فصـاحـــة غـــــلام
-----------------
ـ قحطت البادية في أيام هشام بن عبد الملك ، فقدمت عليه العرب فهابوا
أن يكلموه ، وكان فيهم درواس بن حبيب وهو ابن ست عشرة سنة ،
له ذؤابة وعليه شملتان فوقعت عليه عين هشام فقال لحاجبه : ما شاء
أحد أن يدخل عليّ إلا دخل حتى الصبيان .
ـ فوثب درواس حتى وقف بين يدي هشام مطرقاً ثم قال : يا أمير
المؤمنين إن للكلام نشراً وطيّاً ، وإنه لا يُعرف ما في طيّه إلا بنشره ،
فإن أذن لي أمير المؤمنين أن أنشره نشرته .
ـ فأعجب هشام بكلام الغلام وقال له : أنشره لله درّك .
ـ فقال يا أمير المؤمنين ، إنه أصابتنا سنون ثلاث ، سنة أذابت الشحم ،
وسنة أكلت اللحم ، وسنة دقت العظم ، وفي أيديكم فضول مال فإن كانت
لله ففرقوها على عباده ، وإن كانت لهم فعلام تحبسونها عنهم ؟ وإن كانت
لكم فتصدقوا بها عليهم فإن الله يجزي المتصدقين .
ـ فقال هشام : ما ترك الغلام لنا واحدة من الثلاث عذراً .
ـ فأمر للبوادي بمائة ألف دينار ، وللغلام بمائة ألف درهم ، ثم قال له :
ألك حاجة ؟ قال الغلام : ما لي حاجة في خاصة نفسي دون عامة
المسلمين . فخرج من عنده وهو من أجلّ القوم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ م: كلية الملك خالد العسكرية ـ 19ـ }
ــــــــــــــــ
:gmf_thumb: