عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-25-2013, 09:32 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة تسوية الصراع كما تريدها إسرائيل بمساعدة السيسي


تسوية الصراع كما تريدها "إسرائيل" بمساعدة السيسي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ

22 / 2 / 1435 هــ
25 / 12 / 2013 م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(صالح النعامي)
ــــــــــــــــــــ

http://taseel.com/UploadedData/Pubs/Photos/_3756.jpg




يبدو بشكل جلي وواضح أن هناك علاقة وثيقة بين الحرب التي تشنها حكومة الانقلاب في مصر على قطاع غزة ومقاومته وبين السعي نحو تحقيق تسوية سياسية للصراع مع الصهاينة يحقق المصالح "الإسرائيلية". هذا الحكم ليس مجرد تحليل، بل هو اعتراف صهيوني واضح وجلي. وهذا ما عبر عنه زعيم المعارضة في الكنيست الصهيوني إسحاق هيرتزوغ، الذين لم يتردد في إبدائه "الإعجاب" بالجهود التي يقوم بها السيسي من أجل التمهيد نحو التوصل لتسوية سياسية تحقق الخطوط الحمراء " الإسرائيلية " عبر ممارسة الضغوط والحصار على حركة حماس. ومن اللافت أن هيرتزوغ الذي يحظى بصفته زعيماً للمعارضة على "إطلاع أمني سري" من دوائر صنع القرار في تل أبيب، قد اعتبر جهود السيسي في الضغط على حماس مهمة جداً في تهيئة الظروف لتحقيق تسوية مريحة للكيان. ويهدف تحرك السيسي، كما يقول هيرتزوغ إلى مواجهة حركة حماس بكم كبير من المشاكل والتحديات لدرجة تجعلها غير قادرة على إبداء معارضة قوية لتسوية للصراع تحقق مصالح الكيان الصهيوني. ومن الواضح أن النخب الصهيونية تعي تماماً أنه لا يمكن التوصل لتسوية سياسية طالما ظلت حركة حماس متمسكة بمواقفها الحالية، حيث أن تحقيق التسوية يتطلب أولاً حسم التمثيل الفلسطيني في كل الأماكن التي يتواجد فيه الفلسطينيون، وضمنها قطاع غزة والشتات، وهذا ما يعبر عنه الصهاينة بشكل علني. ومن الواضح أنه طالما تمكنت حركة حماس من إدارة شؤون قطاع غزة بشكل مريح، فإنها ستتفرغ للاهتمام بشكل أكبر بما قد يقدم عليه رئيس السلطة محمود عباس، هذا على الأقل ما يفكر به الصهاينة والأنظمة الرسمية العربية.

أية دولة؟

المفارقة أن الجهود التي يبذلها السيسي من أجل تهيئة الظروف لاتمام تسوية بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية لا تضمن في الواقع ولادة دولة حقيقية. أن نظرة بسيطة لما ورد في خارطة الترتيبات الأمنية التي حملها مؤخراً وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لعباس ورئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو تؤكد ذلك. ففي الواقع تحول الترتيبات الأمنية الدولة الفلسطينية العتيدة إلى مجرد إدارة مدنية وكيان مسخ يخضع لسلطة الاحتلال المباشرة بدون أي شكل من أشكال السيادة، حيث أن هذه الترتيبات تبقي في أيدي " إسرائيل " 57% من أراضي الضفة الغربية. وحسب الخارطة، فإن " إسرائيل " ستواصل الاحتفاظ بـمنطقة غور الأردن التي تشكل 30% من الضفة الغربية، والقدس الكبرى والأراضي التي انتزعها جدار الفصل العنصري التي تمثل 17%، والكتل الاستيطانية التي تشكل حوالي 10% ". وم الواضح أن أية دولة فلسطينية ستنشأ في الضفة الغربية ستكون عبارة عن ثلاث كانتونات وجزيرة، كانتون في الشمال يضم منطقة نابلس وشمالها، وكانتون في الوسط يضم منطقة رام الله، وكانتون في الجنوب، بالإضافة إلى تحويل أريحا إلى مجرد " جزيرة " في بحر من المستوطنات اليهودية. ولا حاجة للتذكير طبعاً بتداعيات المشروع الاستيطاني التهويدي " E1" الذي يصل القدس المحتلة بمستوطنة " معاليه أدوميم "، والذي يفصل وسط الضفة الغربية عن جنوبها، أي أن الدولة الفلسطينية العتيدة ستكون دولة بدون تواصل جغرافي. ومن الواضح أن خارطة " كيري " تضفي شرعية على عمليات التطهير العرقي التي تقوم بها " إسرائيل " ضد الفلسطينيين الذين يقطنون منطقة " غور الأردن "، والقبائل البدوية التي تقطن في محيط مشروع " E1 ". إلى جانب ذلك، كله، فأن خطة " كيري " تنص على نزع كل معالم السيادة من الدولة العتيدة، فهذه الدولة لن يكون بوسعها السيطرة على الحدود مع الأردن، وضمن ذلك المعابر الحدودية، ولن تكون ذات قدرة على التصرف بالأجواء، علاوة على أن علاقاتها الدولية ستكون محكومة بهواجس " إسرائيل " الأمنية، بمعنى أنه لن يكون بوسعها إقامة علاقات مع دول أجنبية لا تقيم علاقات مع الكيان الصهيوني.

توظيف ورقة الأسرى

وفي الوقت الذي يتولى السيسي مهمة الضغط على حماس، فإن كيري يتولى مهمة الضغط على عباس، من خلال التلويح بعدة أوراق، منها المساعدات المالية وورقة الأسرى. فبعد أن تم الإعلان عن إن " إسرائيل " ستقوم بإطلاق سراح 48 أسيراً ممن تم اعتقالهم قبل التوقيع على أوسلو، فقد هدد كيري عباس بأنه لن يتم مواصلة الإفراج عن هؤلاء الأسرى في حال لم يعلن قبوله بخارطة الترتيبات الأمنية، والمفارقة أن كيري عاد في زيارته الأخيرة للمنطقة ليؤكد أنه سيتم الإفراج عن هؤلاء الأسرى. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي جعل كيري يغير رأيه، فهل بالفعل وافق عباس على مقترح كيري بالتوصل لاتفاق إطار.

اتفاق بدون انجازات

المفارقة أن كيري يريد من عباس الموافقة على التوصل لاتفاق إطار، لا يحل في الواقع أي خلاف بين الجانبين، بمعنى أن هذا الاتفاق سيبقي الخلافات على حالها فيما يتعلق بمشكلة اللاجئين والنازحين والقدس والمستوطنات وغيرها، على أن يتواصل التفاوض بشأنها بعد التوقيع على هذا الاتفاق. أن كيري وأوباما يدركان أنه لا يمكن التوصل لتسوية شاملة ونهائية، لأن الشعب الفلسطيني لا يمكنه أن يقبل بحال من الأحوال تسوية تمس بثوابته الوطنية، لذا فهما معنيان بأن تتوصل السلطة و" إسرائيل " لاتفاق يتضمن فقط القضايا التي تم التوافق عليها بين الجانبين، وهي قضايا هامشية. أن ما يسعى كيري لتحقيقه يمثل في الواقع سابقة غير معروفة في العمل الدبلوماسي والتفاوضي، حيث أن الفلسطينيين سيكتشفون أن ما تم التوافق عليه هو ما يريح الإسرائيليين فقط. وإلى جانب ذلك، هناك سيل من المطالب التعجيزية التي ليس لها علاقة بالصراع. فعلى سبيل المثال أعلن نتيناهو أنه لن يتم التوصل لتسوية سياسية مع الجانب الفلسطيني قبل أن يتم تفكيك المشروع النووي الإيراني، معتبراً أن تفكيك المشروع النووي الإيراني سيساعد إسرائيل على اتخاذ قرارات " مصيرية " بشأن الصراع مع الفلسطينيين. وإلى جانب ذلك، عاد نتنياهو ليطرح من جديد مسألة الاعتراف بيهودية الدولة، والتي تعني تسليم الفلسطينيين بالتنازل عن حق العودة للاجئين.

وحتى بالنسبة للأمريكيين، هناك دور لاتفاق جنيف بين إيران والغرب على تحركات كيري الأخيرة. ففي الكيان الصهيوني يرون أن الذي يدفع كيري لتبني المواقف الإسرائيلي هو رغبته في عدم فتح مواجهة جديدة مع إسرائيل في أعقاب الخلاف الذي تفجر بين الجانبين بشأن اتفاق جنيف بين إيران والدول الكبرى. إن الانطباع السائد في تل أبيب هو أن الأمريكيين " لن يتوجهوا للضغط على نتنياهو فيما يتعلق بالتسوية مع الفلسطينيين في الوقت الذي أغضبوه فيما يتعلق بالاتفاق مع إيران ".

مشاريع استيطانية لخمسين عاماً

وفي الوقت الذي ينشغل فيه الجميع بالجدل حول المفاوضات، فقد أعلن وزير الإسكان االصهيوني أوري أرئيل عن مخططات لمشاريع استيطانية في أرجاء الضفة الغربية والقدس تستمر على امتداد الخمسين سنة القادمة. وبرر ارئيل هذه المخططات، قائلاً إن إسرائيل ستضم في أية تسوية مستقبلية مناطق " ج "، التي تشكل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية، منوهاً إلى أن المشاريع الاستيطانية ستقام فوق هذه المنطقة.

معارضة داخلية

فعلى الرغم من التنازلات التي يطالب بها كيري الفلسطينيين، فإن وزير الخارجية الصهيوني أفيغدور ليبرمان لن يسمح لنتنياهو بالتوصل لأي اتفاق إطار مع السلطة. اللافت أن المفاوضات تجرى في الوقت الذي لا تعترف فيه " إسرائيل " باحتلالها للأراضي الفلسطينية. فقد سخر وزير الخارجية الصهيوني أفيغدور ليبرمان من وصف الضفة الغربية بأنها " محتلة "، في كلمة القاها أمام مؤتمر " صبان " بواشنطن، حيث قال: " من يصف وجودنا في الضفة بالاحتلال يتجاهل حقائق التاريخ، التي تؤكد أن هذه الأرض تعود لنا ". ولم يقف ليبرمان عند هذا الحد، بل أنه زعم أن السلطة الفلسطينية ستسقط في نفس اليوم الذي ستنسحب فيه إسرائيل من الضفة الغربية. ولا يختلف وزير الحرب موشيه يعلون، عن ليبرمان، حيث يؤكد " استحالة " التوصل لتسوية للصراع مع الفلسطينيين، زاعماً أنه لا يوجد شريك لإسرائيل في المفاوضات. ليس هذا فحسب، بل أن قيادات في حزب الليكود الحاكم في إسرائيل ترفض التوصل لأي مقترح لاتفاق مؤقت مع السلطة الفلسطينية والانسحاب من أي جزء من الضفة الغربية. وقال داني دانون، نائب وزير الحرب الصهيوني: " لن نسمح لكيري بأن يحقق انجازات دبلوماسية على حسابنا، الاتفاق المؤقت يهدد مصالحنا، ولن ينجح كيري في إجبارنا على اخلاء مناطق في الضفة أو الإفراج عن معتقلين فلسطينيين ". وعلى الرغم من الانجازات الهائلة التي تمنحها مقترحات كيري لاسرائيل، فإن دانون يقول: " بعد قليل لن يكون أوباما وكيري في البيت الأبيض لكننا وسنبقى مع المخاطر والأعداء، لذا نحن ملتزمون بالدفاع عن أمن إسرائيل ". المفارقة أن هذه المواقف تصدر عن النخب اليمينية الصهيونية في الوقت الذي يعبر فيه رئيس السلطة محمود عباس عن مواقف متهاونة فاجأت نواب حزب العمل الصهيوني الذين التقوه مؤخراً، حيث أن عباس أبدى استعداده لنزع الدولة الفلسطينية العتيدة من السلاح، ولم يبد اهتماماً كبيراً بقضية اللاجئين والقدس.

مسرحية هزلية

لقد أجمل المعلق الإسرائيلي البارز عكيفا الدار وصف جهود كيري، حيث قال أن عملية التسوية التي يعكف كيري على دفعها بأنها " مسرحية هزلية "، واصفاً كيري بأنه مخرج المسرحية. واستهجن إلدار أن يتجنب كيري الالتقاء بالفلسطينيين الذين تقوم سلطات الاحتلال باقتلاعهم من أراضيهم في أرجاء الضفة الغربية، بدلاً من أن يستغرق في بحث الترتيبات الأمنية مع كل من نتنياهو وعباس. وسخر إلدار من اهتمام كيري ببحث الترتيبات الأمنية والحدود مع ممثلي إسرائيل والسلطة الفلسطينية في الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بفرض حدود جديدة في قلب الضفة الغربية من خلال المشاريع الاستيطانية التي لا تتوقف. وأشار إلدار إلى أن إسرائيل تقوم بعملية طرد الفلسطينيين من منطقة " ج "، التي تشكل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية بشكل ممنهج.

قصارى القول، هناك محاولة لبيع الوهم للفلسطينيين عبر طرح مبادرة كيري الأخيرة، في الوقت الذي لا تزيد التنازلات التي يقدمها عباس مجاناً الصهاينة إلا تطرفاً وغلواً. ويتضح بشكل جلي الدور الذي تلعبه الأنظمة العربية، سيما الانقلابيين في القاهرة في تهيئة الأجواء للاتفاق الذي لن يرى النور بفعل ترف التطرف الذي بات يتسم به السلوك الصهيوني. إن الولايات المتحدة تختار ممارسة الضغط على الطرف التي ترى أنه الأضعف، في مسعى واضح لاسترضاء الصهاينة.

لكن مما لا نقاش فيه أن الفلسطينيين لا يمكنهم التسليم بأي اتفاق لا يلي مطالبهم الوطنية، ونظراً لاستحالة التوصل لمثل هذا الاتفاق، فإن الخيار الوحيد هو المقاومة والمقاومة فقط سبيلاً لتحصيل الحقوق الوطنية، هذا ما يتوجب على الفرقاء في الساحة الفلسطينية إدراكه.

--------------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59