تفسير سورة مريم
ــــــــــــــــــــــ
مكية
ــــــ
وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ( 64 ) .
استبطأ النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام مرة في نزوله إليه فقال له: « لو تأتينا أكثر مما تأتينا » - تشوقا إليه، وتوحشا لفراقه، وليطمئن قلبه بنزوله- فأنزل الله تعالى على لسان جبريل: ( وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ ) أي: ليس لنا من الأمر شيء، إن أمرنا، ابتدرنا أمره، ولم نعص له أمرا، كما قال عنهم: لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ فنحن عبيد مأمورون، ( لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ) أي: له الأمور الماضية والمستقبلة والحاضرة، في الزمان والمكان، فإذا تبين أن الأمر كله لله، وأننا عبيد مدبرون، فيبقى الأمر دائرا بين: « هل تقتضيه الحكمة الإلهية فينفذه؟ أم لا تقتضيه فيؤخره » ؟ ولهذا قال: ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) أي: لم يكن لينساك ويهملك، كما قال تعالى: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى بل لم يزل معتنيا بأمورك، مجريا لك على أحسن عوائده الجميلة، وتدابيره الجميلة.
أي: فإذا تأخر نزولنا عن الوقت المعتاد، فلا يحزنك ذلك ولا يهمك، واعلم أن الله هو الذي أراد ذلك، لما له من الحكمة فيه.
---------------------------------------------------
|