تفسير سورة المؤمنون
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مكية
ـــــــــــ
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ( 12 ) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ( 13 ) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ( 14 ) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ( 15 ) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ( 16 ) .
ذكر الله في هذه الآيات أطوار الآدمي وتنقلاته، من ابتداء خلقه إلى آخر ما يصير إليه، فذكر ابتداء خلق أبي النوع البشري آدم عليه السلام، وأنه ( مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ) أي: قد سلت، وأخذت من جميع الأرض، ولذلك جاء بنوه على قدر الأرض، منهم الطيب والخبيث، وبين ذلك، والسهل والحزن، وبين ذلك.
( ثُمَّ جَعَلْنَاهُ ) أي: جنس الآدميين ( نُطْفَةً ) تخرج من بين الصلب والترائب، فتستقر ( فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ) وهو الرحم، محفوظة من الفساد والريح وغير ذلك.
( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ ) التي قد استقرت قبل ( عَلَقَةً ) أي: دما أحمر، بعد مضي أربعين يوما من النطفة، ( فخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ ) بعد أربعين يوما ( مُضْغَةً ) أي: قطعة لحم صغيرة، بقدر ما يمضغ من صغرها.
( فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ ) اللينة ( عِظَامًا ) صلبة، قد تخللت اللحم، بحسب حاجة البدن إليها، ( فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ) أي: جعلنا اللحم، كسوة للعظام، كما جعلنا العظام، عمادا للحم، وذلك في الأربعين الثالثة، ( ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ) نفخ فيه الروح، فانتقل من كونه جمادا، إلى أن صار حيوانا، ( فَتَبَارَكَ اللَّهُ ) أي: تعالى وتعاظم وكثر خيره ( أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ فخلقه كله حسن، والإنسان من أحسن مخلوقاته، بل هو أحسنها على الإطلاق، كما قال تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ولهذا كان خواصه أفضل المخلوقات وأكملها.
( ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ ) الخلق، ونفخ الروح ( لَمَيِّتُونَ ) في أحد أطواركم وتنقلاتكم ( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ) فتجازون بأعمالكم، حسنها وسيئها. قال تعالى: أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى
-------------------------------------
|