الموضوع: نبـي الـرحمة
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 01-30-2012, 12:32 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,410
افتراضي

الرسالة، فبعث رسلاً سفراء من أصحابه، وكتب معهم كتباً إلى الزعماء والملوك، يدعوهم فيها إلى الإسلام، في رسائل وخطابات رفيعة المستوى، سامقة الذوق ..
ونجح النبي r في دعوته على نطاق واسع ، وانتشر الإسلام في الجزيرة العربية كالنار في الهشيم، وزالت الجاهلية بتقاليدها المتخلفة، وعقائدها الفاسدة ..
وفتح رسول الله خيبر معقل الدس والمؤمرات في المحرم سنة 7 هـ ( مايو 628).
ثم فتح مكة في رمضان 8هـ( يناير 630 م) اثر نقض قريش للعهد، وأصدر عفواً عاماً عنهم .. وأعلن الرسول r الأمان العام لكل الناس، فلا طوارىء ولا تعسف ، فقال r : "من دخل دار أبى سفيان فهو آمن ! ومن أغلق بابه عليه فهو آمن! ومن دخل المسجد فهو آمن !"[1]. وعهد إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم بدخول مكة أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم[2]..
" فما إن أُقر السلام؛ حتى انتشر الإسلام في كل ناحية، بخطى واسعة، لا..! لقد بدا وكأن قوة غير منظورة كانت تعمل على إدخال الناس في دين الله أفواجاً بعد أفواج "[3]..
وحُطمت الأصنام، وسقطت رموز الوثنية، وتوحدت الشعوب والقبائل المتناحرة، وخرج العربي من عبادة العباد إلى عبادة الخالق رب العباد، وألغيت الطبقيات والعصبيات والنعرات الجاهلية ، وانتشر العدل والسلم والأمن ...‏
وأصبحت دولة الإسلام مهيبة قوية أمام قوى الفرس والرومان ..
ولما اعتدى عامل الرومان شرحبيل بن عمرو الغساني وقَتل سفير النبي r الصحابي السفير/ الحارث بن عمير الأزدي، عندما أرسله النبيr برسالة دعوية إلى عظيم بصرى في الشام، إذا بالنبيr يعلن التعبئة العامة، ويغزو حدود الرومان الجنوبية، في سرية مؤتة( جمادى الأولى 8هـ/ سبتمبر 629 م )، وغزوة تبوك (رجب 9 هـ / أكتوبر630) التي ملئت قلب النظام الروماني بالفزع والهلع، من هذا القطب الدولي الثالث الناشىء المتمثل في دولة الإسلام..
عاشرًا: حجة الوداع، ووفاة النبي
بعد أن نجح النبي r في دعوته، وقويت دولة الإسلام، واستتب الأمن في الجزيرة العربية، ودخل الناس في الإسلام أفواجاً، وشاء اللّه أن يري رسوله r ثمار دعوته، التي عانى في سبيلها ثلاثة وعشرين عاماً، حافلة بالجهد والعمل والبلاء ، وأحس رسول الله r بدنو أجله، ولذلك قصد نبي الله r الحج، ليجتمع بالأمة ، فيأخذوا منه أصول الإسلام وكلياته، ويأخذ منهم الشهادة على أنه أدى الأمانة، وبلغ الرسالة .
وفي اليوم التاسع من ذي الحجة (يوم عرفة ) في العام العاشر من الهجرة (6مارس632 م) وقد اجتمع حوله مئة ألف وأربعة وأربعون ألفاً من الناس، فقام فيهم خطيباً، وألقى خطبة بلغية جامعة ‏ تضمنت أول إعلانٍ عامٍ لحقوق الإنسان عرفته البشرية، أعلن فيها الإخاء والمساواة والعدالة وحرمة الدماء والأموال وحقوق المرأة، ووضع تقاليد الجاهلية الفاسدة، فألغى دماء الجاهلية، والمعاملات الربوية والنعرات الجاهلية.
وأهدى للبشرية أعظم وأحكم وأجمل شريعة في التاريخ، تلك الشريعة التي تحدث عنها العلامة"شبرل"[4]-مبديًا فخره واعتزازه بالنبي محمدr - قائلاً:
" إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد[r]إليها ، إذ رغم أميته استطاع قبل بضعة عشر قرناً؛ أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوربيين أسعد ما نكون ؛ لو وصلنا إلى قمته بعد ألفي سنة "[5].
وعاد رسول الله r إلى المدينة، وسرعان ما أحس بالمرض ودنو الأجل.
وتُوفي رسول الله r يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول عام 11هـ(6يونيو632)وخلفه في حكم الدولة وزيره وصديقه الجليل أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب – رضي الله عنهم جميعاً –.
هذه لمحة سريعة جداً من سيرة صاحب المعالي محمد r، وهي غيض من فيض، كان لا بدَّ منها بين يدي الدراسة، ولتكون تميهداً للحديث عن صفات النبي وشمائله وأخلاقه وخصائصه الدالة على الرحمة.
المبحث الثاني
محمد r رَحْمَةللعالمين في أدبيات الغرب
المطلب الأول:شهادة إنجيل برنابا:
شهدت أدبيات الغرب وأشادت برحمة محمد r للبشر، ويأتي على رأس هذه الأدبيات إنجيل برنابا الذي بشر برحمة محمد r التي ينالها العالم عند قدومه من أرض الجنوب ( الحجاز ).
فيقول إنجيل برنابا[6]: "سيأتي مسيا [أي محمد r] المرسل من الله لكل العالم،.. وحينئذ يسجد لله في كل العالم، وتنال الرحمة.."[7] .
يقول القـس إبراهيم فيلـوبـوس[8] :
" كلمة إنجيل كلمة يونانية تعني بشارة أو بشرى، ولعل هذا هو الذي نستفيده من سيرة سيدنا عيسى عليه السلام، أنه كان بشرى من الله للرحمة، وبشرى بتبشيره عن المسيا الذي سيأتي للعالمين هدى ورحمة، ألا وهو محمد r"[9].
وجاء في الفصل السادس والتسعين – في إنجيل برنابا - من محاورة بين المسيح ورئيس كهنة اليهود، أن الكاهن سأله عن نفسه فأجاب بذكر اسمه واسم أمه، وبأنه بشر ميت ثم قال الإنجيل ما نصه:
" أجاب الكاهن : إنه مكتوب في كتاب موسى أن إلهنا َسيرسل لنا مسيّا الذي سيأتي ليخبرنا بما يريد الله ، وسيأتي للعالم برحمة الله. لذلك أرجوك أن تقول لنا الحق هل أنت مسيا الله الذي ننتظره؟ . وأجاب يسوع: حقاً أن الله وعد هكذا ولكني لست هو، لأنه خلق قبلي وسيأتي بعدي. أجاب الكاهن : إننا نعتقد من كلامك وآياتك على كل حال أنك نبي وقدوس الله . لذلك أرجوك باسم اليهودية كلها وإسرائيل كلها أن تفيدنا حباً في الله بأية كيفية سيأتي مسيا؟ فأجاب يسوع : لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي. أني لست مسيا الذي تنتظره كل قبائل الأرض كما وعد الله أبانا إبراهيم . قائلاً : بنسلك أبارك كل قبائل الأرض . ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشيطان مرة أخرى لهذه الفتنة المعونة بأن يحمل عادم التقوى على الاعتقاد بأني الله وابن الله . فيتنجس بسبب هذا كلامي وتعليمي حتى لا يكاد يبقى ثلاثون مؤمناً . حينئذٍ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الأشياء لأجله . الذي سيأتي من الجنوب بقوة وسيبيد الأصنام وعبدة الأصنام . وسينتزع من الشيطان سلطته على البشر وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به . وسيكون من يؤمن بكلامه مباركاً ." [10].

هكذا يتحدث إنجيل برنابا عن محمد r وأنه "سيأتي للعالم برحمة الله"، بل لن يأتي محمد r– حسب إنجيل برنابا – إلا حين " يرحم الله العالم"، فيبعثه الله من الجنوب حيث أرض الحجاز ويهدم الأصنام في فتح مكة في العام الثامن الهجري، وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به، فيمكنَّ لهم الله في الأرض، ويستخلفهم كما استخلف الذين من قبلهم .
المطلب الثاني: شهادة الراهب النصراني بحيرا :
إن أول جملة قالها الراهب النصراني الشهير "بحيرا "حين رأى محمداً r في رحلته الأولى إلى الشام مع أبي طالب - :
" هذا سيد العالمين ! هذا رسول رب العالمين ! هذا يبعثه الله رحمة للعالمين !"[11] .
وإن في ذلك لدلالة بينة على ما كان يتدارسه الرهبان والقساوسة في الأناجيل، حيث صفة الرحمة التي سجلتها الكتب السماوية السابقة في محمدr.
المطلب الثالث: شهادة العلامة توماس كارلايل
في كلمات تنم عن عميق الحب وعلو التقدير، يتحدث توماس كارلايل( 1795 – 1881م ) الكاتب الإنجليزي المعروف، في إعجاب بصفات الرحمة في شخصيةمحمد rفيقول:
".. لقد كان في فؤاد ذلك الرجل الكبير [r] ... العظيم النفس، المملوء رحمة، وخيرًا، وحنانًا، وبرًا، وحكمة، وحجى، ونهى.. أفكار غير الطمع الدنيوي، ونوايا خلاف طلب السلطة والجاه. وكيف وتلك نفس صامتة كبيرة ورجل من الذين لا يمكنهم إلا أن يكونوا مخلصين جادين ؟ فبينما نرى آخرين يرضون بالاصطلاحات الكاذبة ويسيرون طبق اعتبارات باطلة. إذ ترى محمدًا [r] لم يرض أن يلتفع بالأكاذيب والأباطيل. لقد كان منفردًا بنفسه العظيمة .."[12] .
المطلب الرابع : شهادة المفكر البريطاني لين بول:
لا يُخفي "لين بول" ( 1652 _17 19 ) تأثره بمحمدr، فيتحدث في مؤلفه : "رسالة في تاريخ العرب " عن سجايا خلق الرحمة في شخصية محمدr في إعجاب جم قائلاً :
"إن محمداً [r] كان يتصف بكثير من الصفات كاللطف والشجاعة ، وكرم الأخلاق ، حتى إن الإنسان لا يستطيع أن يحكم عليه دون أن يتأثر بما تطبعه هذه الصفات في نفسه ، ودون أن يكون هذا الحكم صادراً عن غير ميل أو هوى، كيف لا، وقد احتمل محمد [r] عداء أهله وعشرته سنوات بصبر وجلد عظيمين، ومع ذلك فقد بلغ من نبله أنه لم يكن يسحب يده من يد مصافحه حتى لو كان يصافح طفلاً ! وأنه لم يمر بجماعة يوماً من الأيام رجالاً كانوا أم أطفالاً دون أن يسلم عليهم ، وعلى شفتيه ابتسامة حلوة ، وبنغمة جميلة كانت تكفي وحدها لتسحر سامعيها ، و تجذب القلوب إلى صاحبها جذباً !!"[13].
المطلب الخامس : شهادة السير وليم موير:
وأما الباحث وليم موير فيتحدث في مؤلفه : " حياه محمد " عن أخلاقيات النبي r في تقدير بالغ لرقة النبي r ورفقه ورأفته،ولين عريكته ، فيقول :
"ومن صفات محمد[r] الجليلة الجديرة بالذكر ، والحَرية بالتنويه : الرقة و الاحترام ، اللذان كان يعامل بهما أصحابه ، حتى أقلهم شأناً ، فالسماحة والتواضع والرأفة والرقة تغلغلت في نفسه ، ورسخت محبته عند كل من حوله ، وكان يكره أن يقول لا ، فإن لم يمكنه أن يجيب الطالب على سؤاله ، فضل السكوت على الجواب ، ولقد كان أشد حياء من العذراء في خدرها ، وقالت عائشة[رض الله عنها]، :وكان إذا ساءه شيء تبينا ذلك في أسارير وجهه ، ولم يمس أحداً بسوء الا في سبيل الله ، ويُؤثر عنه أنه كان لا يمتنع عن إجابة الدعوة من أحد مهما كان حقيراً ، ولا يرفض هدية مهداة إليه مهما كانت صغيره، وإذا جلس مع أحد أياً كان لم يرفع نحوه ركبته تشامخاً وكبراً"[14].
المطلب السادس: شهادة القس السابق دُرّاني
يقول العلامة الإنجليزي دُرّاني[15]، مشيراً إلى خلق الرحمة في النبي r :
"أستطيع أن أقول بكل قوة أنه لا يوجد مسلم جديد واحد لا يحمل في نفسه العرفان بالجميل لسيدنا محمد [r] لما غمره به من حب وعون وهداية وإلهام.. فهو القدوة الطيبة التي أرسلها الله رحمة لنا وحبًا بنا حتى نقتفي أثره[r]!"[16] ..
المطلب السابع : شهادة الكاتب الإسباني "جان ليك":
يقول الدكتور جان ليك في كتابه ( العرب) :
"وحياة محمد[r] التاريخية لا يمكن أن توصف بأحسن مما وصفها الله .. بألفاظ قليلة ، بين بها سبب بعث النبي محمد[r])وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ( [الأنبياء: 107]، وقد برهن بنفسه على أن لديه أعظم الرحمات لكل ضعيف ، ولكل محتاج إلى المساعدة ، كان محمد[r]رحمة حقيقة لليتامى، والفقراء، وابن السبيل، والمنكوبين، والضعفاء، والعمال، وأصحاب الكد والعناء ، وإني بلهفة وشوق.. أصلى عليه وعلى أتباعه ! "[17].
المطلب الثامن : شهادة العلامة واشنجتون ايرفنج.
يقول واشنجتون ايرفنج، في كتابه (حياة محمد)، مدللاً على خلق الرحمة في شخصية النبي r بموقفه في فتح مكة وهو القائد المنتصر :
"كانت تصرفات الرسول [r] في [أعقاب فتح] مكة[رمضان 8هـ/ يناير 630 م] تدل على أنه نبي مرسل لا على أنه قائد مظفر. فقد أبدى رحمة وشفقة على مواطنيه برغم أنه أصبح في مركز قوي. ولكنه توّج نجاحه وانتصاره بالرحمة والعفو"[18].
المطلب التاسع : شهادة الباحث الفرنسي جوستاف لوبون :
يتحدث جوستاف لوبون[19] في كتابه (الدين والحياة)، عن علو أخلاق النبي محمد r لاسيما رحمته ورقة قلبه، فيقول :
"لقد كان محمد [r]ذا أخلاق عالية، وحكمة، ورقة قلب، ورأفة، ورحمة، وصدق وأمانة"[20].
وهذه الأخلاق هي التي جذبت آراء المنصفين لنبي الإسلام r، وعدَّتُه من أعاظم رجالات التاريخ ..
فيقول جوستاف لوبون في موضع آخر :
"إذا ما قيست قيمة الرجال بجليل أعمالهم؛ كان محمد [r] من أعظم من عرفهم التاريخ، وقد أخذ علماء الغرب ينصفون محمدًا [r] ، مع أن التعصب الديني أعمى بصائر مؤرخين كثيرين عن الاعتراف بفضله !"[21].
المطلب العاشر: شهادة المؤرخ الشهير جيمس متشنر :
ويتحدث جيمس متشنر عن بعض صور الرحمة في شخص النبي r، مشيراً إلى بساطة النبي r ، وإنسانيته، ونبله، وحزمه، فيقول متشنر :
"إن محمداً [r] هذا الرجل الملهم ،
الذي أقام الإسلام ،
ولد في قبيلة عربية تعبد الأصنام،
ولد يتيماً محباً للفقراء والمحتاجين والأرامل واليتامى والأرقاء والمستضعفين.
وقد أحدث محمد[r] بشخصيته الخارقة للعادة ثورة في شبه الجزيرة العربية وفى الشرق كله .
فقد حطم الأصنام بيديه ،
وأقام ديناً يدعو إلى الله وحده ،
ورفع عن المرأة قيد العبودية التي فرضتها تقاليد الصحراء ،
و نادى بالعدالة الاجتماعية وقد عرض عليه في آخر أيامه أن يكون حاكماً بأمره ، أو قديساً ،
ولكنه أصر على أنه ليس إلا عبداً من عباد الله أرسله إلى العالم منذراً وبشيراً"[22] !

المبحث الثالث
خصائص رحمته r
المطلب الأول: ربانية الرحمة:
فمن أسماء الله تبارك وتعالى الرحمن والرحيم ..
وقد افتتح سور القرآن، ببسم الله الرحمن الرحيم ..
وقال الله تعالى ) نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ([ الحجر: الآيتان 49 ، 50]
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: "لما قضى الله الخلق كتب في كتابه، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي"[23].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِr يَقُولُ : " إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً ! فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْئَسْ مِنْ الْجَنَّةِ،وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنْ النَّارِ"[24] .
وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍt قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ rَ يقُولُ :" قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : يَا ابْنَ آدَمَ ! إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ ! لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ؛ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي،غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ ! إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً"[25] .
وقد ضرب النبي r مثالاً على رحمة الله للعبد :
فقد رأى امرأة متلهفة على ولدها، تبحث عنه، فلما رأته، تلقفته، فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال النبي r لأصحابه : "أترون هذه طارحة ولدها في النار ؟". قالوا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال: "لله أرحم بعباده من هذه بولدها !"[26]
وقد اتصف وتخلَّق محمدٌr بخلق ربه – سبحانه وتعالى – من أخلاق الرحمة والعفو ، حتى زكاه ربه بها وأثنى عليه فقال:) قَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ([التوبة:الآية 128]

المطلب الثاني : دعوية الرحمة :
قال الله تعالى )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ( [الأنبياء :الآية 107 ] .
هكذا قالها الله بإسلوب القصر ، يعني النفي ثم الاستثناء، أي أنت لست إلا رحمة لست شيئا آخر غير الرحمة.. كما يقول النبي r "أيها الناس .. إنما أنا رحمة مهداه"[27].
فكما أن دعوة محمد r للعالمين؛ فهذه الرسالة رحمة للعالمين جميعاً .. وهذا القرآن – الذي جاء فيه لفظ رحم ومشتقاته ثلاثمائة مرة[28] - رحمة للعالمين جميعاً .. رحمة في ذاته، ورحمة في تعاليمه، ورحمة في أحكامه ..
وفي ذلك يقول واشنجتون ايرفنج : "يدعو القرآن إلى الرحمة والصفاء وإلى مذاهب أخلاقية سامية"[29].. كما أن القرآن - في رأي جاك ريسلر[30] - " يجد الحلول لجميع القضايا، ويربط ما بين القانون الديني والقانون الأخلاقي، ويسعى إلى خلق النظام، والوحدة الاجتماعية، وإلى تخفيف البؤس والقسوة والخرافات. إنه يسعى على الأخذ بيد المستضعفين، ويوصي بالبر، ويأمر بالرحمة"[31].
وأوامره كما تقول "إلس ليختنستادتر" [32] "هي أوامر العدل للجميع، والرحمة بالضعيف والرفق والإحسان. وتلك هي الوسائل التي يضعها الله في يد الإنسان لتحقيق نجاته، فهو ثم مسؤول عن أعماله ومسؤول كذلك عن مصيره."[33] .
وهو كتاب هداية عظيم للبشرية، وهو أبلغ منهج للهداية ..
يقول نصري سلهب[34] :
".. إن محمدًا [r] كان أميًا لا يقرأ ولا يكتب. فإذا بهذا الأمي يهدي إلى الإنسانية أبلغ أثر مكتوب حلمت به الإنسانية منذ كانت الإنسانية- ذاك كان القرآن الكريم، الكتاب الذي أنزله الله على رسوله هدى للمتقين ."[35] .
ولا شك أن أخلاق الرحمة هي عامل الجذب الإساس لدخول الناس في الإسلام، أو كما يقول يول[36]: " الإحسان والرحمة والنزعة الإنسانية الخيرة العريقة – هذه وغيرها من العوامل كانت بالنسبة لي أعظم دليل على صدق هذا الدين" [37] .. الأمر الذي يعبر عنه "بشير تشاد بقوله" : " إن الإسلام هو دين الرحمة والحب والتعاطف الإنساني"[38].

المطلب الثالث : عالمية الرحمة :
كذلك نستفيد من قول الله تعالى )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ( [الأنبياء: 107 ] ، أن رحمة النبي رحمة شاملة وعامة وعالمية، وليست عنصرية تقوم على الأعراق أو الألوان أو المذاهب .. بل رحمة لكل البشر، رحمة عامة ومجردة للعالمين جميعاً، ليست رحمة للعرب دون العجم أو للمسلمين دون غيرهم، أو للشرق دون الغرب .. بل هي رحمة للعالمين..
وفي ذلك تقول لورافيشيا فاغليري :"إن الآية القرآنية التي تشير إلى عالمية الإسلام بوصفه الدين الذي أنزله الله على نبيه [r] (رحمة للعالمين)، هي نداء مباشر للعالم كله. وهذا دليل ساطع على أن محمدًا [r] شعر في يقين كلّي أن رسالته مقدر لها أن تعدو حدود الأمة العربية وأن عليه أن يبلغ (الكلمة) الجديدة إلى شعوب تنتسب إلى أجناس مختلفة، وتتكلم لغات مختلفة" [39] .
وعن أبي موسى t: أنه سمع النبي r يقول: "لن تؤمنوا حتى تراحموا !".
قالوا: يا رسول الله كلنا رحيم! قال: "إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ولكن رحمة العامة..رحمة العامة!"[40] ..
فهي الرحمة بالعامة، أي بعامة البشر، ويجعل النبي r ذلك من شروط الإيمان، فلا يعد الرجل مؤمنًا حتى يرحم الناس بصفة عامة .
كما في حديث أنس بن مالك ، أن رسول الله r قال: "والذي نفسي بيده ، لا يضع الله رحمته إلا على رحيم" ، قالوا : يا رسول الله ، كلنا يرحم ، قال :" ليس برحمة أحدكم صاحبه .. يرحم الناس كافة "[41] .
وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قال :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :" الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ، ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ "[42]..

فالرحمة بأهل الأرض تتجاوز الإنسان الناطق إلى الحيوان الأعجم، فالمؤمن يرحمه ويتقى الله فيه، ويعلم أنه مسؤول أمام الله عن هذه العجماوات[43].
كما أن الرحمة بالخلق وأهل الأرض شرطٌ لنيل رحمة الخالق، بحسب عبارة الحديث: " ارْحَمُوا أَهْلَ الأرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السّماءِ".
ومن ثم كانت رحمته إنسانية عامة، شملت المسلم وغير المسلم، والمؤمن والمنافق، والعربي وغير العربي، والشرقي وغير الشرقي ، والأفريقي والأوربي، والكبير والصغير، والرجل والمرأة، والإنسان وغير الإنسان، والحيوان والطير والجماد. فهو يعتبر البشرية جميعها أسرة واحدة، تنتمي إلى رب واحد وإلى أب واحد وإلى أرض واحدة ..كما قال النبي r :
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى"[44].
ومن ثم كان رسول الله r رحمة لكل الأمم ، ولأمته خاصة، مهتمًا بأمرها، يخشى عليها من عذاب الله يوم القيامة، وقد كانت مشاعره جياشة في هذه المسألة، فذات مرة قرأ قول الله تعالى في القرآن على لسان عيسى : ] إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[[المائدة: 118]، ففاض ينبوع الرحمة، واهتز قلب النبي r يناجي ربه في خشوع : " اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي وَبَكَى..!!".. وسرعان ما نزل الأمين جبريل مهدئًا من فزع محمد r على أمته، ومبلغًا قائًلا: إن الله يقول لك : " إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ"[45] .
وكان رحمة كذلك لغير المسلمين، بل وأشر الخلق ، فكان رَسُولُ اللَّهِ r يمارس هذه الرحمة مع شرار الناس، حتى يظن الفاجر أنه بخير!
وتأمل قول عمرو بن العاص- رضي الله عنه- :
"كان رسول الله rيقبل بوجهه وحديثه على أشر القوم يتألفهم بذلك ، فكان يقبل بوجهه وحديثه عليَّ حتى ظننت أني خير "[46] .
واستفاد غير المسلمين من رحمة النبي r؛ ولأن الله تعالى كان يهلك من قبل الأمم الكافرة بسبب كفرها وعصيانها للأنبياء هلاكاً جماعياًّ، بينما رفع الله تعالى بعد بعثة محمد هذا الهلاك الجماعي، فاستفاد الناس من خلاصهم من مثل هذا العذاب، فكان ذلك نعمة دنيوية بالنسبة للكفار. يخاطب الله تعالى نبيه في هذا الخصوص فيقول:) وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( [الأنفال: 33 ]
وتأمل قدر النبي rومنزلته عند الله: أي طالما أنت تعيش بينهم فلن يعذبهم الله. طالما أن ذكرك موجود، وتلهج به الألسنة، وطالما أن الناس يتبعون طريقك فلن يعذبهم الله ولن يهلكهم[47].
وكان رحمة للمنافقين أيضًا. فبسبب هذه الرحمة الواسعة لم يرَ المنافقون العذاب في الحياة الدنيا. فقد حضروا إلى المسجد واختلطوا بالمسلمين واستفادوا من كل الحقوق التي تمتع بها المسلمون. ولم يقم رسول الله rبفضحهم وإفشاء أسرار نفاقهم أبداً مع أنه كان يعرف دخائل نفوسهم ونفاقهم، حتى إنه أخبر حُذيفة رضي الله عنه بذلك[48] لذا، كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يراقب حُذيفة، فإن رآه لا يصلي على جنازة لم يصلها هو كذلك[49]، دون إحداث ضجة أو تشهير بالمنافق الميت .
ومع ذلك فلم يهتك الإسلام سرهم، فبقوا بين المؤمنين، وانقلب كفرهم المطلق إلى ريبة وشك على الأقل، فلم يحرموا من لذائذ الدنيا؛ لأن الإنسان الذي يعتقد أنه سيفنى ويذهب إلى العدم لا يمكن أن يهنأ في عيشه، ولكن إن انقلب كفره إلى شك وشبهة فإنه يقول في نفسه: "ربما توجد هناك حياة أخروية"، عندئذ لن تكفهر حياته تمام الاكفهرار. ومن هذا المنطلق كان رسول الله r رحمة لهم بهذا المعنى[50].
المطلب الرابع : عبقرية الرحمة :
لقد كانت رحمة النبي r من عوامل نجاحه التي استعملها واستفاد منها في دعوته، قال الله تعالى :
) فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك( [آل عمران159:]
يعني : لولا رحمتك يامحمد لانفضوا من حولك رافضين دعوتك ..
كما إن رحمته rمن دلائل عبقريته وفطنته، بمعنى آخر كانت رحمته تشكل بُعدًا آخر من أبعاد عبقريته وفطنته، وكانت هذه الرحمة من عوامل نجاحه التي استعملها واستغلها، وجعل منها شِبَاك رحمة لصيد القلوب ، واتخذ رحمته وسيلة لفتح القلوب السوداء، وتحريك المشاعر الصماء، ولا يعني هذا أنه كان يتصنع الرحمة، ويتخذها ذريعة للوصول إلى مآرب غير شرعية، بل كانت سمته الطبيعي وفطرته التي جبله الله عليها .
وشتان ما بين رحمة خالصة لوجه الله، ورحمة خالصة من أجل منفعة شخصية وضيعة، وشتان بين رحمة من أجل رسالة سامية، ورحمة من أجل زعامة فانية .
"هكذا كانت "الرحمة" في يد رسول الله r مفتاحًا سحريًّا. وبهذا المفتاح فتح مغاليق أقفال صدئة لم يكن أحد يتوقع فتحها بأي مفتاح، وأشعل شعلة الإيمان في القلوب.. أجل، لقد سلّم هذا المفتاح الذهبي إلى محمد المصطفى r ؛ لأنه كان أليق الناس به، والله تعالى دائمًا يسلم الأمانة لمن هو أهل لها."[51] .
المطلب الخامس : وسطية الرحمة:
ومن خصائص رحمة النبي r أيضاً أنها رحمة متزنة وعادلة، فهو رحيم دون ضعف، متواضع بغير ذلة، محاربٌ لا يغدر، سياسيٌّ لا يكذب، يستخدم الحيلة في الحرب ولكن لا ينقض العهود والمواثيق، آمن خصومه بصدقه وأمانته، يجمع بين التوكل والتدبير، وبين العبادة والعمل، وبين الرحمة والحرب[52]..
وهذا وهو الحال في أخلاق محمد r جميعها، فهي تعمل ضمن منظومة متناسقة متناغمة، تتشابك جميعها لتأدية أغراضها، فلا تتوسع صفة أو تقوى على حساب أخرى، ولا تعمل إحداها ضد الصفة التي تقابلها. كالقرآن والسيف في دعوة النبي r، فالقرآن – في يدي النبيr- كتاب هداية لمن أراد الهدى، والسيف معه r وسيلة لردع من يعتدي عليه.
ويشير "جورج حنا"[53] إلى هذا التوازن في شخصية النبي r، فيقول:
" إنه [r]لم يرض بأن يحوّل خدّه الأيسر لمن يضربه على خدّه الأيمن.. بل مشى في طريقه غير هيّاب، في يده الواحدة رسالة هداية، يهدي بها من سالموه، وفي يده الثانية سيف يحارب به من يحاربوه. لقد آمن به نفر قليل في بداية الدعوة، وكان نصيب هذا النفر مثل نصيبه من الاضطهاد والتكفير.. كان هؤلاء باكورة الديانة الإسلامية، والشعلة التي انطلقت منها رسالة محمد[r] "[54]
ومظهرٌ آخر للتوازن، هو ثبات صفة الرحمة فيهr ، فهر رحيم في كل أحواله وأطواره ومواقفه، فالنبي r رحيم قبل البعثة وبعد البعثة، قبل الفتح وبعد الفتح، رحيم في النصر والهزيمة، رحيم في عسره ويسره، رحيم في سفره وحضره ... الخ

المطلب السادس : عملية الرحمة:
ومن خصائص رحمة النبي r أيضاً أنها ليست مجرد تعاليم نظرية، أو تطلعات فلسفية،أو كما يقال حبراً على ورق، بل شأنها كشأن سائر خصاله وأخلاقه التي ترجمها إلى منهج حياة عملية، وواقع حي عاشه المسلمون في العهود الإسلامية العريقة ..
فرحمة النبي محمد r رحمة تطبيقية يمارسها في حياته اليومية، كما تقول عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه، فقالت" كان خلقه القرآن "[55]، فقد خرج من تعاليم القرآن المكتوبة إلى واقع الحياة بتطبيق هذه التعاليم وممارستها سلوكاً عمليًا .


الفصل الثاني
رحمته للعالمين في مجال التنوير والحضارة

المبحث الأول : التنوير والتوحيد
المبحث الثاني : التحضر والرقي
المبحث الثالث : التسامح الديني
المبحث الرابع : رعاية العلم والمعرفة
المبحث الخامس: الخطاب التربوي
المبحث السادس : خدمة الإنسانية







المبحث الأول
التوحيد والتوير

المطلب الأول : محمد r تنويرياً عملاقًا:
يقول رودي بارت: "كان من بين ممثلي حركة التنوير من رأوا في النبي العربي [r] أدلة الله، ومشرعًا حكيمًا، ورسولاً للفضيلة، وناطقًا بكلمة الدين الطبيعي الفطري، مبشرًا به"[56]
لقد كان النبي r في رأي علماء الغرب - الذين درسوا سيرته - تنويرياً عملاقاً، وتوحيديًا كبيرًا، فهم يرون أن محمداً rيحمل كتاباً نورانياً لم يعرف التاريخ كتاباً مثله في الإحكام وروعة البيان ومعالجته لمشكلات الإنسانية..
وإذا كان علماء الغرب قد أطلقوا صفة التنويرعلى النبي r، فالحق أن القرآن الكريم سبقهم وأطلقها عليهr ، وهذه الصفة في القرآن تعبر في الغالب عن التوحيد، إضافة إلى العلم والحضارة والمدنية :
قال الله تعالى في ذلك : ) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ( [الأحزاب:45، 46] .
وقال :) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ) [المائدة: 15]
"يجلو الظلمات ، ويكشف الشبهات ، وينير الطريق ، نوراً هادئاً هادياً كالسراج المنير في الظلمات.وهكذا كان رسول الله r وما جاء به من النور. جاء بالتصور الواضح البين النير لهذا الوجود ، ولعلاقة الوجود بالخالق ، ولمكان الكائن الإنساني من هذا الوجود وخالقه ، وللقيم التي يقوم عليها الوجود كله ، ويقوم عليها وجود هذا الإنسان فيه؛ وللمنشأ والمصير ، والهدف والغاية ، والطريق والوسيلة"[57]. .
و"أي الناس أولى بنفي الكيد عن سيرته من أبي القاسم [r] ؛ الذي حول الملايين من عبادة الأصنام الموبقة إلى عبادة الله رب العالمين، ومن الضياع والانحلال إلى السموّ والإيمان، ولم يفد من جهاده لشخصه أو آله شيئًا مما يقتتل عليه طلاب الدنيا من زخارف الحطام"[58].
يقول المستشرق الأيرلندي المستر هربرت وايل " :
"بعد ستمائة سنة من ظهور المسيح ظهر محمد [r] فأزال كل الأوهام ، وحرم عبادة الأوهام ، وكان يلقبه الناس بالأمين ، لما كان عليه من الصدق والأمانة وهو الذي أرشد أهل الضلال إلى الصراط المستقيم "[59].
فبعدما كانت عبادة الحجارة والأشخاص والنار والبهائم هي العبادة السائدة المسيطرة على الشعوب، أصبحت عبادة الله ـ تبارك وتعالى ـ هي العبادة السائدة وأكثر انتشاراً، وبذلك يكون النبي r قد أعاد دين إبراهيم وموسى وعيسى ـ ابن مريم ـ عليهم السلام-، إلى الحياة مرة أخرى، بعدما حُرف الدين الحق (دين الأنبياء) من قبل الأنظمة الغابرة المستبدة، التي استعبدت الشعوب،وأغرقته في الظلام والجهل..
إن عظمة النبي r البارزة لكل متبصر ، تكمن في أنه كان حامل رسالة سماوية تنويرية، عنوانها لا إله إلا الله ، تهدف أساساً إلى إصلاح حياة البشرية عامة، تحريرها من عبادة الأوثان والشيطان .. ومن ثم نقلها من البربرية والوثنية إلى الحضارة المستنيرة..
جاء النبي r بشريعة خلقت جيلاً فريداً ضرب المثل الأعلى في النبوغ العقدي والفكري..
الأمر الذي دفع علماء الغرب إلى النظر للإسلام على أنه دين تنويري، أو بعبارة الدكتور مكسيم رودنس "دين عقلاني بعيد كل البعد عن العقائد المسيحية المخالفة للعقل.. ثم إنه وفّق بين الدعوة إلى حياة أخلاقية وبين حاجات الجسد والحواس والحياة في المجتمع. وخلاصة القول فهو كدين كان قريبًا جدًا من الدين الطبيعي الذي كان يعتقد به معظم رجال عصر التنوير.."[60]..
ومن ثم يقول "ناجيمو راموني"[61] :"إن الإسلام هو أعظم الأديان ملاءمة لجيلنا المتحضر ولكل جيل. فالإسلام لا يفصل بين الدين والدنيا بحيث تتحول الحياة إلى طريقين مختلفين تمامًا، وهذا يشكل خلاصة الأزمة المعاصرة للإنسان. لقد اعتنقت الإسلام لأنه دين طبقات الناس جميعًا، كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها، دين الأحرار والعبيد، والسادة والمسودين"[62].
ولذلك يقول الأستاذ القانوني الإنكليزي المستر ولز : " كل شريعة لا تسير مع المدنية في طور من أطوارها فاضرب بها عرض الحائط ولا تبال بها ! لأن الشريعة التي لا تسير مع المدنية جنبًا إلى جنب هي شر مستطير على أصحابها، تجرهم إلى الهلاك، وإن الشريعة التي وجدتُها تسير مع المدنية، أنى سارت هي الشريعة الإسلامية"[63]..
ويدلل على ذلك قائلاً: " وإذا أراد إنسان أن يعرف شيئًا من هذا؛ فليقرأ القرآن وما به من نظريات علمية وقوانين وأنظمة لربط المجتمع، فهو كتاب ديني، علمي، اجتماعي، تهذيبي، خُلقي، تاريخي، وكثير من أنظمته وقوانينيه تستعمل حتى في وقتنا الحالي، وستبقى مستعمله حتى قيام الساعة، وهل في استطاعة إنسان أن يأتي بدور من الأدوار كانت فيه الشريعة الإسلامية مغايرة للمدنية والتقدم ؟ ! "[64].
إن الشريعة الإسلامية كانت خير هدية من الله للعالم المتحضر، على حد قول جوزيف شاخت[65] فهي" تختلف اختلافًا واضحًا عن جميع أشكال القانون، إلى حدّ أن دراستها أمر لا غنى عنه لكي نقدر المدى الكامل للأمور القانونية تقديرًا كافيًا.. إن الشريعة الإسلامية شيء فريد في بابه، وهي جملة الأوامر الإلهية التي تنظم حياة كل مسلم من جميع وجوهها، وهي تشتمل على أحكام خاصة بالعبادات والشعائر الدينية كما تشتمل على قواعد سياسية وقانونية.."[66]
ويبين "ديبورا بوتر" أن الإسلام جاء بعصر التنوير الحقيقي في المجالات الحياتية المختلفة، فيقول:
"لقد جاء الإسلام بعصر التنوير الحقيقي في المجالات العلمية والثقافية والفنية بصورة لم يسبق لها مثيل في عظمتها إلى يوم الناس هذا.. فبين عام 700 و1400 بعد الميلاد، وفي الوقت الذي كانت فيه أوروبا تغط في سبات عميق في عصور الظلام المسماة بالعصور الوسطى، كان العلماء المسلمون قد توصلوا إلى المنهج التجريبي في البحث الذي حلّ محل المنهج المنطقي العقيم الذي كان سائدًا عند الإغريق قبل ذلك.. لقد أنتجت هذه الحقبة من الزمان للدنيا رجالاً عظماء.. ساهموا مساهمة عظيمة في تشييد صرح الحضارة الإنسانية وكانوا يستلهمون هديهم من القرآن الكريم في جميع نشاطاتهم"[67].
المطلب الثاني : نضاله في إخراج الناس من الظلمات إلى النور:
دخل الرسول r في صراع ونضال ضد أصحاب عصر الظلام، والنزعات الرجعية، والموروثات المتخلفة التي عفى عليها الزمن، كما تبين لورافيشيا فاغليري بقولها : "دعا الرسول العربي [r] بصوت ملهم باتصال عميق بربه.. دعا عبدة الأوثان وأتباع نصرانية ويهودية محرّفتين على أصفى عقيدة توحيدية. وارتضى أن يخوض صراعًا مكشوفًا مع بعض نزعات البشر الرجعية التي تقود المرء إلى أن يشرك بالخالق آلهة أخرى.."[68].

ولقد بذل النبي r مجهوداً ضخماً في سبيل تنوير العرب ودحر الوثنية.. يبّين ذلك المؤرخ الأمريكي واشنجتون إيرفنج بقوله :
"لقي الرسول [r] ... كثيرًا من العناء، وبذل عدة تضحيات. فقد شك الكثير في صدق دعوته، وظل عدة سنوات دون أن ينال نجاحًا كبيرًا، وتعرض خلال إبلاغ الوحي إلى الإهانات والاعتداءات والاضطهادات، بل اضطر إلى أن يترك وطنه ويبحث عن مكان يهاجر إليه هنا وهناك، وتخلى عن كل متع الحياة وعن السعي وراء الثراء من أجل نشر العقيدة. "[69].
ويؤكد ذلك هنري دي كاستري (1927-1850) بقوله : ".. ولقد نعلم أن محمدًا [r]مرّ بمتاعب كثيرة وقاسى آلامًا نفسية كبرى قبل أن يخبر برسالته، فقد خلقه الله ذا نفس تمحّضت للدين، ومن أجل ذلك احتاج إلى العزلة عن الناس لكي يهرب من عبادة الأوثان، ومذهب تعدد الآلهة الذي ابتدعه المسيحيون، وكان بغضهما متمكنًا من قلبه، وكان وجود هذين المذهبين أشبه بإبرة في جسمه [r] ، ولعمري ! فيم كان يفكر ذلك الرجل الذي بلغ الأربعين وهو في ريعان الذكاء ومن أولئك الشرقيين الذين امتازوا في العقل بحدة التخيّل وقوة الإدراك.. إلا أن يقول مرارًا ويعيد تكرارًا هذه الكلمات "الله أحد الله أحد". كلمات رددها المسلمون أجمعون من بعده وغاب عنا معشر المسيحيين مغزاها لبعدنا عن فكرة التوحيد.."[70].
وتقول الكاتبة الإنكليزية اللادي ايفلين كوبولد[71]:
"كان العرب قبل محمد [r] أمة لا شأن لها ولا أهمية لقبائلها ولا لجماعتها، فلما جاء محمد [r] بعث هذه الأمة بعثًا جديدًا يصح أن يكون أقرب إلى المعجزات فغلبت العالم وحكمت فيه آجالاً وآجالاً... لقد استطاع النبي [r] القيام بالمعجزات والعجائب، لَمّا تمكن من حمل هذه الأمة العربية الشديدة العنيدة على نبذ الأصنام وقبول الوحدانية الإلهية.. لقد وفّق إلى خلق العرب خلقًا جديدًا ونقلهم من الظلمات إلى النور"[72].


المطلب الثالث : نجاح حركة التنوير :
وإن المبهر في سيرة النبي r أنه هدّم الأصنام بأيد من صنعوها وعبدوها .. وهذا لاشك من دلائل نجاح حركة التنوير التي قادها النبي r
فهدمها سدنتها أمثال خالد بن الوليد وعمرو بن العاص و سعد بن زيد بن الأشهلي..
وما أروعهم !
بعدما قاتلوا في سبيل هذه الأوثان والحجارة ..
هُم هُم الذين يهدمونها بأيديهم، ويحطمونها بسواعدهم .. !!
ولا شك أن هذا أوقع في قلوب الناس، لجذبهم إلى طريق التوحيد..
فلما دخل النبي r مكة (في رمضان 8هـ/يناير 630 م) في يوم فتحها، متجهاً إلى البيت، وحوله ثلاثمائة وستون صنماً ، جعل يطعنها الواحدة تلو الأخرى بعود في يده ، وهو يقول:
" جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا، جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد"[73].
وكان في جوف الكعبة أيضا أصناماً فأبى أن يدخل وفيها هذه الأوثان ، وأمر بها فأخرجت وأخرجت صور لإبراهيم وإسماعيل في أيديهما الأزلام[74]، فقال النبي r
" قاتلهم الله ! لقد علموا ما استقسما بها قط ".. ثم دخل البيت فكبر في نواحي البيت[75].
أما عن الأصنام والأوثان المنتشرة في الجزيرة العربية، فقد أرسل إليها رجاله، ليهدموها واحداً تلو الآخر، ليسدل الستار بذلك على عصر الظلام..
فإليك هذه المشاهد :
1ـ لما اطمأن رسول الله r بعد الفتح؛ بعث خالد بن الوليد إلى صنم العزى لخمس ليال بقين من شهر رمضان سنة 8 هـ(يناير 630 م ) ليهدمها وكانت بنخلة– بين مكة والطائف -، وكانت لقريش وجميع بني كنانة وهي أعظم أصنامهم‏.‏ وكان سدنتها بني شيبان، فخرج إليها خالد في ثلاثين فارسًا حتى انتهى إليها، فهدمها[76].‏
2ـ وبعث النبي r عمرو بن العاص في نفس الشهر إلى الصنم سواع ليهدمه وهو صنم لهذيل برهاط، على قرابة 150 كيلوا مترا شمال شرقي مكة، فلما انتهى إليه عمرو قال له السادن‏:‏ ما تريد‏؟‏ قال‏:‏ أمرني رسول الله rأن أهدمه قال‏:‏ لا تقدر على ذلك قال‏:‏ لم ‏؟‏ قال تُمنع قال‏:‏ حتى الآن أنت على الباطل‏؟‏ ويحك فهل يسمع أو يبصر‏؟‏ ثم دنا فكسره، وأمر أصحابه فهدموا بيت خزانته فلم يجدوا فيه شيئًا، ثم قال للسادن‏:‏ كيف رأيت‏؟‏ قال‏:‏ أسلمت لله‏.‏!! [77] .
3ـ وفي الشهر نفسه بعث r القائد سعد بن زيد بن الأشهلي في عشرين فارسًا إلى الصنم مناة وكانت بالمشلل عند قديد للأوس والخزرج وغسان وغيرهم، فلما انتهى سعد إليها قال له سادنها‏:‏ ما تريد‏؟‏ قال‏:‏ هدم مناة، قال‏:‏ أنت وذاك[78]
أرأيت كيف تحول حال هؤلاء الصحابة من أناس يقدسون الأصنام والأوثان إلى رجال موحدين، وقادة فاتحين، وعلماء ومفكرين .. ؟ !
وهكذا كان النبي كما وصفه جورج حنا بإنه " كان ثائرًا، عندما أبى أن يماشي أهل الصحراء في عبادة الأصنام وفي عاداتهم الهمجية وفي مجتمعهم البربري. فأضرمها حربًا لا هوادة فيها على جاهلية المشركين وأسيادهم وآلهتهم. فكفره قومه واضطهدوه وأضمروا له الموت. فهاجر تحت جنح الليل مع نفر من أتباعه، وما تخلى عن النضال في نشر دعوته، وما أحجم عن تجريد السيف من أجلها. فأخرج من جاهلية الصحراء عقيدة دينية واجتماعية تجمع بين مئات الملايين من البشر في أقطار المعمورة"[79]
وهكذا تتجلى أهم مظاهر رحمة النبي محمد r للعالمين..
والتي تتمثل في كونه r المحرر الأعظم للبشر في إخراجهم من دركات عبادة الحجارة إلى مستوى عبادة الخالق سبحانه وتعالى .. وكون الإنسان لا يعبد مخلوقا؛ً دلالة على حريته وكرامته . أما عابد النار، وعابد الحجارة، وعابد البقرة، فلا شك أنه لا يهنىء بحياة إنسانية كريمة، قد قيدتهها الموروثات العقدية الواهية . فكون النبي محمد r يجعل من جوهر رسالته أن يخرج هؤلاء البشر من هذا الحضيض إلى الحياة الإسلامية الشريفة؛ فذلك مظهر من مظاهر رحمته r، وكان هذا هو ديدنه حتى كان له الفضل الأكبر في تحويل سدنة الأوثان إلى علماء، ودعاة حضارة وتنوير !

[1]ابن سيد الناس :عيون الأثر ، 2 / 188

[2] ابن سيد الناس :عيون الأثر: 2 / 194

[3] مولانا محمد علي : حياة محمد وسيرته : ص221

[4] عميد كلية الحقوق بجامعة "فيينا"،وقال هذه الجملة في مؤتمر الحقوق سنة 1927

[5] انظر : عبد الله ناصح علوان : معالم الحضارة في الإسلام وأثرها في النهضة الأوربية، ص 155

[6] يقول المستشرق سايل : إن مكتشف النسخة الإيطالية لإنجيل برنابا هو راهب لاتيني يسمى " مرينو"...واتفق أنه أصبح حينا من الدهر مقربا من البابا "سكتس الخامس"، فحدث يوما أنهما دخلا معا مكتبة البابا العتقية، فأخذ النوم هذا البابا ، فأحب الراهب مرينوأن يقتل الوقت بالمطالعة إلى أن يفيق البابا ، فكان الكتاب الأول الذي وضع يده عليههو إنجيل القديس برنابا ، فخبأ هذا الإنجيلفي ثوبه ، ولبث إلى أن إستفاق البابا فاستأذنه بالإنصراف حاملاً ذاك الكنز معه ، فلما خلا بنفسه طالعه بشوق عظيم فاعتنق على إثر ذلك الإسلام . اهـ .
وبعد اكتشاف هذا الإنجيل، شاع خبره في بداية القرن الثامنعشر فأحدث دوياً كبيراً، عند النصارى بشتى طوائفهم، وأجمعوا على محاربته وتكذيبه ، بل إن هذا العداء توارثته أجيال النصارى جيلاً بعد جيل ، بل قامأساقفة النصارى بتصنيف الردود على هذا الإنجيل الذي يبشر بشكل صريح جداً بمحمد صلى الله عليه وسلم ..

[7] إنجيل برنابا ، 82 : 16 – 18

[8] أسلم وأطلق على نفسه اسم " إبراهيم خليل أحمد "، وهو حاصل على ماجستير في اللاهوت من جامعــة برنسـتون الأمريكية .ومن كتبه (محمد في التوراة والإنجيل والقرآن) و(المسيح إنسان لا إله) و(الإسلام في الكتب السماوية) و(اعرف عدوك اسرائيل) و(الاستشراق والتبشير وصلتهما بالإمبريالية العالمية) و(المبشرون والمستشرقون في العالم العربي الإسلامي).وقد كان راعياً للكنيسة الإنجيلية ، وأستاذاً للاهوت ، وأسلم على يديه عدد كبير من الناس .

[9] إبراهيم خليل أحمد (القـس إبراهيم فيلـوبـوس سابقاً) : محمد في التوراة والإنجيل والقرآن ، ص 115

[10] إنجيل برنابا ، 96 : 3-16

[11] الحاكم: المستدرك على الصحيحين2\ 672 ، عن أبي موسى برقم 4229، ومصنف ابن أبي شيبة 6\ 317 برقم 31733، وابن عساكر:تاريخ دمشق 3\4، والطبري :تاريخ الأمم والملوك( تاريخ الطبري) 1\ 520، وسيرة ابن حبان 58 . محمد بن يوسف الصالحي : سبل الهدى والرشاد 2\140.

[12] توماس كارلايل : الأبطال، 51، 52

[13] لين بول : رسالة في تاريخ العرب نقلا عن : عفيف عبد الفتاح طبارة : روح الدين الاسلامي ، ص 438.

[14] وليم موير :حياة محمد 14

[15] الدكتور م. ج. دُرّاني : سليل أسرة مسلمة منذ القدم، أصبح نصرانيًا في فترة مبكرة من حياته وتحت تأثير إحدى المدارس التبشيرية المسيحية، وقضى ردحًا من حياته في كنيسة إنكلترا، حيث عمل قسيسًا منذ عام 1939 وحتى عام 1963 حيث عاد إلى الإسلام .

[16] انظر: عرفات كامل العشي : رجال ونساء أسلموا ، 4 / 27 – 28 .

[17] جان ليك" العرب، ص 43

[18] واشنجتون ايرفنج : حياة محمد ، ص 72 .

[19] جوستاف لوبون : ولد عام 1841 وهو مؤرخ فرنسي مشهور، عني بالحضارات الشرقية.من آثاره: (حضارة العرب) (باريس 1884)، (الحضارة المصرية)، و(حضارة العرب في الأندلس).

[20] جوستاف لوبون: الدين والحياة، ص67.

[21] جوستاف لوبون: حضارة العرب ، ص 115 .

[22] انظر: حسين الشيخ خضر الظالمي : قالوا في الاسلام ص 50.

[23] صحيح – رواه البخاري، كتاب بدء الخلق – باب: ما جاء في قول الله تعالى: َ"وهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ" (الروم: 27). ورواه مسلم في التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى ، رقم: 2751.

[24] صحيح – رواه البخاري، كتاب الرقاق – باب: الرجاء مع الخوف. رقم 5988

[25] سنن الترمذي 3463

[26] صحيح – رواه البخاري، كتاب الأدب - باب: رحمة الولد وتقبيله ومعانقته / و أخرجه مسلم في التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، رقم: 2754.

[27] صحيح - رواه الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة، والبيهقي، باب إنما أنا رحمة مهداة، برقم 61، ورواه ابن أبي شيبة عن ابي صالح 7\ 441، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، رقم 490

[28] انظر: أحمد عبد الرحمن إبراهيم : الفضائل الخلقية في الإسلام، 147

[29] واشنجتون ايرفنج : حياة محمد، ص 304

[30] جاك. س. ريسلر: باحث وكاتب فرنسي معاصر، وأستاذ بالمعهد الإسلامي بباريس. والحاصل على جائزة الأكاديمية الفرنسية، تقديرا لكتابه "الحضارة العربية" بوصفه دراسة أساسية لمعرفة الإسلام.

[31] جاك ريسلر :الحضارة العربية ، ص 51 .

[32] الدكتورة إلس ليختنستادتر: باحثة ألمانية، درست العلوم العربية والإسلامية في جامعة فرانكفورت، ثم في جامعة لندن، وأقامت زهاء ثلاثين سنة بين بلاد الشرقين الأدنى والأوسط، وعنيت عناية خاصة بدعوات الاجتهاد والتجديد والمقابلة بين المذاهب. من مؤلفاتها (الإسلام والعصر الحديث).

[33] إلس ليختنستادتر: الإسلام والعصر الحديث، نقلاً عن: عباس محمود العقاد: ما يقال عن الإسلام ، ص 19

[34] باحث مسيحي لبناني ، يتميز بنظرته الموضوعية نحو الإسلام، وعُرف بنشاطه الدؤوب لتحقيق التعايش السلمي بين الإسلام والمسيحية في لبنان.. ألقى العديد من المحاضرات في المناسبات الإسلامية والمسيحية على السواء، متوخيًا الهدف نفسه. من آثاره: (لقاء المسيحية والإسلام) (1970)، و(في خطى محمد) (1970).

[35] نصري سلهب : لقاء المسيحية والإسلام ، ص 22

[36] علي يول : دانمركي، تعرف على الإسلام عام 1973 خلال إحدى رحلاته إلى المغرب، وبعد عدد من اللقاءات مع بعض المسلمين هناك أعلن انتماءه للإسلام، وهو الآن يعيش في كوبنهاجن العاصمة.

[37]انظر: عرفات كامل العشي :رجال ونساء أسلموا ، 4 / 127 .

[38]انظر: عرفات كامل العشي: رجال ونساء أسلموا ، 7 / 21 – 22

[39] لورافيشيا فاغليري : دفاع عن الإسلام ، ص 24 – 25

[40] حسن لغيره - رواه الحاكم في المستدرك، برقم 7418، ورواه الطبراني ورواته رواة الصحيح ، وحسنه لغيره الألباني في صحيح الترغيب والترهيب

[41] صحيح - رواه أبو يعلى الموصلي 4145 ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم 167

[42] صحيح -رواه الحميدي، برقم 619، وأحمد برقم 6206، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم 925

[43] انظر: يوسف القرضاوي: الإيمان والحياة، 283

[44] صحيح - رواه أحمد ، برقم 22391، والطبراني في المعجم الأوسط برقم 4905، البيهقي برقم 4921، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 2700

[45] صحيح – رواه مسلم، بَاب دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ وَبُكَائِهِ شَفَقَةً عَلَيْهِمْ، رقم301

[46] حسن – رواه الترمذي في الشمائل المحمدية ( 295 )، وحسنه الألباني في مختصر الشمائل المحمدية

[47] انظر: محمد فتح الله كولن : النور الخالد محمد صلى الله عليه وسلم مفخرة الإنسانية، 2/69

[48] البخاري، فضائل أصحاب النبي، 20؛ ابن الأثير : أسد الغابة 1/468

[49] ابن الأثير : أسد الغابة 1/468

[50] انظر: محمد فتح الله كولن : النور الخالد محمد صلى الله عليه وسلم مفخرة الإنسانية، 2/69

[51] محمد فتح الله كولن : النور الخالد محمد صلى الله عليه وسلم مفخرة الإنسانية 1/6

[52] انظر محمد علي الخطيب: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة، 33

[53]الدكتور جورج حنا : كاتب نصراني من لبنان، وصاحب كتاب (قصة الإنسان).

[54] جورج حنا : قصة الإنسان ، ص 76 .

[55] صحيح – رواه أحمد برقم 23460، وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم4811 .

[56] رودي بارت : الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية ، ص 20.

[57] سيد قطب : في ظلال القرآن - (ج 6 / ص 91)

[58] نظمي لوقا: محمد في حياته الخاصة ، ص 12.

[59] هربرت وايل : المعلم الأكبر ، ص 17

[60] انظر : شاخت وبوزورت : تراث الإسلام 1 / 64 – 66 .

[61] منصّر سابق، من غانا، بإفريقية الغربية، ولد لأبوين مسيحيين، وتلقى تعليمه في المدارس التنصيرية، ولما بلغ العشرين بدأ مهمته كمبشر متحمّس، لكنه عثر يومًا على كتاب عن الإسلام قدمه إليه أحد أصدقائه فاهتزّت قناعاته بالنصرانية، واستمر في طريق البحث عن الحق حتى خريف عام 1963 حيث أعلن إسلامه.

[62] انظر: عرفات كامل العشي: رجال ونساء أسلموا ، 9 / 57 – 58 .

[63] انظر: حكمت بشير ياسين، عناية السنة النبوية بحقوق الإنسان، 337

[64] انظر: حكمت بشير ياسين، عناية السنة النبوية بحقوق الإنسان، 337

[65] جوزيف شاخت: ولد عام 1902، وعين أستاذًا في عدد من الجامعات الألمانية (1927-1934)، ومحاضرًا للدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد (1948)، وليدن (1954)، وكولومبيا (1957-1958)، وقد اشتهر بدراسة التشريع الإسلامي وبيان نشأته وتطوره.من آثاره: (دين الإسلام) (1931)، و(نشأة الفقه في الإسلام) (1950)، و(خلاصة تاريخ الفقه الإسلامي) (1952).

[66] انظر : شاخت وبوزورت : تراث الإسلام 3 / 9 .

[67] انظر : عرفات كامل العشي : رجال ونساء أسلموا ، 8 / 1108 – 109 .

[68] لورافيشيا فاغليري : دفاع عن الإسلام ، ص 43.

[69] إميل درمنغم: حياة محمد، ص 300.

[70] هنري دي كاستري: الإسلام: خواطر وسوانح ، ص16، 17

[71] كاتبة إنجليزية، اعتنقت الإسلام وزارت الحجاز، وحجت إلى بيت الله، وكتبت مذكراتها عن رحلتها تلك في كتاب لها بعنوان: (الحج إلى مكة) (لندن 1934) والذي ترجم إلى العربية بعنوان: (البحث عن الله).

[72] اللادي ايفلين كوبولد: البحث عن الله، ص51، 66

[73] انظر: ابن كثير: السيرة النبوية، 3\ 573، والبداية والنهاية 4\ 346

[74] السهام التي كانوا يستقسمون بها الخير والشر، وهو عمل سخيف، يعيق الإنسان عن العمل والحركة، إلا بقرار من هذه الأزلام !

[75] المصدر السابق

[76] انظر : صفي الرحمن المباركفوري : الرحيق المختوم ، 471.

[77] انظر : المصدر السابق

[78] انظر : المصدر السابق

[79] جورج حنا : قصة الإنسان ، ص 25
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59