عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 03-09-2013, 05:28 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي

وينبه فروم على أن شعور الطبقة الوسطى بالعجز والقلق والعزلة من الكل الاجتماعى والتدميرية الناجمة عن هذا الموقف ليست المصدر الوحيد للنازية. ولم تكن تلك الظروف هى "علة" النازية، لقد شكلت أساسها الإنسانى الذى بدونه ما كان لها أن تقدر على التطور، لكن أى تحليل لظاهرة نشأة النازية وانتصار يقتضى تناول الظروف الاقتصادية والسياسية وكذلك السيكولوجية. ويشير فروم إلى أن شخصية هتلر وتعاليمه والنظام النازى معه إنما تعبر عن شكل متطرف من تكوين الشخصية التسلطية، وأنه بهذا استطاع أن يوجه نداء حار لذلك الجانب من السكان الذى هو نفسه مكون الشخصية بشكل أو بأخر، يقول "إن حب القوى وكراهية الضعيف اللذين يشكلان خاصة الشخصية المازوكية – السادية يفسران قدر كبير من أعمال هتلر وأتباعه. (p.186)
وبعد تتبع تحليل فروم لظاهرة الخوف من الحرية التى أشار فيها إلى وجود عوامل معنية فى النظام الصناعى الحديث بصفة عامة وفى مرحلته الاحتكارية بصفة خاصة، قد أسهمت فى تطور شخصية تشعر بالعجز والوحدة والقلق والزعزعة حيث بحث الظروف الخاصة فى ألمانيا التى جعلت جانباً من سكانها أرضاً خصبة للأيديولوجية وتطبيقاً سياسياً يتجهان إلى الشخصية التسلطية فإنه وهذا هو المهم يتبين نفس الخطر فى الديمقراطية يقول: "بالرغم من أن تهديدات الفاشية الخارجية والداخلية يجب النظر إليها بجد فأنه لا يوجد خطأ أكبر ولا أشد من إلا نتبين أننا نواجه فى مجتمعنا الظاهرة نفسها التى هى التربة الخصبة للفاشية فى أى مكان لا جدوى الفرد وعجزه" (p.195)
لقد أوضح فروم أن هذا العجز يفضى إلى نوع من الهروب نجده فى الشخصية التسلطية أو يفضى إلى تطابق اضطرارى فى العملية التى يصبح فيها الفرد المنعزل آلة ويفقد نفسه وفى الوقت نفسه يتصور نفسه شعورياً أنه حر ولا يخضع إلا لنفسه وعلى هذا يطرح السؤال عن معنى حرية الإنسان الحديث. وفى نقاط محددة نستطيع أن نفهم وضعية الإنسان الحديث هى:
- عجز وزعزعة الفرد المنعزل الذى أصبح متحرراً من جميع الروابط التى كانت تعطى معنى للحياة وآمناً.
- الفرد لا يستطيع أن يتحمل هذه العزلة، فهو كائن منعزل عاجز تماماً بالمقارنة مع العالم خارجه ومن ثم فهو خائف منه حتى الأعماق.
- وبسبب عزلته فإن وحدة العالم قد تخطت بالنسبة له وفقد كل نقطة توجيه، لهذا قهرته الشكوك حول نفسه ومعنى الحياة وأى مبدأ يستطيع به أن يوجه أفعاله.
- أن اليأس والشك أشلا الحياة. والإنسان لكى يحيا حاول أن يهرب من الحرية. ولقد أنساق إلى قيد جديد، مختلف عن الروابط الأولية.
- والهروب لم يستعد له أمانه المفقود وكل ما ساعده به هو نسيان نفسه كذاتية مستقلة. لقد أختار أن يفقد نفسه لأنه لا يستطيع أن يتحمل أن يعيش وحيداً. وهكذا فإن الحرية باعتبارها تحرراً من أفضت به إلى قيد جديد.
إن مستقبل الديمقراطية إنما يتوقف على تحقق النزعة الفردية التى ظلت الهدف الأيديولوجى للفكر الحديث منذ عصر النهضة. إن الأزمة الحضارية والسياسية فى أيامنا هذه لا ترجع إلى أن هناك إفراطاً فى النزعة الفردية بل ترجع كما يقول إلى ما نعتقد أنه نزعة فردية قد أصبح قوقعة فارغة. إن انتصار الحرية ليس ممكناً إلا إذا تطورت الديمقراطية إلى مجتمع فيه يكون نمو وسعادة الفرد هما هدف وغرض الحضارة، وفيه لا تحتاج الحياة إلى تبرير للنجاح أو أى شئ آخر، وفيه لا يكون الفرد تابعاً ومستغلاً من جانب أى قوة خارجية سواء كانت الدولة أو الجهاز الاقتصادى.
إن التقدم فى الديمقراطية يكمن فى تعزيز الحرية الفعلية والمبادرة وتلقائية الفرد، لا فى المسائل الخاصة والروحية فحسب، بل فوق كل شئ فى النشاط الأساسى عند كل شئ فى النشاط الأساسى عند كل إنسان إلا وهو عمله.
وإن التغلب على جميع أنواع الأنظمة التسلطية لن يكون ممكناً إلا إذا لم تتقهقر الديمقراطية بل تنطلق إلى تحقيق ما كان هدفها فى عقول أولئك الذين حاربوا من أجل الحرية طوال القرون الماضية. إنها سوف تنتصر على قوى العدمية إذا استطاعت فحسب أن تثبت فى الناس إيماناً هو أقوى ما يقدر عليه العقل الإنسانى، الإيمان بالحياة والحق والحرية باعتبارها التحقق الفعال والتلقائى للنفس الفردية.
ومن هنا نجد ذلك الهجوم الذى تعرض له فروم فى دراسة ف. دوبرينكوف "الفرويديون الجدد"(8). لقد أهمل روبنسون تحليلات فروم ومساهمة دوبرنيكوف لتحليلاته النفسية الاجتماعية للشخصية التسلطية، إلا يعد هذا نفسه هو الخوف من الحرية؟
الهوامش والملاحظات
1 - أنظر عن أريك فروم فى العربية ترجماته المختلفة.
2 – الخوف من الحرية، ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1972 دار الكلمة، القاهرة 2003.
- فى الحب، ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد، الأنجلو المصرية ط2 القاهرة 1980.
- الدين والتحليل النفسى ترجمة فؤاد كامل دار قباء ط2 القاهرة.
- الإنسان بين الجوهر والمظهر، ترجمة سعد زهران، عالم المعرفة، الكويت العدد 140 أغسطس 1989.
وعنه راجع دراسة د. حسن حماد: الإنسان المغترب عند أريك فروم، مكتبة دار الكلمة، القاهرة 2005.
3 - أريك فروم، الخوف من الحرية سنشير فى المتن إلى أرقام الصفحة المستشهد بها من الطبعة الثانية للكتاب.
3 - انظر دراسة فروم Urber Methode und Aufgabe einer analgtischen sozial paychologie
وأيضاً كتابه: الإنسان فى نظر ماركس.
4 - راجع الخوف من الحرية، الملحق صفحات 232 – 235.
5 - إبراهيم فتحى تقديم الترجمة العربية لكتاب بول أ. ربنسون: اليسار الفرويدى، ترجمة عبده الريس، المجلس الأعلى للثقافة القاهرة 2005 ص15.
6 - المرجع السابق ص12.
7 - بول أ. ربنسون: اليسار الفرويدى ص 136-137.
8 - ف. دوبرنيكوف: الفرويديون الجدد، ترجمة محمد يونس، دار الفارابى، بيروت 1988.
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59