الإسلام بالنسبة للكنيسة الروسية لم يكن عدواً، وإنما منافساً، فقد كانت الدعاية ضد الإسلام (مثلاً) ضرورية، من أجل إقناع الناس بالمسيحية، وهذا غير مرتبط بتعصب شديد وأغراض سياسية واضحة، ولم يكن هذا الأمر على مستوى فكري، وإنما هو أشبه بالمباراة منه بالعداء في حرب). ويرى بتروفسكي، أنه حتى في فترة العهد السوفياتي، كانت هناك دراسات إسلامية، تمت في مدرسة استعراب بطرسبورغ، بالرغم من المعوقات السياسية لمثل هذه الدراسات في تلك الفترة. إلا أن المستعربين في بطرسبورغ استطاعوا أن يقدموا هذه الدراسات تحت عناوين أخرى، مثل الأدب أو الفلسفة الخ فكان هناك كتب ودراسات ونشر لنصوص إسلامية مختلفة، ومن ثم فإن اتجاه هذه الدراسات الإسلامية، أصبح أقوى عندما (أدرك المسؤولون في موسكو، أنه من أجل القرارات الصحيحة، يجب معرفة ماهو الإسلام بصورة صحيحة، وليس من وجهة نظر سياسية، وأصبح هناك إمكانية لنشر الكتب والنصوص عن الإسلام) وقد تم هذا في الجامعات والمعاهد المختلفة في بطرسبورغ وموسكو على حد سواء. (هذا في وقت كان فيه الأكاديمي بريماكوف مديراً لمعهد الدراسات الشرقية في موسكو، فقد تم نشر العديد. من المقالات والكتب والدراسات عن الاسلام وقمنا بنشر عدة معاجم وكل ذلك استناداً إلى دراسات علمية). وتمت ترجمة هذه المعاجم إلى لغات الشعوب الإسلامية الواقعة ضمن روسيا، فترجمت إلى الأذربيجانية وغيرها من لغات الشعوب المسلمة ويصر المستعربون الروس المعاصرون على الاستمرار في استعمال مصطلح (الاستعراب) الذي يعبر عن الدراسات العربية الإسلامية، وليس مصطلح الاستشراق، لأن الاستشراق من الممكن أن يستنفذ غاياته وأهدافه. وكما كان هناك استشراق في البلدان الغربية، يقول: بتروفسكي (يمكن أن يكون هناك استغراب في البلدان الشرقية). وإن الاستعراب، هو (موضوع يمكن أن يستمر للأبد، لأن دراسة الأدب بصورة عامة، والأدب العربي جزء من التاريخ العام). ويعتبر بتروفسكي أن (التقسيم شرقي وغربي، هو تقسيم غير إنساني)، لأن الاستعراب الروسي، غير مرتبط بزمان أو مكان معين وإنما المستعربون الروس (مرتبطين بالبشرية، بالأبدية، و المعاني الخالدة).
كما يعتبر المستعرب فلاديمير بالوتسين، الباحث في معهد الاستشراق في بطرسبورغ أن المستعربين في بطرسبورغ يمتلكون مدرسة استعراب خاصة بهم، ويعتبرون أنفسهم تلاميذ المستعرب الكبير كراتشكوفسكي يقول فلاديمير بالوتسين (منذ زمن طويل، نحن لدينا مدرسة استعراب خاصة بنا ونعتبر تلاميذ كراتشكوفسكي، أما الباحثون الذين يعملون في مجال التاريخ المعاصر فأغلبهم في موسكو، أما نحن في بطرسبورغ فإننا نتبع طريقة كراتشكوفسكي أي الاستعراب الكلاسيكي). على الرغم من بروز اتجاه لدراسة الآداب العربية الحديثة في جامعة بطرسبورغ.
وفي معهد الاستشراق في بطرسبورغ، يعمل أكثر من مئة باحث، يدرسون الآداب الشرقية بمختلف فروعها. إلا أن الهدف الذي يوجه هذه الدراسات، هو، كما يقول بالوتسين (تلبية إرادة المعرفة)، ولا ينكر المستعربون المعاصرون الدور الفعال، الذي لعبته الحضارة الإسلامية في الحضارة الروسية، يقول بالوتسين (لقد أثرت الحضارة العربية والإسلامية ككل، في الحضارة الروسية، لدرجة ما كنا نعيش جنباً إلى جنب مع شعوب آسيا الوسطى لمدة طويلة وكانت معارفنا تزداد بهذا التعايش، وكل زيادة معرفة تساهم في تطور الشعب كنا نتطور تحت تأثير الشعوب الإسلامية وأظن الشعوب الإسلامية في بلادنا كانت تتطور تحت تأثيرنا)، وحتى اللغة الروسية يوجد بها كثير من الكلمات العربية التي عبرت إلى التركية ومن اللغة التركية انتقلت إلى اللغة الروسية والتأثير المتبادل كان يجري دائماً.
ويرى المستعرب أنس خاليدوف، رئيس قسم اللغة العربية في معهد الاستشراق في بطرسبورغ، الذي وضع فهارس المخطوطات العربية الموجودة في مكتبة المعهد والمطبوع بموسكو عام 1968 حيث تجاوز عدد المخطوطات في فهرس خاليدوف 10500 مخطوطة كما يعتبر من أعماله الهامة الأخيرة، تحقيقه لكتاب (الأوراق) لأبي بكر محمد بن يحيى الصولي، الذي صدرت طبعته الأولى عام 1998 يعتبر خاليدوف أن عهد الاستعراب الروسي قد خطا خطوات واسعة مع المستعرب فيكتور روزن، وأن الدور الأكبر في الاستعراب الروسي كان للأكاديمي كراتشكوفسكي الذي أرسى أسسه في الجامعات، ويرى خاليدوف أن الاستعراب العملي الذي ارتبط بالقرار السياسي، فقد كان محدود الدور، وأن الدراسات الشرقية في مختلف مستوياتها كانت تنطلق من منظور إنساني. يقول (أما الاستشراق في الجامعات، فهذا موضوع علمي، أن المقارنة بين الثقافات على نفس المستوى غربية، كانت أو شرقية، صينية أو يابانية، كلها في مستوى واحد، ومن منظور إنساني). كما يرى خاليدوف أن كراتشكوفسكي قد جعل للاستعراب الروسي خصائص مميزة عن الاستعراب الغربي، إذ نأى بهذا الاستعراب عن نظرة الاحتقار التي كان ينظر بها الغرب إلى الشرق، نتيجة إحساسه بالتفوق المادي، ومن منطلق التفوق المادي هذا، استطاع الغربيون أن يدَّعوا لأنفسهم، ومن موقع القوة، حتى التفوق الروحي والثقافي على الشعوب الأخرى.
ولم يكونوا ملزمين لتخفيف عدائهم تجاه الشرق لأن الشرق كان يعيش ضعفه والغرب امتلك القوة والتطور أما المستعربة أولغا باريسوفنا فرالوفا التي شغلت مدة خمسين عاماً، منصب رئيسة قسم اللغة العربية في جامعة سانت بطرسبورغ ولها العديد من الأبحاث والكتب والترجمات في مختلف أنواع الدراسات العربية الإسلامية. فقامت بترجمة مجموعة من قصائد الشعراء الجاهليين ومقامات الحريري وأهم كتبها الأدب العربي في سوريا ومصر في عصر النهضة، وكذلك رسالتها في الدكتوراه عن الكامل في التاريخ لابن الأثير كما ترجمت إلى الروسية مقتطفات من أعاجيب المخلوقات وغرايب الموجودات للقزويني، وكذلك معجم لياقوت الحموي، كما قامت بإعداد فهرس مخطوطات مكتبة جامعة سانت بطرسبورغ، ومن الأدب العربي الحديث ترجمت رواية زينب لمحمد حسنين هيكل وقصص لمحمد تيمور وجبران خليل جبران، وغيرهم وقد برز اتجاهها التدريسي في تدريس اللغة العربية الفصحى وقد تتلمذت فرالونا على المستعرب كراتشكوفسكي، وقامت بتدريس طلابها في الجامعة الكتب العربية المتعلقة بالتاريخ في القرون الوسطى مثل (ابن الأثير، والطبري، والواقدي) كما قامت بتدريس تفسير القرآن الكريم، معتمدة تفسير (البيضاوي والسيوطي).
وترى فرالوفا: (أن في أوروبا، كان هناك خوف من الإسلام، منذ القرون الوسطى، إذ كانت هناك شخصيات مسيحية كانت خائفة من تأثير القرآن، كما تولد شعور بالحسد لدى الأوروبيين تجاه العرب المسلمين نتيجة المقارنة بين الحياة المتطورة للحضارة العربية الإسلامية في الأندلس مع الحياة المتخلفة في أوروبا، رغم أن أوروبا أخذت الكثير من الثقافة العربية)، وتقول: (وأنا في محاضراتي للطلبة الروس في الجامعة، أشير دائماً إلى كتاب [تأثير الإسلام على أوروبا في القرون الوسطى] للاسكتلندي مونتغمري واط الذي يقول: ((علينا أن ندرك إلى أي درجة نحن الغربيون مدينون للعرب من ناحية الحضارة ولو أسررنا هذه الحقيقة، فهذا بدافع من كبريائنا الكاذبة))، وفي مؤتمر (اتحاد المستعربون المتخصصين في الدراسات الإسلامية الذي عقد في جامعة (أوترخت) في هولندا عام (1990م)، قدمت فرالوفا موضوع (القصائد الشعبية باللهجة العربية في مالطا والفلكلور العربي)، وهي ترى في هذا البحث أن أساس الكلام المالطي هو اللغة العربية، كما ترى أنه لا يمكن أن يكون هناك نهاية للاستعراب، طالما الشعوب والآداب العربية موجودة (لأن هناك أدباء جدد والشعوب العربية موجودة وبالتالي فإن دراسة آداب وثقافة هذه الشعوب موجودة، إلا إذا كانت نهاية العالم عندئذٍ ينتهي الاستعراب).
أما المستعرب بلوندين في جامعة بطرسبورغ، فيرى أن أساس أهداف الاستعراب الروسي هو التعريف بالحضارة العربية الإسلامية ودراستها من خلال (ترجمة المخطوطات التي تتعلق بتاريخ وآداب العرب المسلمين)، وأن هذه الترجمات كانت تتم من خلال التعاون بين العلماء العرب والعلماء الروس. كما يعطي ميزة لبيئة الاستعراب الروسي على الغربي، وهي التسهيلات التي كانت تقدم للباحثين العرب لدراسة تراثهم من خلال المخطوطات الموجودة في خزائن المكتبات في روسيا، وفي جميع الأوقات، يقول عن هذه المسألة: (لم يواجه الباحثون أي صعوبات في دراستهم وأبحاثهم على المخطوطات العربية، وإن من أهداف الاستعراب الروسي، هو إعادة هذه المخطوطات إلى الدول العربية بتحقيقها وإصدارها في كتب، إن المكتبات في أوروبة الغربية لا تعطي للباحثين العرب فرصة التعامل بسهولة مع تراثهم من خلال معاينتهم للمخطوطات العربية) وإن صلات العلماء العرب المسلمين والعلماء الروس لم تنقطع (منذ كان الشيخ طنطاوي أستاذ في جامعة سانت بطرسبورغ. هذا التعاون مازال قائماً بأوجه مختلفة، وإن كان الوهن قد اعترى هذه العلاقات في الفترة الأخيرة، ولكن نحن كمستعربين روس نظن أن هذه الفترة مؤقتة وقصيرة، ونبذل كل الجهود لنعبر هذه الحواجز المصطنعة الموجودة بيننا).
وأخيراً، نستطيع القول أن الاستعراب الروسي عكس الجوانب الإيجابية والسلبية في الشرق العربي المسلم ولكن لم يصدر في مواقفه عن رأي متعصب ولم يتزود سلفاً بفكرة ثابتة عن هذا الشرق وإنما عايشه واقعياً فصادف النماذج المختلفة. وعندما تم التعامل مع التراث العلمي العربي الإسلامي وتحقيق المخطوطات والأدب القديم فإن ذلك كان يتم في أحيان كثيرة من خلال التعاون بين العلماء الروس والعلماء العرب وساهم العرب أنفسهم في التعريف بالثقافة العربية الإسلامية وتدريس العربية في جامعات ومعاهد الاستعراب الروسي كما تم ربط الماضي بالحاضر والاهتمام بالأدب العربي المعاصر وأرسى المستعربون الأوائل أسس مدرسة الاستعراب الحالية التي يعتبر المستعربون الروس المعاصرون أنفسهم فيها امتداداً لأولئك المستعربين الأوائل الذين وقفوا جهودهم وعلمهم على أن يكون الاستعراب الروسي بعيداً عن أي دوافع غير الدوافع المعرفية العلمية فكانت صورة العربي المسلم مبشرة بالنهضة الحديثة راغبة في تجاوز واقع التخلف إنه الشرق المسلم الحي الذي يسير بحركته دائماً إلى الأمام وأخيراً أقول أنه يحق لنا التمييز بين استعراب أوروبي غربي ارتبط وكرس نفسه في معظم الأحيان لخدمة القرار السياسي الاستعماري فلم يظهر من الشرق المسلم إلا صورة السلبية، ولم يكتفِ بذلك بل وقام بتضخيم هذا السلبي ونشره عبر وسائله المختلفة ليعطي مبرراً لإحساسه بالتفوق والتمايز وليقرر هيمنته على هذا الشرق وحق الوصاية عليه وبين استعراب كان يظهر الإيجابي والسلبي وتعامل مع الشرق المسلم ومن وجهة النظر المعرفية الإنسانية ووضع التخلف ضمن ظروفه وأطره التاريخية ثم أظهر صورة العربي المسلم كإنسان قادر على تجاوز واقعه في حركته إلى الأمام لقد كان الاستعراب الروسي فعل استكشاف ومعرفة للآخر في إطار التبادل المعرفي والحضاري وليس فعل إنشاء كما هو حال الاستشراق الغربي ولا أجد أفضل من مقولة الأديب العربي المصري محمود تيمور التي تحدث فيها عن المستعرب كراتشكوفسكي وأجدها تنطبق على الاستعراب الروسي، يقول: ((وغمرني شعور لطيف فيه شيء من الزهو لوجود مثل هذا الصديق لنا معشر العرب في بلاد نائية قد وقف حياته على خدمة آدابنا وإعلاء كلمتنا فإن رجلاً قصر حياته على نشر ثقافتنا العربية في العالم الغربي وأوسع لنا الطريق لنتبوأ مكانتنا بين آداب الأمم العالمية لجدير بأن يحتل في قلوبنا أكبر مكانة)).


qq




المصادر والمراجع:


1 ـ القرآن الكريم.
2 ـ مع المحفوظات العربية ـ كراتشكوفسكي ـ تعريب د.محمد منير مرسي ـ دار النهضة العربية ـ القاهرة ـ 1969.
3 ـ تاريخ الاستعراب الروسي ـ كراتشكوفسكي.
4 ـ صورة الإسلام في أوروبا في العصور الوسطى ـ ريتشادر سودريه ـ تعريب د.رضوان السيد ـ معهد الإنماء العربي ـ بيروت ـ 1984.
5 ـ الاستشراق ـ إدوارد سعيد ـ تعريب كمال أبو ديب ـ مؤسسة الأبحاث العربية ـ بيروت ـ الطبعة الرابعة ـ 1995.
6 ـ الاستشراق بين دعائه ومعارضين ـ ترجمة وإعداد هاشم صالح ـ دار الماضي ـ بيروت.
7 ـ الحروب الصليبية ـ ارنست باكير ـ تعريب د. الباز العريني ـ دار النهضة العربية ـ بيروت ـ الطبعة الثانية.
8 ـ بابا وات من الحي اليهودي ـ يواكيم برنز ـ تعريب خالد أسعد عيسى ـ دار حسان ـ دمشق ـ 1983.
9 ـ تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى ـ د. سعيد عاشور ـ دار النهضة العربية ـ بيروت ـ 1976.
10 ـ قصة الحضارة ـ
11 ـ مقتطفات من الأعمال الكاملة ـ كراتشكوفسكي ـ
12 ـ موسوعة المستشرقين عبد الرحمن بدوي ـ دار العلم للملايين ـ بيروت طبعة ثالثة 1993.
13 ـ مجلة الفكر العربي ـ العدد 31 ـ بيروت 1983.
14 ـ جريدة البيان 2 أكتوبر 1989.
15 ـ المؤلفات الكاملة ـ بونشين ـ 1949.
16ـ قصائد شرقية ـ بوشكين ـ ترجمة: طارق مردود ـ دار علاء الدين ـ دمشق 1999.
17 ـ العرب والروم واللاتين في الحرب الصليبية الأولى جوزيف نسيم، دار النهضة العربية ـ بيروت.
18 ـ دراسات في تاريخ الأدب العربي ـ منتخبات ـ كراتشكوفسكي ـ دار النشر (علم) ـ موسكو ـ 1965.
19 ـ بحوث سوفيتية في الأدب العربي ـ دار التقدم ـ موسكو 1978.
20 ـ تاريخ التراث العربي ـ فؤاد شكرين ـ الهيئة العامة للتأليف والنشر ـ ترجمة درعا. فهمي أبو الفضل ـ القاهرة 1971.
21 ـ لقاءات مع عدد من المستعربين الروس ـ بطرسبورغ ـ 1998.

qqq




الفهرس


المقدمة5
مفهوم الاستشراق:9
البدايات والدوافع:21
مصادر الاستعراب الروسي:28
بوشكين والأثر الشرقي ـ الإسلامي:53
كراتشكوفسكي والشرق الإسلامي.66
المستعربون الروس المعاصرون:66
المصادر والمراجع:66
الفهرس.. 66
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59