عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 07-07-2012, 08:19 PM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي

المسألة الرابعة : الاستدلال في الشريعة والقانون.

الاستدلال في الشريعة يكون من الأدلة الإجمالية ، وهي باتفاق علماء الشريعة : الكتاب والسنة والإجماع والقياس ، واختلف علماء الشريعة في الاستدلال بأدلة أخرى مثل : شرع من قبلنا وقول الصحابي والاستصحاب والاستصلاح والاستحسان ، واختلافهم يعود إما لعدم الاستدلال ببعضها أو الاختلاف في طريقة الاستدلال بها حسب مدارسهم ومذاهبهم ، لكن كلّ من يستدل بها يشترط أن تعود بالاستناد للكتاب والسنة ، أي لا تخالفهما ، وكتبُ أصول الفقه في الشريعة طافحة بالتطبيقات والتخريجات التي تستند إلى هذه الأدلّة. وهذا الاستدلال المنضبط أضفى بظلاله على علم وثقافة علماء الشريعة حتى تكاد أن تعرف رأي العالم الشرعي في مسألة ما إذا كنت تعرف طريقته في الاستدلال من الأدلة الإجماليّة. فمثلاً إذا عرفت طريقة الإمام أبي حنيفة في الاستدلال - وإليه يُنسب المذهب الحنفي – تمكّنت من معرفة رأيه في مسألة ما ، ومثل ذلك مع طريقة الأئمة مالك والشافعي وأحمد.

أما الاستدلال في القانون فغير منضبط ؛ فعندما تفتّش كتاباً لرمز من رموز القانون وتقرؤه قراءة نقديّة ، تجد الاستدلال بما لا يُستدلّ به ، فمثلاً تجد الاستدلال بالقانون نفسه دون بيان مستند القانون في ذلك ، كالذي يفسّر الماء بالماء ، كالاستدلال للمادة القانونيّة بكوْنها صدرت من السلطة المخوّلة بذلك ، وكان المطلوب بيان الدليل الذي استندت إليه السلطة ، وتارة تجد الاستدلال بأقوال الرموز أيّاً كانت هذه الرموز التي من المنهجيّة في البحث طلب الدليل لها لا الاستدلال بها ، وتارة تجد الاستدلال بالعقل بالنظر لمصلحة الأقوى دون النظر لمصلحة غيره ، كتبرير قبول القانون للفائدة من القرض أن الفائدة أمرٌ تقرّره مصلحة المقرض.


مسألة متفرعة عن المسألة الرابعة :
تطبيقات تُظهر أثر اختلاف الاستدلال بين الشريعة والقانون.

1 – إسقاط الحق بمرور مدة يعيّنها النّظام للمطالبة به ، ويسمّى التقادم ، وهذا الإسقاط يقبل به القانون مطلقاً ، أما الشريعة فلا تقبل به على إطلاقه ، فالأصل أن حقوق النّاس تبقى لهم مهما طال الزمن وهي بيد غيرهم ، ومصداق ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( على اليد ما أخذت حتى تؤديَه ) أي أن على من أخذ شيئاً من حقّ غيره فليتحمّل ما ترتّب عليه بعد أخذه حتى يُعيْده لأصحابه ، فدلالة النصّ هنا على أنّه لا يُكسَب الحقّ بوضْع اليد ، إلا أن الشريعة قد تخرج عن هذا الأصل متى ما استبان للقاضي أن المدّعي بالحق إنّما سكَت عن المطالبة بما يدّعيْه لسبب يُثبت كذب دعواه كان يرجو زواله ، وحينئذٍ يُعامل بنقيض قصْده.


2 - الدين الممتاز ، ويُقصد بوصف الدين بالامتياز أن صاحبه يضمنه كاملاً من تركة المدين إذا توفي أو بيعت أملاكه ، فيأخذ حقّه قبل سائر الدائنين أصحاب الديون غير الممتازة ، وتسمى الديون العادية ، وهذا أمر يقبل به القانون ، أما الشريعة فلا تقبل به ، فالدائنون كلهم سواسية يأخذون حقوقهم بحسب نسبهم.

3 - السهم الممتاز ، ويُقصد بالسهم الحصّة في الشركة ، ويُقصد بوصف الامتياز عدة صور كلّها يقبلها القانون ، منها أنّ صاحب السهم الممتاز يضمن الربح ولو خسرت الشركة ، ومنها ضمان صاحب السهم لسهمه حال تصفية الشركة ، ومنها أن صوت صاحب السهم بالنسبة لبقيّة الشركاء أكثر من صوت ، ومنها أن لصاحب السهم الحق في المساهمة في الشركة حال توسيعها قبل غيره ، وأما الشريعة فلا يجوز في أحكامها إلا الصورة الأخيرة.

4 – عدم الاعتذار بالجهل بالقانون في القضاء مطلقاً ، ففي القانون متى ما تمّ نشر القانون في الجريدة الرسميّة لا يُعذر أحدٌ بالجهل به ولو كان مُحِقّاً ، أما الشريعة فقد جعلت الجهل بأحكامها من عوارض الأهليّة ، فمتى ما ثبت الجهل قضاءً لا يؤاخذ به ، تخريجاً على قوله تعالى : (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) الإسراء 15، ولكن يُلحظ في الشريعة أنها وإن عذرت الجاهل في أحكامها ، لكن تُلزمه بضمان حقوق الغيْر ، فمخالفة الحكم شيء ، والإتلاف شيء آخر.

5 – القرض ، فهو يقوم على التبرع في الشريعة بخلاف ما يقوم عليه في القانون إذ يقوم فيه على الربحيّة.



__________________


رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59