الموضوع: لماذا مصراته؟
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-18-2014, 06:21 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,159
ورقة لماذا مصراته؟


لماذا مصراته؟
ــــــ

(د. علي رحومة السباعي)
ــــــــــــ

20 / 8 / 1435 هــ
18 / 6 / 2014 م
ــــــــــ

584705936.jpg

ذكرت في منشور سابق بأن أفضل مدينة يمكن أن تنطلق منها الثورة الليبية وتستكمل مراحلها، وكذلك المدينة المؤهلة لأن تكون نواة للدولة الليبية هي مصراته، وقد وعدت بأنّ أذكر الأسباب في منشور مستقل، وها قد آن أوان الوفاء بالوعد:

أولا: لابد من استحضار أننا في ظروف استثنائية ولسنا في ظروف اعتيادية، والظروف الاستثنائية كثيرة وظاهرة جدا، فلا وجود للدولة، والحدود مشرعة على مصراعيها، والتراب الليبي مستباح، وانتشار السلاح، والجريمة، والمخدرات، والعديد من المخاطر التي لا تخفى، ويمكن أن نختصر ما تقدم بقولنا "الأمن القومي في خطر".

ثانياً: وبناء على ما تقدم، في كل الدول ـ الغربية والشرقية، المتقدمة والمتأخرة ـ إذا تقرر عندها أن أمنها القومي في خطر تعلن درجة الطوارئ القصوى، وتصبح البلد تُسيّر بخطة الطوارئ وليست بالخطة العادية، أي قد تعلن الدولة منع التجول في ساعات محددة من الليل أو النهار، وقد تتوقف الدراسة، وقد تغلق بعض الوزارات، وقد تُغلق بعض القنوات، وقد تُصنف قنوات أخرى على أنها "خطر على الأمن القومي!"، وقد يُعتقل بعض الأشخاص، وقد تنتقل مقرات الدولة من مدينة إلى مدينة أخرى أكثر أمانا! وهكذا، وبالجملة، كل اجراء يساعد ويساهم في الحفاظ على الأمن القومي لا بد من اتخاذه دون تردد ولا تأخر.

ثالثاً: لا اعتبار إطلاقا لما سيترتب على الاجراءت التي ذكرناها سابقا مهما جعجع الإعلام والقنوات المأجورة بالحريات وحقوق الإنسان، فقد تقع بعض التجاوزات، وتضيق الحريات ونحو ذلك، إلا أنّ حفظ الأمن العام أولى من حفظ الفرد، وحماية الوطن أولى من حماية الفرد وهكذا. وهذه المهمة تقع على المدن الثائرة فإن لم تبادر فإنها ستدفع الثمن باهضها لاحقا.

رابعاً: فإن قيل من الذي سيُعطي الشرعية لمصراته أن تفعل ذلك، فأقول من الذي أعطى الشرعية لخليفة حفتر أن يقصف بنغازي؟ فإن قيل أنّ خليفة حفتر يريد إرجاع "كرامة" الجيش الليبي ويحارب "الإرهاب". قلنا كذلك يحق لمصراته ـ أو أحد المدن الثائرة ـ أن تعيد كرامة ثورة 17 فبراير، ومن حقها أن تضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بهذه الثورة، وهذا أمر لا تحتاج أن تستشير فيه أحد أليس كذلك؟ فلماذا تباركون عملية إعادة كرامة جيش حفتر ولا تباركون عملية إعادة كرامة ثورة وثوار 17 فبراير؟

خامساً: اعلم مسبقا بأن مصراته لها خصوم، ولست هنا في موطن الدفاع عن مصراته إطلاقا، لكنني أريد أن أقول بأن خصوم مصراته بعضهم ظاهر لا يخفى، إلا أنّ هناك خصوم لا يدركهم كثير من القراء، هؤلاء الخصوم هم أولئك الجهويون القبليون، أولئك الذين يقولون بأن "بنغازي المحتلة!" و "حفتر يقاتل الجيش العثماني!" ونحو ذلك، في إشارة إلى مصراته!.

سادساً: ولا يعني إطلاقا أنني أرى في مصراته الكمال، ولا يعني أيضا أنني أقف مع من أجرم أو قتل أو سرق أو ظلم من أبناء مصراته، فأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، فأنا امرء أساند الحق والصواب فقط، أما الباطل فلم ولن أسانده إطلاقا.

سابعاً: أرجو أن نتخلص من الثنائية المقيتة:

ـ لا أريد خليفة حفتر، إذا أنت تؤيد أنصار الشريعة!

ـ لا أريد القذافي، إذا أنت عميل النيتو!

ـ أنا مع بقاء درع الوسطى في طرابلس، إذا أنت مش واجعينك ضحايا غرغور!

ـ أنا مع نقل البرلمان القادم إلى مصراته، إذا أنت راضي على تشريد تاورغاء!

فمن يحمل في عقله مثل هذه الثنائيات فلا سبيل إطلاقا لمخاطبته فضلا عن إقناعه.

ثامناً: لماذا مصراته؟ مصراته بإجماع المراقبين أكثر المدن استقرارا، فالمدينة آمنة مستقرة الحياة فيها طبيعية، وهذا راجع لعدة أسباب، من أهمها أن مصراته، خلافا لمعظم المدن الليبية الأخرى، طحنتها الحرب طحنا فتخلصت من خبثها، فلا مكان لمخلفات النظام السابق في مصراته!.

تاسعاً: لماذا مصراته؟ مصراته لايزال وهج الثورة يتّقد فيها، ولذلك كل من سيصل إلى البرلمان من المناطق الأخرى ولايزال يحمل في عقله أو مشاعره بعض الحنين إلى النظام السابق فسوف تنصهر تلك المشاعر وتختفي في سماء مصراته الحارق.

عاشراً: لماذا مصراته؟ مصراته مدينة حضارية بفضل ما حباها الله من خير، فالمدينة حتى في زمن القذافي كانت مدينة نموذجية ـ خلافا لمعظم المدن الأخرى ـ وهذا راجع لعدة أسباب، منها، موقعها الجغرافي المتميز ـ برا وبحرا وجوا ـ وكذلك انتشار العلم، وسواء كان ذلك العلم علما شرعيا أو علما دنيويا، فالمدينة تزخر بالعلماء والخطباء والدعاة وحفظة القرآن، وكذلك تزخر بالمثقفين والأكادميين والأطباء والمهندسين والتجار ورؤوس الأموال وأصحاب المهن والصنائع المختلفة.

الحادي عشر: لماذا مصراته؟ مصراته خرجت من حرب طاحنة لم تُبق ولم تذر، وقد خصّها القذافي بمزيد من العذاب، قصفا وحرقا وهدما، ومع ذلك، نرى هذه المدينة الرائدة تعود إلى الحياة المدنية والإدارية بسرعة فائقة، فالمدينة اليوم بها مؤسسات وإدارات وهيئات ومنظمات تشتغل بكفاءة، فهذا مؤشر كبير على أن مصراته قادرة على بناء الدولة القادمة.

الثاني عشر: لماذا مصراته؟ مصراته تمتلك ترسانة عسكرية تصلح أن تكون نواة لجيش وطني حقيقي، وليس ما تقدم السبب الذي من أجله تقوم الجيوش، بل الروح المعنوية العالية هي الأساس في بناء الجيوش، فأهل مصراته كما لا يخفى عليكم هم أهل الحلقة والحديد ورثوها كابرا عن كابر، واسألوا جيش الجنرال قراسياني عن بأسهم سابقا، وكذلك كتائب وألوية الجنرال معمر القذافي اليوم.

الثالث عشر: لماذا مصراته؟ مصراته دخلت حرب ثورة 17 فبراير انتصارا للحق والإحساس العميق بمعاناة قطعة من الوطن، فحينما صرخت بنغازي صرخات الألم، كانت مصراته تعيش في بحبوحة من العيش، وكان باستطاعتها أن تقترب من القذافي ليغدق عليها من فتاته كما فعلت بعض المدن الأخرى، ولكنها أبت إلا أن تتنصر إلى القيم وأخوة الوطن، فدخلت المعركة بكل ثقلها، وقذفت بأبنائها واحدا تلو الآخر في أتون المعارك، وكانت في غنى عن ذلك! "شرف الجهاد الليبي مصراته، مصراته قدّمت نفسها للوطن يعني أعطت روحها كلها للوطن" كما يقول علي عطية حدوث العبيدي رحمه الله.

الرابع عشر: لماذا مصراته؟ مصراته دفعت الجراح والدماء والأشلاء والهدم والحرق والبتر حتى تقف سدا منيعا ضد تقسيم ليبيا، وهذا يجعلها في مقدمة من يقود ليبيا اليوم، لأنها مؤتمنة على الوطن، ولأنها قدّمت نفسها هدية للوطن، فمن كان حاله هكذا في الشدائد فلن يخون ويتغير في السراء، فأين الحياء والوفاء أيها الانفصاليون؟ أم ماتت فيكم النخوة وانعدم فيكم الوفاء؟

الخامس عشر: لماذا مصراته؟ البرلمان هو عبارة عن مجموعة من الناس تُصدر مجموعة من التشريعات، هذه التشريعات ما لم يكن هناك قوة تحميها وتنفذها فلا قيمة لها، ومن أسباب إخفاق المؤتمر الوطني كثرة الاعتداءت عليه، وهذه القضية ـ الاعتداءات ـ لن يكون لها وجود في مصراته.

السادس عشر: اعلم مسبقا بأن مصراته لوحدها لا تقوى على مجابهة كل الصعاب التي ألمّت بالوطن، ولكن لو تكاثفت وتعاونت معها المناطق والأفراد والكيانات المخلصة من كل ربوع الوطن فسنرى بعد ذلك تغيرا جذريا في سير الأحداث.

السابع عشر: كما أنني أعلم مسبقا بأن هناك مدن وقبائل ومناطق وأفراد قد أبلوا بلاء حسنا في ثورة 17 فبراير، وقد رأينا منهم من أصناف القوة والشجاعة والإقدام الشئ الكثير، وما ذكرته عن مصراته كثير منه موجود في بعض المناطق الأخرى، إنما أنا أتكلم عن الحاجة الماسة للقيادة السياسية وتحقيق المكاسب لليبيا، فثورة 17 فبراير تحتاج إلى قيادة حكيمة وليس إلى مقاتلين، وهذه نقطة مهمة أرجو التنبه لها.

الثامن عشر: فإن قيل بأن مصراته ليست العاصمة؟ قلنا قد أجبنا على هذا الأشكال في الفقرة الثانية بقولنا بأننا في حالة حرب، لكن ها هي مدينة البيضاء تحتضن لجنة الستين وهي ليست العاصمة ولا المدينة الثانية في المنطقة الشرقية!. مثل هذا الطرح لو تخلصنا منه في هذه الفترة بالذات لاسترحنا من كثير من المشاكل، ثم هذا الأمر استثنائي، فإذا استقرت البلاد وهدأت وقامت الدولة، فانقلوها بعد ذلك حتى إلى طبرق أو بني وليد وستجدونني أول الموافقين.

أخيراً: الجيش الإلكتروني مرحب بهم إذا التزموا الأدب وحسن الحوار، أما إذا سلكوا غير ذلك، فسيتسلط عليهم سيف الأدمن ـ أيوب ـ ليبيد خضرائهم ويستأصل شأفتهم.

اللهم احفظ ليبيا وأهلها، وأنعم عليهم بالأمن والأمان.
----------------------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59