عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-27-2012, 05:06 PM
الصورة الرمزية تراتيل
تراتيل غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 720
افتراضي حال القومية العربية في العصر الحاضر


حال القومية العربية في العصر الحاضر
الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
من كتاب: نشأة العنصرية في التاريخ الإسلامي

من نعم الله - عز وجل - أن القومية العربية تفتتت بحربين:

الحرب الأولى: حرب لبنان ، فلو تأملنا تاريخ لبنان التي كانت منطلقاً لتمزيق الأمة الإسلامية والدولة العثمانية، والرابطة التي جمعتهم هي رابطة القومية ، فأراد الله عز وجل أن تتمزق لبنان نفسها، وتصبح فئات متناحرة: فـالموارنة طائفة، والأرمن طائفة، والموارنة انقسموا إلى أحزاب وهي: حزب مع شمعون ، وحزب مع فرنجيه ، وحزب مع الجميل وهكذا..
والدروز لهم حزب، ولهم إذاعة وجيش، والرافضة حزبان وهما: حزب الشيطان الذي يسمونه حزب الله , وحركة أمل نبيه بري ، وهم كلهم رافضة .. فتمزقت البقعة الصغيرة هذه التي من أجلها مزقنا الأمة الإسلامية وجعلناها أمتين، أمة عربية وأمة إسلامية، حتى إنه إذا عقد مؤتمر الأمة العربية يحضر رئيس لبنان ، فإذا عقد مؤتمر إسلامي يحضر رئيس لبنان وهو نصراني!! فمن أجلهم ضيعنا ولاءنا وعقيدتنا وانتماءنا فمزقهم الله.
فبدأت القومية العربية في الانتكاس بهذا الحال، ومزق الله حزب البعث في سوريا والعراق .
إنها عداوة مستحكمة، بحيث يتعجب المرء في أن كل واحد منهم لو مُكّن له لكان أول ما يبدأ يفترس ويبطش بأخيه البعثي الآخر، وكذلك فإن سجون العراق ملئا بالبعثيين السوريين الموالين لـصلاح بكداش ، وسجون سوريا ممتلئة بالبعثيين المنتمين إلى ميشيل عفلق وحسن البكر وأمثاله.
وفي مصر عندما جاء أنور السادات تخلى تماماً عن القومية العربية ، ورجعت مصر وسمت نفسها جمهورية مصر العربية .
كان يريد القذافي -تلميذ جمال عبد الناصر - أن يعمل دولة موحدة ولم يوفقه الله؛ لأنها لا تقوم على أساس الإسلام، فتمزقت - أيضاً - القومية العربية التي كانت تربط ما بين مصر وليبيا .

الحرب الثانية: حرب الخليج، فبعض العرب حتى في داخل البيت الواحد؛ وداخل الحزب الواحد؛ وداخل الدولة الواحدة؛ وقف مع العراق ، وبعضهم وقف ضد العراق ، وتشاحن الطرفان، فالبعثيون السوريون الذين يربطهم بـالعراق رابطة القومية والبعثية هم -أيضاً- دخلوا ضمن الجيوش التي دخلت إلى العراق وقتلت من العراقيين ما قتلت! فهذه نعمة -والحمد لله- فبعدما كانوا يتقاتلون في لبنان ، ومنهم من يؤيد عون ، ومنهم من يؤيد شمعون أصبحوا يتقاتلون بأنفسهم وجهاً لوجه، فالحمد لله لأن القومية العربية في حالة احتضار.
والحمد لله أن المسلمين أفاقوا إلى حد كبير، فنجد ما حدث في أفغانستان أو الفلبين أو البوسنة والهرسك وغيرها؛ جعل المسلمين يشعرون بضرورة الولاء الإسلامي، وأن تكون العقيدة هي الرابطة, فالكل اشتركوا، وجاهدوا ولو بالمال ولو بالدعاء لإخوانهم المسلمين، فهذه المصائب والمحن جعلت المسلمين يشعرون بأننا أمة واحدة في آمالها وآلامها؛ لأنها واحدة في عقيدتها وقبلتها وكتابها وسنة نبيها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي كل الأواصر والروابط، ولا يوجد أمة أوغل وأعمق في التاريخ من هذه الأمة؛ لأنها فوق كل القوميات والعنصريات والعصبيات.
ولا فخر بالحجارة والطين كما يفتخرون، فهؤلاء عندهم الأهرامات، وهؤلاء لديهم حدائق بابل وأولئك بنوا مدائن صالح ، وهؤلاء بنوا إرم، أما نحن فنفخر وننتمي ونعتز بالانتماء إلى ركب الإيمان والأنبياء, وركب النبي الذي بنى هذا البيت: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً [آل عمران:96-97]، هذا هو البناء الذي يجمعنا والذي نفتخر به.
نعبد الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ونفتخر بالعبودية له وباستقبالنا هذا البيت الذي بناه وحجه أنبياء الله, فهذه هي حضارتنا وآثارنا التي نفتخر بهما، وانتماؤنا الذي نفتخر به، وما عدا ذلك فكلها جاهليات وعصبيات ممقوته مذمومة، إنما جاء الإسلام للقضاء عليها ولحربها، ويكفيها أنها جاهلية كما سماها الله تعالى وسماها رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59