عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-24-2012, 07:02 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

وأما حقيقة هذه الجمعية فهي لم تكن في نشأتها الأولى إلا عبارة عن مجموعة من العمال"البنائين" الذين عاشوا في القرون الوسطى وعلى أرجح تقدير في القرن السادس عشر وكانوا يمارسون مهنتهم في بناء القلاع والقصور والكنائس والكاتدرائيات التي مُلئت بها عواصم الدول الغربية,وطغى هذا النمط المعماري على مدنها,وأطلقوا على أنفسهم البنائين الأحرار لأنهم أحرار في مزاولة حرفتهم هذه في أي بقعة وتحت أي بلدية دون الارتباط بجهة معينة,وقيل لأنهم أحرار في ممارسة حرفتهم في البلدية التي يتبعونها بعد أن يتلقى كل عضو جديد التدريب اللازم,ومن هنا ظهر لقب التلميذ في الماسونية أو كما نقول في لهجتنا "الصبي" ,وينتقل بعدها إلى درجة أعلى هي الرفيق أو زميل المهنة,وبعد هذا واكتسابه الخبرة يصبح بناءًا أعظم أو أستاذًا أعظم أي أستاذاً في الصنعة.
ومن الطبيعي كونها جمعية تضم أعضاءًا لهم نفس الحرفة والمهنة فيكون لهم أيضًا نفس الأدوات والمعدات المستعملة في حرفتهم ونفس الملابس والثياب,كما تبنوا بعض الشعارات مثل"حرية ,إخاء ,مساواة", وهذا أمر طبيعي ويحصل في كل النقابات في عصرنا الحديث حيث تتخذ كل نقابة رمزًا وشعارًا لها كما اتخذت نقابة الأطباء والصيادلة الأفعى والكأس,ونقابة المحامين لها شعار الميزان,وكل نقابة اتخذت شعارًا يدل على طبيعة عملها,وبالنسبة إلى البنائين فقد اتخذوا _في البدء _الفرجار والمسطرة والمثلث كرمز لهم ولجمعيتهم,وأضيفت بعض ذلك أشكال ورموز لاضفاء عنصر السرية والابهام, ولبسوا ثيابًا مميزة مثل البزة السوداء والقفازات البيضاء ويربطون على خواصرهم مآزر صغيرة, كما واتبعوا طريقة خاصة في السلام سواء بالأيدي وحركاتها أو الروؤس والعيون, لتتعارف كل حرفة وكل درجة من درجات الحرفة من خلالها,فيُعرف الغريب عن الصنعة والتلميذ والرفيق والأستاذ الأعظم.
والبناؤن وهم أول نقابة ظهرت وفي عصر الاقطاعيين ولم تكن القوانين قد سُنت بعد,بل كانت القوانين آنذاك ضدهم فكان من الواجب أن يضفوا السرية على جمعيتهم وأعضائها,وأن يتحفظوا في كل لقاء يجتمعون فيه,وأن لا يقبلوا أي عضو من خارج حرفتهم كي لا يفشي أسرارهم .
وقد واكبت هذه الجمعية أحداثٌ جعلتها متميزة وأضفت عليها ألوانًا من الأفكار والشعارات حتى أصبحت بحلتها المعروفة حاليًا,ومن أهم هذه الأحداث:
1.الثورة الصناعية:ظهرت بوادر هذه الثورة في بداية القرن الثامن عشر,حيث اكتشفت الآلة البخارية على يد توماس سافري وطورها توماس نيوكومن في عام 1708,إلا أنها لم تكن بالكفاءة المطلوبة حتى جاء جيمس واط وهو مهندس أسكتلندي_وفي هذه اشارة إلى المحفل الماسوني الاسكتلندي العريق_, وكان أبوه بناءً معماريًا, وكثّف البخار في تشغيل المحركات ونقل ,وهكذا جعل من الحلم حقيقة حيث أنه اصبح بالإمكان اقامة المصانع في أي بقعة في الأرض وإن ابتعدت عن مصادر الماء.
وبدأت بريطانيا في استخدام فحم الكوك في صناعة الصلب من الحديد, وصناعة الحديد الذي يدخل في تركيب وتصنيع كل الماكنات والمعدات والآلات والسفن,وهكذا كانت الشرارة الأولى التي فجرت الثورة الصناعية في بريطانيا ومن ثمة في العالم كله.
ومع اقامة المصانع وحاجتها إلى العمال والمهندسين واستغلال جهدهم في العمل من قِبل أصحاب المصانع نشأت الخلافات وتضارب الأراء والمصالح فبدأ العمال والمهندسون يجتمعون من أجل التباحث في مشاكلهم ومناقشة ما ينبغي عمله,فتكونت نواة النقابات العمالية وكفاحهم من أجل حقوقهم .
2. الثورة الفكرية:الانعتاق من نيرالكنيسة وسطوة رجال الدين النصراني,وشروع رجال الفكر والعلم في نشر أفكارهم وعلومهم,وبزوغ فكرة فصل الدين عن الدولة,وفكرة الحل الوسط,بعد أن كانت الكنيسة تعاقب كل من ينشر فكرًا أو علمًا يناهض الكنيسة ويخالف عقيدتها,فكان اطلاق الحريات وتأصيل العلمانية.
3.الثورة الفرنسية:اندلعت الثورة الفرنسية ضد ملوكها في آخرالقرن الثامن عشر ,حيث بدأت في عام 1789,وكان هدفها هو التخلص من براثن الملوك والأمراء والإقطاعيين الذين كانوا يتحكمون في رقاب الناس,ويمتصون خيراتهم ,ويسخرونهم لخدمتهم,وبدأت في فرنسا أثناء حكم الملك لويس السادس عشر وزوجه ماريا أنطوانيت,والقضاء على الحكم الملكي واحلال الحكم الديمقراطية مكانه.
فكان الحكم الديمقراطي وحقوق الإنسان وشعارالثورة"حرية,إخاء,مساواة".
وقد أثر كل حدث على هذه الجمعية فصبغها بلون معين من الأفكار وألبسها حللًا من الشعارات,فتبلورت فكرة الجمعية وأصبحت جمعية ماسونية لها مبادئها وأهدافها ورموزها وشعاراتها.
وهي في الحقيقة جمعية علمانية ديمقراطية,وهي جزء من الفكر الغربي والمبدأ الرأسمالي,وتمثل واقع الغرب.
وبقيت الماسونية_العلمانية الديمقراطية الداعية للحريات_ أسيرة العالم القديم والمتثمل في اوروبا وآسيا حتى بدأت تدب الحياة في العالم الجديد,ووجدت هذه الأفكار التربة الخصبة في المجتمع الأمريكي الجديد,فانتقلت رئاستها إلى العالم الحديد واحتضنت الجمعية وسارعت في نمائها وامتدادها,وقد صدرتها إلى كل دول العالم وخاصة العربي في مطلع القرن العشرين.
ومن الأمور التي زادت من شهرة هذه الجمعية:
1.دخول بعض رجال الفكر والأدب العرب في سلك هذه الجمعية التي تؤمن بالعلمانية وتنادي بفصل الدين عن الدولة والديمقراطية وإطلاق الحريات.
ودخولهم إما أنه كان عن جهل وغباء أو عن مكر ودهاء,جهل وغباء في أهداف هذه الجمعية والأفكار التي تدعو إليها,ومكر ودهاء لإيمانهم بما تدعو إليه وسيرهم حثيثًا من أجل ايصال تلك الأفكار بين أفراد المجتمع العربي والمسلم.
وقد ترددت أقوال عن دخول كثير من هؤلاء الرجال منهم جمال الأفغاني ومحمد عبده وطه حسين,ولا يُستبعد هذا الأمر ما دام يتوافق مع ما آمنوا به ودعوا إليه,حيث ظهر من بين علماء المسلمين من طعن في أصول أحكام الإسلام,وغيره من طعن بمصداقية القرآن في سرد قصص الأنبياء ,وغيرها من أمور العلمنة والدمقرطة واطلاق الحريات.
2.انتساب جمع من زعماء وروؤساء عرب ومسلمين إيماناً منهم بفكرة فصل الدين عن الدولة,كي تسهل عليهم قيادة شعوبهم بتهميشهم دور الإسلام السياسي.
3.رواج هذه الأفكار بين أفراد المجتمع العربي والمسلم من المضبوعين في الثقافة الغربية,وكذلك انتصار الشيوعية وفكرتها واقامة دولتها وانتشار الإلحاد.
وأما الأسباب التي دفعت إلى اظهار هذه الجمعية بمظهر المؤثر والمحرك من خلف الكواليس وأنها آداة في يد اليهود من أجل الوصول إلى سيطرتهم على العالم فهي:
1.الدول الغربية وايحاؤهم للزعماء العرب والمسلمين أن هناك قوة خفية تخطط وتعمل من وراء الكواليس والتي لا يمكن السيطرة عليها ومن الواجب مسايرتها لتآمن سطوتها,وذلك لإذلال هؤلاء الحكام وابقائهم طوع أيدي الدول الغربية وهواهم.
2.الحكام العرب كي يتبرؤا من عبء الجهاد ,وأن القضية محسومة وليس بقدرتهم رد مثل هذا الخطر الخفي,وإذلال شعوبهم ليسيطروا عليهم ويملوا عليهم ما رغبوا وشاؤا من أمور.
3.دولة اسرائيل لاظهار هيبتها وجعلها تكسب الحروب سيكولوجياً دون أن تدخل معارك حقيقية مع العرب والمسلمين,وقد ذكر هذا المعلق السياسي الإسرائيلي يوئيل ماركوس في جريدة هآرتس الإسرائيلية، في 31 ديسمبر 1993م، أن كثيراً من الدول تغازل إسرائيل وتحاول أن تكسب ودها نظراً لأن حكام هذه الدول يؤمنون - بصدق- بأن البروتوكولات وثيقة صحيحة، وأن ما جاء فيها هو المخطط الذي يتحقق في هذا العصر والذي سيؤدي إلى سيطرة اليهود على العالم، وأن اليهود يتحكمون بالفعل في رأس المال العالمي وفي حكومة الولايات المتحدة الأمريكية. ومن ثم - يقول ماركوس- فالطريق إلى المعونة الأمريكية يمر من خلال اللوبي الصهيوني والدولة الصهيونية، ويؤكد ماركوس معلقاً على هذه المفارقة: (إن البروتوكولات تبدو كأن الذي كتبها لم يكن شخصاً معادياً لليهود، وإنما يهودي ذكي يتسم ببعد النظر! ) وذلك بسبب أثرها الذي يولد الرهبة في النفوس ويدفع البشر لمغازلة إسرائيل خاصةً واليهود عامة.
فهذه هي حقيقة هذه الجمعية الوهمية,وإن صح أن يطلق عليها اسم فهو الجمعية العلمانية,أو بتعبير آخر هي الفكر الراسمالي بكل ما فيه من أفكار عفنة وأراء سمجة.
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59