أفهم أن يتضمن شراء جهاز كهربائي كفالة لسنة أو سنتين ، وأفهم أن تستمر الكفالة لعدة سنوات كما يحدث مع منتجات شركات كبرى مشهورة وجودتها مضمونة ، لكن لا أفهم أن تكون كفالة مفاعل نووي لمدة ثلاث سنوات فقط ، وهذا ما يحدث في الأردن .
لعل المفاعل النووي البحثي الذي سيتم تسليمه للحكومة الأردنية في العام 2015 يستحق من هيئة الطاقة الذرية الأردنية أن يكون مكفولا لعشرين عاما ، بكل تفاصيله ومكوناته ، وهو رأي لا يعجب الهيئة بالمناسبة .
ولكي لا أذهب بعيدا عن التخصص في مثل هكذا موضوع حساس ، فإني أنوه - بداية - أني لست ضد المفاعل البحثي ، أبدا ، ولكن ضد الطريقة ، أو بالأحرى ، الإتفاقية التي وقعتها الهيئة مع الشركات المعنية التي تقدمت لبناء المفاعل .
وإذا عدنا للقصة من أولها : فإن الأمر استقر على أن تقوم شركة ائتلاف كورية ببناء المفاعل البحثي ، حيث تم الإتفاق بين الهيئة والشركة المذكورة على بنائه بأسلوب تسليم المفتاح ( Turnkey Contract ) .
أسلوب تسليم المفتاح يكون مقبولا إن تم تحديد كل ذرة في البناء ، وكل ذرة في مكونات المفاعل ، وكل حبة إسمنت ، وكل قطرة ماء ، وكل شيء ، أما أن أوقع اتفاقية لإنشاء مفاعل نووي بأسلوب
" تسليم المفتاح
" وكأننا نريد أن نبني عمارة ، فإن هذا يضع ألف علامة استفهام حول إجراءات السلامة في عملية البناء والتسليم ، لأننا - في هذه الحالة - بحاجة إلى خبراء نوويين ومهندسين نوويين ، ومستشارين نوويين ليفيدونا ما هو الأفضل عالميا حتى الآن في عناصر البناء جميعها ، وما هو الأفضل عالميا في مخططات الإنشاء ، وما هي الأجهزة والأدوات الأفضل عالميا التي ستستخدم في عملية البناء وعملية التسليم ، وهو ما لم يتوفر في هذه الإتفاقية التي أعتقد أنها جاءت متسرعة على طريقة
" سلق
" المشروع بغية الإنجاز بعيدا عن الجودة ، كون الأردنيين ليسوا علماء ذرة ليعرفوا ماذا سيسلمهم الكوريون ، وأي
" مفتاح
" هذا الذي سيضعونه في سلسلة مفاتيح
" نووية
" لا نعرف هل هي
" حديدية أم
" من النحاس
" أم من
" الكرتون
" وهذه الأمثلة لتقريب المراد من قضية
" تسليم المفتاح
" المضحكة .
ويعترف السيد خالد طوقان ، في كتاب رسمي وجه لرئيس الوزراء بتاريخ 3 - 6 2013 ، ويحمل الرقم 1 - 1 - 2025 وقدر لي أن أطلع على نسخة منه : أن الهيئة - هيئة الطاقة الذرية - لن تقوم هي باستيراد أية أجهزة أو معدات خاصة بالمشروع ، أي أن جميع الأجهزة والتعاقد عليها هو من مسؤولية الشركة الكورية وحدها ، فهل يعقل هذا ؟ .
وكما يقول السيد طوقان :
" فإن من مسؤولية الشركة الكورية تشغيل المفاعل لغاية سنة 2018 ، وبعدها فإنه سيصبح من اختصاصنا ، سواء بقي المفاعل سليما ، أم قدر له أن لا يكون كذلك ، وهي فرضية لا يجوز أن نغفلها ، والحوادث النووية باتت تحصيل حاصل حتى في الدول المتقدمة ، ولا يجوز لأي كان القول : إننا بصدد مفاعل
" بحثي
" ليس إلا ، فنحن هنا لا نتحدث عن
" كومبروسر حفريات
" .
ويعترف السيد طوقان كذلك ، أن شركة
" أمريسون
" الأمريكية ، ستقوم بتزويد مشروع المفاعل البحثي بصمامات كهربائية ، ولكن الأجهزة الكهربائية الداخلة في المشروع هي من تصميم كوري ، وستقوم الشركة الكورية
" كيري - دايو
" بتنفيذها ، ولا إشراف إلا لها في عملية التنفيذ ، ونسأل أيضا هنا من جديد : هل يعقل هذا ؟ .
وأريد أن أتلو عليكم نصا في الإتفاقية ، وأترك لكم التعليق عليه ، ويتعلق هذا النص بعدم مسؤولية الشركة الكورية عن أية كوارث تقع للمفاعل وتاليا النص :
" يلتزم المالك ( الأردن ) بتزويد المقاول بشهادة إخلاء طرف عند توريد الأجهزة - المعدات ، ويخلى طرف الشركة الكورية من أية التزامات أو مطالبات نتيجة استخدام المعدات والأجهزة
" .
وهناك بند أوضح يقول :
" المالك ، أي الأردن ، مسؤول مسؤولية مطلقة تجاه الأضرار الناتجة عن الحوادث النووية عند تسلمه وتشغيله للمفاعل
" .
كنا تحدث عن كتاب تاريخه 3 - 6 - 2013 ، والآن ، أدعو الأردنيين جميعا إلى
" مسك
" أعصابهم ، ذلك أن رئيس الحكومة التي وقع في عهدها العطاء حول إلى وزير المالية بتاريخ 14- 2-2010 اقتراحا قدمته هيئة الطاقة الذرية فحواه :
" إعفاء الشركة الكورية من كافة الضرائب والرسوم بمبلغ إجمالي وصل إلى (30.810.000 ) مليون دولار ).
وإذا كان كل ذلك سليما وعاديا ، فيحق للأردنيين طرح السؤال التالي بناء على معلومة مؤكدة وصلتني تقول : إن الشركة الكورية ولتضمن العطاء ، قدمت للأردن قرضا بقيمة 70 مليون دولار .
كيف ، ولماذا .. ألله أعلم !.
د . فطين البداد